الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل النضال ما بين العدليين والفبرايريين من اتصال

أحمد الخطابي

2011 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


البيان الذي نشرته الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان على موقعها الاليكتروني 19 ديسمبر 2011 يعبر عن الكثير من الدلالات السياسية غير تلك التبريرات الواهية التي حاولت من خلالها أن تشغل الصحافة الوطنية بها وتعطيها مادة دسمة، أو ربما سامة إن شئنا الدقة، لتكيل الصحافة لحركة 20فبراير ما لم تستطع في السابق أن تفعله رغم محاولاتها الجادة.
مناسبة هذا القول القراءة الأولية لبيان العدليين الذي يتضح أن ما يمكن قوله هو عدم تماسكه منطقيا لأن الجماعة ذاتها غير متماسكة منطقيا في فكرها فبالأحرى بيانها الذي ليس إلا صورة مصغرة لفكرها عامة.
فكل تلك المقدمة الطللية التي يمكن أن نفهم منها أن ما تحقق خلال 10 شهور هو من إنجاز الحركة وليس نضالات الشعب المغربي بكل قواه الشعبية والمقهورة وليس أتباع ياسين.
الملاحظة الثانية التي نسجلها في هذا الإطار هو النقط المدرجة في البيان، لا نعرف كيف يمكن عمليا أن تتحق هل بالدعاء في المساجد أم في جلسات التنزه التي تقام في غابة المعمورة في سلا (لا نريد من هذا التجريح المجاني بل كان واقعا قائما بالفعل بعد رفع الإقامة الجبرية على عبد السلام ياسين).
لكن ما نفهمه بشكل جلي ودون غموض هو أن الجماعة تعيش تحولا أقل ما يُقال عنه أن سينبؤنا بكثير من المفاجئات، لكن نحن تعودنا على مثل هذه المفاجئات من أولئك الذين لا يحملون هموم الجماهير الكادحة، ولن تعوزنا الآليات التحليلية لفهم هذا التحول في تكتيك الحركة وأيضا استراتيجيات العمل بالنسبة لها، سنفصل فيها فيما سيأتي.
إن الرسالة التي تريد أن تبلغنا إياها الجماعة أن نضالات الشعب المغربي لا يمكن أن تتم دون وجودها في الساحة، ولأن هذه الجماعة لا تؤمن بشيء اسمه حركية التاريخ الموضوعية التي لا تتم دون الوعي به، لكونها توهمت أن الجماهير الشعبية لن تخرج في احتجاجات الأحد الاعتيادية، بل إن الجماهير لقٌنت هؤلاء درسا في التاريخ الثوري، أن بإمكانها الاحتجاج ليس فقط بدون العدل والإحسان بل أيضا في أيام الأسبوع الأخرى غير الآحاد. نقول لهؤلاء الذين يفهمون حركية التاريخ بشكل خطي على النحو الأوقليدي، أن للتاريخ حركية موضوعية مستقلة عن الأفراد شريطة أن يعوا التناقضات التي سواء تلك التي يعرفها المجتمع بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، أو تناقضات الوعي بالصيغة الهيغيلية، حتى لا نطالبهم بما هو أكثر، عسى أن يفهموا حركية التاريخ بمعناها الهيجيلى على الأقل.
لقد أرادت الجماعة من خلال انسحابها أن توصل للنظام رسالة مفادها أن الزخم والقوة اللذان تعرفهما الحركات الاحتجاجية في المدن المغربية هي صناعة خالصة لهاmade in yassiniste ومن تم يمكنها أن تفاوض المخابرات الأمريكية من موقع القوة، وإلا ستهدد بالعودة للشارع. غير أن هذا التوهم قدمت فيه خدمة جليلة لمسار حركة 20فبراير لأن الجماعة كانت إحدى الكوابح الأساسية لتجدر مطالب الحركة، والدليل على ذلك هو الأجواء التي كانت تمر فيها الجموعات العامة، حيث نجد في بعض المواقع النضالية تكفيرلت وتهديدات من طرف بعض عناصر الجماعة للمناضلين والمناضلات، فقط لأنهم يحملون أفكارا تخالفهم مبدئيا، أو لأنهن متبرجات في نظر هؤلاء لا يجوز لهن الخروج للشارع العام، والسؤال الذي نطرحه عليهم: ما هو شكل الدولة الذي تقترحونه؟ وما مشروعكم الاجتماعي؟ ألن يكون هو نفسه ما يسعى إخوان بنكيران تحقيقه نيابة عن النظام المخزني؟
نقول إن النظام المغربي بليد مثل هؤلاء تماما، وربما هو ذكي بشكل مفرط لدرجة النرجسية العمياء، لأن مصالح الجماعة هي مصالحه. الاختلاف فقط يكمن في مستوى الشكل ما دام كليهما يدافعان بكل ما أوتيا من قوة للحفاظ على الملكية الخاصة التي تنظر إليها الجماعة بأنها سُنة الله في الحياة، أما النظام فهو التعبير السياسي عن نمط الإنتاج الرأسمالي التبعي الذي يقوم على الاستغلال والقهر بجميع أشكاله. الاختلاف يكمن فقط في شروط إمارة المؤمنين أما الشروط السياسية والاقتصادية فلا خلاف بينهما ما دام هناك اتفاق على القاعدة السوسيوقتصادية للمجتمع الطبقي.
إن هؤلاء متوهمون مثلهم مثل إخوانهم في مصر وتونس الذين يعتقدون أنهم ورثة تاريخ نضالات الشعوب، ونُسائلهم الآن جميعا أين كانوا أيام حملات الاعتقال والقمع الأسود في الساحات الجامعية وفي مواقع النضالات الشعبية؟ أليسوا من أدوا الخدمة مجانا للنظام المخزني منذ السبعينات وإلى الآن لم يتوقفوا عن تأدية هذه الخدمة؟ أليس هم من حاصر حركة المد الثوري بدعوى الإلحاد وإفطار رمضان؟ أليس هم من كان يعتقل المناضلين ويقدمهم قربانا للأجهزة القمعية والبوليسية كصكوك غفران؟
للمغرب مثله مثل كافة الشعوب تاريخ مرير من النضالات، وحافل أيضا بالمقاومة والممانعة، وهذا الإرث النضالي هو الذي يتم توريثه الآن للأجيال، لا يمكن أن يتنازل عنه الأفراد، يجب على أتباع ياسين أن يؤمنوا بهذا المعطى قبل إيمانهم بنبوءات شيخهم أو أي شيء آخر. سنسائلهم مرة أخرى أين كانوا حينما وقعت أحداث إفني وطاطا وصفرو الأليمة، حتى لا نذهب عميقا في التاريخ النضالي للفئات الشعبية.
والآن نصل إلى هاته الاستنتاجات لتلك المقدمات المنطقية، ولو بالصيغة الأرسطية، وهي أن نضال الحركات الاحتجاجية تعبير عن تجليات حركية التاريخ والتناقضات التي يعرفها بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، ومن يفهم التاريخ خارج هذا المعطى سيلقنه درسا لن ينساه، وسيتنكر له على حد قول هيجل، لأن التاريخ لا يعيد نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة