الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استثمار الكفاءات العراقية في الخارج قضية ستراتيجية لبناء عراق المستقبل

ليث حميد العاني

2011 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لايزال تعريف الكفاءات المتفق عليه قاصراً، إذ يشمل حملة شهادات الماجستير والدكتوراه حصراً، أما حملة البكالوريوس وغيرهم ممن لديهم قدرات معرفية وعملية كبيرة فيطلق عليهم بذوي المهارات.
وبغض النظر عن التعريف، فذوو الكفاءات وذوو المهارات الفائقة من العراقيين في الخارج قادرون على تسيير أمور دولة بكاملها. فهناك أطباء ومهندسون وعلماء في الزراعة ومتخصصون بشتى فروع العلوم الطبيعية والإنسانية. وهؤلاء يقدمون نتاجاتهم وقدراتهم لخدمة دول أخرى، ولا ضير في ذلك لأن خدمتهم هذه تصب في نهاية المطاف في خدمة الإنسانية. إنهم يقدمون نتاجهم العلمي في هذه البلدان لأنها توفر لهم العيش الكريم والأمن والمناخ المناسب للعمل، والأكثر من كل هذا هو أنهم يحظون باحترام وتقدير شعوب وحكومات هذه البلدان. ولذلك يحز بالنفس الإشارة إلى ما يتعرض له علماء وكفاءات العراق في الداخل من قتل وتهميش ومتاعب شتى وخصوصاً المبدعون منهم.
هناك كفاءات ومهارات عراقية موجودة في الخارج انفقت عليها الدولة العراقية ملايين الدولارات، لكنهم فضلوا البقاء في الخارج لعدم وجود المناخ المناسب للعمل في العراق، وهذه خسارة لاتعوض بالنسبة للدولة العراقية. كما توجد كفاءات ومهارات أعدت نفسها ذاتياً في الخارج دون أن تكلف الدولة العراقية أية مصاريف مالية. لا أشك برغبة كل هذه الكفاءات بالعودة لخدمة العراق، لكن القضية لا تتعلق بالرغبات. فذوو الكفاءات يطلبون في أسوأ الأحوال ظروفاً لا تقل في جميع الأحوال عن الظروف التي يعملون بها في الخارج من حيث الأمان والاحترام والسكن والرواتب والامتيازات وغيرها.
إن الحديث عن عودة الكفاءات الى العراق الآن لا يزال ضرباً من الخيال في هذه الفترة. وعلى الجهات التي تتبنى هذه الفكرة أن توقف أولاً نزيفَ هجرة الكفاءات الحالية إلى خارج العراق لأسباب معروفة ومنها الرعب الذي يعانونه جراء الاغتيالات وهضم حقوقهم وتهميش دورهم والإهمال الذي يعانون منه. وبعد إيقاف هذا النزيف، لابد من ايجاد المقدمات المادية والمعنوية التي ستؤسس لأرضية تجذب ذوي الكفاءات في الخارج، وحينها يمكن الحديث بواقعية عن إمكانية العودة والاستفادة من الكفاءات العراقية في الخارج. وإلا سيبقى الأمر مجرد حلم ورغبة وشعار يتغنى به القائمون على مقاليد الأمور في العراق.
يتم الحديث حالياً عن المغريات التي تقدمها السلطات لذوي الكفاءات العراقية في الخارج لحثهم على العودة. وهي عبارة عن عشرة ملايين دينار عراقي وقطعة ارض. ولا أدري من حدد هذا؟ وكيف توصل إلى استنتاج أن بالإمكان إقناع ذوي الكفاءات بهذه "المغريات"؟ بهذه الطريقة لايمكن استقطاب أو إقناع أية كفاءة في الخارج، بل سيتم تحويل هذه المغريات إلى غنيمة يستلمها المعنيون ويعودون إلى حيث أتوا.
أعتقد جازماً إن هذه المعالجة قاصرة ولا تحقق الأهداف المرجوة. فالعودة في هذه المرحلة تبدو أمراً مستحيلاً ، إذ تتطلب أولاً معالجات جدية تبدأ من كيفية تعامل القنصليات العراقية في الخارج مع ذوي الكفاءات، بدءً بتخطي جملة من الإجراءات الروتينية المتعلقة بالمصادقة على الوثائق وتسهيل أمر العودة، مروراً بالعقبات التي يمر بها من يعود مثل الانتظار الطويل لمعادلة الشهادات والطلبات التعجيزية في هذا الجانب والتعقيدات التي يعاني منها في كل دائرة حكومية يرجعها داخل العراق.
هذا الأمر أدى إلى نفور العائدين إلى العراق ممن حلموا بتقديم ما لديهم من خبرات لبلدهم، ناهيك عن إن الرواتب التي تعطى للعائدين لا تنافس بأي حال ما يعطى لهم في الخارج. ماذا نقول عن السكن والمواصلات والأمن وأمور أخرى ما كانت بالحسبان مثل الحساسية الموجودة نحو كفاءات الخارج عند مراجعتهم أو عملهم في مؤسسات الدولة العراقية التي تنظر إليهم بعين الريبة والحسد؟!! كل هذه الأمور تحتاج إلى دراسة متأنية ومعالجات واقعية لكي يتم استقطاب هذا الكم الهائل من القدرات العراقية التي بوسعها أن تسهم في بناء العراق المدمر من كل الجوانب.
وطالما إن عودة الكفاءات تبدو أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً في الوقت الحاضر، لابد من التفكير باستثمار قدراتهم عن بعد، من خلال إرسال أبحاثهم ونقل تجاربهم المعرفية، والاستفادة من إمكانياتهم للتنسيق بين الجامعات العراقية ومراكز البحث العلمي وبين نظيراتها من الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلدان الشتات العراقي.
في "ورشة استثمار الكفاءات" في المؤتمر الثاني للمهاجرين العراقيين الذي انعقد في ستوكهولم العاصمة السويدية خلال النصف الأول من ديسمبر 2011م، نوقشت باستفاضة هذه الجوانب حول إمكانيات استثمار الكفاءات العراقية. كانت نقاشات مفيدة ولكنها لم تتناول جميع جوانب المشكلة لأنها معقده وكثيرة. لكن المناقشات والتوصيات التي تم تثبيتها شكلت خطوة هامة في طريق إيجاد الحلول لهذه القضية الستراتيجية التي يجب أن يتم التعامل معها بكل واقعية لأنها قضية وطنية بامتياز، تخص الحاضر والمستقبل معاً.

كاتب ,واكاديمي عراقي مقيم في السويد









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دمعة
حمورابي سعيد ( 2011 / 12 / 27 - 08:45 )
اخي ليث...كانك تطلب الدمعة من الاعمى .الذي يحكم العراق الان اناس اغلبهم جهلة او شبه متعلمين ,لا يفقهون من السياسة سوى النهب وملئ الجيوب والعمالة للاجنبي .فهل يحس هؤلاء كيفية الاستفادة من الكفاءات والمهارات العراقية ؟ تحياتي

اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا