الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات رمادية من الذاكرة..(ابو جعفر وابو سميرة)..6

كاطع جواد

2011 / 12 / 31
سيرة ذاتية


صفحات رمادية من الذاكرة..(ابو جعفر وابو سميرة)..6
عودة الى ناوكليكان القاعدة الأم لجماعة (القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي)سابقاًوالتي تم استبدالها بالقاعدة الجديدة في قرية (جيزان) نتيجة للهجمة الامنية على القاعدة الأم وخشية العواقب الوخيمة التي قد تحدث,اذ لم يبق في ناوكليكان الا ابو سميرة وبضعة رفاق وكان هناك منزل الرفيق ابو جعفر الشخصية الثانية بالحزب بعد ابو ليلى(ابراهيم علاوي),كانت شخصية ابو جعفر محبوبة وكان يطفح بالحيوية والصلابة رغم عمره الكبير كان يسكن هو وزوجته وثلاثة اطفال بنتان وطفل صغير وكانت عائلته هي العائلة الوحيدة التي تتواجد بيننا ,كنا نشعر بالسعادة عند مداعبتنا للطفل صارم ابن ابو جعفر, ومنذ الوهلة الاولى احسست باحترام ومحبة شديدين لشخص ابو جعفر وابو سميرة كونهما كانا متقاربين معي شخصيتي رغم فارق السن والوعي والمسؤلية اللتان كانا يتمتعان بهما,كانت احلامي الوردية حول صفات الشخصية الشيوعيىة هي البساطة والايثار والتضحية والشجاعة والصدق وكانت هذه هي صفاتهما رغم التشويه الذي اصابها من اقرب المقربين لهما...
خلال مكوثي في المقر الرئيسي للحزب وهي البيوت الثلاثة في قرية جيزان كنت استلم واجبات الحراسة اذ كانت هناك ثلاث واجبات للحراسة خاصة ليلاً هي المدخل الرئيسي وحراسة الموقوفين وحراسة غرفة ابو ليلى المسؤول الاول في الحزب.. أن الرتابة في اي عمل تخلق نوع من الملل وهذا ما يدفع اي شخص الى ممارسة بعض الهوايات كانت اهم هاواتناهبة الشطرنج , اذكان الشطرنج هو التسلية الوحيدة اضافة الى الدومنو,كنت ُاشاهد الأشخاص الموقوفين وهم يبكيان بصمتْ للمصير الذي ينتظرهما خاصة المدعو (زياد,)اذا كانا شبه متأكدان بأنهما سيُعدما لكنهما لا يعلما متى وأين ,كنا لا نناقش هذا الامر لأنه من المحرمات و من صلب عمل القيادة واي استفسار يعرض الشخص لما لايحمد عقباه, أن هذه الحالة ولدتْ لدي شيء من الأحباط والاستهجان داخل نفسي وربما هو نفس الاحساس المتولد لدى اغلب الرفاق لكنهم يخشوا ان يتكلموا مخافةَ ان يتهموا بالتخاذل والتعاطف مع الخونة وهذا هو الخطر والازدواجية بعينها... هناك اشخاص قد تنجذب لهم من اول وهلة لاسباب نفسية لا تعلمها لأنها مخزونه في عقولنا الباطنه كما يقول (فرويد) اوربما اسباب اخرى كطيبة الشخص وتواضعه وصدقه وامور انسانية اخرى ..كانا بيترومصطفى هما الشخاص اللذان ارغب بالتحدث معهما بأستمرار ,كنا نقضي اغلب اوقاتنا بالتجوال بين سفوح الجبال حيث المروج الخضراء وأشجار التوت البري والعرموط البري والتين أذ كنا نفتقر للتغذية الجيدة كوننا لم نتاول اللحوم الا نادراً ,ربما كل شهراو شهران خاصةًعندما يقوم الرفيق المسؤول بشراء بزن(عنزة) كما يسموها الاخوة الاكراد وطبخها ويكون هذا اليوم هو مناسبة وطنية أو كأحد ايام الاعياد بالنسبة لنا ,اذ نحتفل كلنا بهذا الحدث( الجلل )!!وهو تناول اللحم..كانت تقام ندوات سياسية ودورات عسكرية(كانت الدورات السياسية باشراف ابو ليلى والعسكرية باشراف ابو سميرة) بين الفينة والاخرى لكن كان جل عملنا هو الكفاح المسلح وعلينا ان نتعلم كل فنون القتال وخاصة عمل زجاجات الملتوف والالغام ومصائد المغفلين وو..,كان ابوسميرة هو المسؤو ل الاول عن هذه الدورات وقد اشتركت في اكثر من دورة واصبحت اتقن العديد من الأعمال العسكرية والفنية والقتالية ..لم يمض على تواجدي مدة شهرعندمااستقيضت صباحا بعد ان استلم احد الرفاق الواجب مني وخلدتُ للنوم لأستيقظ و لم اجد اثنان من الموقفين !!احسست بانهما قد اعدما ليلا وبطريقة سرية عندما كنتُ نائماً ليس بعيدا عنهما, كان الجو العام يوحي بالكآبة للجميع فأن قتل انسان مها كان وبدم بارد هو جريمة في كل الاعراف والقوانين كيف ومن يقوم بذلك هم من يدعُ للدفاع عن الأنسان واي انسان؟ الانسان الفقير(العامل والفلاح)اما لماذا يدافع (الشيوعيون )عنه فهو بسب كونه مضطهداً من قبل الاقطاع وصاحب المصنع ومستغلاُ ومظلوماً كما تقول ادبيات الأحزاب الثورية جميعها ,أما قتل انسان لا حول له ولا قوة وبدم باردوتحت جنح الظلام فهل هو عمل ثوري وبطولي؟!..كانت هذه الافكار تتصارع داخل نفسي وكنتُ ابحث عن تبريرلها ولهذا العمل (البطولي)!! لعل نفسي تقتنع وتهدأ ,كان هدوء نفسي المضطربه هو شغلي الشاغل ,أخيراً بررتُ لهم فعلته هذه واصبحت اعتبرها عملا نظاليا وبطوليا لمحاربة البعث!!واسقاط نظامة الفاشي الذي يقتل مناؤية بطريقته الخاصة كما نفعل نحن تماماً لكننا كنا على حق وهو على باطل هذا ما اقتنعت به رغم صغرسني حيث كنت في الثانية والعشرين وكانت تجربتي في الحياة بسيطة جدا..بعد ان تمت تصفية (الخائنان) ليلا اجتمع بنا الرفيق المسؤول (ابراهيم علاوي)والقى علينا خبرا كاذبا جميعنا كنا نعلم انه يكذب حيث قال بصريح العبارة ان الموقفين قد تم ترحيلهما الى مكان اخر!! اطرق الجميع في الارض خاصةً من كان له اللشرف بالتنفيذ هو والمجموعة التي كانت معه..بعد مرور يومين هرب اثنان من الرفاق من المقر بأتجاة قرية حافيز(مقر انصار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي) وهما ابو محسن وجاسم وعند االتأكد من هروبها ذهب في اثرهما عدد من الرفاق لاستعادهما واعدامهما ومحاكمتهما (لخيانتها للحزب) !!.رفضت جماعة اللجنة المركزية تسليمها ,كنتُ قلقاً جداً عليهما خشية ان يصبهما ما اصاب (الخانئين ) قبلهما فرحتُ عندما علمت بنجاتهما.. وعادت الحياة الى روتينها المعتاد حراسة وواجبات اخرى كاعداد الطعام واكثرها هوالتجوال بين سفوح الجبال ووديانها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اضافه
عبد الحسن حسين يوسف ( 2011 / 12 / 31 - 20:57 )
الاخ العزيز كاطع الشخص الذي هرب مع سعدون ابو محسن الذي تسميه جاسم هو حسين مشكور وهو محامي من اهالي الرفاعي وقد تمكن من الخروج خارج العراق وعاد بعد 2003 وعين مشاور قانوني في وزارة الزراعة وتوفي بعد عودته باقل من سنه وتم تشييعه بما يليق بالمناضليين0 تحياتي


2 - رد وايضاح
كاطع جواد ( 2012 / 1 / 1 - 03:55 )
الاخ العزيز عبد الحسن المرحوم حسين مشكور وكان اسمه الحركي عبد هرب مع سعد الحديثي ولم يعلم وقتها ان سعد هو عميل للأمن الا بعدوقت متأخر اما سعدون جبر وجاسم فقد التحقا بمقر اللجنة المركزية في قرية حافيز القرية من راوندوز لأني عشت الاحداث وقتها وشكرا لك ولكل من يهمه التاريخ المشرف لكل من كان يقاوم الدكتاتوريرية البعثيه


3 - مذكرات نضالية رائعة
صالح حبيب ( 2012 / 1 / 1 - 05:55 )
الأخ العزيز كاطع تحياتي لك ولرفاقك المناضلين لقد جذبني اسلوب المذكرات التي تنشرها و الاجواء النضالية التي عشتم ايها في ظل النظام البعثي رغم انني لم اكن شيوعيا للأسف إلا انني صرت بعد نضوجي الهمري و الفكري أحترم الشيوعيين وفكرهم كثيرا لواقعيتهم و ذهنيتهم المتفتحة و لكن في السابق للأسف كان نظام البعث يقوم بغسيل الادمغة و يزرع الكراهية في العقول والقلوب لأي حركة مهما كانت وطنيتها ويشوه جوهرها و اتجاهاتها الفكرية
و لقد قرأت سلسلة مذكراتك جميعها في جلسة واحدة لأنها شدتني بالفعل و شعرت بأنني اتعاطف مع ابطالها و انني لأحيي الرجال و النساء الذين نذروا ارواحهم من اجل قضية شعبهم و وطنهم من الذين رحلوا و ضحوا بحياتهم ومن الذين حالفهم الحظ ليبقوا على قيد الحياة لكي يروون للعالم هذا التاريخ المجيد
تحياتي لك ولرفاقك الابطال والمجد للشهداء
و اسمح لي بملاحظة بسيطة حول السرد بأن المذكرات ستكون احلى لغويا يا استاذ كاطع لو راجعتها اكثر من مرة قبل النشر بصبر لكي تظهر خالية من بعض الهفوات الطباعية و القواعدية و لكي تظهر اكثر اتقانا لأن هذا تدوين لتأريخ حكاية نضالية عظيمة
أخوك صالح حبيب - كاليفورنيا


4 - شكرا على التصحيح
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 1 - 10:07 )
شكرا يا رفيقي على التصحيح وربما ساكتب بعض الايضاحات بعد ان تنتهي من كتابة ذكرياتك الجميله التي اعادتني الى ايام ناو جلكان وايام المجنم الشيوعي المصغر الذي عشت فيه ولم افارقه الا بعد ان غيبني الجلادين سنين طويله في قصر النهايه والامن وابو غريب وفي قصر النهايه التقيت ب عوده وهيب وجاسب وكاضم منخي ورحمن جبر وعلوان جبر وجميع الرفاق من ابناء الناصريه ولحد الان التقي مع بعضهم لاني اصلا من الناصريه ولكن تنضيمي في ذلك الوقت في بغداد لاني من سكنتها وشكرا


5 - ذكريات ونضال
حسين طعمة ( 2012 / 1 / 1 - 16:58 )
العزيز كاطع الذاكرة مليئة بالمواجع والتداعيات والالم لفترة من تاريخ شعبنا أبطالها مناضلون اعطوا للوطن الكثير ,منهم من أعطى حياته ,ومنهم من ذاق مرارة الغربة والتشرد ,ومنهم من قاسى مرارة الكبت والحرمان والاذى ,في أسى دكتاتورية عرفها تأريخ شعبنا .كتبت ردودا على مذكراتك السابقة لكن دون رد .اما العزيز عبدالحسنحسين فتحية لنضالك وصمودك اما الاستاذ كاظم منخي فهو لا زال يواصل مسيرته دون كلل ويعمل الان في محلية النجف


6 - رد وتحية للاستاذ حسين طعمه
كاطع جواد ( 2012 / 1 / 1 - 18:11 )
عزيزي حسين تحية طيبة لك ولكل من ساهم ويساهم في تثبيت الذاكرة العراقية دون زيف او تزويرفالتاريخ هو الهوية الحقيقةوهوالذي يساهم في البناء الصحيح وهدفي من كتابة هذه المذكرات هو لتبيان الحقيقة التي أصيبت بالتشويه مرة على يد الدكتاتورية البعثية ومرة على يد من كانوا في يوم من الايام مشاركين بالنظال ضد الدكتاتورية فالحقيقة اقوى وأصلب من كل انواع الزيف والانحراف ،اما بخصوص ابو ظافر فانا على اتصال به لحد الان وانا احي به نظاله ومواصلته العمل الحزبي رغم مرضه ،في الختام احي فيك مواصلتك مع كتاباتي وشكرا

اخر الافلام

.. بوتين في -عيد النصر-: لن نسمح لأحد بتهديدنا والقوات النووية


.. رحلات إنسانية.. الإمارات تنفذ عمليات إجلاء للأطفال المصابين




.. خيانة و قتل من أجل الحب


.. سموتريتش: يجب أن تستمر الحرب حتى القضاء على حماس بشكل كامل




.. استهداف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحام قباطية