الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب خروج العدل والإحسان من 20 فبراير

محمد مقصيدي

2012 / 1 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لقد خرجت العدل والإحسان من حركة عشرين فبراير لأنها تمارس السياسة فعلا , وقادة التنظيم حسبوا قرارهم بالميليمتر , لقد دخلوا في الوقت المناسب وخرجوا في الوقت المناسب . إنهم ليسوا من الشباب الذين يصرخون في الشارع من أجل الخبز أو من أجل الظهور في التيليفزيون , العدل والإحسان لها أجندة داخلية وخارجية وهي تنفذها بشكل مدهش . الشعب وحده من يؤدي الثمن
مرة أخرى , نعود إلى الحديث عن جماعة العدل والإحسان , بمناسبة الإنسحاب من الإحتجاجات الشعبية لعشرين فبراير . وقد أجزم الكثيرون من خارج الجماعة على أنه قرار خاطئ للجماعة في وقت خطأ " وكانهم يعرفون مصلحة الجماعة أكثر من قادتها " . بل وتماهى البعض مع ضرورة الإنصات للشباب العدلاويين من طرف قيادات الحركة الإسلامية المغربية الذين يضربون الأخماس في الأسداس , والذين صمدوا في خط النار لعقود من الزمان , فلم تأخذ منهم آلة المخزن لا حقا ولا باطلا . وكان من آخرها صور ناديا ياسين الداعرة " بالمفهوم العدلاوي " في آثينا . إنني أرى وجوها وكأنها تريد أن تقول : من فضلكم عودوا وسنرفع معكم شعار صوم الإثنين والخميس
بعض وجوه 20 فبراير الرزناء جدا والعقلاء جدا جدا , أثنى على الحركة , وشكرهم على العمل المشترك , وهو تكاد مقلتيه تنفجر بالبكاء على هذا الطلاق المفاجئ . بل , حتى أن بعض أفواه 20 فبراير خارج المغرب, أخذت تكيل الذرائع وتلتمس الحجج لهذا الموقف الذي اعتبروه ما هو إلا نتيجة تهور أكلة رمضان وأعداء الله . بيد أن الخروج له أسباب محسوبة سلفا , منها ما هو مرتبط بالمغرب , ومنها ما هو مرتبط بالحركات الإسلامية الدولية وتنسيقاتها التي لا يفهمها هؤلاء
أذكر هنا بالقاعدة التي تقول , كل ما بني على باطل فهو باطل . وأذكر بالمثل القائل بأنه قد خرج من الخيمة أعوج . لم يفاجئني خروج حركة العدل والإحسان , بقدر ما فاجأني ذلك التحالف السياسي الميتافيزيقي الذي حدث بين حركة قروسطوية ثيوقراطية وحركات ظلت إلى وقت قصير تقدم نفسها كممثل للحداثة والإنفتاح ,وطالما أشرنا إلى أن التاريخ هو الحكم الأول والأخير . لأنه بكل بساطة , لا يمكن التحالف مع حركة ديكتاتورية من أجل الإطاحة بالديكتاتورية . والذين تحالفوا منذ البداية سياسيا مع ديكتاتورية العدل والإحسان ضد ديكتاتورية الملك , هم إما ساذجون ولا يفهمون بعد المنطق السياسي , وإما إنتهازيون يبحثون فقط عن مصالح آنية بغض النظر عن مستقبل المغرب .
في العمق , كما كان يقولون منذ حوالي 20 عاما أو يزيد , إن حركة العدل والإحسان هي نفسها حركة الإصلاح والتجديد , يقع الإختلاف فقط في طريقة النضال السياسي . إذ , تتبنى حركة العدل والإحسان مبدأ التغيير من الفوق إلى تحت , بمعنى ضرورة تغيير النظام وقلبه من أجل أسلمة الشعب . في حين تتبنى حركة الإصلاح والتجديد التي ما هي إلا حزب العدالة والتنمية بعد العمليات التجميلية الكثيرة التي تعرضت لها , مبدأ التغيير من التحت إلى فوق . أي أن جوهر وجود الحزب وأهدافه متطابقة كليا لدى الطرفين .
لهذا , سوف يكون من المستحيل أن تدخل العدل والإحسان في تضييق الخناق على حكومة بنكيران الإسلامية , ومن الجهل أن تنخرط مع الحزب الإسلامي بين قوسين بشكل واضح , في ظل النظام السياسي القائم . لهذا كان عليها الإنسحاب من الشارع , لتخفيف الضغوط والإحتجاجات الإجتماعية على حزب بنكيران الإسلامي من جهة بعدما أدت دورها في وصول الإسلاميين للسلطة , ووضع دستور على مقاسهم . ومن جهة أخرى , إعطاء إشارات واضحة للقصر الملكي ومحيطه على قدرة الإسلاميين على ضبط التوازنات داخل المغرب رغم اختلاف توجهاتهم السياسية , وهذا ما سيمنح بنكيران صلاحيات أكبر وسوف يظهره بالشخص القادر على قلب الموازين , بل وقلب الطاولة بأكملها , في حالة نزلت العدل والإحسان مرة ثانية إلى الشارع ونزل معها بنكيران نفسه هو أيضا , وهذا رغم إمكانيته الضئيلة الحدوث , لكنه يبقى واردا , ولا داعي للتذكير بتهديدات الحزب الإسلامي بنزوله إلى الشارع مع حركة 20 فبراير في مناسبات كثيرة منها وقت تعديل الدستور و إبان فترة الإنتخابات . بل , أصلا, إن من بين أهداف خروج العدل والإحسان للشارع هو وصول بنكيران للسلطة , إذا ما دققنا النظر كثيرا . إن خروج العدل والإحسان , ما هو إلا ورقة ضغط جديدة للتيار الإسلامي على النظام المغربي
ثم , لا ينبغي أن ننسى العلاقات الخارجية لحركة العدل والإحسان , وارتباطها مع الحركات الإسلامية في المنطقة , بمعنى المناخ الدولي . إن الحركات الإسلامية خارج المغرب التي وصلت إلى السلطة , سوف لن يكون من مصلحتها أو مصلحة المشروع الإسلاموي ككل ان تتعثر أي من هذه الحركات في الوقت الراهن , لأنها دأبت على التواصل فيما بينها خارج السلطة , والامر ذاته سيتواصل وهم داخل السلطة , ومن الأكيد , أن حركة العدل والإحسان تلقت تعليمات قوية من الخارج بتأجيل مناوشاتها السياسية مع الحزب الإسلامي , ونحن نعرف الدعم الذي تتقاه هذه الجماعات من دول البترودولار .
لا أقول هنا , أن حركة العدل والإحسان متطابقة ميكانيكيا وعضويا مع العدالة والتنمية , بل إن تطابقهما هو جوهري . والصراع الذي يظهر شكليا بينهما على المستوى السياسي أو النقابي ما هو إلا كنقاش حاد بين حبيبين , وما هو إلا لعبة كبرى لتوزيع الأدوار . وهو ما لا يظهر إلا في المواقف الكبرى والحاسمة , وسأذكر هنا مثلا بالإنسجام الكامل الذي حصل بخصوص مدونة الاسرة في مسيرة البيضاء قبل التصويت على المدونة , وما حصل في التضامن المطلق مع المحسوبين على السلفية الجهادية الذين تورطوا في أعمال إرهابية . إن الحركتان تظهران مختلفتان , لكنهما هما هما , وفي حالة سقوط العدالة والتنمية وانهيارها شعبيا , فلاعبو العدل والإحسان يجلسون على دكة الإحتياط للدخول إلى اللعبة التي يكون الخاسر فيها دائما هو الوعي الشعبي والديموقراطية
من الخطأ الإعتقاد أن الحركات الإسلامية السياسية تختلف جوهريا , إذ ليس فقط تتشابه داخل المغرب وحسب , بل هي تتشابه في كل أقطار الشرق الأوسط وشمال إفريقيا , وتتعاون بينها , لأن أهدافها ليست كالأهداف الوطنية والشعبية التي يحملها أكلة رمضان وأعداء الله , فهدفها واحد ووحيد : إنشاء نسخة من نظام طالبان , للذهاب إلى الجنة . أما مغرب الحداثة والمساواة والعدالة , ومغرب العيش الكريم فلا معنى له عند الجماعات الإسلامية , لأنه بالنسبة لهم كل هذا ما هو إلا أمور دنيوية زائلة وزائفة والحقيقة الوحيدة التي ينبغي النضال من أجلها هي الجنة التي لا توجد على الأرض أصلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نرجو ان يتحقق هذا
عبد الله اغونان ( 2012 / 1 / 2 - 20:31 )
وما المانع من هذا التحالف فالمؤ منون اولياء بينهم.العدل والاحسان كانت دائما في
المعارضة وعندما تغيرت قوانين اللعبة يجب ان تغير التكنيك اللعبة

اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين