الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الثورات العربية والمناعة الخليجية

عبد الحميد عبود

2012 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أشعلها البوعزيزي وحق رب المجوس ، البوعزيزي أسقط باب العزيزية ومعه عرش بلقيس في اليمن التعيس جدا ، الربيع العربي يلتهم الصيف والخريف والشتاء ، الشعب يكتب المكتوب بيده ، الشعب يفيق من عُمقِ ليلته، الثورة كالدراجة اذا توقفت عجلاتها عن الدوران تسقط ، البوعزيزي سيسقط أيضا قلعة البعث الحصينة ، حكيم العيون الانكشاري سيكون خامس خمسة ، إنها بداية النهاية ، مسألة ان يسقط مفروغ منها إنما السؤال هو متى يسقط فالطغاة لا يرحلون إلا رحيلا يليق بميغالومانيتهم ، بعد مئة ألف جنازة ، الثورات تشنجات الشعوب ، الانسان هو ابن الشرط الإنساني ، لا يمكن تجاوز مرحلة تاريخية إلا بعد أن تستنفذ مبررات وجودها ، ولا يستطيع أحد أن يسبق زمنه ولا أن يتأخر عنه ، ، نصف قرن من القهر ستنفجر في شكل مفاجآت مفاجئِة ، وتوقعوا أفضل السيناريوهات وأسوأها ، حين يخرج إنسان من نفق مظلم يصاب بالعماء ، على أن النتيجة المنتظرة والنتيجة المتحصلة قد تتباينان ، فالثورات العربية مهددة باتباع الأثر المضلِّل ، عليها ان تحترس من الذين يحرسونها ، شيوخ النفط والطابور الخامس ، أخشى ما أخشاه ان نملأ الفراغ القائم بما هو أسوأ من الفراغ ، الجرب الوهابي ، الالتفاف على الثورات العربية بالسلفية ، وذلك بالانتقال من المواطنة إلى العشائرية ، من الكثرة والتنوع إلى النمط الواحد ، ومن ولاية الشعب إلى ولاية ولي أمر الشعب ، فالعولمة ورأس المال النفطي والبروباغاندا الخليجية وغسل الدماغ المنهجي ، كل هذا يهدد غير الخليجيين بالتناضح مع العنصر الخليجي البدوي في انشداد نحو الأسفل ، التاريخ يمشي بخط متعرج ، خطوة لقدام وخطوتين للخلف ، مهما كان اتجاهه فإن عروش الطواويس ستتهاوى ، سيسقطون كلهم ، تقريبا كلهم ، جلّهم ، سيبقى في رقعة الشطرنج ستة شيوخ نفط "ميدْ إنْ أميركا" ، طوال العمر لا يسقطون ، فالشيء الساقط لا يسقط ، الخليجي ( مأموراً وولي أمر ) يختلف جينياً عن بقية العرب ( الاختلاف هنا تعني التخلف ) ثمة قلاع تسقط من الداخل كالقلعة السوفياتية ، وأخرى تسقط من الخارج كالقلعة النازية ، وحدها القلاع الخليجية منيعة لا تسقط لا من الداخل ولا من الخارج ، ليس لأنها أكثر تحصنا من غيرها بل لأن ساكنوها يعيشون خارج التاريخ ، فالخليجي عنده مناعة وممانعة ضد الثورة ، يجهل معنى التحولات الكبرى والطفرة والحراك والانتفاضة ، الخليجيون إجمالا متحدون مع قياداتهم وما يوحِّدهم هو التخلف الشامل وطمأنينة العبيد والمحدودية ، هذه الأغنام القطيعية تم تدجينها بالبترودولار ، بالوهابية ، بالدوري الكروي والفضائيات ، ناهيك عن الزواج المرتَّب بين شيوخ الوهابية وشيوخ النفط ، والزواج المرتب بين شيوخ النفط وشيوخ الكونغرس ، وقدرة ثروة النفط الخرافية على امتصاص غضب القبائل ( هذا إن حصل غضب) ، البدوي الخليجي بطبعه مُبَرمج على "وَلِيُّ أمري أدرى بأمري " الحرية هذا هو الدرس الذي لا يريد البدوي الخليجي أن يتعلمه ، لا يفهم أن الحرية لا تُعْطى ولا تُأخَذْ لكن تُنْتَزَع انتزاعا، لا يفهم ان الإنسان هو سيّد مصيره المسؤول عما يحدث له وليسَ القدر " ما يصيبنا إلا ما نكتبه ونصنعه بأيدينا، حين يفهم هذا فإنه يكون قد فهم حقيقة كونية ،البدوي الخليجي لا يستطيع ان يعيش في حالة رفض لأن الرفض يتطلب إرادات ، ثمة نساء خليجيات حُرِمن من آدميتهن ولم نسمع عن بوعزيزية خليجية أحرقت نفسها بالنار ، وأما الرجال على غلبتهم فأكثر خنوعا ، والكل (رجالا ونسائا) عربانٌ خام برسم الاقتناع بما تيسر ، وكل هذه معزَّزا ببحبوحة ريعية من مليارات البترودولارات ، الوهابية بأقانيمها الثلاث (صَلِّ ، استهلك ، إخرس ) عصرٌ حجري على أعتاب ألفية ثالثة ، فكرة طفيليّة صالحة للكسل، لا تنضج ولا تولد نفسها ، رؤية سقيمة مشدودة إلى الوراء ، تلك هي أعتى أشكال الدكتاتورية ، ماركة مسجلة للجهل المقدس ، تعزِّز روح الخضوع والاستسلام ، تختزل المرء في وضعية المردِّد ، تقوّي الإنشاء والبلاغة على حساب الفكر الجدلي ، تجرِّد من كل حس نقدي ومن مجرد التفكير ، تنتج ضّعفاء خاضعين وإمّعات ، تعيد إنتاج التخلف واجترار الماضي ، فضلا عن أن البدو الخليجيين بطبيعتهم عاجزون عن استغلال حسهم النقدي لأنهم يخلطون بين النقد النقض ، الوهابية تلغي قوة التمييز في الفرد من خلال الإملاء والتلقين وإقصاء الخيارات ، تشل العقل وتجعل حقله عقيما منتجا للخرافات ، تبطل كل الغرائز الأساسية ، تقزم الخليجي إلى أقل حجمه "هومو أرابيكو " ، تقتل جينات التفكير ، تروِّج لثقافة الطّاعة ، تصادر الوعي في آلية الخضوع للفقهاء وأولي الأمر ، توفر على الوهابيين التجربة لتصنع منهم بشرا مطيعين خاضعين في سيكولوجيا القطعان ، أنظروا إلى مساطرهم ، كلهم يرتدون نفس الملابس ذات الألوان البليدة، ويتحدثون بنفس العبارات السمجة ، ويا ويل من يخرج عن النص ، تصفحوا أي جريدة خليجية (او غير خليجية اشتراها الخليجيون ) وسترون مستوى ضحالة العمق ، أبحروا في أي موقع الكتروني خليجي ، صفر عالشمال ، الخليجيون كانوا دائما طليعيين برفض الطليعية، التزامهم رخو ، لا يلتزمون الا بمصالحهم ، وتضامنهم مع الثورات العربية مُغْرِض ويأتي في سياق الاستباق الدفاعي ، يستفيدون ولا يفيدون وان استثمروا فهو استثمار الأنانية والتخلف والدعارة ، يبنون لنا في الدار البيضاء والرباط وبيروت وتونس مساجدا لتفريخ الأصوليين وبجوار كل مسجد ماخورين من مواخير الفورسيزن، ( هذه هي معادلة التنمية الخليجية حسب نظرية الوليد ابن طلال ) لم يستثمروا فلسا واحدا في بنية تحتية ، لبناء مصنع إنتاجي ، للمدى البعيد ، فالبدوي لا يفهم سوى الاستهلاك وعلى المدى القصير وكل ما يقع بيده يضعه بكرشه حسب قول الملك عبد العزيز ، ان كان كبيرهم يفكر هكذا فكيف يا ترى يفكر صغيرهم ! ليست الديمقراطية وصفة جاهزة برسم من يؤمن بتعدد الزوجات لا بتعدد الأحزاب ، الخليج سيبقى خليجا ، ستظل إناثه عبدات لذكوره وستظل ذكوره عبيدا لفقهائه وسيظل الكل عبيدا لولي الأمر، كل الخليج شواذ والخشية ان ينتقل هذا الشواذ من الخليج إلى المحيط ، إنَ أقرب الناس إلى أبناء عدنان هم أبناء قحطان اليمنيون ، ولكن طوال العمر كاملي الدسم شبعوا وبطروا ولا يريدون أن يتشاركوا بدسمهم مع غلبانين ، يناسبهم ان يظلوا أقلية تحتكر الأكثرية (أقل من 10 بالمئة من الشعب العربي ويملكون أكثر من 90 بالمئة من مقدراته)، ومن هنا نفهم دورهم كمتعهدين للتجزئة ، ليسوا في وارد الثورة بل في منطق الثروة ، يريدون خصخصة الربح وتأميم الخسارة ، لقد شبعوا من جوعنا ، وكلما انخفض سعر دمنا ارتفع سعر نفطهم ، لماذا يحق لروسي يقطن بطرسبورج الاستفادة من غاز سيبيريا الشرقية الواقع على مسافة عشرة آلاف كيلومتر منه، بينما يحق للعربي ابن بور سودان الواقعة على بضع أميال بحرية من جدّة ان يموت من الجوع ؟ انه لغُبْنٌ نحن مسؤولون عنه بسكوتنا ، من الخير للعرب ( للأغلبية الساحقة من العرب ) أن يقع نفط الخليج والخليج برمته في أيد إيرانية واعية للمستقبل ولطبيعة الصراع وللتوازن الاستراتيجي النووي من ان يظل في أيد عابثة ومستهترة ولا تفكر إلا بنزواتها الفورية ، ولا سيما ان هذه الثروات مهدورة على تبذير كيدي في شراء لاعبي كرة وأندية وجهاد شرجي في كازينوهات ماربيا المنوّرة وبانكوك المكرّمة ، يحتاج الخليجي إلى كثير من القرون الوسطى والغولاغات حتى يبلغ سن البلوغ الإنساني ويدرك الضرورة ، ولكننا لا نستطيع الانتظار طويلا في عصر السرعة ، فالحرب الأهلية العربو ـ خليجية وحدها كفيلة بتعجيل قاطرة التاريخ ، كونوا على ثقة بأننا لن نتحرر ولن نجد حريتنا ، ما دامت أحصن طروادة مزروعة فينا ، أليس أخير لنا أن نكون 270 مليون عربي برؤوس مرفوعة بدل أن نكون 300 إعرابي مليون برؤوس مطأطئة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال