الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى السماء

وسام غملوش

2011 / 12 / 29
الادب والفن





حين أردت معرفة ذاتي
رأيتك أنت من انتحل صفاتي
فلا أريدك إلهاً على شاكلتي
لأن شاكلتي صفة
من صفاتك الأخريات

أريدك إلهاً لسمائي
يمطر صحرائي جمال البعث
لا إلهاً يروي أوهامي بآمالٍ خاوية
ضللتني عذاباتها

أريدك إلهاً يصلي لمعاناتي
لا إلهاً يريدني حقيراً,ذليلاً
خانعاً,خاضعاً قسراً له
أريدك إلهاً حنوناً,عاشقاً
يحب السمر
و يرشف الخمر من شفاهي
لا إلهاً,يغضب,و يهدم
إذا انتفض أضعف العالمين في قبره
يشكو ظلم القدر

أريدك إلهاً يبكي لدمعتي
لا يجعلها مدراراً
فأشكره إذا أعادها دمعة

أريدك إلهاً يلعن جحيمه في اللحظة ألف مرة
..كي ينطفئ
لا إلهاً يجعل من أحبائه
حطباً لهذا الجحيم الذي
إن لم يكن في السماء كفكرة
كان على الأرض ..كان ...
لا أريدك إلهاً يمجّد الحياة ليبارك فعلته
و لا إلهاً لمرضى..جعل من دائه شكراً لدوائه
و أثبت وجوده
حين اعتل معبوده

أريدك إلهاً لدور عبادة
تكون صالة للأفراح
لا معقلاً للاستغفار و الرجاء
و لا ملاذاً للفقراء و الضعفاء
و أي قيمة للإطراء من المعوذين؟!
فالمحبة رقصة
و الرحمة شفقة يُذلُّ بها المعبود
عند الحضور وعند كل أفول

أريدك إلهاً لا يصاب إنسانه بالأذى
..عند كل رمية نرد
و لا يكون جسده البالي
..ساحة
تلهو عليها خيول العبثية

أريدك إلهاً يأخذ من البشر فقط صفة العدل
لا عدلاً تشيطن في توزيعه
بين أمة و أخرى
لنرى حكمة العدل في شيطنته
و إذا أردنا معرفتها
أصبحنا نحلل أحجية في متاهة الفئران

أريدك إلهاً ينقد ذاته
ويتحسس الحكم في نفسه
قبل صدوره على الآخرين
و يشعر بسلبيات الألم
فلا يقف فقط على إيجابياتها
ليمنحنا خلودا عقيما
في جنة ملذاتها فارغة
و ليس في جعبتنا
إلاّ أكليل المسيح

أريدك إلهاً يخجل من مكره
لا إلهاً يبرر المكر بالمكر

أريدك إلهاً لا يرتدي الأقنعة
لا إلهاً بت أجهل عدد أقنعته

أريدك إلهاً يتكلم عن معاناته
لا إلهاً يخلق من يتحمل عنه
أو يشاركه المعاناة
ثم يصمت في غيهبه

أريدك إلهاً يتسم بالمحبة
لا إلهاً يتباه بالعبودية

أريدك إلهاً يستغفرني حين يبارك المأساة على بيادري
لا إلهاً أستغفره فيلبس ثوب الفضيلة
..زهواً
ليسامحني ويغفر خطيئة منه
و لا يكن مواسياً لمأساتي

أريدك إلهاً لكل نجوى
لا إلهاً يبارك الشكوى
ويجعل على كل صفحة من صفحات العمر
ندوبا تحاكي ريشة المعبود

أريدك إلهاً يقلّم أظافر الصغار
و يروي حديقته من دموع محبته
لا إلهاً يروي حياته بدموع ساكنيها

أريدك إلهاً شاعراً سُرق منه حبيبه
لا جلاّداً فر منه عبيده

أريدك إلهاً لا يبرر الخطأ بالخطأ
أو يصحح الخطأ بالخطأ
فيقتل غلاماً
لأن في خلقه بضع من شوائبه

أريدك إلهاً إذا أخطأ اعترف
و صحح بشفافية لا تعلوها حكمة المكر

أريدك إلهاً إذا انتفض غاضباً
..قتلته رحمته

أريدك إلهاً
لا تتفوق رحمة مخلوقه على رحمته
... ... ...
لا أريدك إلهاً يشبع الروح الكئيبة بكآبتها
..فترضى
لا أريدك إلهاً واعظاً في ميدان المعركة
بل أريدك إلهاً يستل حبه سيفاً لوقف المعاناة
لا إلهاً يلهو في فن النصيحة
و يترك الدماء تعبر عن خفايا يائسة,أليمة

أريدك إلهاً لا ير في الشفقة إلا تأنيبا للضمير
أريدك أن تكون إلهاً لعيدٍ,بلا ضحية
لا إلهاً نكون في عيده الضحية
ولكن.. أي معنى لعيدٍ بلا ضحية!!!؟؟؟...

لا أريدك إلهاً ماكراً
و لا عاجزاً
و لا كاملاً,و إن كان ..لا يتباه بكماله
و لا يحبّذ النقص
و لا أريد منك حكمة تخلو من الشوائب
و لكن ..لا أريد منك شوائب
تخبّر عن حكمة مجهولة,واهنة

أريدك ,إلهاً يحترم مبغضيه-
حين يأنّون تحت جنح الظلام

أريدك إلهاً يحب لعبته الحمراء
لا إلهاً بحبه يهشمها, و يأتي بأخرى

أريدك إلهاً يكره ذاته
حين تتلى صفاته-
على السامعين ا لعاجزين أمام ذواتهم

أريدك إلهاً يخرُّ ساجداً
أمام من تحمّل أثقال الأمانة

أريدك إلهاً خلاّقاً ..لا يخلو من الهدم-
كي لا أغالي بالمثاليات
و لا أريدك إلهاً ينضح منه عالم المثل
بل أريدك إلهاً إن نضح بها
فلتكن في ملكوت الشعر
و إن مات شعره
فلتبقى سجينة في كوة التأمل

أريدك إلهاً يجهل فلسفة المبادئ
ليدنو منه أبسط ساذجٍ أودعه الحياة

أريدك إلهاً يبتسم أمام فضولي و تساؤلاتي
..وحتى كفري
و لا يجتزئ مني عود ثقاب .
أريدك إلهاً يراني غاية لا وسيلة

أريدك إلهاً لا يبحث عن ذاته فينا
بل إلهاً يرى ذاته الحرة فينا

أريدك ألهاً يكره عابديه لتملقهم في عباداتهم له
و يكره ذاته على هذه العبادة

أريدك إلهاً لأغنية حب
لا إلهاً لرغبات مكبوتة
أريدك إلهاً لا يحمل شعار المحنة المباركة
..ليمتدح آلامي
و لا أريدك إلهاً يهب في النور
و إذا حل الظلام
سرق و أعلن براءته

أريدك إلهاً إذا متُّ في عينيه مرة
كان في كل ميتة
ألف قيامة أحيا بها معه ..و ليس به
أريدك إلهاً خطّاء
أستلهم من خطيئته أغنية جديدة
لميناء عذريته
لأكون بحاراً يبتلعه موجه و لا يغرقني
و لا يرمني عارياً كيونس
لأكون علقة
خصوبتها أعباءه
لأستنفذ كل ما يكمن في صدري
من كفر و محبة
وهمجية الولادة ..و أطوف بها معه

لا أريدك إلهاً ينشطر في اللحظة ألف مرة
حتى لا تدركه الأبصار
أريدك إلهاً يمنح الكل
لا إلهاً يهب الجزء
و إذا سُأل قال:
(احمدوني فلم آخذ الكل)

أريدك إلهاً راعٍ لجنته
لا إلهاً حارساً على بوابات الجحيم

أريدك إلهاً يلهو مع طيبة السكارى
لا إلهاً يشارك خبث المتعلمين

أريدك وردة بيضاء تقلّمت أشواكها
لكن لا تخلو من سر غواية-
طرحتها وردة حمراء

أريدك إلهاً ينشرح صدره لرفضي
و لا يعاقب تمرد عقلي
و لا يبقى خامداً في عمق أعماق الوجود

أريدك إلهاً خلاقاً لا يمده شعوره بالزهو
..و نرجسية الفنان

أريدك إلهاً لا يُتلا كتابه مرثية -
للأحزان و الترهيب
أريدك إلهاً يلهو بين أحضاني
لا إلهاً أتعثر على عتبات هياكله
و لا أريدك إلهاً يصنع الشعر من آلامي
بل إلهاً يشعر من مرحي
و لو كان (تافهاً)مرحي
لأن المهم أنا الإنسان
ليس هذا الأنا العابد فقط

أريدك إلهاً يكره مدحي و تزلفي
و يحترم رفضي و نقدي

أريدك إلهاً يشرب الخمر معي
لا إلهاً يشرب دمي و دمعي خمراً

أريدك إلهاً راعياً لخرافي الضالة
لا ذئبا ينتظر المغيب

أريدك و جل ما أريدك
إلهاً إذا تشيطن ,كان في شيطنته
براءة الأطفال
وشغف الصبا
و رحمة العجائز لا يأسهن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي