الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد الصمت

سعيد رمضان على

2011 / 12 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مدخل :-

إنجازات الثورة المصرية عديدة ، فإسقاط الديكتاتورية، وانبثاق الأمل في تعددية ديمقراطية ، تؤدي إلى نهضة مصرية ، ومساواة وعدل اجتماعي ، كان أهم دوافع الثورة .
لكن المنجز الظاهر والهام فيها هو كشفها عن ثقافة جديدة يحمل لواءها مثقفون جدد ، عملوا خارج السلطة والمؤسسات الرسمية .. وتحرروا من كل أشكال السلطة .. ابتداء من ديكتاتورية النشر ورقابته الصارمة في زمن ديكتاتوري وحتى التحرر من رأس السلطة وهو الديكتاتور المسيطر على رأس النظام .
المثقفون الجدد حملوا بداخلهم ثورة ، أبعدتهم عن النسق الثقافي القديم .. فالنسق القديم تعوّد على سلطة ، وكيف نفسه للتعامل معها .. والقلة الرافضة أثناء الحكم الديكتاتوري ، رفضت ضمن شروط معينة ، تحمل لواء التمرد الفردي وليس الثورة بمعناها الفعلي .
حاملين لواء الثقافة الجديد ة ، حطموا إستراتيجية الرعب التي كان يستعملها النظام القديم ضد خصومه .. وكان استعمال النت من خلال شبكات مثل الفيسبوك وتويتر، في التواصل والتنسيق هو ثورة ضد الأنظمة الرقابية .. وثورة على الحدود بين الدول .. ثورة تواصل وثورة معلومات .. وبناء علاقات خارج الأطر التقليدية والتعسفية الصارمة ..


تعريف المثقف :

عندما نتكلم عن المثقف فنحن نتكلم عن الثورة .. أو هكذا المفترض أن يكون .. المثقف الحقيقي وحده يجدد ويرفض ويتمرد ويثور .. وهو وحده لا ينتظر ثورة حتى يتحرك .. لأنه هو الذي يشعل فتيل الثورة .. يقود ويتقدم الصفوف.. في مواجهة النار معرضاً نفسه للموت والاعتقال والقهر في سبيل الحرية والديمقراطية .. باحثا عن الحق والعدل .
وبهذا فالمثقف يختلف عن تلك الصورة التقليدية المرسومة له بأنه رجل متعلم يعرف أوضاع مجتمعه .. لكن حقيقة الحال أن أي رجل متعلم مستوعب لثقافات عصره وأوضاع مجتمعه , ويكتفي بذلك لا يعنى كونه مثقفا , ويمكن أن نطلق عليه مجرد شخص متعلم أو مثقف مزيف .. لأنه لا فائدة من اكتساب معارف وأفكار دون صهرها من أجل عالم الغد .. وعالم الغد يعني تجديداً وتغيراً .. فالمثقف الحقيقي يجمع بين التمرد والثورة بشكل دائم .. على اعتبار أن التمرد هو مرحلة رفض متكرر يؤهل لدخول المثقف مرحلة حالة الثورة ، أي الفعل من أجل التغير .. وما أن يتم التغير حتى تبدأ مرحلة جديدة من التمرد ثم الثورة .
فالمثقف الحقيقي لا يستكين أبدا .

حالة المثقف في مصر :-

يواجه المثقف في مصر تحديات معينة.. فهناك تحولات ثقافية لحقت بمصر في العقود الأخيرة ، فانتشرت مظاهر التدين الشعبي وانتشر الفكر الخرافي والغيبي ثم ، وهذا المهم بالنسبة للمثقف ، شيوع الفكر المتطرف تعبيراً عن رؤية محدودة للعالم تقوم أساساً على التحريم والتكفير وبروز الإرهاب ضد رجال الفكر والأدباء .
كما أن هناك تحديات في كيفية التفاعل مع التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي لحقت بالعالم وطالت مصر من جراء الاتفاقيات التجارية وحركة رأس المال .
كما يواجه المثقف تحديا جديدا أيضا في ذلك التغير الحادث الذي أحدثته الثورة وكيفية التفاعل معه ..
مواقف المثقفين المصريين :-

ندرة فقط من المثقفين المصريين من النسق القديم يتعامل مع الوسائط الجديدة وهم في تعاملهم معها يتعاملون بالطرق القديمة .. فالمقالات والقصص والدراسات والأفكار المنشورة ورقيا والتعليقات وكل الاعتراضات لاتصل لصاحب المقال ..
فالكل لامردود له ، وأي مردود هو بشكل محدود ينشر في صفحة داخلية مثلا وبعد فترة طويلة .
هذا النسق القديم تعامل مع الثقافة الجديدة بشكل قديم .. فالحوار منعدم ، والردود على التعليقات والأفكار المعترضة لا توجد ، ولو وجدت فبشكل محدود أيضا .. اتجاه النسق القديم هو نفسه اتجاه السلطة الديكتاتورية التي ترفض الحوار وترفض التعدد وترفض إفساح أي مجال لأفكار جديدة لتنغرس في التربة المصرية .
وقد كشفت الثورة عن زيف ثقافة بعض المثقفين ، فقد فاجأتهم الثورة ففزعوا لسقوط نظامهم القدري ، ثم هددتهم في مصالحهم المرتبطة بالنظام القديم .. هذا التهديد دفعهم للدفاع عن النظام البائد وكانت حجتهم أن المؤامرات الخارجية وراء زعزعة الاستقرار لتدمير مصر.. فليس هناك اعتراف بالثورة .
المثقفون المرتبطة مصالحهم بالسلطة ، ظلوا عقودا يعيشون في خانة المديح للنظام الذي مجدوه وعظموه ، قاطعين الصلة بالشعب وبالفئات المطحونة التي تئن كل يوم تحت نير العذاب .. ثم أنهم قطعوا أيضا أي تطور لذواتهم في عالم المعرفة .. وهذا الانقطاع دمر حريتهم .. تلك الحرية التي هي جوهرة المثقف الحقيقي وشعلة حياته التي تنير له الدروب .
وبعد سقوط النظام هاجموا من أسقطه .. فالثوار خونة .. والبحث عن أفق جديد هو زعزعة الأمن .. والديمقراطية فوضى ..
هناك مثقفون آخرون من النسق القديم المتمرد ، أشعلت الثورة روحهم فشاركوا بحس المسؤولية والرغبة في الحرية والعدل . وكانت ثم مقالات وأغاني وحوارات ومشاركات في المظاهرات ، تفجرت معبره عن دواخلهم المكبوتة والرغبة العميقة في الخلاص .. حتى أنهم تكتلوا ليهاجموا الإعلام القديم المنحاز للنظام البائد.. وهو إعلام كان آلة ضخمة للتزييف وتشويه الحقائق ومحاولة نزع أجمل ما في الإنسان وهو الرغبة في الحرية ..

المثقفون الجدد :-
خرج المثقفون الجدد من شرك التدجين ، والمقصود بذلك التخفيف من قدرتهم على الكفاح ، بهدف إبقائهم منشغلين في مهام يومية تافهة، دون طرح أي تحديات وتجاهل أي خطاب ، يدور حول الدفاع عن الضعفاء والفقراء والمشردين والمرضى الذين لايجدون علاجا , لأنهم لا يملكون ثمن القدرة على العلاج .
فممارسة التدجين تجرى في إطار الدفاع عن من يملك ضد من لا يملك وإنكار الطبقات الكادحة ، أي أن الممارسة السياسية تجرى لصالح طبقة معينة .. وهو ما كان يتم طوال عقود في ظل النظام البائد .
كما استطاع المثقفون الجدد تدمير سلطة الخوف والقهر .. فاستغلوا الوسائل التي تتخطى الرقابة التقليدية ، مثل شبكات التواصل والمواقع الالكترونية..
إن الخروج من شرك التدجين وسلطة الخوف والقهر ، لايتطلب قدراً كبيراً من العلم بل يتطلب قدراً كبيراً من الوعي .. فلا معنى لمعارف مكدسة في ذاكرة غير متوثبة وغير واعية بحركة الطبقات الاجتماعية .
أن قيمة المثقفين الجدد الحقيقية ، كمنت في البحث عن حريتهم من خلال مطلب التغير .. لكن التغير في الواقع يعنى الارتطام بكل ماهو راسخ وقدري في الذهن .
و ما كان قدرياً وراسخاً في الذهن هو أن النظام القديم لا يمكن تغيره وأن العدل لا يمكن إحلاله وأن الحرية نوع من الوهم ، مع سيطرة الفكر الخرافي والغيبي على الذهن ، وسيطرة ثقافة التخلف .. بمعنى أنه لا يمكن إلا أن نعيش على خيرات وتقدم واختراعات غيرنا من العالم الغربي .
ولا سبيل لأي تغير إلا بان يعاد بناء العالم من جديد ، بناءً كاملاً .. إن صرخة المثقفين الجدد ، هي المطالبة بعالم يعيش فيه الإنسان حراً بلا إكراه ولا تعسف عالم يحوى بداخله عدلا .. لكن الواقع القائم طوال عقود شل القدرة على التغيير .. لذا قامت الأزمة فكان الارتباط المحتوم بالثورة .
وعلينا أن نركز على نقطة هامة :
فهناك فرق بين النسق الثقافي القديم المتمرد والنسق الثقافي الجديد .. فالنسق القديم المتمرد تمرد أغلبه داخل الذات في عزلة لا يواجه فيها الواقع الفعلي وضرورياته .
بينما رفض المثقفون الجدد العزلة وواجهوا الواقع لانتشال الحرية والعدل من العدم.. لذا .. كانت الدعوة للثورة والقيام بها .
إن مطالب المثقفين الجدد الداخلية اتفقت مع المطالب الخارجية للمجتمع .. فالحرية والعدل والحياة بشكل كريم ، هو مطلب يكاد يكون شمولياً في المجتمع المصري .. لذا كانت الثورة .. لحل المشكلة بشكل دائم .
--------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟