الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأس رأس نتنياهو والأيادي أيادي المستوطنين

تميم منصور

2011 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



لا يمضي يوم إلا ويقوم بينيامين نتنياهو بالكشف عن الطبيعة العدوانية الجشعة لحكومته ولغالبية المجتمع الاسرائيلي، والسبب أن غالبية هذا المجتمع يغلب عليه الطبع والتطبع معاً، فهو لا ينسى الخلفية الدموية الشرسة التي تربى وقام عليها، لا ينسى أنه مثل القنفذ الصحرواي الذي يرفض أن يعانقه أحد، نتنياهو يستوحي سياسته من مجتمع متغطرس لا يشبع من غرز أنيابه في لحم الفلسطينيين، يسود في هذا المجتمع من هو أشدُ عنفاً والأكثر تطرفاً، هذا يدفع رئيس وزرائه نتنياهو للمزايده كل يوم على الجنرالات الذين لا ينظرون للعالم سوى من فوهات مدافعهم، كما أنه يزايد على الحاخامات الذين لا ينظرون إلا من خلال ثقوب أساطيرهم، لقد رفض هذا المزايد المتطرف إعتبار قطعان المستوطنين ارهابيين ومحاكمتهم امام القضاء العسكري ، رغم أنهم يعتدون باسم الدين على الحرمات ، يحرقون دور العبادة باسم العبادة ويدمرون مركبات الفلسطينيين باسم التوارة ،ويقطعون أشجار الزيتون تيمناً بيهودا همكابي وأبطال المتساداه، أما الطفل الفلسطيني فهو ارهابي إذا تطلع في وجه مستوطن جاء لقتله.

لقد زايد نتنياهو على المزايدين وأغلق أبواب السلام وقال لا للانسحاب من أي شبر من كل أرض عربية محتلة أو من القدس، الشعار الذي يوقظه من سكراته دائماً هو: لا للدولة الفلسطينية ولا لاتفاقية أوسلو، منذ تسلمه السلطة وهو يشحن بالمجتمع الاسرائيلي تطرفاً، يسكب البنزين فوق الأعصاب الملتهبة ويحاول أن يجعل من التوتر جزءاً من مركبات هواء الشرق الأوسط.

عندما أيقن نتنياهو بأن الفلسطينيين في طريقهم إلى الإتفاق خاصة بعد الإعلان عن انضمام حركتي الجهاد الاسلامي وحماس إلى منظمة التحرير، لسعته ذبابة كاكوب العنصرية والتطرف، فسارع للتهديد بأن حكومته سوف لا تفتح باباً من أبواب التفاوض مع حكومة فلسطينية تكون حركة حماس طرفاً فيها، سارع لضخ رذاذ هذه الإندفاعات والتصريحات المنحرفة والبعيدة عن روح العصر ، إنها مستوحاه من مواقف وثقافة ومبادىء الاستعمار الحديث الذي حمله الرجل الأبيض عندما وضع المبررات لغزو الهند وغزو القارة السوداء وجنوب شرق أسيا وغيرها، كما أنها تلتقي مع مدرسة الزعيم الصربي مولوفيتش الذي رفض منح الحرية لشعب البوسنة والهرسك وكوسوفو والجبل الأسود.

من الذي منع سيادة رئيس الوزراء نتنياهو من فتح أبواب التفاوض مع حكومة سلام فياض الفلسطينية التي انتظرته منذ أن اعتلى سدة الحكم؟؟ هذه الحكومة فتحاوية ولا يوجد فيها اي وزير يُحسب على حركة حماس.

ان تصريحات قادة حركة حماس بأن هذه الحركة سوف تغيّر نهجها في الكفاح لمقاومة الاحتلال من استخدام الأسلحة النارية إلى اعتماد الكفاح الجماهيري الشعبي البعيد عن العنف، هذه التصريحات لم تثنِ نتنياهو ومن حوله عن مواقفهم الرافضة للسلام العادل.

نتنياهو وحكومته ما هم إلا جزء من اجماع قيادي وشعبي سياسي واقتصادي وعسكري وقضائي، هذا الاجماع يقف وراء ممارسات غلاة المستوطنين وغلاة رجال الدين والأحزاب اليمينية المتطرفة، فالمستوطنون الذين يمارسون اعتداءاتهم اليومية ضد الفلسطينيين ما هم إلا قطعاً من لحم ودماء عناصر هذا الإجماع، هناك أعداد كبيرة من ضباط الجيش وجنوده يقفون وراءهم، هذا إلى جانب دعم القضاء العسكري وقطاعات من المهندسين والمقاولين المرتبطين بجيش الإحتلال، يبارك كل هؤلاء وزير الداخلية يشاي وحزبه المعروفين بعنصريتهم وتطرفهم.

حكومة نتنياهو التي تدعي وتتباكى على الديمقراطية تمارس حكماً فردياً لا مثيل له في العالم، حكماً يجمع ما بين الإحتلال والاستبداد ضد شعب آخر، من مظاهر هذه الدكتاتورية الإحتلالية اقامة مناطق يهودية عازلة داخل الضفة الغربية عن طريق المصادرة والإستيطان، من بين هذه المظاهر أيضاً مسؤولية القيادة السياسية والعسكرية عن دعم وارسال عصابات من اليهود الملثمين المدججين بالسلاح للاغارة في الليل والنهار على المدن والقرى الفلسطينية، لقد قامت هذه العصابات وباعتراف الفلسطينيين ب 569 غارة خلال شهر تشرين الثاني من سنة 2011 حسب ما ورد في صحيفة هآرتس في الأسبوع الماضي، هذا عدا عن الاعتقالات الشبه يومية التي تتم في وضح النهار، فقد اعتقل خلال الشهر المذكور 257 فلسطيني.

تجسدت ديكتاتورية الإحتلال بإقامة 758 حاجزاً عسكرياً طائراً خلال الشهر ذاته، كما منع الفلسطينيون من بناء أية منشأة على مساحة 60% من أراضي الضفة الغربية، كل يوم يفقس من بطن الاحتلال قوانين جديدة، جميعها تلتقي أمام هدف واحد وهو: إيجاد شتى السبل لنهب أراضي الفلسطينيين وطردهم من أملاكهم وهدم بيوتهم، لقد تم هدم 500 منزل للسكن و 600 مخزن وحظيرة أغنام خلال هذه السنة كما ذكرت الصحيفة المذكورة، كما تم هدم عشرات الأبار بعضها ارتوازية حفرها الفلسطينيون بكدهم وعرقهم ومن أموالهم، هدف الاسرائيليين من ممارسة الدكتاتورية الاحتلالية لزرع اليأس في نفوس الفلسطينيين، فهم يلمسون كيف نجحت الأسرة الفلسطينية من المحافظة على تماسكها، فالأسرة الفلسطينية تعمل جاهده للحفاظ على الثوابت والقيم الوطنية بروح إيجابية إنسانية، كما حافظت هذه الأسر على مبناها الإجتماعي المتماسك.

المؤسف أن العالم كله تغيّر، بدوله ومواطنيه، هناك دوله استثنائية لم تتغيرهي اسرائيل وشعبها الذي يصر على الاستمرار في دعم حومة احتلالية عنصرية دكتاتورية لاستعباد شعب آخر، هذا يؤكد بأن غالبية هذا الشعب لا يزال متمسك ويحتفظ بثقافة خاصة ومميزة وهي: إما أن يكون متسلطاً ومسيطراً وتوسعياً قدر استطاعته أو يكون محكوماً للآخرين كما يدل على ذلك تاريخه منذ ألاف السنين.

لقد عودت إسرائيل العالم منذ قيامها بأنها محترفة بإثارة الغبار واختلاق الأزمات كي تتستر على جرائمها، أخر هذا الغبار الذي أثارته لامتصاص الإنتقاد الذي تعرضت له من العديد من الدول الأوروبية في الاسبوع الماضيً بسبب ممارساتها اللاإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، مناقشة ما يسمى بالمذابح التي ارتكبها العثمانيون ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، رغم أنه مضي على هذه المذابح فيما لو وقعت حوالي تسعة عقود من الزمن، إلا تخجل حكومة نتنياهو من القيام بهذه الخطوة؟؟ إذا ارتكب العثمانيون مذابح ضد الأرمن مرة واحدة، فإن اسرائيل ارتكبت المذابح ضد الفلسطينيين عشرات المرات، كما ارتكبت هذه المذابح ضد مخيمات اللاجئين في لبنان وضد طلاب مدرسة بحر البقر ومصانع أبو زعبل في مصر، هل يجوز للسفاح البكاء على جرائم السفاحين مثله؟؟؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر