الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام الغضب الشعبي

مجدى خليل

2012 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


كان من المتوقع والطبيعى أن تختار مجلة تايم الأمريكية " المتظاهر" كشخصية عام 2011، فهو وبحق عام السخط الشعبى من المنطقة العربية إلى أوروبا إلى أمريكا إلى روسيا وحتى إلى إسرائيل.ولكن بالطبع تصدر المشهد الشباب الثورى العربى الذى فاجأ العالم بشجاعة غير مسبوقة وتحدى للموت من آجل تغيير أوضاعه السياسية والأقتصادية،وخاصة المتظاهرات اللاتى اظهرن شجاعة فائقة وتحدى للتقاليد البالية وشاركن بكثافة فى الثورات وكن فى مقدمة المشهد، ولهذا لم يكن مستغربا أن تحصل توكل كرمان اليمنية على جائزة نوبل للسلام وإيمان محفوظ المصرية على جائزة سخاروف الأوروبية لحرية الفكر والتعبير وحقوق الإنسان. ومازالت المنطقة العربية تتمخض لكى تكتمل ولادة الثورات، وسيبقى عام 2012 عاما هاما جدا للمنطقة.وما حدث فى الشرق الأوسط يصنف على أنه من الأحداث التاريخية الدولية الكبرى بها، مثل أنتهاء الخلافة عام 1924 أو نهاية حقبة الإستعمار الغربى للمنطقة، والأخطر أن الحدث سيتبعه تحولات جوهرية كبرى فى شكل الحكم فى الشرق الأوسط منتقلا من حقبة القومية العربية والحكم العسكرى إلى حقبة حكم الإسلاميين وما سيترتب على ذلك من تغيير فى شكل الشرق الأوسط برمته، وقد يؤدى إلى تزايد النزاعات الدينية ومصاعب تواجه الأقليات وحروب أهلية وأزمات أقتصادية وتقسيم لبعض الدول كما حدث بعد الحكم الإسلامى للسودان، الذى أسفر فى نهاية المطاف بإعلان جمهورية جنوب السودان فى 9 يوليو 2011 فى نفس عام صعود نفوذ الإسلاميين فى المنطقة.
ولكن عام 2011 حفل بالكثير جدا من الأحداث الهامة بالإضافة إلى الزلزال الثورى العربى، فالواقع يقول أن الغرب يواجه اسوأ أزمة أقتصادية منذ الكساد العظيم عام 1929، فقد أستمرت أثار أزمة الرهن العقارى العالمية تتدحرج حتى رأينا فى عام 2011 أزمة عميقة فى منطقة اليورو وكذلك تخفيض وكالة " ستاندر اند بورز" لعلامة الدين العام الأمريكى بدرجة مما يضعف التصنيف الإئتمانى لأمريكا، ويؤكد على تراجعها عن تصدر المشهد العالمى ، حيث بدأ هذا التراجع عام 2001 وتأكد فى عام 2008 وبدأ النقاش الصحفى والأكاديمى حوله عام 2011. فى نفس الوقت تصاعد ترتيب الصين لتصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم متخطية اليابان للمرة الأولى فى تاريخها الحديث.
فى عام 2011 رحل أحد كبار عباقرة العالم فى القرن الحادى والعشرين، وايقونة التكنولوجيا الجديدة والوجه البارز من وجوه العولمة باختاراعاته التقنية الفائقة الجودة، وهو ستيف جوبز مؤسس شركة أبل، وفى نفس العام أيضا رحل عدو العولمة رقم واحد والإرهابى العالمى رقم وأحد أسامة بن لادن، الذى ضرب البرجين كرمز لعداءه للغرب وللعولمة فى 11 سبتمبر2001، ففى حين تفنن الأول فى اسعاد البشرية بعلمه وعبقريته، تفنن الثانى فى إيذاء البشرية بإرهابه وشره وكرهه لذاته وللعالم المتقدم.
فى نفس العام أيضا رحل مفجر الثورة المخملية فى أوروبا الشرقية والآب الروحى لثورات المجتمع المدنى الملونة، والكاتب المسرحى النبيل، وآخر رئيس لدولة تشلوسلوفاكيا وأول رئيس لجمهورية التشيك، وناشط حقوق الإنسان البارز فاتسلاف هافيل، ودخل السياسة من أوسع أبوابها ناشط حقوقى تونسى بارز كأول رئيس لتونس بعد الثورة وهو المنصف المرزوقى.
ورغم سعادة المصريين برحيل مبارك والتونسيين بهروب بن على واليمنيين بتنازل على عبد الله صالح عن الحكم،إلا أن العالم قد شهد أيضا رحيل أكثر شخصيتين ديكتاتوريتين ومتمردتين فى العالم كله، وهما معمر القذافى رئيس ليبيا وكيم إيل رئيس كوريا الشمالية، وكلاهما قاد دولته إلى التخلف والعزلة والإرهاب والفقر وتصنيف الدول المارقة، ولكن المفارقة كانت النهاية البشعة المأسوية للأول والجنازة الأسطورية للثانى والتى خرج فيها مئات الآلوف من الكوريين يبكون وينتحبون، وطبعا حدث ذلك لأنهم يعيشون فى نظام أبوى قام بعزلهم بشكل كامل عن العالم الخارجى، فلا تليفزيونات خارجية ولا ستالايت ولا انترنت ولا فيس بوك ولا تويتر ولا تليفون محمول مع فقر مدقع وإستبداد دولة من الطراز الأول.
وفى عام 2011 كانت الطبيعة قاسية جدا على اليابان حيث تعرضت لزلزال مدمر كانت ضحاياه عشرة آلاف قتيل و17 الف مفقود، علاوة على تدمير المفاعل النووى بالمدينة، وخسائر فى مجملها قدرت ب 300 مليار دولار.
كان عام 2011 أيضا عاما قاسيا على أقباط مصر،إذ أفتتح ساعاته الأولى بمجزرة مروعة بكنيسة القديسين عرت نظام مبارك وكانت أحد أسباب سقوطه، وأستمرت المعانأة عبر العديد من حوادث الهجوم على الأقباط ولعل اسوأها كانت مذبحة ماسبيرو فى 9 أكتوبر، والتى بدورها كانت كاشفة للوضع الحالى برمته فى مصر.
بالفعل كان عام 2011 من الأعوام المفصلية والصعبة، وحتى لا تكون كل الأخبار محزنة ننهى هذا العرض بخبر مفرح وهو زفاف العام الملكى بين الأمير وليام والأنسة كيت ميدلتون.
عام 2012 سيكون بدوره من الأعوام الحاسمة، فهناك أنتخابات رئاسية هامة فى مصر وروسيا وأمريكا وفرنسا، وفى مصر بالتحديد يترقب الكثيرون مشهد الثورة سواء بأستمرارها أو بإجهاضها وعودة نوع جديد من الإستبداد وربما هذه المرة متسربلا بثوب دينى، كما يترقب الكثيرون تطور الوضع فى سوريا، وهل ستطول الأنتفاضات العربية السعودية والجزائر والسودان والاردن؟، وما هو مستقبل العراق كدولة موحدة بعد خروج الأمريكيون؟،وماذا ستسفر المواجهات حول البرنامج النووى الإيرانى؟، وهل ستنتهى هذه المواجهات بحرب أم بمزيد من العقوبات؟.
وأخيرا قبل أن اترككم يسعدنى أن أشارككم أمنياتى بالنسبة للعام الجديد.كل أمنياتى لجميع المصريين وللبشر جميعا على الكرة الأرضية فى عام 2012 أن ندخل جميعا إلى النادى الإنسانى. النادى الإنسانى لا يكترث بدين الشخص أو لونه أو عرقه أو لغته أو نوعه أو شكله، فالإنسانية وجدت قبل أن توجد الأديان، والنادى الإنسانى نادى متسع ورحب لكل شخص يملك قيما إنسانية رفيعة ويؤمن بأن الإنسان هو أرقى المخلوقات وأجملها وأن كل شئ خلق لآجل الإنسان، حتى الأنبياء جاءوا من آجل الإنسان. ومن يدخل النادى الإنسانى عليه أن يؤمن بمواثيق حقوق الإنسان الدولية بأكملها وبالقانون الدولى لحقوق الإنسان، وبقانون المحبة والإحترام للجميع. وفى النادى الإنسانى يتخلص البشر من وحشية الحروب وفساد السياسة وجشع البيزنس وقسوة الإستبداد وشوفينية المتعصبين وعصبية القبيلة وكراهية المتخلفين دينيا وعنصرية الإستعلائيين وغدر وأنانية وحقد البشر على بعضهم. كان أحد الكتاب المعروفين قبل ثورة يوليو 1952 يكتب على كارت التعريف به " إنسان بإذن الله"، فهو يسعى لكى يكون إنسانا لأنه يدرك قيمة الإنسانية..
ما يزعجنى أن الكثيرين فى بلدى مصر يخرجون من هذا النادى وقلة تدخله، وأتمنى أن يكون عام 2012 عام الصحوة الإنسانية فى مصر والمنطقة لندخل جميعا كأعضاء فاعلين فى هذا النادى.
للتواصل مع الكاتب زوروا موقعه على الفيس بوك
https://www.facebook.com/#!/pages/Magdi-Khalil/156022111155552








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إمنيات عسى أن تتحقق
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 1 / 2 - 22:50 )
كل عام وانتم بخير، وللشعب المصري عامة بالف خير.
نتمنى أن تحقق الثورات العربية أهدافها، في الحرية والدمقراطية وحقوق الأنسان، ولكن الواقع أن وحوش تورا بورا هم من سيستلم زمام ألأمور، إن نسبة المحجبات هي الغالبة في الشارع ألأسلامي، ومن يلبس الحجاب يعكس الفكر الأظلم تحت الجلباب، فلبس ألأنسان يعكس فكر وثقافة وأهداف ألأنسان. فلا تصدق إنَّ المحجبة والتي تتظاهر من أجل الحرية والديمقراطية،هي مؤمنة بالحرية والمساواة، وإنما تريد نشر العقيدة الأسلامية الظلماء بحرية أكبر وحسب منهج تورا بورا. وكما قال لينين، لاثورة بدون فكر ثوري.

اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة