الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أريد أن أنتخب

محيي هادي

2004 / 12 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


و طاعة من إليه الأمر فالزم أريد أن أنتخب
و إن جاروا و كانوا مسلمينا

كلمات قالها الشاعر الطائفي الأندلسي محمد بن عمّار الكلاعي المَـيُورقي لتؤكد لنا المَـثـَل و "المُثُل" التي وصل إليها مجتمعنا الإسلامي، و العربي خاصة، الذي كان منكوبا بحكامه الطغاة و الذي لا يزال مستمرا في نكبته ليومنا هذا.

لقد اتّخذتُ كلمات الكلاعي مثالا و لم يكن هذا الشاعر فريدا في موقفه بل هو واحد من كثيرين يفكرون هذا التفكير، و بعودة و بمطالعة بسيطة إلى كتب التاريخ سيتبين لنا مدى الإذلال الذي تعرض له مجتمعنا الذي تطغي عليه أفكار الإجبار و الغصب و إطاعة أولي الأمر مهما كانوا: طغاة مجرمون، حثالة، لصوص، و مهما كانت الطريقة التي سيطروا بها على الحكم: بالتعيين، بالمؤامرات، أو وضع رقاب أبنائنا تحت سيوف غدرهم. هؤلاء هم أولي الأمر الذي أراد الكلاعي و أمثاله أن نطيعهم.

و على مثل هذا الطريق، طريق الخضوع للطغيان و الجور، تُجبر شعوب منطقتنا السير و هي تتعثر برؤوس أبنائها المفصولة عن أجسادها.

كم من مرة يكرر الطغاة من أن المجتمع الإسلامي هو مجتمع ديمقراطي، و لكن عندما نراهم اليوم أو نبحث بين صفحات التاريخ عن ديمقراطيتهم الماضية فإننا لا نجد فيها إلاّ الإجبار على قبول الحاكم، فالسيف فوق الرأس، و الرقبة تتعرض للقطع، منذ يوم السقيفة و إلى يومنا هذا، منذ يوم تعيين أبي بكر الذي قال عن كرسي حكمه أنه قميص قمصَّه الله به، و إلى جلوس صدام الدموي على كرسي الحكم الذي دشَّنه بقتل رفاق حزبه و حزِّ رقاب العراقيين و تسميمهم بغازات سامة، و إلى تسلم بشار الأسد للحكم السوري بواسطة تغيير الدستور بعشر ثوان، و إلى الملك عبد الله الذي نُصِّب ملكا رغما على الدستور الملكي الأردني و على الشعب الأردني، و إلى الرئيس المصري الذي انتخبته الأموات من تحت مقابرها، و إلى غيرهم من الحكام الذين استلموا مقاليد الحكم بهذه الطريقة أو تلك، و احتكروا الحكم، لا بل و بدّلوا أسماء الدول فأصبحت تسمى بأسمائهم، فيهود الأصل -أنظر تاريخ آل سعود لناصر سعيد- من آل سعود أصبحت لهم دولة سموها بالسعودية، و مشبوهو الجذر في الأردن -أنظر تاريخ العراق الحديث لعلي الوردي- كوّنوا إمارة ثم مملكة في الأردن أطلقوا عليها اسم المملكة الأردنية الهاشمية، فأساءوا بذلك إلى الأردن و الى اسم هاشم.

اليوم لنا أمل.

لنا أمل باليوم الثلاثين من شهر كانون الثاني من العام القادم، 2005، إذ سيكون يوما جديدا و مضيئا على أرض وطننا، سيكون في إمكان أبناء شعبنا العراقي اختيار و انتخاب من يريدون أن يمثلهم لتسيير دفة الحكم في بلادنا. إن هذه الإنتخابات ستكون معيارا للوطنية، لكل من يريد أن يحقق الإستقرار و السلام في العراق، و لكل من يريد تطور و تقدم بلدنا، و لكل من يريد الخير لهذا البلد الذي يخربه الحاسدون و يُفجِّره الحاقدون و يدمره الجائرون.
إن الوقوف في الوقت الحاضر مع تأجيل الإنتخابات هو دعم مباشر، بوعي أم بدون وعي، للإرهابيين من أعراب النفاق و لبقايا حثالة البعثيين الدمويين، و مهما كان حُسن النية و الطيبة و الوطنية عند أولئك العراقيين الذين يطالبون بتأجيل الانتخابات فإن المطالبة بهذا التأجيل في هذا الوقت هو موقف يُفيد أعداء الوطن و يُعطي أجنحة للقتلة و قطاع الرؤوس من الوهابيين و المجرمين الآخرين.

إن السماء لا تمطر على مزاج الكل و لن يفرح بالمطر الجميع، و لكن كل من يريد الخير للناس فإنه يحب المطر لأنه ضروري. و هكذا فالانتخابات حالتها حالة المطر، قد لا تُعجب البعض من الطيبين لكنها ضرورية للوطن و خاصة في هذا الوقت، و يمكن إيجاد حالة توازن يتفق عليها الذين يحبون العراق و يريدون الازدهار و الخير له.

لقد مرت على العراق منذ نشأته في بداية القرن الماضي، عقود و عقود، يتحكم به أفراد لم ينتخبهم الشعب و منهم من لم يكن عراقيا فوُضع على كرسي الحكم رغم أنف الشعب. لقد مرّت بالعراق فترات ظُلمٍ و ظلام إلا انه لم تمر به فترة أحلك و أظلم من الفترة التي حكمه فيها الحزب البعثي الشوفيني و خاصة في المدة التي خلالها صعد إلى الحكم جرذ العوجة المجرم صدام، ففي هذه الفترة لم يكن الحكم حزبيا فقط بل تحول إلى حكما فرديا استبدادبا و دموياً و تربَّع على عرش الحكم شخصا غير معروف الأب، من أخس خلق الله يحكم و يقطع و يُثرِّم بأجساد العراقيين. و صفق له المرتزقة من دعاة الخضوع و الخنوع لأولي الأمر الجائرين.

نريد اليوم أن يكون لعراقنا مستقبلا جيدا و ناصعا نتفاخر به أمام الجميع، فلا اضطهاد و لا إرهاب و لا قسر و لا إجبار، و لن يكون ذلك ممكنا إلا بواسطة الإنتخابات، فالانتخابات هي الطريق لتحقيق حكم الشعب بنفسه و لصالحه. و لا يمكننا أن ننسى دموية ماضينا إلا بسلام حاضرنا و استقراره، و لن يتم هذا إلاّ على أيدي ممثلين لنا ننتخبهم بأنفسنا، ممثلين يمثلون جميع أطياف الشعب العراقي، بكافة قومياته، صغيرة كانت أم كبيرة، و بكافة معتقداته، مسلمة أو غير مسلمة، دينية أم غير دينية، و لن تنفع محاولة إرجاع شعبنا و أرضنا إلى الوراء، إلى حظيرة السلف الطالح، و إلى مفاهيم عفا عليها الزمن و شرب و أكل، فلكل مرحلة تاريخية رجالها و لكل زمن قوانينه.

بالانتخابات سندفن أفكار التسلط و الطغيان، و سنلغي أفكار الاحتكار بالسلطة، وسيصبح شعبنا واعيا، و سيترك الجري وراء الحاكم الجائر ملاحَقاً بكلاب حاقدة تجبره على أن يقول كالخِراف: بـ ـ ـاء بـ ـ ـاء، كما نراه اليوم في معظم الشعوب الإسلامية، و خاصة العربية منها، نراها و هي تُساق إلى حظيرة جور "أولي الأمر".

محيي هادي-أسبانيا
كانون الأول/2004
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت