الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عام .. وفشل حكومتنا بخير

رحمن خضير عباس

2011 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



ها نحن نودع عاما استثتاءا . سيغادرنا بشموخ , ممتلئا و حافلا بالأحداث الكبيرة , انه عام الربيع العربي بامتياز . هذا العام الذي شهد يقظة الشعوب وهي تنفض غبار النسيان وتطيح بعروش مزيفة جثمت لعقود على صدور شعوبها , مستخدمة كل انواع التنكيل والقهر . لقد تساقطت تلك الأنظمة كحبات الدومينو , لأنها كانت تمتلك كل مقومات سقوطها . وبغض النظر عن طبيعة النتائج التي اختلفت من بلد الى آخر . لكنها اجمعت على رفض التسلط والدكتاتورية والأستهانة بالشعوب . فلأول مرة تقول الجماهير كفى.. بصوت عال . ولأول مرة تنكشف اسرار وفضائح الأنظمة التي جاءت لتبقى الى الأبد .
وفي الوقت التي تحاول الشعوب احراز المكاسب للتخلص من الفساد والدكتاتورية في مخاضها العسير , فإن حكومة المنطقة الخضراء ببغداد تسبح بعكس التيار الديمقراطي . وهي معذورة في انتهاج هذا السلوك لأنها لم تكتو او تساهم في الأطاحة بالنظام الدكتاتوري . لقد تسربت من خلال غبار الغزو الأمريكي , فحصدت هذه المكاسب دون ان تقدم ثمنا لذالك , ساعية الى تهميش الشعب العراقي الذي كان ضحية لأخطاء وجرائم الحقبة الصدامية , وما عاناه من حروب وحصار وتجويع , ثم يأتي الغزو الأمريكي الذي هشم البنية الأساسية للدولة العراقية ولكيانها الجغرافي والتاريخي والأجتماعي , متذرعا بالأطاحة بالنظام الصدامي . فالحكومة ولدت وهي مشوّهة ولكن في فمها ملعقة ذهبية , لعقت منها كل حليب الطائفية والمحاصصة والمنافع الضيّقة , متكئة على احقاد تأريخية (مذهبية ) لاعلاقة لها ببناء المجتمع وتأسيس الدولة ومن ثم انتشالها من ركام مآسي الحروب ومخلفات الغزو وتركات الدكتاتورية .
منذ مجيء السيد نوري المالكي وهو يسعى الى بناء وتأسيس نهجا طائفيا, متناسيا أنه يمثل العراق بكل اطيافه المذهبية والأثنية والدينية . وقد سعى الى احتكار السلطات الأمنية ووزارات الدفاع والداخلية وقيادة القوات المسلحة . ولو كان هذا الأحتكار قد ادّى الى فرض الأمن والقضاء على الأرهاب , لقلنا : دعوا الرجل يفرض هيبة الدولة حتى على حساب ثوابت الديمقراطية . ولكن الحقيقة الموجعة أن الوضع الأمني قد تدهورفي هذا العام تدهورا مريعا . في ظل مخاوف حقيقية من انحدار البلد الى حرب اهلية تغذّيها دول الجوار التي منحناها –بكرم حاتمي- مفتاح بغداد . كما ان المالكي أدار ظهر المجن للعملية الديمقراطية التي اوصلته الى السلطة , فالتف على نتائج الأنتخابات , ورفض التبادل السلمي للسلطة –ذلك التبادل الذي انتظره الشعب العراقي عقودا- . وقد استخدم القضاء المسيّس للوصول الى غاياته , مما جعل البلد يئنُ من مشكلات حقيقية , تبدأ بالأمن وتنتهي بالبطاقة التموينية , مرورا بتفشي الفساد والمحسوبية والتهميش وانعدام الخدمات .. والقائمة تطول .
لقد كان هذا العام هو عام الأنسحاب الأمريكي. وبدلا من ان تكون الحكومة في مستوى المسؤولية , فانها فتحت بابا للأحتراب , والتأليب الطائفي وفتح الملفات التي أغمضت عينيها عنها في وقت سابق . لقد اختطفت حكومتنا القضاء , وجعلته معلقا وفق رغباتها . ثم بدأت بإثارة النعرات الطائفية . من خلال اعترافات , بُثت بشكل مباشر , وخلقت نوعا من التخندق الطائفي –مظاهرات الناصرية من ناحية ومظاهرات صلاح الدين من ناحية اخرى- وكأننا نعود وبقوة الى المربع الأول .
لقد كان هذا العام هو عام الربيع العراقي الذي شلته السلطة . حيث لجأ الناس الى ساحة التحرير للمطالبة بالخدمات. والشكوى من الفساد ورفض المظاهر السلبية لأجهزة الدولة . ولكن هذه المظاهرات السلمية . جوبهت بوحشية كبيرة رافقها الأعتقالات والتعذيب وقتل بعض الناشطين ومنهم الشهيد هادي المهدي . لقد مرّغوا الديمقراطية بوحل عنفهم , تلك الديمقراطية التي اوصلتهم الى المنطقة الخضراء .لكنهم حينما احسوا بالخطر على مناصبهم وامتيازاتهم , علقوا جسد الديمقراطية على رماح خوفهم من الجماهير , وتخندقوا للدفاع عن منافعهم .
سنحتفل بوداع عام 2011 وحكومتنا مازالت في طور المراهقة السياسية , ولن تصل الى سن الرشد . فالفساد يستشري في كل مفاصل المجتمع , والأمن يتدهور بشكل ملفت , والفقراء يزدادون فقرا بينما يحصد السياسيون اموالا اسطورية . سنحتفل والصراع السياسي يأخذ منحى غير سياسي .. سنحتفل وجميع الفرقاء لايمتلكون مشروعا لإنقاذ ما يمكن انقاذه .. سنحتفل في ظل ترهل وظيفي هائل , يبدا من نواب رئيس الجمهورية الذين لا يمارسون اي عمل الى الموظف الذي يتلقى راتبا لقاء ابقاء موبايل المراجعين .. سنحتفل لأننا من اكثر المجتمعات استخداما للشعائر الدينية .. سنحتفل لأننا مجتمع يعيش على الأستيراد من الطماطة الى الطائرات .. سنحتفل .. سنحتفل وكل عام والحكومة بخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
ياسر كاظم المعموري ( 2011 / 12 / 31 - 18:03 )
صح لسانك

اخر الافلام

.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي


.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي




.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف حرب إسرائيل على


.. ما الذي حققته زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية في مفاوضات وق




.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب