الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة زندقة فكرية

فوزي بن يونس بن حديد

2011 / 12 / 28
كتابات ساخرة


الحداثة زندقة فكرية
فوزي بن يونس بن حديد
قرأت للحداثة فكرا وشعرا ونثرا، تمعنت في الكلمات التي تقال هنا وهناك، حاولت أن أفهم المقصود من الكلمات المتقطعة والمتناثرة، أن أربط بينها، أن أكوّن جملة مفيدة، توصلت في النهاية إلى قناعة ذاتية أن هذا الكلام وهم وخيال وثرثرة لا فائدة مرجوة منه، وسألت نفسي تكرارا ومرارا لماذا أنا عدوّ الحداثة؟ ولماذا أكرهها جملة وتفصيلا ولا أريد أن أسمع شعرا لا ينبض من القلب ولا يخرج كالسحر من اللسان؟ قلت، تساءلت، ترى لماذا الحداثة في الفكر والشعر نطق الآن ولم يحدث أن تحدّث بالأمس؟ ولماذا انجرف الناس وراء هذا التيار ولم يعد هناك طعم وذوق للشعر الموزون المعروف وقد أبدع الأُول في تركيبه ونظمه كلمات ونحوا وصرفا وبلاغة وتذوقا؟
إن الشعر العربي لا يحتاج إلى مثل هذا الإبداع الخرافي وهذا الزندقة الفكرية التي دخلت إلينا من باب أدونيس وسعدي يوسف وغيرهما اللذين لا يبدعان إلا عندما يلوثان نفسيهما بمادة روحية كما يسمونها وقد حدث أن حضرت لأمسية واحدة لسعدي يوسف ولم أعد تكرار الحضور لأنني أبصمت بالعشر أن كلامه ضرب من الخرف والزهايمر ولا أدري لماذا هذا البهرج الإعلامي الذي واكبه والتصفيق من قبل الحاضرين فهو بالكاد كان ينطق حرفا أو حروفا مبعثرة لا تجمعها صورة بلاغية ولا تنم عن معنى.
أين هؤلاء من أولئك الذين ينظمون شعرا ويتكلمون بيانا يسحر قارئه ويتلذذ سامعه ويبدع صاحبه؟ لماذا هذا الشعر وهذا النظم الخالي من أي لمسة إبداعية بلاغية؟ فعندما أقول مثلا:
أنام تحت شجرة
أحلم ، أطير في السماء
لعلي أجد ريح يوسف
لعلي أكتب في ورقة
لعلي أمسح جبين طفل تصبب عرقا
أمرّ بأحلامي على كتاتيب
يلوحون لي بألواح خشبية
مكتوب عليها اسمي
فكرت قرأت تلوت
لم أجد إلا سرابا
هل هذا إبداع وأين تتجلى صورة الإبداع في هذا الكلام؟
لقد أيقنت في النهاية وبعد تفكير طويل وأحيانا مرير - وهذه وجهة نظر خاصة قد يشاركني فيها البعض – أن الكلام الحداثي برمّته لم يكن يوما إبداعا بل هو زندقة فكرية وخروج عن المألوف وإفساد اللغة العربية الجميلة وتفكيكها وتمييعها لأن اللغة العربية لا تحتاج إلى مثل هؤلاء ليدخلوا فيها كلمات تصبح من صميمها، إنها غنية بنفسها، وثرية ببلاغتها، وبهية بصورتها، لا تسمح لأي أحد مهما بلغت شهرته في العالم بأن يفسد جمالها ويعريها من مضمونها العميق والمتوارث أبا عن جد.
فالحداثيون هم من أفسد لغتنا الجميلة، هم من ارتكب حماقة التدخل في تراكيبها اللغوية وإظهار الاعوجاج والخلل في بيانها وسمحوا للآخرين بأن يتكلموا لغة لا يفهمها العربي الذي يعتز بأن اللغة العربية الأصيلة هي لغته الحقيقية لأنها لغة القرآن ولغة أهل الجنة واللغة الخالدة، وسيظل هؤلاء يمزقون أوصالها ويقطعون أطرافها ويبددون أنوارها ويأتون للناس بكلمات مذبذبة لا تنتمي إلى أي قاموس.
والغريب في الأمر أن هؤلاء الذين أتحدث عنهم يفوزون بجوائز عالمية وتقام ندوات فكرية وتحليلية لأشعارهم الهزيلة التي لا تقوى ولا ترقى إلى السمو الفكري المطلوب، والأغرب من ذلك أن الطور الفكري الحداثي مازال حيا ويحاول أن يؤصّل لمثل هذا النمط الغريب عن أمتنا التي انجرف بعض أتباعها وراء هذا التيار ظنا منهم أنه إبداع واستطاع خداعهم وإيهامهم بأن ما يقوله هو عين البيان والسحر. ألا فليعلم الناس أن مثل هؤلاء الشعراء يهيمون في كل واد ويكسبون الأموال بكلام ليس له أصل ولا فصل ولا إبداع ولا نظم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع استاذ فوزي
عبدالغني زيدان ( 2011 / 12 / 28 - 09:49 )
اشكر قوتك واشكر كلامك الجميل الذي فعلا يقول الحقيقة نعم هو زندقة فكرية وخروج عن المألوف وإفساد اللغة العربية الجميلة وتفكيكها وتمييعها لأن اللغة العربية
من هؤلاء براءة ولو فهموا تاريخ اللغة العربية الاصيلة والتي اول من نطق بها الانسان ما سمح لهم ضميرهم بانزال اللغة العربية الى هذا المستوى تحت ذريعة الحداثة

اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح