الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات رمادية من الذاكرة..(ناوكليكان)..5

كاطع جواد

2011 / 12 / 31
سيرة ذاتية


صفحات رمادية من الذاكرة..(ناوكليكان)..5
كنت اعلم اين تقع قرية ناوكليكان كوني قد زرتها سابقاً كما اسلفت لكن مناظر كوردستان تختلف بين الفصول لأن زيارتي السابقه لها كانت صيفاً ,لكن في ا لشتاء تختلف عنها في الصيف كما اسلفت حيث الثلوج تغطي جوانب الطرقات وسفوح الجبال ,مما يشوش النقاط الدالة ,لذا استعنت بالسائق الكوردي الذي كنتُ معه في السيارة من أربيل الى كلاله فسألته عن ناوكليكان وأين تقع وكان سؤالي ذلك بعد ان اجتزنا سيطرة راوندوز الحكومية اذ كنت أعلم أنها تأتي بعد مدينة (راوندو)لكني غير عارف بمكانها بالتحديد فأجابني :لا تقلق سأوصلك الى ناوكليكان... ان الطرق الجبلية وخاصةً النقل الخاص يقوم به سواق الاجرة من الاخوة الاكراد وذلك لصعوبة مسالكها ,بعد ان وصولنا الى قرية ناوكليكان ترجلتُ من السيارة بعد توقفها وعندما وصلت الى مقرالحزب في "ناوكليكان "..رأيت اشخاصاً لم أشاهدهم سابقاً في زيارتي الأولى قبل عام اذ كان الوقت صيفا فد رأيتُ شبابا في نفس عمري, استقبلوني بتوجس وفرح في آن واحد اذ كان الزائر العربي هو عملة نادرة وله الف حساب في ذلك الوقت وكذلك مثير للريبة في اول الامر, سألتُ عن ابو سميرة او ابو جعفر لأني كنت اعرفهما سابقاً وكذلك سألتُ عن حسين وعباس الشخاصان اللذان كانا برفقتنا في أهوار الناصرية ..وبعد ان رحبوا بي (الرفاق ) طلبوا مني الدخول الى المقربسبب البرودة في الخارج و التي لم ار مثيل لها في الناصرية ,وخلال دخول الى المقر شاهدت الرفيق ابو سميرة فسلمت عليه اذا انه لا يتذكرني(اذ كنت قد شاهدته في زيارتي السابقهلناوكليكان)كان هو المسؤول الأول عن القاعدة ,لكنني استغربت الأمرلأن العدد والمكان قدتغيرا..عندها أجابني ابو سميرة لا تستغرب فقد حدثت أمورتطورات هامة ومؤلمة بنفس الوقت,وذلك ان القاعدة قد أًستهدفتْ من قبل الاجهزة الامنية الصدامية ..ثم اردف ابو سميرة :كان هو المتحدث الوحيد والجميع صامتاً ,هكذا كانت تدار الامور الحزبية لضروريات امنية وانضباطية ,قال :لقد أرسل الأمن لنا طرداً ناسفاً على شكل (علبة حلويات )وقد سلمها أحد السواق الى صاحب المقهى المجاور ليسلمها لأبو سميرة بدوره كان (كاكا قادر)هو صاحب المقهى وكان فضوليا أو ربما حسب تحليل ابو سميرة كان يتجسس على المقر لجهة كوردية .فقد قام بفتح العلبة وانفجرت عليه فقتل هو بالحال واصيب ثلاث او اكثر بجروح من بينهم ابنه (حسن)اذ فقد عينه, وفعلا شاهدت حسن بنفسي كما وصفوه...كانت السنة التي وصلت بها الى كوردستان سنة متميزة بسقوط كمية كبيرة من الثلوج مما ادى الى نفوق اعداد كبرة من مواشى القرية فقام ابو سميرة والذين معه بذبح الابقار قبل نفوقها وهكذا تمتعا بأكلات لا بأس بها من اللحم المحرومين من تذوقه رغم افتقارالحيوانات النافقه للكثير من اللحم و الشحم بسبب الجوع...في اليوم التالي حضر الى ناوكليكان كل من الرفيقين عباس وحسين من القرية التي اختاروها كمقر بديل لناوكليكان بعد حادث استهداف المقر وكانت القرية اسمها(جيزان )كانت جيزان تبعد مسافة ساعة ونصف سيراً على الاقدام من ناو كليكان, اما ناوكليكان فقد اختيرتْ كأستعلامات او مقراً متقدماً لا ستقبال الرفاق الجدد ونقطة انطلاق لمهام خارج كوردستان كونها تقع على الشارع المؤدي الى اربيل..بعد ان تعانقتُ مع عباس وحسين واخبارهم بما جرى معي بعد مغادرة عباس وعن كيفية وصولي الى هنا اخبروني ان اكتب ذلك بتقرير ويسلموه بدورهم للرفيق( ابو ليلى ) كان هذا لقب الرفيق المسؤول الأول في الحزب ,فقمت بكتابة التقريرثم اخذوه مني وتركاني.. بعد مضي يومين شعرتُ ان نفسيتي قد استقرتْ وانني مطمأن رغم ما اصابني من احباط وألم للأحداث التي مررتً بها لكن هذا هو النظال كما كنتُ أراه في وقتها, انه ليس طريقاً معبداُ بل هو كله نكسات وعثرات هذا ما احسستُ وشعرتُ واقتنعتُ نفسي حينها لأن الايديولجية تجعل الشخص يكون فكراًمسبقاً للامور دون تحليل منطقي اوانه احساس بالمتعه بما يعتقد به تماما... كما هوحال المتدين رغم الفارق بواقعية السياسي وخيال المتدين فالأدلجه تعط الشخص في اغلب الاحيان شعورا مريحا رغم كونه مزيفاً..خلال تواجدي في ناوكليكان جاء شخص من المقر الرئيسي اسمه الرفيق( سمير) وهو تعارفي الاول والذي كانت لديه مهمة هي (عمل خبز) في فرن مخصص للقاعد في قرية ناو كليكان ولأول مرة شاهدتُ فرناً قد بني بشكل جيد ومتقن ..اذ يقوم بعض الاشخاص بعملية الخبز كل حسب دوره ,شاركت ُسمير وبعض الرفاق بعمل الخبز بما استطيع ان اقوم به وبعد ان جمعنا كمية كبيرة من الخبز والتي حُملت على ظهر حما راً كانوا قد استأجروه من القرية رافقتُ سمير الى المكان الجديد والرئيسي (قرية جيزان ) بعد ان اخبرني الرفيق اب سميرة بأمر الذهاب مع سمير,لم استطع السير باستمرار لأن السير كان صعوداًمستمراً ودائماً وانا غير معتاد على هذا السير بالجبال مما يسبب لي ألماً شديداً في ظهري شعرتُ أن سمير قد تضايق لأني اسبب له التأخير لأنه كان يسير افضل مني ،اخبرني بان هذا الأمر يكون لأول مرة واني سوف اعتادواسير مثله في المستقبل ..وصلنا بضعف الوقت بسبب سيري البطيء الى قرية (جيزان)وهناك شاهدت الرفيق ابو محسن لأول مرة بعد ان غادرنا مع حسين كما اسلفتْ اثر تقرير كان قد كتبه جاسب ضده متمهاً اياه بالتجسسس!! ..كان قد غير اسمه الى ابو حسن اخذني ابو محسن بالاحضان ودموعه تنهمر على خديه بصمت ,كان ابو محسن يكبرني ب20 عاما وقد ترك خلفه عائلة من سبعة اطفال دون معيل ليس مثلي او مثل الاخرين شباباً لم يتركوا خلفهم الا آبائهم وأمهاتهم وهذا أمر سهل بالنسبة لهم اما ترك اطفالا وزوجة دون معيل امراً في غاية من الصعوبة, وعندما اخبرته بما حصل للرفيق الشهيد سعيد بجاي اخذ وما تركته خلفي من امور اجهل ما آلت اليه اخذ يبكي لما اصبنا من نكسة في اول الطريق.. لكنني لم أشاطر ابو محسن الحزن كون احساسي حينها بأن البكان هو استسلام لعدو وعلينا ان نتشبه بجبفارا اوكاسترو !! وان امر البكاء شيء مخجل للمناظلين فاستنكرتً ذلك على ابو محسن لقصور في ادراكي حينها ..ذهبنا الى المقر الرئيسي وكان يتكون من 3 غرف أحداها كبيرة مخصصة للأجتماعات والندوات والثانية للنوم والاخرى للرفيق المسؤو ل (ابو ليلى) شهادتُ في غرفة النوم اشخاصاً معزولين يقبعون في زاوية بعيدة عن الباب وهم جالسون لا يتحركون ولم يسمح لي بأن احيهم او احدثهم اخذني ابو محسن بعيداً واخبرني أن هؤلاء جواسيس سيتم اعدامهم او اخلائهم حسب قناعة القيادة!! اقتنعتُ بما سمعتُ من ابو محسن ومن الجميع خاصة عباس وحسين اللذان كانا معي في الاهوار..احسستُ بتعاطف مع هؤلاء الاشخاص داخل نفسي كون عملية القتل أمر مقزز ومرفوض خاصة لاشخاص لا حول لهم ولا قوة وان الأمر مشابه لما نتعرض له عند القاء القبض علينا من قبل البعث الفاشي .ولكن الأمر مختلف هنا قلتُ مع نفسي فنحنُ على حق وهم لا ,فقد بدى لي الامرطبيعياًوهم يستخقوا الموت لخيانتهم رغم عدم قناعتي باعماق نفسي كون النفس البشرية في اعماقها اذا كانت طبيعية لا ترضى بالظلم والأضطهاد حتى لاعدائهاالا اذا كانت شاذة او سادية كما هو حال المجرمين والسفاحين سواء كانوا حكاماً او اشخاصاً عادين هكذا كانت الافكار تتصارع داخل نفسي لكني كنتُ اخشى ان اصرح بأفكاري هذه لأقربْ الناس خشية ان أتهم بالتخاذل او التعاطف مع أعداء الحزب لكن الانسان الطبيعي يبقى قابعاً في اعماق النفس البشرية ويشده نحو الخير مهما كان لونه او فكره...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : شهادة طبيب • فرانس 24 / FRANCE 24


.. -يوروفيجن- في قلب التجاذبات حول غزة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا