الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البلاد عندما يحكمها القتلة!

كوهر يوحنان عوديش

2011 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الازمة السياسية، القضائية، الطائفية، المذهبية باختلاف اسمائها التي تعصف بالعراق وتضعه على حافة حرب اهلية او بالاحرى حرب جماعات تدمر ما بقى من العراق وتهدم العملية السياسية الهشة بكل ما فيها من تناقضات وشوائب وعمليات نهب وسلب وقتل وانتهازية في التعامل مع المصلحة العامة، ليست الاولى في تاريخ العراق الجديد ولن تكون الاخيرة في بلد مستند على قوائم الطائفية وتحكمه قوانين الاغلبية وتفرض على اكثريته اراء الاقلية ( اقصد اراء الاشخاص او الاحزاب المسيطرة على دفة الحكم ولا اقصد الطوائف والمذاهب، لانني ضد مبدأ الاقلية والاكثرية اي كانت النسبة لان الوطن للجميع والدين لله والضمير هو الذي يحكم وعلى اساسه يحاسب الانسان في الاخرة )، والذي حدث ولا يزال يحدث من مثل هذه الامور هو امر متوقع في بلد مثل العراق يفتقر الى ساسة وطنيين!!! ومخلصين وحكام نزيهين، اضافة الى البذرة القذرة التي زرعها المحتل الامريكي منذ اول يوم لاحتلاله الوطن ورعاها افضل رعاية على مدى السنوات الماضية لتصبح عملاقا يستحيل قلعه من التربة العراقية مهما مضى من زمن، وهذه البذرة التي وافق الساسة الجدد ( سياسيو 2003 وما بعده ) او بالاحرى احتفلوا لزراعتها في العراق، لانها كانت مصدر ثرائهم ووسيلة لتبوئهم المناصب ونيل الاحترام، كانت بذرة الطائفية ومبدأ الاكثرية والاقلية التي على اساسها شكلت حكومات ما بعد الاحتلال وصيغ الدستور وصوت عليه، اي ان مستقبل العراق وامنه وازدهاره مرهون ومرتبط باتفاق رؤوساء الاحزاب الطائفية واختلافهم، واي تعكير لمزاج احد هؤلاء يعني اشتعال الوطن واحتراقه بكل ما فيه من نفوس واموال ( بصراحة نحن العراقيين بحاجة الى الفانوس السحري ومارده لارضاء كل هؤلاء الساسة واقناعهم للاحتكام الى العقل والعمل من اجل الشعب والوطن بدلا من تحميله المزيد من الدمار والعذاب من اجل كرسي او منصب زائل او حفنة من المال الحرام الذي يطيب لهؤلاء المسؤولين التلذذ به ).
الازمة الراهنة التي نشبت بين رئيس الوزراء ( نوري المالكي ) ونائب رئيس الجمهورية ( طارق الهاشمي ) ليست جديدة على العراقيين لانهم يعرفون جيدا ان الاتفاق على توزيع المناصب حسب الانتماء الحزبي والطائفي والمذهبي والقومي ان ادى الى شيء فانما يؤدي الى التناحر السياسي اولاً، ويؤدي الى عدم تأدية هؤلاء لعملهم بصورة نزيهة ثانياً، وبالتالي يؤدي الى اغتنام الفرصة خلال المدة التي يتبوءون فيها مناصبهم للاثراء الشخصي ونهب ما يمكن من اموال الدولة وفرض المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، اضافة الى هذا كله فان العملية السياسية المبنية على المحاصصة تفلت المجرم من العقاب وتخلصه وذلك بالاعتماد على الكتلة الطائفية التي ينتمي اليها لان اي محاسبة للمسؤول التابع للكتلة الفلانية يقابله فتح ملفات المسؤول الاخر المنتمي الى الكتلة المقابلة وهكذا يجري التوافق بين الكتل ويستمر مسلسل النهب والسرقة والتدمير لعراقنا الديمقراطي. الجديد في هذه القضية التي اعتبرها رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي قضائية بحتة فيما اعتبرها معارضوه بداية لتصفية المعارضة وتثبيت دكتاتورية جديدة، انها نشبت بين شخصيتين كبيرتين بهذا الحجم ( رئيس الوزراء من جهة ونائب رئيس الجمهورية من جهة اخرى )، وانها تزامنت مع الانسحاب الامريكي من العراق، واتخاذها صورة العلنية حيث برزت الى العلن بصورة مفاجئة مرفقة بتصريحات حادة وتهديدية الى من يحمي طارق الهاشمي الذي لا زال مقيما في اقليم كردستان او يساعده على الهرب، ما يدل على ان القضية اكبر مما يتصوره البعض وانها من الصعب ان تحل سياسيا او توافقيا كما حدث مع القضايا والازمات السابقة، وهي اضافة الى ذلك مؤشر خطير الى عدم الاستقرار في العراق بعد الانسحاب الامريكي.
من المؤكد ان رئيس الوزراء سينال رضا وبركة الشعب العراقي باكمله دون استثناء اذا كان هو بعمله هذا يريد تثبيت القانون واحترام استقلاليته ومعاقبة المجرم ايا كان منصبه، لكن يعلم الكثير من ابناء هذا الشعب، ان لم نقل الاغلبية، ان التصريح او الاعلان او التأكيد على ان هذه الاتهامات او الحقائق التي تم كشفها الان هي اثر التحقيقات القضائية ولا شأن للسياسة بذلك هو امر مشكوك فيه ومخالف للواقع، فلو افترضنا جزافا ان القضاء مستقل لا سلطان عليه غير القانون كما جاء في الدستور العراقي، فهل للسادة المسؤولين حماة القانون ورافعي راية استقلاليته ان يشرحوا ويعلنوا للشعب كيفية اختيار اعضاء السلطة القضائية الاتحادية، من مجلس القضاء الاعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ومحكمة التمييز الاتحادية، وجهاز الادعاء العام، وهيئة الاشراف القضائي، والمحاكم الاتحادية الاخرى، هل هو على اساس الخبرة والنزاهة والشفافية في التعامل مع القضايا القانونية، ام على اساس الانتماء الطائفي والحزبي والقومي؟ والسؤال الذي يعقبه هو لماذا لم يتعامل القضاء مع قضايا الفساد وعمليات التصفية الجماعية التي تعرضت لها مكونات الشعب العراقي من الاقليات وامام انظار الحكومة واجهزتها الامنية مثلما تعامل مع قضية الهاشمي؟ تثبت المؤشرات والدلائل والوقائع على ان الكثير من المسؤولين الكبار والاطراف المشاركة في الحكم كان لها دور في ترحيل الاقليات المسالمة من المحافظات الجنوبية، واكتشفت ايضا الاف المرات صفقات مشبوهة او وهمية لوزراء او مسؤولين كبار تقدر بمليارات الدولارات، وغيرها من الاعمال غير المشروعة واللاقانونية وتم التغاضي عن كل ذلك في صفقات واتفاقيات مخفية او مقابل التغاضي عن خروقات الطرف المقابل وعدم فضحه، واضافة الى ذلك كان البعض من هؤلاء في حماية رئيس الوزراء نفسه!!! الم يكن لدينا قضاء في ذلك الوقت؟ ام ان القضاة كانوا عميان ولم يباشروا بمهامهم لانهم لم يتلقوا الامر بذلك؟
استقلالية القضاء هو لتمويه الشعب وخداعه داخليا، وللتظاهر به خارجيا امام انظار المجتمع الدولي، فاذا كان ما يقوله السيد رئيس الوزراء من ان قضية طارق الهاشمي هي قضية تتعلق بالارهاب وبالدم العراقي وان القضاء وحده له السلطة في مناقشة القضية واصدار الامر بتبرئة الهاشمي او اثبات التهمة عليه ومن ثم معاقبته وفق القانون، فنحن مع ذلك ونبارك عمله ونقول الف نعم لتطبيق القانون على المفسدين والارهابيين وغيرهم ممن يريدون لشعبنا ووطننا الشر والدمار، اما اذا كانت قضية اتهام الهاشمي بالارهاب بداية لتصفية الخصوم السياسيين وتكريس الدكتاتورية الفردية وتقديس الحزب القائد واخضاع المقابل والتعامل مع كافة القضايا بفكر فردي فنقول للسيد المالكي ومن يفكر بطريقته لا والف لا لاحياء هذا الفكر المقيت وانمائه.
اخر الكلام:- لا خير في بلد تقوده الميليشيات ويطبق قانونه قادة احزاب ويحكمه قتلة وسراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح