الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعين حكومة -بعثيين جدد- ارادة امريكية

محمود الحديدي

2004 / 12 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هل "فعلا " تطمح امريكا لاقامة نظام جديد في العراق بوجوه بعثية "مُجْلاة" وما هو الدليل على هذا "الاتهام !" ؟
قبل" التحريراحتلال " او عتق رقاب العراقيين من عصابة الفاشية البعثية , طُرحتا نظريتان لتغير النظام في العراق , وقد اشبعتا بحثا ونقاشا من قبل المهتمين بالشان العراقي وكذا اطراف المعارضة للنظام المهزوم .
نظرية يتبناها " القومجيون" خصوصا اولئك الذين كانوا جزءً من البعث وانسلخوا منه لاسباب امتيازية معروفة , وساهموا بطريقة او اخرى بنكسة العراق الحضارية ومنهم حركة الوفاق علاوي او عندما كانت "عمر العلي" , وهذه " النظرية" تدعمها اغلب الدول العربية , كالاردن والسعودية ومصر , ومُلخصها ان يتم التغير في العراق عبر انقلاب عسكري او عملية سريعة لقطف رؤس القيادة وابقاء مؤسسات البعث على ما هي عليه , ثم تدريجيا "بعد عمر طويل " يتحول البلد نحو الديمقراطية , وقد آمن الامريكيون بهذه النظرية وسعوا لتطبيقها , وصرفوا في سبيل ذلك مئات الملايين من الدولارات عبر احزاب ادعت عمقا في الجيش العراق والحرس الجمهوري كحركة الوفاق والمؤتمر الوطني وحركة الضباط ..الخ.
ونظرية اخرى تؤيد اجتثاث البعث من الاساس , واحالة جميع قياداته الى محاكم متخصصة بتهمة ارهاب المجتمع , واستعباده , وتبديد ثرواته , والقيام بمجازر جماعية , وترويج افكار فاشية هدامة في المجتمع , وتعطيل حركة التنمية والتطور في البلاد , ويرى اصحاب هذه النظرية , ان لا ديمقراطية حقيقية يمكن ان تُشيد في العراق دون اساس متين من العدل "واقله" الاقتصاص من المجرمين والقتله , والا , سيكون المجتمع غير مستقر , ومهدد من الداخل .
تَبنى وجهة النظر هذه كثير من الاحزاب والشخصيات الوطنية , ليبرالية ويسارية بالاضافة للاسلاميين , امام اعتراض ورفض عربي قوي , أثرَ في ترسيخ قناعة البنتاغون والسي اي ايه بالنظرية الاولى ,بحجة التخوف من الاكثرية الشيعية واحتمال تفاعلاتها مع الحالة الايرانية وانعدام توازن القوى في المنطقة لصالح ايران وما يمثله من خطر على اسرائيل وانظمة الخليج ..الخ .
اذن , امريكا في حقيقتها كانت تسعى لتطبيق وجهة النظر الاولى , السبب الذي دعاها للوقوف بحزم ضد تشكيل حكومة في المنفى , ظنا منها بامكانية التوصل مع حكومة البعث "دون صدام" الى نتائج ايجابية , ولقد حاولت حتى في الرمق الاخير من دولة البعث , عقد صفقات مع وزراء وسفراء , ولكـن انهيار النظام بالكامل وبصورة مفاجئة, وهروب البعثيين , وضع الامريكان في حيرة لم يتصوروها ولم يحسبوا حسابها , فجاء تشكيل مجلس الحكم برئاسة واشراف بريمر المباشر عليه , ومن ثم الحكومة المؤقته , محاولة من الامريكيين لانقاذ ما يمكن انقاذه واعادة البعثيين من جديد ولكن بعباءة اخرى وبشعارات الليبرالية والديمقراطية .
فالانصاف والمسؤولية الوطنية يحتما علينا (نحن الذين ايدنا تحرير العراق بالسيف الامريكي ) الاعتراف , بأن الامريكيين وبعد انهزام دولة الفاشية البعثية لم يكونوا حاسمين في تشكيل حكومة عراقية قوية من معارضي صدام الحقيقيين , او القضاء على الفوضى التي عمت المجتمع , واحيانا وقفوا بالضد من بعض الاحزاب و الجمعيات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني لتنظيم المجتمع وسد فراغ الدولة المفقودة , بحجة عدم استفزاز المناطق التي حُسبت طائفيا مع صدام , وكانت مغازلة غبية لمد جسور الوصل مع بعض القيادات السابقة دفع الامريكيون والعراقيون ثمنها غاليا حيث استثمرها البعثيون والسلفيون لاعادة تنظيم صفوفهم , وما كان تشكيل " لواء الفلوجة " الا كقوة ممهدة لاعادة بعث جديد , ولكن السلفيين استطاعوا تجيّره وتحويله الى جيش لخدمة "امارة الفلوجة السلفية" بتمويل امريكي , فافشلوا تكتيكات الامريكان لاعادة تأهيل البعث عسكريا , وانقلب السحر على لساحر , ودفع الامريكيون والعراقيون ثمنها انهار من دماء الابرياء .
ان ما يحدث اليوم من كوارث امنية في العراق سببها الرئيسي عدم تقدير الامريكان لخطورة البعثيين , ففرضوا وجوها كالحة منهم , على راس وزارات مهمة , وتركوهم يسرحون ويمرحون في المؤسسات الامنية والستراتيجية , بل وساهموا "الامريكيون" بانفسهم بتسهيل خروج عتاة المجرمين البعثيين الى دول الجوار والخليج حاملين ملايين الدولارات التي سُرقت من البنوك والمؤسسات العراقية , وهناك تقارير تشير الى ضغط امريكي على محاكم عراقية حاولت ادانة قيادات بعثية (خارج اطار قائمة الـ 51 ) ومطالبة دول تأويهم بتسليمهم للجانب العراق , مما يؤكد بما لا يدع للشك مقولة الكاتب الامريكي المقرب من الادارة الامريكية توماس فريدمان يوم 19 ديسمبر في جريدة الشرق الاوسط حيث كتب بالحرف: فإن ما يتحرق إليه شوقاً أعضاء إدارة بوش من المحافظين الجدد، هو "بعث جديد" في العراق! ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا