الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بذلة جنرال تركي فوقها عمامة أزهرية

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 12 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تصور شخص يرتدي بذلة جنرال تركي ، و فوق رأسه عمامة أزهرية ، و لكنه لم ينس أن يعلق في عمامته علامة خضراء ليشير إلى إنه من نسل خاتم المرسلين ، صلى الله عليه و سلم ، و في يده مسبحة صوفية ، و يضع فوق بزته العسكرية التركية عباءة حمراء للدلالة على إنه ينتمي للطريقة الأحمدية ، و يطلق لحيته على الطريقة السلفية و لم ينس أن يحف شاربه ، و مع كل هذا فإنه يضع زر يحمل صورة كل من المطرقة و المنجل للإشارة ليساريته ، و في يده الأخرى يمسك بعصى المرشالية الساداتية التي على شكل زهرة اللوتس للدلالة على إنه قومي مصري ، و يؤكد يمنيته المتطرفة بإرتداء البوت النازي - الساداتي ، و لكنه يؤكد تسامحه الديني بتعليق شعار الهلال و الصليب على صدره ، و يرتدي في معصمه ساعة ثمينة للدلالة على رأسماليته .
شخص بهذه الهيئة المختلطة ، لو رأيته في أي موقف بخلاف أن يكون في عرض فني ، مسرحي أو سينمائي أو غير ذلك ، فإنك و لا شك ستشك في سلامة قواه العقلية ، و ستأسف على حاله ، و ستزداد يقينا بإن هناك خلل ما في قواه العقلية ، و بالتالي ستزداد أسفاً ، عندما تعرف أن ذلك الشخص لا يمارس حياته اليومية بهذه الصورة فقط ، بل و أيضاً يتصور إنه عندما يتحدث إلى أي فئة في المجتمع ، فإن تلك الفئة لا ترى في زيه سوى ما يمثلها .
ذلك الشخص يمثل النظام الحاكم في عهد مبارك ، و النظام الحاكم الحالي أيضاً ، و لهذا سأتحدث بإعتبار إنهما نظام واحد .
منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، و إلى اليوم ، الإثنين السادس و العشرين من ديسمبر 2011 ، و النظام الحاكم يمشي على كل الحبال ، و يتقمص كل الأدوار ، و يلعب دور الحامي للجميع ، و كل هذا في نفس الوقت ، و يتصور إنه يستغفل الجميع طوال الوقت .
رعى النظام الحاكم الإخوان ، و أطلق لهم العنان ، طوال أكثر من ثلاثين عاماً ، بشرط ألا يتطلعوا للحكم ، أو حتى لمنصب رئاسة الوزارء ، و أضعف في مقابل ذلك كل التيارات السياسية المدنية ، و لكنه صور نفسه ، و لازال ، على إنه حامي التيارات السياسية و الثقافية المدنية .
أرسل النظام الحاكم ممثليه لحضور الإحتفالات الصوفية الهامة ، و لكنه قمع الصوفية .
قمع النظام الحاكم الشيعة المصريين ، و لكنه يتعاون سراً مع النظام الحاكم الإيراني .
إدعى إنه يحمي الأقباط ، و في نفس الوقت قمعهم ، بشكل مباشر و غير مباشر .
و هناك أمثلة أخرى كثيرة من الداخل المصري ، لسياسة اللعب على كل الحبال ، يعرفها أي مصري واعي .
حتى في ميدان السياسة الخارجية لعب على كل الحبال ، و تبنى كل الخطابات .
صدر الغاز لإسرائيل بأقل من الأسعار العالمية ، و شارك في حصار غزة ، فمنع حركة البشر عبر الحدود ، حتى لأسباب إنسانية ، في أغلب الأوقات ، و منع حتى تصدير حليب الأطفال و الدواء لقطاع غزة ، و لكنه لم يوقف تصدير السلاح لفصائل معينة في القطاع و أسهم في قمع كل الأصوات الغزاوية الداعية لتبني سياسات الحوار و الإهتمام بالداخل الغزاوي ، مع إنه إعتبر نفسه وسيط السلام في الشرق الأوسط .
إعتبر نفسه رجل الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ، و فتح في مصر كل الأبواب للولايات المتحدة ، و لكنه رعى بالتوازي مع ذلك الحملات العدائية الإعلامية الموجهة في مصر ضد الولايات المتحدة و الغرب ، و إحتفظ ، و لازال ، بعلاقات حميمة مع كوريا الشمالية و روسيا و الصين .
هاجم النظام الإثيوبي علناً ، و هدد و أرعد بأن أي مساس بحصة مصر المائية في النيل هو إعلان حرب ، و لكنه سمح سراً للنظام الإثيوبي ببناء سدود على النيل ، و لكنه لم ينس أن يرعى بعض الفصائل المعارضة للنظام الإثيوبي .
خطأ النظام الحاكم إنه تصور ، و لازال يتصور ، إنه قادر على خداع الجميع طوال الوقت .
تصور أنه عندما يتحدث مع الغرب و العلمانيين المصريين فإنهم لا يرون فيه إلا بزة الجنرال التركي الأتاتوركي ، و إنه عندما يتحدث للصوفية لا يرون إلا عباءته الحمراء و مسبحتة ، و عندما يتحدث لليسار في داخل مصر و خارجها فإنه - أي اليسار - لا يرى إلا زر المطرقة و المنجل ، و مع رجال المال و الأعمال فإنهم لا يلحظون سوى ساعته السويسرية الثمينة ، و أن الإخوان لا يرون فيه إلا عمامته الأزهرية ، و أن الشيعة لا يلحظون فيه إلا الشارة الخضراء ، و أن السلفية لا يرون فيه سوى اللحية الكبيرة و الشارب المحفوف ، و أن اليمنيين لا يرون إلا عصى المرشالية و البوت النازي - الساداتي .
إنه خطأ قاتل ، أسهم في سقوط نظام مبارك ، و سيسهم بالتأكيد في سرعة سقوط النظام الحاكم الحالي الذي يعد إمتداد له حتى في الأشخاص ، فالسياسات واحدة ، و في هذا قرينة على أن من خططوا سياسات نظام مبارك هم من يخططون الآن للنظام الحاكم .
لقد كان مبارك هو أسرع حاكم في السقوط ، بالحساب الزمني ، لأن منافق مثله لا يمكن أن يكون له قواعد جماهيرية تحميه ، و تدافع عنه ، فقط مرتزقة ، و بعض المنتفعين ، و هؤلاء لا يمكن الإعتماد عليهم .
إستمرار نفس المخططين في مناصبهم هو ضمانة - غير مباشرة - إلى أن مصر ستصل إلى بر الديمقراطية ، و ستحترم فيها حقوق الإنسان .
رجاء للنظام الحاكم الحالي : حافظ عليهم ، و تمسك بهم .
رسالة لكل من يعتبر نفسه عضو بحزب كل مصر - حكم ، و لكل مؤيد لحزب كل مصر - حكم : لازلنا نلتزم بسياسة الهدوء الإيجابي المذكورة في مقال : الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوانية و السلطة ، و الذي كُتب و نشر في الثالث عشر من نوفمبر 2011 ، فرجاء عدم المشاركة في أي تظاهرات أو إعتصامات ، و إلتزام الهدوء التام ، نريد أن تنجح الإنتخابات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون ينفي وجود خطط لانتشار الجنود الأميركيين في قطاع غز


.. هل يحمي الواقي الشمسي فعلا من أضرار أشعة الشمس؟| #الصباح




.. غانتس: قادرون على إدخال لبنان في حالة من الظلام وتدمير القدر


.. حرب غزة.. نازحون يعيدون استخدام أكياس الطحين لصنع خيام تؤويه




.. بعد اختفاء سيدة في جزر البهاما.. السلطات الأميريكية تحذر من