الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات أحداث بهدينان (صراع حزبي أم ديني) ؟

ئارام باله ته ي

2011 / 12 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تداعيات أحداث بهدينان
(صراع حزبي أم ديني) ؟

(لاحرية بغير قوانين ، ولاحرية عندما يكون أي شخص فوق القانون) جان جاك روسو .

قبيل أندلاع أحداث (بهدينان) التي أدت الى كسر وحرق بعض محلات المشروبات الكحولية ، واحراق مقرات الأتحاد الأسلامي الكوردستاني (اليككرتو) . كنت بصدد كتابة مقالة عن مستقبل الأسلام السياسي في كوردستان ، على ضوء الربيع العربي وموجة صعود الأسلاميين في المنطقة . أردت لتلك المقالة أن تكون مطولة نوعا ما ومتضمنة لأراء الأسلاميين والعلمانيين على حد سواء . فقمت بأرسال مجموعة من الأسئلة الى بعض القياديين الذين أعرفهم في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وقياديين اخرين في (اليككرتو) أعرفهم . وكنت أحبذ معرفة وجهة نظر (الجماعة الأسلامية) و (حركة التغيير) أيضا حول الموضوع ، الا أني للأسف لست على معرفة شخصية بأي من قيادييهم . مهما يكن لم يرد على أسئلتي الا شخصان ، واحد من كل طرف ، لكن قيادي بارز في (اليككرتو) واخر رفيع في (البارتي) وعداني بمناقشة الموضوع بعمق وجدية وليس عبر الرسائل . لكن كان يتوجب علي ألأنتظار لحين عودتهما الى كوردستان ، أحدهما كان في أوروبا والاخر كان في بغداد . ثم حصل ماحصل وأجهضت الفكرة ، بل تناثرت بين زجاجات (الويسكي) ولهيب الحرائق . وأثبتت الأحداث فيما بعد أهمية الأسئلة التي وجهتها لكل طرف ، لكنها بقيت ولازالت مجرد أسئلة ، وان كانت الأحداث قد أماطت اللثام عن بعض الأشياء .
مضمون تلك الأسئلة الموجهة للأسلاميين كان يدور حول مدى تقبلهم للأخر من خلال مدى تأثرهم بتجربة معينة ، والمعوقات التي يواجهونها ، وحول رؤيتهم لمستقبل الأسلام السياسي في كوردستان . أما فحوى الأستفسارات التي طلبت توضيحا بشأنها من (العلمانيين) كانت تتركز على مدى هضمهم لصعود الأسلاميين ، وان كانوا يرون فيهم خطرا على التجربة الكوردستانية ؟ . ان الغرض من هذه الأسئلة ، هو معرفة طبيعة نظرة كل طرف للأخر . هل حقا يقبل الأسلاميون بغيرهم كشركاء في الوطن عندما يصلون للسلطة دون فرض رؤيتهم على الأخرين جبرا ، خاصة في مجالات الحقوق والحريات ، كما فعلت (حركة النهضة) في تونس التي أبقت الناس كما كانوا في مجال الحريات ؟ . لذلك كان من ضمن الأسئلة التي وجهتها ، هل أنتم متأثرون بـ (النهضة – الغنوشي) ؟ . ومن جانب اخر هل يعتبر (العلمانيون) نظرائهم الأسلاميين شركاء حقيقيين في كوردستان دون تخوين ولاتخويف ولاتوجس منهم ؟ .
ان هذه الأسئلة جوهرية ويتوقف على انبعاثاتها مستقبل كوردستان السياسي، بل والأجتماعي ، لأنه لوا صح تورط الأسلاميين في أشعال فتيل الأحداث ، فأن هذا ناقوس خطر ينذر بكوارث لايمكن الأستهانة بتجلياتها . أذ أن القناعات الدينية عندما تمثل تهديدا على الحريات العامة ، فأننا أمام بوادر حرب (مقدسة) عاجلا أم اجلا ، حيث أن من يرى في شغبه وأعتداءه على محلات الأخرين واجبا دينيا ، يصعب عليه القبول بوجهة نظر الأخر . عليه فأن الديمقراطية والحريات العامة ليست عند هذا الشخص ، الا أمرا واقعا لابد من زواله متى ما كان بالأمكان .
يفترض بالعقل الجمعي الكوردستاني أن لايستسيغ فرض رؤية دوغمائية واحدة ، وأن لايقبل بتكبيل الحرية ، وحجرها على الأخرين . بعدما قدمت هذه الأمة مئات الالاف من الضحايا لنيل حريتها . بل أن الناس بطبيعتهم (يحبون الحرية ، ويكرهون القهر والعنف ..) على حد قول (مونتسكيو) . فهل يجوز فرض رؤية دوغمائية ظلامية على الناس بأسم الدين وخدمة لله رب العالمين ، فأين ( لااكراه في الدين ) ؟ .
في حين أنه لوا صح تورط (العلمانيين) أو أنصارهم في الأعتداء على مقرات (اليككرتو) ، فأن هذا التصرف كسابقه يدل هو الأخر على عدم الأعتراف بالقانون ، والأستعداد لمحوا الأخر بعيدا عن التقيد بأي شيء ودون مسوغ ، اللهم قانون الغابة!! . أننا هنا امام صراع على الهوية ، في غياب القانون والمؤسسات . ثم أن تجارب التاريخ الحديث أثبتت فشل نظرية الضغط وممارسة العنف لتحجيم الأسلاميين ، بل أن نتائجها كارثية ، اذا اخذنا تجربة (القطبيين) في مصر وتجربة الأسلاميين في الجزائر ، بنظر الأعتبار . بعد ذلك فها هم الأسلاميون يستغلون مظلوميتهم التاريخية ويجنون ثمارها في تونس ومصر وليبيا والمغرب ، والحبل على الجرار . هناك أناس لايقرؤون التاريخ ، وعندما يقرؤون ، لايفهمون فلسفته .

أني أدعوا بهذه المناسبة الى تبني (ميثاق شرف كوردستاني) وأصدار تشريعات وقوانين صارمة ، نجعل بموجبها (الحريات العامة) في كوردستان خطا أحمرا لايجوز لكائن من كان أن يتجاوزه . ان الخليط الديني والثقافي الموجود في كوردستان ، لايمكن أن يصهر في بوتقة دينية أو ايديولوجية واحدة . ولابد أن يكون لكل طرف وبالتساوي مع الأخرين حق التمتع بممارسة حريته الشخصية ، وممارسة طقوسه الدينية . هذا في الوقت الذي لايجوز لأية جهة أن تحور صراعاتها الحزبية ، لتضفي عليها طابعا دينية . لما يحدثه ذلك من شرخ مجتمعي يؤسس لحياة يسودها التشنج وسوء التفاهم وانعدام الثقة . وماينتجه ذلك من الأستقواء بأطراف خارجية يكون لها اليد الطولى في كوردستان ، على حساب مستقبل الوطن وشعبه . ان من يغامر بمستقبل كوردستان وشعبه لمصالح حزبوية ضيقة ، على أقل تقدير يمكننا القول أن التاريخ لن يرحمه .


ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التجربة هي التي تنطق بالحق
امين دوسكي ( 2011 / 12 / 27 - 18:11 )
موفق استاذ ارام على هذه الكمات المعبرة واذا اردنا ان نعرف الحقيقة بشان الاسلاميين وهل هم سيكونون في موقع خطر على الامة الكردية اذا ما وصلوا الى السطلة، وكذلك بشان العلمانيين وهل انهم حقا يمارسون الاعتداء على حريات الاخرين فان تجربة كوردستان هي تتحدث بنفسها وتنطق بالحق لمن فتح عقله وضميره، فقد تجاوزنا عقدين من الزمن في كردستان ولنا 21 سنة نحكم انفسنا بانفسا وقد راينا كل ما يظهر من علامات المعتدي والاعتداء على الاخر فلنقس الشاهد على الغائب سوف تظهر نتائج النظريات التي طرحتها.


2 - فصل الدين عن الدولة
عبدالباري مجيد ( 2011 / 12 / 27 - 21:05 )
الحل الامثل والبعيد المدى هو - فصل الدين عن الدولة - عدم تسييس الدين -- ان ينص قانون الاحزاب على منع قيام احزاب على اسس دينية او عنصرية وتعديل المناهج الدراسية وحذف كل ما يشجع على العنصرية والكراهية والاستعلاء والتمايز ...والتاكيد على حقوق الانسان والمساوات وحرية الراي والعقيدة والعدالة الاجتماعية


3 - الحبل على الجرار
صباح الاتروشي ( 2011 / 12 / 28 - 06:57 )
سلام اخي و جيراني العزيز
سلمت يداك على هذه المقولة الحيادية والصادقة بما يجرى وما يحدث على واقع اقليم كردستان
فصل الدين عن الدولة كما قاله عبدالبارى حلم لا يتحقق
اهم شيء هو اعتراف كل كتلة بلاخر - ليكن مزيج متجانس كجسد واح


4 - تشابه بين تجربة بغداد واربيل
ماجد شيخاني ( 2011 / 12 / 28 - 13:02 )
تجربة بغداد وحكم القوميين العرب ل35 عاما متمثلة بالحزب القائد(البعث المقبور) وتحول قادته طبقيا الى اثرى اثرياء العالم بين ليلة وضحاها دفع القوى الدينيةالى السطح باشكالهاالمختلفة لكن بايدلوجياوفكرواحد وهاهم يحكمون بغداد رغم انف امريكا . واعتقد ان تجربة اربيل تتشابه فالقوميين الاكرادمتمثلة بالبارتي والاتحاد يحكمان كوردستان منذ 22عام وقد تحول قادتهم الى الثراء وسرقة المال العام عينك عينك علنا وقدبرزت لاسباب عديدة قوى واحزاب اسلامية الى السطح تتحدى الحزبان ولن اتفاجأ إن اتى اليوم الذي تتحول فيه اربيل الى شبيهتها بغداد يحكمها الاسلاميين دون منازع نتيجة التبدل الطبقي والسياسي لقادة الاكراد اما الحديث عن ميثاق وعهود بين الصقور والحمائم بين النيران والوقود فاعتقد انه مجرد مضيعة للوقت تحية لك كاكا ئارام

اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24