الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اين ستخرج الدوله المدنيه في العراق؟

محمد الفهد

2011 / 12 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عبثا تحاول القوى السياسيه العراقيه ان تجد مخرجا واحدا لها من كل الازمات التي تحيط بها ولن تفلح مهما حاولت للوصول الى اتفاقات ستراتيجيه مع بعضها البعض.
وبنظرة معمقه لكل مايجري داخل العراق نرى بكل وضوح ان العمليه السياسيه تطرح مشروع الديمقراطيه والانتخابات الحره وفصل للسلطات وكل هذه الامور هي عبار عن نتاج شعوب اتفقت على هذه الصيغ لحل مشاكلها والاستمرار ببناء دولها والتي نجحت بشكل باهر للاستمرار في ديمومة حياتها وتعتبر حلول ناجعه لها.
والذي ينظر للخليط المجتمعي العراقي وله ادنى معرفه بتجارب الشعوب متوخيا العلم في تلمسه للحقيقه المره التي يكون الكلام فيها كله خطوط حمراء والغام حين يحاول اي شخص المساس بها يعرف حقيقة لماذا فشلت الولايات المتحده الامريكيه في العراق وسبب انحسار القوى الليبراليه ان وجدت وتعثر كل عملية تطور سريعه او ممنهجه في الحصول على حكومه غير دكتاتوريه او لنقل حكومه قادره على ترسيخ قيم جديده للمجتمع لغرض بداية عجلة التطور الى الامام.
بغض النظر عن قفز الاسلاميين لسدة الحكم ووضعهم عراقيل بوجه باقي الاحزاب التي تخالفهم قليلا في الرؤيه لكنهم استطاعوا وبجداره التغلغل اكثر عمقا داخل بنية الشعب العراقي وقطفوا ثمار الانتخابات بشكل كاسح بالرغم من وجود احزاب قديمه ولها تاريخ نضالي مهم ولهم اسماء محترمه داخل المجتمع ومعروفه كالحزب الشيوعي العراقي.
اذن تركيبة المجتمع وقاعدته التي يستند لها الاحزاب في كسب الاصوات لغرض انتخاب قيادات تقوم بمهام العمليه السياسيه هي منشأ كل الفساد التي ابتلى بها المجتمع والبلد بصوره عامه. بشكل مبسط لننظر الى اسماء الطبقه السياسيه نجدها اصلا معده لمحاكاة الجانب العشائري تمهيدا لنصرة المتقدم للانتخاب مثلا-المالكي,الساعدي,الجعفري, الحكيم, الصدر-هذه الاسماء هي اصلا محاكاة الى الجذور العشائريه التي تضمن لهم الانقياد الاعمى لمن ينتخبوه.
في المحافظات الجنوبيه والتي تحكمها العشائر منذ امد بعيد تم افساد المزاج المدني فيها الى حد يصل بشكل مشابه لما فعله الطالبان بافغانستان والجذور هي واحده العشيره حاضنة الدين والدين حاضنة العشيره. وعن العشائر العراقيه حديث يطول اقل مايمكن وصفه انه يتعارض مع تاسيس حكومة مدنيه تعدديه فيها حريات فرديه هي اصلا شكل من اشكال الدكتاتوريه المصغره فكيف لها ان تدعم حكومات تؤمن بالفيدراليه والليبراليه او باي نظام اداري اوسياسي يختفي فيه التعسف او التسلط .
اضافه اخرى مهمه وهي القوى الامنيه والجيش العراقي بايجاز سريع نظام الجيش العراقي الذي تاسس بقيام الدوله العراقيه الاولى عام 1921 وبوجود القوات البريطانيه وضع له نظام مستعمرات شبيه بالجيش البريطاني الذي كان يفتح المدن بعد الحرب العالميه الاولى فالضباط كانوا اشبه بالملائكه من الترف واشبه بعزرائيل بالعقاب لان نظام المستعمرات كان يستخدم الضباط الانكليز كقياده والجنود من شعوب اخرى كالسيخ في الهند فكانت النظره الى الجندي نظره دونيه وانتقل هذا المرض الى النظام الداخلي للجيش العراقي ومع استمرار هذا الوضع صارت هناك طبقه للظباط وعوائلهم بحيث اترفوا على حساب وظائفهم ووجدوا انفسهم اقرب لان يحكموا الناس ضمن عمل سياسي اضافة الى مراكزهم العسكريه وهذه احدى كوارث العراق التي ادت ايضا لتغيير مكتسبات تاسيس الدوله المدنيه ولقلة خبرتهم بالسياسه انهم كانوا يؤيدون النازيه وهتلر ضد بريطانيا وشخصيات العراق المهمه في تلك المرحله بل ازيد على ذلك كانت ميولهم حتى للدوله العثمانيه التي استعبدتهم اكثر من 400عام .
نعم هناك ضباط وطنيين لكنهم ليسوا بسياسيين تغلب عليهم صفة المغامره وابرز مثال على ذلك الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وان من اكبر اخطاءه هي السماح بالهجره من الريف الى المدينه وتاسيس التجمعات السكنيه الضخمه التي الان بغداد تدفع ضريبتها بغياب المزاج واللون البغدادي واكتساح قيم الفصول والعشائر والتي ادت بالعنف الطائفي الدموي للبروز الى واجهة الاحداث مع كل عاصفه سياسيه تمر بها . تصارع قيم وثقافات حين يتاح للتخلف فرصه للهجوم على اي منجز مدني فانه يكيل له ضربات ربما مميته او على الاقل تبعده كثيرا عن واجهة الاحداث. فمن غير المقبول ان تتباكى الناس على ذهاب الجيش بصفته القديمه التي دمرت العراق وابتعد عن مهنيته واذكر الاخوه القارئين في السبعينيات حين يتسرح المكلف من الجيش كان يذبح كبشا لسلامته من هذا العسر والضيق والظلم .فلماذا اذن التباكي عليه.
ربما هناك من يدافع عن الجيش باعتباره حاضنة للجميع وانه حارب وجاهد ودافع عن الحدود في حين نرى ان الحدود تناقصت مع وجود هذا الجيش العرمرم ولكن ابناء طبقة الضباط كما اسلفت والمنتفعين والسياسيين الذين تحالفوا مع الجيش لهم مصلحة في الدفاع عنه حتى يعيد استخدامه كما كان يفعل صدام والغابرون.
اما الاجهزه الامنيه فهي اجهزة قمعيه صرفه وليس هناك في تاريخها مهمه واحده وطنيه سوى الايغال بالتنكيل بالمجتمع مع تزايد الصلاحيات لديها مع كل حاكم جديد وذلك لارغام الاخرين للخنوع لسلطته الجباره فلايمكن القول ان هذه القوى بكل تشكيلاتها تحترم الحقوق المدنيه للشعب ولايمكن اعادة انتاجها الا بطريقة خسارتها بالتدريج واحلال دماء جديده محلها . ولكن السؤال الكبير من اين ناتي بهذه الدماء فالمعمل الاجتماعي الذي ينتج الاجيال هو المجتمع العشائري ومستنقع الدين ولهذا يفضل المالكي بقاء هذه الاجهزه في السلطه
-- يتبع--








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاقطمنة الاتاع وهجرة الفلاحيين
عريبي ( 2011 / 12 / 26 - 23:19 )
عفوا ايها الكاتب المحترم كانت هجرة الفلاحيين منذ زمن هيمنة الاقطاع اي في حقبة الحكم الملكي متواصله لهذه اللحظه ولم يكن الزعيم الشهيد هو من سمح بها بل العكس حاول ايجاد حلول ناجعه لهذه التجمعات السكانيه التي تفتقر لابسط مظاهر التمدن رغم انها تقيم في وسط بغداد مثل خرائب الشاكريه وتجمعات ماوراء السده أي مدينة الثوررره حاليا وكل الفقراء على امتداد ارض العراق ولذلك سمي الزعيم الشهيد بأبو الفقراء...وشكرا لمقالك المهم


2 - شكرا الاخ العزيز
محمد الفهد ( 2011 / 12 / 26 - 23:42 )
شكرا لمرورك على هذا المقال وماعنيته ليس تاريخ هجرة الفلاحين او سكنهم بالعشوائيات كما ذكرت اقصد التوطين المتابد لهم وفسح مجال لتعاقب الهجرات وتدفقها على المدينه وكذلك فعل صدام وعسكره حين استولوا على مدينة الاعظميه والدوره وبقية الحزام الامني على المسكينه بغداد
ودمتم لنا ياستاذي الفاضل

اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي