الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق.. الجغرافيا السياسية

سامي فريدي

2012 / 1 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


العراق.. الجغرافيا السياسية..
الجغرافيا العراقية كانت ضحية مستمرة لعمليات الصراعات الاقليمية منذ عهد الأسكندر المقدوني في القرن الثالث قبل الميلاد حتى يوم قريب. بل أن معاناة العراق التاريخية تعود بشكل أساس إلى إشكااليات الموقع والحدود قبل أي شيء آخر.
اعتمدت الواقعية السياسية لأوربا أوضاع البلدان كما وجدتها عقب انهيار الحكم العثماني، أساسا للتعريف السياسي لها، وبالتالي اعتبار دورها في انتاج حكومات تابعة لعجلتها خلقا من العدم. وهو ما جعل بعض أتباعها ينكرون أي كيان سياسي للعراق، زاعمين في هذا السبيل أن الذي خلق العراق يستطيع أن يلغيه من الوجود. وقد صدقت الولايات المتحدة الأميركية اوهام الغرور الانجليزي واقدمت على الغاء (دولة العراق) وتعيين مجلس حكم محلي تمثلي تحت إدارة –المندوب السامي الأمريكي- بول بريمر باعتباره مستعمَرة أميركية (انجليزية)، متناسين أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة لم تكن قد ظهرت للوجود عندما كانت الدولة العراقية السومرية و الأكدية و البابلية و الآشورية امبراطوريات عالمية تفتخر متاحف بلدانها باقتناء قطع من آثارها ومخطوطاتها القديمة. والمؤسف أن أعضاء مجلس بريمر من المستحلمين بالجاه لم يجدوا السنة في أفواههم.
الصمت السياسي العراقي إزاء ثوابته الوطنية والقومية هو ما أعطى قوى محلية واقليمية ودولية أن تستعدي على كيان العراق وتصادر حقوقه الأساسية، واستعادت ايران أوهامها المريضة في احتلال العراق- كعادتها حين يحصل فراغ سياسي في العراق-، وعادت تركيا تداعب هذر -عثمنتها- في أملاك (أرض الفرهود) وتستخدم حجب مياه رافديه الرئيسين –دجلة والفرات- وسيلة لخنق حياة البلاد، رغم ما في ذلك من خرق للمعاهدات والمواثيق الدولية. ويذكر أن ايران قامت بدور مماثل في الانهار التي تنبع من جبالها وتصب في العراق، كما قامت بأعمال تغيير مجرى بعض الأنهار. وعلى العراقيين أن يتساءلوا ما فعل ساستهم المنتخَبون في هذا المجال. مع أثر تلك الخروقات والتواطؤ العراقي على مستقبل الأرض والزراعة العراقية.
ان المعاهدات التي تلاعبت بالحدود العراقية عبر التاريخ، لم تكن من صنع العراقيين ولم يستفتوا فيها يومذاك؛ وانما هي من أعمال الدول الاقليمية ذات الجوار، وهي دولة فارس من جهة ودولة الروم والعثمانيين على التوالي، وصولا إلى سايكس- بيكو المعقودة بين انجلتره وفرنسه في ظل الاحتلال، وهي الأخرى رغم أنف البلاد وخارج مصادقة أهلها.
العراق الجديد وصور حكوماته وقوانينها الاصطناعية ليست غير محاولة مكشوفة لسلخ العراق ومسخه، وقطعه عن أصوله الحضارية كقوة مركزية في المنطقة والعالم. يعتقد الغرب الأمريكي أنهم يمكن أن يستخدموا العراق الجغرافي لتحقيق جملة أهداف تدميرية في الشرق لضمان الأمن القومي الأمريكي والأوربي. وهذه هي أهدافها..
- استخدام العراق كساحة لاحتدام الصراع السني – الشيعي في الاسلام حتى يتحقق لها ما يلي:
• تدمير الاسلام
• تدمير العراق- تاريخيا
• تدمير ايران- تاريخيا
- تأكيد سيادة كل من تركيا واسرائيل لقيادة السياسة الأقليمية في الوضع الجديد.
- تركيا عضو الناتو والعضو المرشح للاتحاد الأوربي هي العراب الجديد للغرب في شرق المتوسط وآسيا.
- اسرائيل تبرز كقوة اقتصادية وسياسية اقليمية وعالمية.
- ان العالم الجديد بالمنظور الأميركي يشكل فيه كل من العرب والاسلام شيئا من التاريخ والأرشيف السياسي.
- تركيا هي المعادل القومي الاقليمي لوجود العرب بعد أن أثبتت نجاحها في التكيف مع الظروف الدولية المتغيرة وروح الحضارة الغربية.
- اسرائيل اليهودية هي المعادل الديني للاسلام الذي استقى مبادئه الأساسية منها، وأثبتت نجاحها في التكيف والانسجام مع المسيحية الأمريكية وروح خلاص البشرية برعاية الأخ الأكبر الأمريكي.
- لم يعن للكثيرين دور الرسالة الانجيلية في تكوين الوجود الأميركي (usa) وليست تصريحات بوش الأبن ورئيسة الاسكا غير تأكيد واعلان لمبادئ انجيل جورج واشنطن، وحقيقة الرسالة الأميريكية.
لقد لعبت بلدان الشرق الأوسط أدوارا متبادلة ومتناقضة ضد بعضها، وساهمت بنشاط في تفجير نقاط التوتر في الشرق الأوسط خلال العقود السالفة، على أمل الحصول على علامات جدارة في التقرير الأمريكي عن حكومات الشرق الأوسط، ولكن مدى معرفتها بأهداف السيناريو الأمريكي والذي تلعب فيه ثورات الربيع العربي (!!!) بداية فصله الأخير، يبقى لغزا.
غير معقول.. موقف العرب من التقرير الدولي لمنظمة اليونسكو عن اللغات المرشحة للانقراض خلال القرن الحالي، وقد استخدم البعض حماستهم القومية واعتدادهم الاسلامي لنقض التقرير، كتقرير، دون فطنة للرسالة الضمنية وكونه اعلانا أميركيا أكثر من مجرد مسح ميداني.
أما مصدر الغرابة التاريخية، فهو مبرر اختيار ساسة العراق عقب الاحتلال ممن يفتقد أية مؤهلات شخصية أو خبرة سياسية، كدمى تحلم بالجاه، وهو مغزى الصورة الفضائحية الساخرة التي رسمها بول بريمر لهم، وفشلهم المتكرر في سياسات لا يكهنون ظاهرها من باطنها.
(هذا موضوع المداخلة المقبلة!)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء