الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوء حظ عاطفي.. وقصص اخرى

نهار حسب الله

2011 / 12 / 31
الادب والفن


سوء حظ عاطفي

عيونها العسلية تُطالب كل ناظر بالدهشة...
ساحرة، آسرة، أخاذة... تضحك تارة، وتدمع وتتلألأ تارة اخرى.. غريبة بكل ما تحمل من تعابير.
موعدنا.. لقاؤنا الوحيد كان في الحافلة الصباحية فقط.. أمام انظار الناس جميعاً.
كانت تجلس دائماً في المقاعد الاولى وانا اقابل نظراتها من المقاعد الاخيرة .. تُكلمني بحركات منتظمة برمشيها وجفنيها من دون قلق البوح بالكلمات وتلعثم الحروف أمام الجالسين، تنحدث كل يوم ولا حاجة لنا بحرج اللسان وزلاته.
اجيبها بعيون خجولة تتمنى الرضا، أرد إليها صباحها الملون وابادلها نظرات تبصر شعراً والوان كلها من الورد..
كم كنت خائفاً من الموت لئلا يبعدني عنها..
كنت اعيش حياة حذرة، واعتني بصحتي ومظهري على الدوام حتى لا اغيب يوماً عن رؤياها..
إلا انه لسوء حظي العاطفي... ولحسن التزامي العملي، حصلت على ترقية في العمل نقلتني الى مكان آخر وحولت تلك النظرات الى ذكريات نتوسل بها العودة.

استعجلوا الرحيل

غادروا.. بعد ان ذبحوا أسد بابل، ونهبوا مسلة حمورابي وكل ثمرة في بلادي..
رحلوا بعد ان اصيبوا بالتخمة من اغتصابي واستباحة عرضي وكل مقدساتي.. قرروا الانسحاب بعد ان سكبوا دمي بنهر دجلة، الامر الذي جعلنا نعيش الظمأ فيما الماء يجري أمام عيوننا.. حتى النخيل استغنى عن شموخه لحيائه من الارتواء من دمي.
استعجلوا الرحيل.. لا لأجل ابقائي مجرد جثة هامدة، متعفنة، ولا لانهم تعبوا من ملاحقة كرامتي، بل لأنهم أرادوا تبديل أزيائهم العسكرية التي صارت مثقلة برائحة الدم العراقي، بملابس اخر بلوان صاخبة يباهون بها انفسهم ويدارون بها خجلهم.

العوز وعلامات النجاح

يكافح كعامل بناء اعتبته معاناة العيش، يعمل منذ ساعات الفجر الاولى حتى انطفاء النهار..
يعيش حياة بسيطة مع زوجته وابنه الوحيد (ياسر) الذي دخل في المعترك الدراسي بالمرحلة الابتدائية الاولى.
كان كثيراً ما يهتم بتنمية قدرات وحيده، ويحاول مراجعة كل دروسه وواجباته على نحو يومي.. على الرغم من ارهاقه المزمن.
وفي احد الايام..
كان الطفل سعيداً بتسلمه نتيجة الفصل الاول من العام الدراسي الذي سجل فيه درجات عالية جداً (عشرة على عشرة).
ابتهج الاب بجهود ابنه وقرر تكريمه بمبلغ مالي وصل الى الف دينار.. ووعده بمثله في حال تكرار النجاح بالدرجة ذاتها ، وهو الامر الذي جعل الطفل يثابر ويجد ويجتهد من اجل نيل المكآفأة.
تكرر النجاح المطرد أكثر من مرة... إلا انه في إحدى المرات لم يحصل على الجائزة التي رصدها له والده الذي ترك العمل بسبب التمزق الحاد الذي اصاب عضلات جسده جراء عمله الشاق.. مما ارغمه على التهرب من الطفل وتساؤلاته..
توجه الاب الى زيارة المدرسة والطلب من المعلم المشرف على صف (ياسر) ان يمتنع عن اعطاءه درجات الامتياز حتى وان كان يستحقها لحين توفر فرصة عمل جديدة!.

متحف الدخان

اسوة بأشهر متاحف العالم ، حولت مدينتي الى متحف كبير علها تنافس اللوفر أوفكتوريا والبيرت أو آيا صوفيا..
جهزت كل شيء، وأعلنت عن يوم الافتتاح، ونشرت لافتات تعريفية وإعلانية في كل المدن المجاورة.. وعمدت على ان يكون (الدخان) اسم لمتحفي الجديد، مستفيداً من ركام ودخان الحروب التي قطعت اوصال المدينة بكل ما فيها، وهو الامر الذي ساعدني على كسب عدد هائل من الحضور، غير انني فؤجئت بان معظمهم كان من الاطباء والباحثين الاختصاصيين الذين يبحثون عن علاج للامراض التنفسية التي يعاني منها سكان بلدانهم، مما شجعني على فتح ابواب مدينتي المدمرة علها تتنبه لزوارها وتشفق على ابنائها الذين يعانون الاختناق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال