الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اميركا تبيع الاوهام القاتلة لحلفائها وروسيا تستنفر قدراتها الصاروخية النووية

جورج حداد

2012 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



اعداد: جورج حداد*
تتابع روسيا باضطراد وبثبات التحضير لرد فعال على انظمة الدروع الصاروخية التي تعمل اميركا لنشرها في اوروبا، والتي وافقت تركيا مؤخرا على استضافتها في اراضيها ايضا، مما يهدد الامن القومي لروسيا وايران والبلدان العربية معا بالاضافة الى روسيا. وفي نهاية شهر تشرين الثاني الماضي اعرب الرئيس الروسي دميتريي ميدفيدييف شخصيا عن عزم روسيا على الرد على مشاريع اميركا لنشر الدرع الصاروخية. وعلى الرغم من انه في انذاره لم يأت على ذكر مجمعات الصواريخ الستراتيجية الروسية، فإن الكرملين يعمل بنشاط على هذا الصعيد.
وحسبما نشرته جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا" فإن روسيا وبدون الكثير من الضجة والبيانات الصاخبة بدأت باجراء الاختبارات للسلاح النووي الباليستي. وفي الشهر الماضي جرى اجراء تجارب اطلاق رؤوس قابلة للتفجير من صاروخ "بولافا" وصاروخ "ستيليت"، المجهزة برؤوس نووية جديدة. وبالاضافة الى ذلك دخل ايضا في "المناوبة القتالية" مجمع صاروخي ثان من طراز "يارس". وفي 23 كانون الاول المنصرم أطلق من الطراد تحتالمائي "يوري دولغوروكيي" صاروخان من طراز R-30 "بولافا". بعد ذلك، وفي استقبال تم في الكرملين لسلك الضباط القيادي الاعلى في الجيش، اعلن ميدفيدييف انه بهذا الاطلاق تم اختتام برنامج 7 سنوات من الاختبارات لهذا الطراز من الصواريخ وانه تم اعتمادها في نظام التسلح.
ويتوقع انه في المستقبل القريب فإن صواريخ "بولافا" سوف تعتمد في اساس القوات النووية البحرية لروسيا، ولهذه الغاية شرعت روسيا في بناء جيل جديد من الغواصات. وسيتم تزويد الطراد "يوريي دولغوروكيي" بـ12 صاروخا من هذا الطراز، وتزويد الطراد "الكسندر نيفسكي" بـ16 صاروخا. وسيتم تزويد كل من الغواصتين "فلاديمير مونوماخ" و "القديس نيقولاي" و4 طرادات سيتم بناؤها حتى سنة 2020، بـ20 صاروخ "بولافا" لكل منها.
والجواب الثاني غير المعلن عنه رسميا الذي سبق ان اعدته روسيا ردا على برنامج الدرع الصاروخية الاميركية هو المجمع الصاروخي الثاني في روسيا من طراز "يارس"، الذي كان مخصصا للمناوبة القتالية في فرقة تييكوف في منطقة ايفانوف. فبسبب دمغة "سري للغاية" لم يكن معلنا عدد قواعد الاطلاق، ولكن الصحافة الروسية كشفت اخيرا العدد الاجمالي للمجمعات الصاروخية من طراز RS-24 الموجودة في البلاد والذي يبلغ 12 مجمعا. واعلن قائد الجيوش الصاروخية الروسية الجنرال ـ ليتينانت سيرغيي كاراكايف انه في الـ10 سنوات القادمة فإن الجيش الروسي سوف يعاد تسليحه كليا بمجمعات الصواريخ "توبول ـ م" و "يارس".
وفي الانذار الذي وجهه ميدفيدييف في 23 تشرين الثاني المنصرم، فقد حذر انه بما ان اميركا لم تقدم ضمانات قانونية بأن الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا وتركيا لن تستخدم ضد روسيا، فإن الاخيرة سوف تتخذ الاجراءات الردعية اللازمة. ومن بين هذه الاجراءات تشغيل نظام رادارات من طراز "فورونيج ـ م د"، للتحذير المبكر من هجمات صاروخية، وتغطية المنشآت الخاصة بالقوات الستراتيجية النووية بأنظمة خاصة للدرع الصاروخية والدرع الجوية، وكذلك موضعة مجمعات الصواريخ من طراز "اسكندر" في الاقسام الغربية والجنوبية لروسيا. وبالاضافة الى ذلك هددت روسيا انها عند الضرورة ستنسحب من طرف واحد من الاتفاقية المعقودة مع اميركا حول الحد من ترسانت الاسلحة الستراتيجية النووية المسماة "ستارت ـ 2 ".
هذا وقد قامت روسيا بموضعة الصواريخ الحديثة جدا من طراز "توبول ـ م" في الجزء الاوروبي من البلاد. وهذه الصواريخ تقلق بشكل خاص واشنطن. ذلك انها تطير بسرعة اكبر وبخط سير لا يمكن التنبؤ به مسبقا، مما يجعلها اكثر تفوقا على سابقاتها من العهد السوفياتي، حسبما اشارت اليه الجريدة شبه الرسمية "ازفستيا". والطريقة الوحيدة لمجابهة هذه الصواريخ هو نشر الدرع الصاروخية المعادية في اقرب نقطة ممكنة من مواقع انطلاق "توبول ـ م" والتمكن من اسقاطها لدى خروجها من الانفاق.
وهذا بالضبط ما يملي على واشنطن رغبتها في ان تجتذب الى برنامجها المضاد للصواريخ الجيران الاقرب الى موسكو. والحقيقة ان صاروخ "توبول ـ م" يستجمع سرعته بعد خمس دقائق فقط من اطلاقه، والصاروخ المضاد المعادي الذي يطلق من بولونيا مثلا لا يستطيع اللحاق بـ"توبول ـ م" في هذه المدة القصيرة. ولكن واشنطن تأمل انه في يوم ما ستستطيع ان تنتج صواريخ مضادة اكثر تطورا مما تملكه حاليا. ولذك فهي تريد ان يكون لها اماكن مناسبة منذ الان، حسبما تقول جريدة "ازفستيا". وحسب المعلومات التي سمحت روسيا بنشرها منذ سنتين الى الان، فإن صاروخ "توبول ـ م" يزن 47 طنا ويبلغ طوله 23 مترا. وهو قادر على تدمير هدف يبعد 10000 كلم. ويمكنه ان يحمل 10 رؤوس نووية اجمالي وزنها 4،4 اطنان. وحسب هذه المعلومات فإنه من الصعوبة بمكان ان تستطيع الصواريخ المضادة المعادية اعتراض "توبول ـ م" واسقاطه، لانه يستطيع ان يستجمع بسرعة فائقة سرعة ما فوق سرعة الصوت، وهو ينطلق بخط سير متبدل، ويمكنه ان يتنقل صعودا وهبوطا بين الفضاء الكوني والفضاء الارضي. وقد انتج من هذا الصاروخ عدة موديلات، بعضها يحمل 6 رؤوس نووية بالاضافة الى عدد من اشباه الرؤوس التضليلية من اجل تشتيت الصواريخ المضادة المعادية. وفي المرحلة الاخيرة من الطيران فإن الرؤوس النووية واشباهها تطير مستقلة بشكل صواريخ مجنحة.
وقد صرح قائد القوات الفضائية لروسيا الجنرال فلاديمير بوبوفكين انه يمكن ان توضع في السفارات الروسية في عدد من البلدان محطات رادارية تابعة لنظام مراقبة المدى الفضائي، حسبما ذكرت جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا". وتبعا لقول الجنرال فإن العسكريين الروس تحدثوا في ذلك مع وزارة الخارجية الروسية، من اجل ان يتمكنوا من مراقبة بعض قطاعات خط مسار الصواريخ التي يتم اطلاقها، والتي لا يمكن رؤيتها من الاراضي الروسية. وهذا ما يسمح بتصويب مسار طيران الصواريخ في حال طرأت اوضاع غير متوقعة، كما اوضح الجنرال بوبوفكين للمجلة الروسية "نوفوستي كوسمونافتيكي" (انباء الفضاء الكوني)، التي اقتبست منها جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا".
وصرح خبير لم يكشف عن اسمه ان اقوال الجنرال قائد القوات الفضائية هي بمثابة رد على "الجهود الحثيثة لواشنطن لنشر نظام الدرع الصاروخية قرب الحدود الروسية".
وحسب رأي الجريدة فإن تصريح الجنرال شكل مفاجأة مطلقة لوزارة الخارجية التي لزمت الصمت، لان اقتراحه يتعارض مع اتفاقية فينا حول العلاقات الدبلوماسية التي تمنع قيام الممثليات الدبلوماسية بأي نشاط يتعارض مع وظيفتها الاساسية.
وفي حين ان احد الخبراء العسكريين وصف اقتراح الجنرال بأنه غير جدي، فإن احد قدماء العاملين في المخابرات يقول ان السفارات الروسية هي مليئة بالاجهزة السرية تماما الخاصة بالاتصالات الفضائية والتلفونية وبالتجسس، ولكنه لا يمكن ابدا الحديث عن رادارات كبيرة.
وحسب تقدير بعض الخبراء فإن هذا التصريح لشخص مسؤول مثل الجنرال بوبوفكين يعني ان روسيا اصبحت تمتلك فعلا تكنولوجيا جديدة لمراقبة طيران الصواريخ الباليستية. وقد كشف الجنرال السر لاجل تهدئة الرأي العام الروسي، ولاجل ان يعلن امام العالم اجمع ان روسيا تمتلك ما ترد به على انظمة الدروع الصاروخية الاميركية. لكن من المعلوم ان الجنرالات الروس ليسوا على ما يرام مع الدبلوماسية، كما يقول مراقب في جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا".
يمكننا ان نستنتج من هذه المعطيات:
ـ1ـ من وجهة النظر العسكرية البحت فإن نظام الدرع الصاروخية الاميركية ليس حتى الان سوى وهم، فيما يتعلق بالمواجهة بين المعسكر الاميركي، من جهة، وروسيا (وحلفائها) من جهة ثانية.
ـ2ـ ان دول الاتحاد الاوروبي والدول النفطية العربية تدفع عدا ونقدا مئات والوف مليارات الدولارات للصناعة الحربية الاميركية ثمنا لهذا الوهم بأنها اصبحت في مأمن من الصواريخ الروسية (وغير الروسية، المتحالفة مع روسيا، سرا او علنا).
ـ3ـ ان الدول التي تسير في ركاب السياسة الاميركية وتنضوي تحت مظلة نظام الدرع الصاروخية الاميركية (ومنها اسرائيل والدول النفطية العربية) تتوهم انها اصبحت في مأمن من بعبع الصواريخ الروسية (وغيرها!!!). وفي الحقيقة فهي قد اصبحت في خطر اكبر تحت الضربات المفترضة للصواريخ الروسية (وغيرها!!!) بسبب انتهاج هذه الدول لسياسة معادية لروسيا (وغيرها من الدول التي تعاديها اميركا).
ـ4ـ في الحقبة السوفياتية انزلق او الاصح زلـّق الاتحاد السوفياتي السابق نحو السباق العقيم لغزو الفضاء، مما رتب عليه تبعات اقتصادية هائلة لا قدرة له على احتمالها. ويبدو ان القيادة الروسية القومية الحالية قد "حفظت الدرس" وادركت انه لا يزال هناك الكثير من القضايا العالقة على الارض، في مواجهة الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، قبل التفكير في الوصول الى المريخ والخروج من مجرة "درب التبانة". وعلى رأس هذه القضايا: تحقيق تفوق تكنولوجي ـ عسكري كاسح على الدولة الاميركية، وتركيع هذه الدولة، وتقطيع اوصال علاقاتها الدولية، وتفكيكها كدولة مصطنعة سداها ولحمتها العنصرية والفاشية المعادية لروسيا ولجميع شعوب العالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشاهد تظهر فيضانا يغرق قرى في البوسنة


.. مظاهرة وسط العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية وا




.. انفجارات في الضاحية الجنوبية لبيروت


.. في اجتماع انتخابي له في كارولينا الشمالية .. ترمب يعد بتصنيع




.. مروحية إسرائيلية تقصف الحدود اللبنانية