الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغجرية

سمير عبد الرحيم أغا

2011 / 12 / 27
الادب والفن


على سطح الدار في دفء العصر، صاح سالم عدة مرات بقوة طائر يختال بريشه
جاءت سامية ...
ضجت القرية .. من كان يصدق أنها ستعود ، أحساس غمرني وجعلني أحس أني مراقب ، ويا له من شعور أفزعني ، نهضت في نفس اللحظة إلى الخارج ، وجمح خيالي دونا عن كل الأولاد فتصورت سامية تفتح لي ذراعيها تنادي من بعيد باسمي ، ولم يفق قلبي إلا وانأ على الجسر أنتظرها ، جرى الأطفال يستقبلون الموكب.. كانت سامية في الوسط ، ولم يمضي وقت طويل حتى كان قد تجمع عند الجسر عدد كبير من الناس ، كأننا في فرح ،مع بداية كل صيف ، يأتي الغجر إلى القرية ، يفرشون خيامهم على الأرض الخضراء ،وأول ما يصعد إلى ذهني اسم سامية ، فأذكرها أول ما اذكر منهم ... صورة الجمال وصورة الغجرية المتوردة ، سيرتها معروفة لا تفارق أي مجلس ناطق أو مغرد بالحب كحال شجرة التوت العملاقة إمام بيت سبع ، وهي ليست سيرة جامدة أو ملوثة ، كل ما في الأمر ، أنها حلوة متمردة ، تروح وتغدو على سجيتها ، والحكاية ليست جديدة ، فالقرية صغيرة ، والناس فيها عائلة واحدة يعرفون بعضهم البعض معرفة دقيقة جدا ، اعرف سرها وتعرفني ، حين رأتني.. ابتسمت لي ابتسامة ود وقالت
: لا استطيع أن أفارقكم
قلت بحرارة:
أحلم بكم طول الوقت
قالت بهمسة متألقة
لا أحب قرية كقريتكم
أنظر إلى عينيها فأجد نظرة خفية فأتساءل
أهي حقيقة ؟؟؟
تتوقف قليلا ثم تهمس
نعم .. أنا لا استطيع أن أفارقكم،
تمد لي يدها بحركة ذات مغزى، ثم تركض نحو خيمتها، لتتطاير تساؤلات محرجة حيث الكل يترقب طلتها. على الجسر أو عند النهر تملأ ( القلة ) ، .. وأنا لا أطيق إن اسمع أية همسة أو حتى نظرة بريئة ، وافهم جيدا ما يقولون... وما كان يخطر لي على قلب أن فتى مثلي يفعل ما يفعل ، فسكون الريف يجسم حتى خفقة القلب ، تتسابق الشائعات عنها ، منهم يقول ، انه رآها تسبح عارية في النهر ومنهم قال ... أنها ضبطت في الحقل وراء الأشجار مع عشيق لها، ومنهم قال أنها تحب..... قالت لي كل شيء ، ولكن لماذا لا تحترم حيرتي في كل هذه الشائعات ،لكن سامية لم تتزوج فخطابها قليلون بل تكاد تكون بلا خطاب ، وهناك ابن عمها الذي يريدها زوجة ثانية ، وجابر يريدها للتسلية ، هي تضيق بهم كما أمها التي لا تقبل أفعالها ، تتلبسها صورة تعاسة ،استولى القلق على قلبها.. رمقها نفر من دائمي الجلوس على الجسر ، وهي تملأ الجرة من النهر ، مع بعض زميلاتها ، رمقها ذلك النفر بنظرة لا بد كان فيها رغبة خفية حتى حلت في القرية حيرة أو مشكلة اسمها سامية ، كأنها مشكلة غير مألوفة في قريتنا .. وهي أن سامية يركض وراءها الشباب والشيب، بالرغم أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا .
أحسست أن حادثا ما على وشك أن يقع ، مجرد إحساس تأكد لدي ، شيء لا بد أن يحدث وتقف أمها على السر ، نعم السر ليس في حاجة إلى كلام وجو القرية قد تعكر فجأة . أهل القرية يناقشون أعز خصوصياتها، وبعد مشاورات أشترك فيها أهلها، استقر الرأي: إن ترحل سامية مع أهلها.
يدهش كل من يعلم بالخبر .. معلقا عليه بشتى التعليقات أولها أن سامية عروس تسر كل حبيب ، ولذلك ظلت كالفاكهة المحرمة ، و كان من الطبيعي جدا أن تقرن الشائعات حولها ، ترقبت خروج سامية من القرية مئات العيون.. الموكب الحزين يمضي ويثير سحب غبار ويشتت قوافل الإوز، هكذا وببساطة كأن ما فكر به أهلها هو الصحيح.. أطفئت الأنوار وأغلقت الأبواب ، وراح الناس يحدقون في دخان المواقد ، وخلفت سامية الحسرات والمواقد المطفأة . في تلك الليلة ودعتها وقلبي يقول أشياء كثيرة رجعت إلى البيت مستاء، ولم تعد سامية تثير أي اهتمام عند من يتذكرونها، وإذا بالدنيا تعود كما كانت. وما أن عاد الصيف حتى صاح سالم عدة مرات بصوته المعروف
جاءت سامية ..
ويتوجه كل منا إلى استقبالها من تلقاء نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب