الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمَّام- أقصوصة

جمال القواسمي

2011 / 12 / 26
الادب والفن


سمع أصواتاً:
-" ظهر رأسه!" ..
-" أهلاً وسهلاً فيك، شرَّفتنا!"
وجد نفسه يبكي وشخص ما حمله من قدميه ودلَّى رأسه، حمَّموه والبسوه زياً أبيض وتلقفته الأيادي تقبِّله وتدعو له بطول العمر ثم فجأة وقع على رأسه أرضاً، فعاد وبكى ثانية، بكى حتى نام. كان زيه أبيضاً، والنيون كان أبيضاً، وكانت الممرضات الملائكة بياضاً في بياض.

-" تتهنَّى، تتهنَّى!!" 
 بدا ككبش العيد جاهز للنحر، حمَّموه في صحن الدار، زغردت النساء، دحَّى الرجال؛ دبكوا، غنوا، رقصوا، أكلوا. كان يرتدي بذلة بيضاء؛ ضحك عليه كل اقرباؤه ومعارفه: هل يوجد عريس يرتدي بذلة بيضاء!؟ حملوه على اكتافهم، زفُّوه، فجأةً تعثر بعضهم وفقدوا توازنهم، ثم ترنَّح من على اكتافهم، فقد توازنه، سقط على رأسه أرضاً، تألم كثيراً وداخ قليلاً؛ لم يبكِ لكنه رأى كل شيء يبيضُّ لدقائق. تلك الليلة كانت بذلته بيضاء وفستان حبيبته أبيض وأحلام حبه ما تزال بيضاء.

-" رحمه الله، رحمه الله!"
كل ما ذكره من حياته على الأرض هو بياض ذاكرته التي انتهت فيها كل الاشياء. أرادوا أن يحمَّموه. سمع أحدهم يقول، "على المغتسل، كله بِـبَـان!!" فقد كان في قارب سيء الصنع، يتسرب منه الماء والهواء، ثم دشنوه على بحر أمواجه من الاكتاف والأيادي وصرخات الوداع والحوقلة. ثم شعر انه وقع وأسرع الناس بتخبئة جثمانه عن عين الشمس بالشراشف البيضاء، ضحك بعضهم وتأسَّى بعضهم. سمعهم جميعاً ورآهم يتحولون الى شراشف بيضاء وكفن أبيض وقطن، قطن كثير يغلق منافذ الحياة ويفتح أبواب الغيم.
26-12-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب