الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فحوى المؤامرة الجديدة

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2012 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لا تسألوني عن ما يؤيّد ما أتطرق إليه من أحداث . كلها سيناريو متصوّر مبني على تحليلي الشخصي للأوضاع السائدة في الساحة العراقية والشخوص ( البيادق ) التي تلعب ( أبطالاً ) على مسرحها السياسي .

( إنسحب ) آخر جندي من قوات الإحتلال من التراب العراقي بإنتهاء اليوم الأخير من السنة 2011 تنفيذاً للإتفاقية المبرمة بين الحكومتين . ، فسماه البعض ( يوم الوفاء ) ، بمعنى وفاء الحكومة بعهدها في إنهاء الإحتلال ، وسماه الآخرون ( يوم الجلاء ) ، إبتهاجاً بنجاح نضال جماهير الشعب وقوى المعارضة بإنتهاء الإحتلال . في هذه المناسبة توحّد العراقيون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، وأقاموا المهرجانات ورفعوا الأعلام وزينوا الشوارع . ترى هل صحيح أن الأمريكان غادروا أو سيغادرون فعلاً ؟

كان غزو العراق في 2003 إستعراضاً عسكرياً تطلبته مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ، وتجربة تدريبية لقواتها المسلحة . وقد تساوقت هذه المصالح مع مصالح الشعب العراقي بجماهيره الواسعة في التخلص من نظام حكم طاغية أذلّها وداسَ على كرامتها لثلاث عقود وساق البلد إلى حروب مدمرة غير مبررة أدّت إلى فقدانه لخيرة أبنائه وعلى الخصوص الشباب منهم ، وتحطيم البنية التحتية ، وجعله تحت وطأة ديون لا يسعه تسديدها لعقود طويلة آتية . لم يكن القصد من الغزو إدخال العراق تحت النفوذ الأمريكي بقياسات موازين القوى الدولية ، لأن العراق حينها كان فعلاً تحت النفوذ الأمريكي . كان الغرض من الغزو إظهار العصا الغليظة للشعوب التي كانت تناضل من أجل تحقيق آمالها في التحرر وبناء أوطانها وإقامة نظم ديمقراطية حقيقية . كان الغرض من الغزو إعطاء نموذج ( كوسيلة الإيضاح التي يستخدمها المدرّس لتقريب فكرة موضوع الدرس إلى أذهان طلابه ) . لم يخطأ الأمريكان في تنفيذ خطتهم التي رسموها ووضعوا نصب أعينهم تنفيذها بدقة لجني ثمار إستثمارهم في مشروعهم . ويخطئ كلّ المحللين السياسيين عندما يعددون أخطاءً إرتكبها الأمريكان أدت إلى الفشل في أي تقدم أو بناء في العراق بعد الإحتلال . فهل يعقل أولئك المحللون أن تقوم الولايات المتحدة بأعمال إيجابية ، أيّاً كان نوعها ، لأسباب غير مصالحها ؟

نقترب من إنتهاء السنة التاسعة بعد دخول قوات الإحتلال ، ورأينا يوماً ، سمّيَ ما سمّي ، وإبتهج المبتهجون كالأطفال الذين يفرحون بثوب العيد . وسائل الإعلام ، كافة ، هوّلت الحدث وجعلته يشبه الحقيقة الدامغة التي لا تقبل النقاش . ( الأمريكان رحلوا ) . لا يا سادة : الأمريكان لم ولن يرحلوا ، ما دامت لهم مصالح في البقاء . إنهم لم يدخلوا مع الغزو ، بل كانوا قد دخلوا قبله ، ولم يرحلوا بعد اليوم الأخير من عام 2011. إنهم باقون ما دام في العالم نظام تسيطر فيه الولايات المتحدة كقطب وحيد لا منازع له . فعلامَ نخدع أنفسنا ونخدع الجماهير؟

بإشراف أمريكي ، مباشر أو غيره ، مر نظام الحكم الجديد من عام 2003 إلى الوقت الحاضر بعدة مراحل إستحالة ، في إطار الخطة المرسومة . جاءت شخصيات معها فئات ، وأزيحت شخصيات مع فئاتها ، قام بعضهم بالتنفيذ المباشر لما أوكل لهم ، بينما نفذ آخرون صفحات أخرى من الخطة ( سمّيت بالمعارضة ، مسلحة كانت أو مشاركة في العملية السياسية ) لبناء نظام حكم يقوده حفنة من السياسيين الموالين لها ، والمنقسمين إلى شطرين يدوم بينهما صراعٌ ظاهري ، بينما هم يعملون تحت مظلتها . نظام حكم يتظاهرُ كونه شعبياً لأنه يأتي من خلال صناديق الإقتراع وعملياً يعمل بما يضمن مصالح الولايات المتحدة .

قام المالكي ( الشخصية التي تمسك بكافة الأوراق ) بإعتباره رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع والداخلية والأمن القومي ، وقائداً لأكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب بزيارة إلى الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة من العام 2011 ( العام الذي يفترض أن تغادر في نهايته جميع القوات الأمريكية العراق ) . وبعد إنتهاء مفاوضاته مع الإدارة الأمريكية ، صرح في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الأمريكي أوباما ، أنه تمّ التوقيع على ( بعض الإتفاقيات لمصلحة الشعب العراقي ؟؟؟؟ ) . وقد تزامن ذلك مباشرة مع بدء حملة المالكي الجديدة التي شملت : توجيه الإتهام إلى طارق الهاشمي ، نائب رئيس الجمهورية بالإرهاب ، وإزاحة صالح المطلك من منصبه كنائب لرئيس الوزراء والطلب إلى مجلس النواب رفع الحصانة عنه ، إضافة إلى التهديد الموجه إلى التيار الصدري بتحريك ملف إغتيال إبن السيد الخوئي وتورّط التيار بذلك . زوبعة كبيرة أثارها المالكي بعد عودته من الولايات المتحدة ، ربطت الأذهان كلها بها ، وتوجهت الجهود كلها لحل الإشكال الكبير وتدارك المضاعفات التي قد تدفع البلاد نحو حرب أهلية . وبالفعل فقد جاءت أولى ردود الفعل في الأحداث الدامية التي وقعت في بغداد يوم 22/12/2011 بحدوث أحد عشر إنفجار كانت حصيلتها مئات من الشهداء والمصابين من أبناء الشعب الأبرياء . المسرح السياسي مزدحم ، والأذهان مشغولة . طارق الهاشمي في كردستان ، المالكي يطالب سلطات الإقليم بتسليمه ويحمّلها المسؤولية في حالة هروبه ، وساطات على أعلى المستويات الرسمية مشغولة لإيجاد مخرجٍ توافقي . أياد علاوي وصالح المطلك والعيساوي يلتجئون إلى الرئيس الأمريكي للتحرك لمنع تدهور الأوضاع وإنقاذ العراق من الدمار الذي ينتظره في حال إستفحال القضية !!! هذا الوضع الدرامي الذي نعيشه ، ووسائل الإعلام كلها تركزعلى هذا الحدث ، وهذا الحدث فقط ، لم يترك مجالاً أبداً لأي محلل سياسي أن يسأل شيئاً عن ( الإتفاقيات التي وقعها المالكي مع الأمريكان ، وتفاصيل بنودها التي ستعلن والسرية التي سوف لن تعلن ، والتي وصفها أنها لمصلحة الشعب العراقي ) .

السيناريو ، المتصوّر ، كما أشرت أعلاه ، أن المالكي بأسلوبه التآمري ، يريد أن يسبغ على الإتفاقيات التي وقعها مع الجانب الأمريكي ، السبغة القانونية والشرعية ، مما يتطلب الحصول على تأييد خصومه السياسيين الذين لا يتوقع منهم المساندة بدون لَيّ ذراعهم . فقد باشر عمليته هذه ، وبالتواطؤ مع الجانب الأمريكي ، وفي حالة لجوء الخصوم إلى الأمريكان يتلقون جواباً ديبلوماسياً مؤدباً في صيغته ، ورسالة قوية في مضمونها ( أن الولايات المتحدة تحترم العراق كدولة مستقلة ولا تتدخل في شؤونها الداخلية ، فعليكم حلّ مشاكلكم بأنفسكم . ) أي بمعنى أن ليس لكم إلاّ الإتفاق مع المالكي . أي إسباغ صفة الشرعية على الإتفاقيات المبرمة . إن السيناريو المتصوّر هذا مبنيّ على التحليل النفسي لكل من المالكي وعلاوي ، إذ على جماعة علاوي أن يفهموا أن الضوء الأخضر مفتوحٌ لخصمهم فيرضخون ، أو يلتجئون إلى مصادرهم التي تساندهم لجعل الضوء الأخضر ينفتح لهم . وعندها يكون لكل حادث حديث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خرجوا من الباب ليعودوا من الشباك
مديح الصادق ( 2012 / 1 / 2 - 06:35 )
الأستاذ ييلماز جاويد المحترم، تحية طيبة
نحن نعلم جيدا - مثلما تعلمون - أن أمريكا ما انسحبت، ولم تنسحب من العراق وهو قاعدتها الستراتيجية، وأقرب أذرعتها للشرق؛ خصوصا إيران بجانب مصالح أخرى تديم النظام الرأسمالي فيها، وما انسحب سوى طواقم عسكرية هي ليست بعيدة ساعة يجد الجد، وتحين الساعة؛ لكن يوم تتلبس روح ( البوعزيزي ) أرواح النائمين حتى الظهر، وتهتز شعرات الذين غادرتهم الغيرة؛ فإن انهيار نظام فاشي عميل تقوده دمية تحركها أصابع البيت الأبيض؛ سيكون ثمنه أنهار دماء؛ لكنه الحل الذي ليس لغيره من مجال؛ فكلهم - كما ذكرتَ - ممثلون بارعون؛ إلا أن الجمهور سيُنزلهم قبل أن يُكملوا الأدوار


2 - بشرك الله يا مديح الصادق
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 2 - 14:09 )
كفانا انهارا من الدم يا مديح الصادق حاولو ان تساهمو ببناء العراق بكلمة جميله وتفائل 0 اخشى ان تكون خارج العراق فان كنت داخله فانك لابد سترى هذه الانهار من الدماء يومياام انك تعتبرها لحد الان قليله فاقول لك انها بشرىتستحق عليها ان يبشرك الله بالجنه0


3 - امريكا صياد ماهر للفرص
ابراهيم المشهداني ( 2012 / 1 / 2 - 17:30 )
لعبت امريكا ادوار مهمة في السيطرة على منطقة الشرق الاوسط منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وطرحت على طاولة حلفائها في المنطقة مجموعة من المشاريع التي تكفل هيمنتها على منطقة تمتلك اهم المواد الاولية التي تحتاجها الماكنة الصناعية والعسكرية لها ومن بين هذه المشاريع التحاد الهاشمي الذي يشكل العراق جزء منه وعندما لم يتحقق هذا المشروع لاسباب لا مجال لذكرها عملت على تشكيل حلف السنتو الذي يظم بالاضافة للعراق ايران وتركيا وباكستان لتحقيق مصالحها الستراتيجية في مواجهة الاتحاد السوفييتي انذاك ,لكنها اصيبت بصفعة افقدتها اتزانها بعد ثورة 14 تموز في العراق فانهار ذلك الحلف المشؤومومنذ ذلك التاريخ راحت ترسم الخرائط وتجتذب الحكام فكان البعث خير حليف في مواجهة ما اسمته بالمد الشيوعي وقد حانت الفرصة عندما دخل ديكتاتور العراق في حروبه العبثية وكانت فرصة ثمينة هيات لها احتلال العراق فهل يعقل ان تفقد هذا المنجز التاريخي ؟اهبل من يصدق ذلك فامريكا اذا هي انسحبت من العراق فهي ترابط بجواره وعلى الحكومة العراقية ان تعلن صراحة تفاصيل الاتفاقيات وعلى مجلس النواب ان يرغمها على ذلك فلا اتفاقية مشروعة دون موافقته


4 - أعد قراءة ما كتبنا، أخانا عبد الحسن حسين
مديح الصادق ( 2012 / 1 / 3 - 05:08 )
تحايا لك، وللمتابعين الكرام، أخانا عبد الحسن حسين المحترم
لم نكن يوما ما من دعاة سفك الدماء، ولا من المباركين لذلك؛ على الرغم من تحريضنا الدائم على كنس تلك النفايات التي فرضها المحتل، وفراغ الساحة؛ على المشهد السياسي؛ ثم تحكمها - السلبي - في شؤون البلاد، وانشغالها بالمحاصصة الطائفية البغيضة، ونهب الثروات، وتصفية الحسابات، ما يُنذر بكارثة رهيبة تحل على رؤوس المساكين؛ لكن ما أشرنا له هو تحليل لما ستؤول إليه الأمور؛ إن استمر هؤلاء الطارئون في سياستهم الانفرادية الهوجاء؛ لابد إذن أن النتيجة أنهار دماء، بجانب ما يسيل من أنهار دماء، وهل تظن - يا أخي - أن من هًجروا خارج العراق قسرا لا يوجعهم همُّ أهلهم داخل البلاد ؟


5 - استدراك
naseer Alshajer ( 2012 / 1 / 3 - 07:45 )
لدورتان انتخابيتان ....سيبقى الوضع على ماهو عليه كما يكتب اخواننا في مصر في بعض القضايا...


6 - لكل مقام مقال
مديح الصادق ( 2012 / 1 / 4 - 02:03 )

لكل مقام مقال، هكذا قال البلاغيون، يا سيدتي روزا المحترمة؛ فالكاتب لا يمكن أن يجمع كل ما في ذهنه؛ أو بالأحرى كل ما يرفضه، سرأ أم علنا؛ في مقال واحد، وأظن أن الفكرة التي تناولها الأستاذ ييلماز تدور حول حقيقة الانسحاب الأمريكي، وما يدور في الخفاء من اتفاقات بين رئيس الحكومة في زيارته الاخيرة لأمريكا والإدارة الأمريكية، ما هو مخالف للدستور؛ وهكذا وافق الحال مقتضى الحال، ونأمل أن نقرأ لك غدا ما يفضح تدخلات إيران وسياستها في العراق؛ لعلنا نهتدي بك، وذلك ليس بعيب، لك مني أعطر التحايا.


7 - شكر للمتحاورين
ييلماز جاويد ( 2012 / 1 / 9 - 06:18 )
أخواتي وإخوتي الأعزاء
تحية طيبة وبعد
ليس لي الوقت الذي يساعدني في متابعة تعليقات الأعزاء من القراء عليها . وشكراً جزيلاً للجميع سواء الذين يتفقون معي في الرأي أو يختلفون . الحوار بهذا الأسلوب يكون في الأخير بناءً . الذي أرجوه من جميع الذين يتابعون قراءة مقالاتي أن يقرأوها بالتسلسل التاريخي لأن لي منهج في الكتابة والمقالات مترابطة مع بعضها وأي إستنتاج بدون الإطلاع على المقالات قد يكون مبتسراً . لقد حصرت كتاباتي بالشأن العراقي وأظن أني أترجم ما تختلج نفوس أبناء شعبي بدون تمييز لأي سبب . ليست لي ضغينة تجاه الأشخاص بل أتابع أعمالهم فمن يخدم شعبي أكون معه ومن يعمل عكسه أهاجم أعماله
أعيد شكري للجميع

اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح