الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعايش واعياد الميلاد

سربست مصطفى رشيد اميدي

2011 / 12 / 27
الارهاب, الحرب والسلام


نمر في هذه الأيام بمناسبات مهمة بالنسبة للمسيحيين في العالم تتمثل بعيد ميلاد السيد المسيح ورأس السنة الميلادية. هذه الأعياد اكتسبت طابعا اجتماعيا وأصبحت مناسبة لتبادل التهاني والهدايا والزيارات وإقامة الحفلات. وقد تعدت الاحتفال بها في كثير من الدول معتنقي الديانة المسيحية لتشمل أديانا أخرى، خاصة وأن رأس السنة الميلادية تعتبر عطلة رسمية في أغلب دول العالم.هذه المناسبة تعتبر بمثابة تجديد سنوي لعقد التعايش بين الطوائف والأديان في الدول المتعددة الأعراق والطوائف والأديان، وضمان لاستمرار علاقات المحبة المبنية على التسامح والسلام بين مواطني الدولة الواحدة من أبناء الأديان المختلفة.
المكون المسيحي في العراق جزء لا يتجزأ من هذا الأرض الذي عاش عليه أقواما وشعوبا وقبائل وأديانا عديدة ، ويعود تاريخ اعتناقهم للمسيحية إلى القرن الأول الميلادي . وهنالك الأرمن الذين يعتنقون أيضا الديانة المسيحية.
إن التعايش الموجود بين كافة القوميات والأديان والطوائف في العراق أصبح تحت تأثير وتهديد السلطات الحاكمة في العراق منذ زمن بعيد ، بدأت بالفرمانات السلطانية ضد الأيزيديين في عهد الدولة العثمانية ، مرورا بمذبحة سيميل سنة 1933 ، وحملة فرهود اليهود في بغداد سنة 1941 ، وصولا إلى حملات ترحيل وتعريب الكرد من المسلمين والايزيديين وكذلك التركمان على يد النظام السابق .
بعد إسقاط النظام السابق ووصول أحزاب الإسلام السياسي للسلطة في العراق،وشن الإرهاب حملة شرسة بحق أبناء الشعب العراقي، فان التعايش السلمي قد نسف مرة أخرى، وذلك بعد عمليات الإرهاب ضد المسيحيين والايزيديين وتفجير الكنائس بين فترة وأخرى، وشملت جميع الطوائف والقوميات الأخرى .
إن العراق كان ولا زال ( إلى حد ما ) عبارة عن لوحة موزاييك جميلة بتكونه من ألوان عديدة هي قوميات وأديان وطوائف العراق من العرب والكرد والتركمان واالكلدان السريان الآشوريين والأرمن ، من المسلمين بمذاهبهم المختلفة والمسيحيين بكنائسهم المتعددة ، ومن الصابئة المندائيين ، الايزيديون ، الكاكائيون ، الشبك ، الشركس ، والى حد قريب اليهود أيضا . لوحة الموزاييك الجميلة هذه تحتاج إلى صيانة مستمرة .
فالحفاظ على علاقات المحبة والتسامح بين أطياف المجتمع العراقي واستمرار التعايش بينهم ، يحتاج إلى إعادة دراسة العديد من القوانين والقرارات والمناهج الدراسية ودور وسائل الإعلام ، ومهام وزارة الأوقاف وغيرها ، وليس فقط إلى بيانات بلاغية إعلامية من قبل مسؤولي الحكومة والأحزاب السياسية . على سبيل المثال فيما يخص المناهج الدراسية ، فانه على الرغم من كل الأطياف الدينية الأخرى التي تعيش في العراق منذ قديم الزمان فإننا نلاحظ انه توجد مادة ( التربية الإسلامية ) للمرحلة الابتدائية والثانوية ، أي يقتصر التدريس على ديانة واحدة لاعتبارها دين الأكثرية الغالبة للمجتمع العراقي ، ويقتصر التدريس فيها على الطلاب المسلمين فقط . ويفترض أن تكون المادة ( التربية الدينية) وتدرس فيها تاريخ الأديان كافة خاصة التي لا يزال يعتنقها شرائح من المجتمع العراقي كالمسيحية والايزيدية والمندائية وحتى اليهودية ، ولا يقتصر التدريس فيها على الطلاب المسلمين فقط ، وتدرس فيها أيضا مبادئ عن التسامح الديني والتعايش السلمي ونبذ الأفكار التكفيرية والمتطرفة . وإذا كان هذا مفهوما في بقية محافظات العراق خلال فترة النظام السابق ، وسيطرة أحزاب الإسلام السياسي على مقاليد الأمور بعد تغيير النظام ، فان عدم تغيير مناهج التعليم جذريا في إقليم كوردستان يثير الكثير من التساؤلات .
إن تفريغ العراق من بعض الطوائف الأصيلة خاصة المسيحيين والايزيديين والصابئة المندائيين ، سيجعل وجه العراق يتحول إلى لوحة قاتمة وداكنة الألوان ، بحيث لاستطيع كل من يبغي الجمال النظر إليه . وإذا بقيت الأمور على ما هو عليه الآن من الهجرة المستمرة للخارج لأبناء الطوائف تلك، فانه سيأتي يوم لن يبقى فيه أحد من هؤلاء كما حدث بالنسبة لليهود. وان ذلك سيؤدي إلى أن يطغي لون واحد على بقية الألوان، مما ستكون سببا في انتشار الأفكار والمذاهب التكفيرية والمتطرفة بين المسلمين ، مما سيجعل العراق يعيش في ظل أفكار حركة طالبان عمليا ، حتى وان كان هذا بالضد من توجهات ورغبة السلطات القائمة حينها .
آن الأوان لإعادة النظر في جميع الأسس المنظمة للمجتمع ، القانونية والثقافية والاجتماعية ، بدء من بعض القوانين مرورا بالمناهج التدريسية وصولا إلى خطب أئمة الجوامع ، والذي كان أحدهم يخطب في الجموع الغاضبة يوم 2/12/2011 في زاخو ويقول ( بأن الحكومة والقوى الأمنية تقف معهم في موقفهم من إزالة مراكز المساج ) ، ولا نعرف كيف أن الحكومة قد منحتهم إجازة العمل وهي في نفس الوقت تقف مع الملا والجموع الغاضبة في إزالتها ؟
في الختام نهنئ أبناء الديانة المسيحية بأعياد ميلاد السيد المسيح ونتمنى أن يعيش الجميع في عراق يملأه السلام والمحبة والوئام ، وألا يتحقق ما تنبأت به أعلاه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف