الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقرة وصناعة العنف

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2011 / 12 / 30
السياسة والعلاقات الدولية


إن الهجوم التي شنتها الطائرات التركية على المدنيين الكورد في شرنخ الكوردية تضع الوعود والاصلاح الديمقراطي امام اختبار صعب، بل وتضع المشاريع التي تدعو اليها العدالة والتنمية محل التساؤل حول مصداقيتها بالنسبة للكورد الذين عانوا الكثير من التهميش والبطش على ايدي اجهزة البطش والعسكر الاتاتوركي، ففي الوقت التي تحاول الكورد نيل حقوقهم السياسية والمدنية عن طريق الوسائل الديمقراطية والتمثيل البرلماني تضع الحكومة التركية الكثير من المعوقات تحت مسميات لم تعد تغني عن الحق شيئا، فبدلا من إثبات حسن النوايا حول المشروع الديمقراطي في تركيا، وإعادة صياغة دستور مدني نرى التوجه العكسي من قبل المؤسسة العسكرية في تعاملها مع الكورد، فالتنمية السياسية وتحقيق مشروع 2023 للعدالة والتنمية لا يتحقق في ظل الانتهاك الواضح لحقوق ثاني اكبر قومية في تركيا، بل وتضع من جديد الملف الكوردي في راس قائمة المعوقات امام ديمقراطية تركيا ونهضتها الاقتصادية، إن الاستمرار في إطلاق الشعارات و الكلمات المعسولة من قبل القيادات المدنية التركية لم تعد تجني نفعا، وان العنف المستمر من قبل العسكر سوف يرسخ عقلية العنف المضاد ويضع الشباب الكوردي امام خيار المقاومة المسلحة، وهذا ما لا يرجوه العقلاء في كلا الجانبين.
والتساؤل هنا، هل من الممكن ان تخطا القيادات العسكرية ولا تفرق بين المدنيين وقوات العمال الكوردستاني؟ وهل من المقنع اخبار الرأي العام العالمي على ان ما حادث في شرنخ كانت نتيجة خطا عسكري في ظل التطور العسكري للقوات التركية واستخدام طائرات ال F16 ؟
ولمعالجة القضية المطروحة والتساؤل البدائي حول خلفية تلك العملية لابد من ربط الاحداث والمعطيات السياسية التي تحدث في انقرة بالعوامل التي تفرز مثل تلك الاحداث، فالحدث تعبر عن حالتين:
الاولى: استمرارية غطرسة المؤسسة العسكرية، وتوجه سياسة القوة المرنة التي اعلنتها العدالة والتنمية نحو مستقبل مجهول، بل وتثبت للمتابع والمشاهد بان القوة ما تزال تشكل الاولوية في سلم الخيارات التي يتبعها انقرة، إن الكورد في تركيا اليوم يعانون من اثار حرب خفي بين المؤسسة العسكرية التي تحاول إعادة اثرها في المجتمع التركي وبين توجهات الحكومة التي تظهر للرأي العام التركي على انها القوة الوحيدة التي تصان كرامة ووحدة تركيا.
والثانية: ترتبط بالتطورات الحاصلة في المنطقة العربية وخوف تركيا من استغلال الكورد لورقة الربيع العربي ومحاولة قيام الربيع الكوردي التي سوف تهدد وحدة تركيا وتضرب المصالح الحيوية لأنقرة، إن انقره حاولت منذ الايام الاولى من الثورات الاستفادة القصوة منها ومحاولة تعبئة الجماهير العربية نحو التجربة التركية كونها الاولى في العالم الاسلامي من حيث التزاوج بين الاسلام والمدنية الحديثة. إلا ان الحالة السورية قد اثرت سلبا على السياسة التركية وذلك بسبب القلق التركي من الاكراد في سوريا، ومحاولة استخدام نظام بشار للورقة الكوردية في التعامل مع الموقف التركي تجاه ثورة الشعب السوري.
إن ادارة السياسة بحالة الانفعال لا تثمر في اي بلد، ولا بد من الاعتراف بالحقائق التاريخية والدينية للشعوب القاطنة في الشرق الاوسط ومحاولة الحصول على تأيد الشارع من خلال ادارة السياسة العقلانية، اخيرا لابد من القول بان مثل هذه الممارسات سوف تضع تركيا امام خياريين احلاهما مر، إما انهيار وحدة الصف التركي وهذا ما لا يقبله منطق العقل في السياسة التركية، أو حدوث الربيع الكوردي وهذا بحد داته تهديد احمر حول المبادى التي قامت على اساسها الجمهورية التركية.
واخيرا لابد من القول بان الخطواط العملية من قبل العدالة والتنمية في معاقبة المسؤولين عن مجزرة شرنخ ستكون المقياس الاساسي حول مصداقية الوعود التي يتبناها العدالة والتنمية، لان احترام حقوق الانسان وكرامته تعد المقياس الاساسي في المقارنة بين الانظمة المدنية وغير المدنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م