الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجتماعات الفصائل في القاهرة انجاز مهم يتطلب تطبيق عملي

عباس الجمعة

2011 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




امام التطورات الراهنة وخاصة في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان واستيطان وحصار على ارض فلسطين ، ونحن على مقربة من ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ، كان لا بد بعد الجهود المصرية من استكمال مشوار تطبيق اليات اتفاق المصالحة في هذا الوقت بالذات، وخاصة بعد انغلاق المسار التفاوضي هذا المسار الذي عرضنا لعملية خداع وتضليل من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.
امام كل المتغيرات نجحت مصر بعد عدة لقاءات مع الفصائل الفلسطينية من كسر جسر الهوة بين فتح وحماس لتغيير مواقفهما والتوصل إلى اتفاق جدي، وبشكل حقيقي، ولكن بعد هذه الاجتماعات التي شكلت اللجان وتوافقت على القيادة العليا للفصائل برئاسة الاخ سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ، نرى ان ما ظهر من تباعد سياسي من خلال الحوارات الصحافية التي جرت مع بعض القادة الفلسطينين، وخاصة ان طرفي الانقسام يتطلع الى تحقيق مزايا في الانتخابات القادمة، مما قد يدفع إلى الخلاف من جديد، إضافة إلى التناقض الأساسي والكبير بين الطرفين في المجال السياسي، ففي الوقت الذي تستند فيه حماس لمشروع الاسلام السياسي " اي الاخوان المسلمين " في حين تتمسك حركة فتح والفصائل الفلسطينية بالمشروع الوطني الفلسطيني .
ولهذا نرى من خلال قراءة واضحة ان الفرص والتحديات التي قد نواجهها في هذه المصالحة يجب على الجميع التغلب عليها من اجل المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ، والمهم هو فتح الأبواب أمام قطاع غزة وإعادة إعماره، وتوحيد الموقف الفلسطيني في الداخل والخارج، والتمسك بخيار المقاومة الشعبية بكافة اشكالها وبحق العودة وفق القرار الاممي 194 مما يضع القضية الفلسطينية في مكان متقدم ضمن أولوية المنطقة والمجتمع الدولي وصولا لتحقيق اهداف شعبنا في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس على ارض فلسطين .
كما أن اتفاق الفصائل ودخول حركتي حماس والجهاد الاسلامي في الهيئة القيادية العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية قد يوفر واقعاً أكثر تعافياً للحريات وحق التعبير في الأراضي الفلسطينية وكبح جماح عسكرة الواقع الفلسطيني، ويحد من تدخلات الأجهزة الأمنية في الحياة المدنية والسياسية، واغلاق ملف الاعتقالات والملاحقات وطلاق سراح المعتقلين ،وقد تضع المصالحة الدول العربية أمام التزاماتها- السياسية والمالية- تجاه القضية الفلسطينية في ظل غياب ذريعة الانقسام الفلسطيني.
لذا يجب أن يتحول اتفاق المصالحة إلى استراتيجية متكاملة، وكي تنجح الفصائل الفلسطينية في توحيد النسيج الفلسطيني، وتشكيل حكومة مؤقتة تولج بمهام إستكمال الإجراءات التنفيذية الكفيلة بإجراء الانتخابات الشاملة، بلدية وتشريعية ورئاسية ، لانه لا يجوز أن يظل الانقسام قائماً، ولا يجوز أن يكون هناك سلطتين وحكومتان وخاصة ان ما حصل هو خطوة للإمام، يجب أن تتبعها خطوات إضافية ، اضافة الى مساعدة عربية سخية، وتفهم دولي.
ان تشكيل إلاطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية يتطلب الاسراع في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني على ارضية التمثيل النسبي وتشكيل الأطر الفلسطينية الجديدة،وخاصة أن اجتماع الإطار القيادي في القاهرة عكس حالة الحرص على الوحدة واكد أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وضرورة حمايتها وصون منجزاتها هي مسؤولية الجميع، وخاصة في ظل ما يتعرض له المشروع الوطني، مما يتطلب الإرتقاء لمستوى التحديات والتعاون لتهيئة الأجواء لإتمام المصالحة وإنهاء الإنقسام.
ان ترحيب المجتمع الدولي بالمصالحة والعمل على إنجاحها، يتطلب من كافة دول العالم الضغط على الولايات المتحدة لعدم عرقلة اتفاق المصالحة التي أصبح هدفاً أمريكياً تعمل أمريكا على حشد الدعم الغربي له، وتلعب الولايات المتحدة دوراً أساسياً في إفشاله ؛ لان في ذلك مصلحة لها ولحليفها الكيان الصهيوني، وذلك من خلال السعي إلى إحياء عملية المفاوضات، وذلك بتقديم إغراءات للطرف الإسرائيلي وضغوطات على الطرف الفلسطيني.
ومن هنا تأتي محاولات الادارة الامريكية للسطو على الثورات العربية باعتبارها هدف رئيسي لها هو انهاء القضية الفلسطينية، وعدم نشوء تحالفات جديدة مع الفصائل الفلسطينية، وانتقال بعض الدول التي نجحت فيها الثورات لاعتلاء "الإسلام السياسي"، لدول المنطقة ، ومصادرة حقوق الشعوب الذي ضحت بالدم من أجل هذه الثورة، حيث لم يعرف التاريخ الحديث والمعاصر مثل ضخامة الجماهير التي شاركت في هذه الانتفاضات والاحتجاجات، وإصرارها على استعادة حقوقها الإنسانية وكرامتها المهدورة، وعدالتها الاجتماعية، وخاصة بعد ان نجحت في اقتلاع الزعامات الأولى، حيث حولتها الادارة الامريكية الى الفوضى المنظمة وتعالت أصوات فئات شعبية التمست الانتقام والحصول على حقوق كانت ضائعة في العهد السابق، أي أن هذه الفئات، اعتقدت أن زوال الرئيس هو نهاية الثورة، دون أن تدرك أن مآلات الثورة طويلة وصيرورة تحتاج إلى سنوات وربما عقود، لتحقق أهدافها، وفي هذا السياق، فإن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة تشجيع أحلاف تخدم مصالحها ومصالح إسرائيل.
ان حكومة الاحتلال لا تريد السلام بل تريد العدوان من خلال الاستيلاء على اراضي الفلسطينيين، وتهويد القدس، والغاء المعالم العربية للقدس، اضافة الى اقامة جدار الفصل على الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وفصل القرى عن الاراضي المزروعة وشل حياة الفلسطينين في الضفة الغربية واستمرار حصار قطاع غزة ، وذلك من خلال الدعم الامريكي السافر لحكومة الاحتلال وسياستها العدوانية على الفلسطينيين.
لقد شكل الخطاب الذي القاه الرئيس ابو مازن في الامم المتحدة بداية هجوم السلام، وتغيير بعض قواعد اللعبة مع دولة الاحتلال ، ولا بد لهذا الهجوم ان يتعزز ويتقدم للامام بمواجهة سياسة دولة الاحتلال الأبرتهايد ومن يقف خلفها، فاميركا لن تكون يوما مع مصالح الشعب الفلسطيني، حيث تسعى حاليا من خلال ممارسة ضغوط على بعض البلدان لحجب أصواتها في مجلس الأمن ومحاولة حرمان الفلسطينيين من الحصول على تسعة أصوات داخل المجلس، ويترافق ذلك مع ما تتخذه حكومة الاحتلال بعزل مدينة القدس ، اضافة الى ما يتعرض له الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة عام 1948، ولهذا اصبح بحاجة ماسة لكل صوت ولكل جهد فلسطيني وعربي وإسلامي ودولي من أجل وقف عمليات (الترانسفير) البطيئة والمخفية التي تمارسها بحقهم سلطات الاحتلال عبر عمليات التهويد المتواصلة. كما هم بحاجة لحماية جدية من الاعتداءات التي تشن عليهم من حين لآخر من قبل المجموعات اليمينية الصهيونية المتطرفة التي تحظى بتغطية "إسرائيلية" رسمية بشكل أو بآخر، يتطلب من القيادة الفلسطينية التحرك بشكل واسع على المستوى الدولي حتى يتحمل مسؤولياته.
وفي ظل هذه الاوضاع تسعى الادارة الامريكية حاليا من خلال ممارسة ضغوط على بعض البلدان لحجب أصواتها في مجلس الأمن ومحاولة حرمان الفلسطينيين من الحصول على تسعة أصوات داخل المجلس، ولكن الارادة التي تملكها القيادة الفلسطينية من خلال الحراك الدبلوماسي يتمثل في تجسيد المضمون السيادي للدولة وهي معركة إنجاز الاستقلال السياسي الكامل بعد النجاح في الحصول على الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية.
ان الشعب الفلسطيني الذي يستند لتجربة نضالية طويلة، سيواصل طريقه النضالي المعمد بالآلام والتضحيات، متمسكاً بثوابته الوطنية وبجميع عوامل القوة التي بحوزته، ومتصدياً لإجراءات حكومة الاحتلال ولحصارها الظالم ولعمليات الاستيطان والتدمير والاعتقال ولحملات هدم البيوت وبناء المستوطنات، ومتمسكاً بمطلب تحقيق الاستقلال الكامل وتجسيد حق تقرير المصير الذي اكدت عليه الامم المتحدة ، وإقرار حل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية.
ان الشعب الفلسطيني الذي يتطلع إلى المصالحة الوطنية ويريدها، ما زالت عيونه تتطلع الى الايام ليعرف كيف تعالج آماله وتطلعاته، ومصالحه ومستقبله، وان الوحدة الوطنية الفلسطينية الحقيقية نابعة من حاجة الشعب الذي يريد تضميد جراحه، وتجاوز الصعاب والعقبات التي توضع في طريقه.
إن خصوصية الحالة الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الاستيطاني، يملي على القوى الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والإيديولوجية والشخصيات الوطنية، الانضواء في برنامج التحرر وحق تقرير المصير، لان الاستقلال الوطني ومهامه المطروحة وهي متعددة وكبيرة، وصولاً إلى التحرر الوطني والاستقلال الناجز، و وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهذه المهام الكبيرة لا يمكن لفصيل أو حركة وحدها القيام بها بمفردها، مهما كانت الإيديولوجيا التي يرفعها أو يعمل تحت لوائها.
ان اختصار خريطة فلسطين من قبل بعض الدول العربية بغزة والضفة خلال افتتاح الألعاب العربية، يؤكد ان هذه الدول تنخرط بشكل كامل في مشروع تصفية الحقوق الفلسطينية لان خارطة فلسطين خط أحمر، وهذا يلقي علينا نقل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة من أجل استعادة دورها ، والاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها ممثلا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وبالدولة الفلسطينية مع ضرورة أن تتوافر ضمانات حق العودة على أساس قرارات الشرعية الدولية وخصوصا القرار الاممي 194، لأن حق العودة يعد خطا أحمر وأساسا لا يمكن التهاون به ويشكل "جوهر القضية الفلسطينية".
أن اتفاق المصالحة تحكمه العديد من المتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية، الأمر الذي يجعل مساره المستقبلي مفتوحاً، وأن هذا الاتفاق ما كان إلا لشعور باحساس وطني من جميع القوى والفصائل والشخصيات بعد جولات التنافس وأنه لا يمكن لأي مصالحة تنشأ في ظل الظروف الحالية أن تجلب قيادة فلسطينية متفقة على مشروع واحد، لكن في خضم حركة التغيرات الواسعة في الدول العربية فإن أمام القضية الفلسطينية فرصاً جديدة يمكن اقتناصها مع وجود محاذير أيضاً، لافتين إلى أهمية النهوض بالوعي الفلسطيني، والإدراك الموضوعي لطبيعة الإشكالات القائمة، سواء على الصعيد الفلسطيني الداخلي أو على صعيد المواجهة مع الاحتلال، وهذا يتطلب السعي بمسار أكثر جدية وبعبارات أكثر التزاما لتحقيق كافة اليات المصالحة الفلسطينية على أسس عملية وواقعية وبرؤية سياسية بعيدا عن التدخلات الدولية والإقليمية، وبادارة الصراع بادوار متعددة تبقي الهدف واحد بمواجهة مخططات الاحتلال.
وختاما: لا بد من القول لن الامور التي عطلت الوحدة من قبل لم تعد موجودة ، وخاصة في ظل انسداد الافق السياسي للمفاوضات ، ومن هنا تصبح الوحدة والشراكة السياسية وحدهما يشكلان اساسا في بناء النظام السياسي الفلسطيني والحفاظ على المشروع الوطني .
كاتب سياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة