الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا إمتعض رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر؟

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2004 / 12 / 31
الحركة العمالية والنقابية


عندما طالعنا البيان الختامي للمؤتمر العام الحادي عشر للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ،الذي اختتم أعماله يوم 21/12/2003 في "دمشق الفيحاء دمشق العروبة والصمود " كما جاء في صدر البيان ، شعرنا بأن الزملاء المشاركين في المؤتمر ، قاموا ببحث القضايا المفصلية والهامة التي تواجه الحركة النقابية العربية خاصة والعالمية عامة ، وإتخذوا قرارات بهذا الخصوص ، إذا تمكن الزملاء في الاتحاد الدولي للعمال العرب من تحقيق جزء منها ، ذلك يعني أن حركتنا النقابية ستسير على الطريق السوي ، خدمة للطبقة العاملة العربية والعالمية أيضا. وفي مقدمة هذه القرارات " التأكيد على مواصلة الجهود لتعزيز الحقوق والحريات النقابية في الوطن العربي ، خصوصاٌ في البلدان التي ما زالت تحظر هذه الحقوق أو تقيدها ...." – البند الثاني من القرار الاول - . بدون شك أن توسيع رقعة الحرية النقابية هو حجر الاساس لاي حركة نقابية ، وكم نحن بحاجة لانتزاع هذه الحريات والحقوق النقابية والعمالية في عالمنا العربي اليوم أكثر من أي فترة كانت ، نحن بحاجة إلى إنتزاع الحقوق لعمالنا الذين يتعرضون الى القمع والاستغلال اليومي ، في ظل البطالة المتفشية في معظم الدول العربية ، مما يؤدي الى رضوخ العمال الى كافة وسائل القمع التي يتعرضون لها يوميا من قبل أرباب عمل فقدوا الحس الانساتي وهم يطمحون الى تضخيم أرباحهم ...على حساب هؤلاء الكادحين الذين يعملون بدون حقوق إجتماعية أو شروط عمل حد أدنى .

البيان الختامي للمؤتمر جاء شاملا في مضمونه للقضايا التي تواجه الطبقة العاملة العربية وحركتها النقابية و"أكد على الثوابت التي تتبنّاها وتناضل من أجلها الحركة العمالية النقابية العربية على إمتداد الارض العربية ." – صحيفة السفير 27/12/2003 – وكما جاء في البند الثاني من الموضوع الاول وهو " في المجال النقابي " حيث تم التأكيد على ضرورة مواصلة النضال "..من أجل صيانة وتوسيع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال العرب ، والدفاع عن منجزات الطبقة العاملة ومكتسباتها ومواجهة محاولات تهميش النقابات وإضعافها . والتأكيد على تطوير هيئات ونشاطا ت الحركة النقابية العربية كي تتمكن من مواجهة التحديات الجديدة ، وتعزيز دورها في أوساط العمال والمجتمع ، على قاعدة الوحدة والتعددية والاستقلالية والعلاقات الديمقراطية والمصلحة الوطنية والقومية." وأشار البيان ايضا الى الخطوات التي تمت في بعض الدول العربية ، والتي تتمحور حول إلغاء المنع القائم على النشاط النقابي الذي كان سرياٌ حتى الآن وإنطلاق النشاط النقابي العلني في تلك الدول ومنها البحرين والسعودية وقطر وعُمان .

القضية الثانية التي أكد عليها البيان الختامي في " المجال النقابي" هي " مواصلة الاهتمام بقضايا المرأة العاملة ، وتعزيز مشاركتها في العمل النقابي ، بما يتناسب ودورها في عملية الإنتاج والمجتمع .وتعزيز الإهتمام بقضايا الشباب العامل ، لاسيما ما يتعلق بالتأهيل والتشغيل، وإيلاء موضوع عمالة الاطفال أهمية خاصة ، عبر وضع التشريعات للحد من الظاهرة ومكافحة أسبابها، إنطلاقا من التلازم بين عمليتي التنمية الإقتصادية والإجتماعية والاهتمام بقضايا المعوقين والعمال المتقاعدين وحقوقهم ." –البند الثالث من القرار الاول - . هذه القضايا تعتبر الشغل الشاغل للحركة النقابية العالمية أيضا وكان مهم جدا ان تجد لها مكان الصدارة في أبحاث وقرارات مؤتمر إتحاد العمال العرب أيضا . ولم يغفل البيان قضايا " تطوير وتفعيل دور الاتحادات العمالية المهنية العربية ، وتقديم كل مقومات الدعم لها كي تتمكن من القيام بالمهام المنوطة بها في نطاق عملها ." – البند 4 من القرار الاول - . لم يغفل بيان القرارات أيضا أهمية تقديم الدعم لدور "منظمة العمل العربية " و" ومنظمة العمل الدولية" حيث تعملات على نشر وترويج وصياغة معايير العمل اللائق ومبادىء العمل الأساسية في العالم العربي مما يشكل رافعة هامة لتطوير علاقات عمل متكافئة بين أطراف الإنتاج الثلاث أي العمال وأصحاب العمل والحكومات ... لكننا نعود ونؤكد أنه بدون اطلاق الحريات للعمل النقابي المشروع في الدول العربية يبقى نشاط منظمة العمل نشاطاٌ استعراضياٌ فقط لا غير .

القرار الثاني في البيان الختامي جاء تحت عنوان " في المجالين الإقتصادي والإجتماعي" يؤكد على ضرورة "بذل المزيد من الجهود لدراسة أثر المتغيرات والتطورات الإقتصادية والتكنولوجية والعلمية ، على عالم العمل والعمال ، ولا سيّما ظاهرة العولمة ، ووضع التصورات والوسائل المناسبة للتقليل من إنعكاساتها السلبية على العمال. " – بند 1 - . ويشير البند الثالث من نفس القرار الى ضرورة العمل على " التأكيد على أن متطلبات مواجهة التحولات الناجمة عن الإنعكاسات السلبية للعولمة والخصخصة، تستدعي تعزيز التكامل الإقتصادي العربي، والحفاظ على مكانة الدولة في الخياة الإقتصادية والإجتماعية على الصعيد القطري،وتحقيق التكامل والترابط بين التنمية الإقتصادية والإجتماعية ." – بند 2-
وأكد البند الرابع في هذا المجال على ضرورة " تعزيز الاعتماد على المفاوضة الجماعية والحوار بين أطراف الانتاج .. في حل قضايا العمل والعمال ، وكوسيلة تحافظ على التوازن الاجتماعي ، وتصون البعد الإنساني في التنمية الإقتصادية ، ولمتابعة تطوير الحقوق النقابية والإقتصادية والإجتماعية للعمال العرب ..." وطالب القرار نفسه بضرورة إعتماد تشريعات العمل العربية وبشكل خاص التشريعات المتعلقة " بالحريات النقابية وحقوق العمال وإتفاقية تنقل الأيدي العاملة العربية .".

وفي القرار الرابع الذي جاء تحت عنوان " حول القضايا المصيرية العربية " تم التأكيد على ضرورة تقديم الدعم "المادي والمعنوي ، لشعبنا العربي في فلسطين ، وإنتفاضته الباسلة ، لتمكينه من الصمود، ..." كي يتمكن من دحر الاحتلال الإسرائيلي من أرضه " وإستعادة حقوقه الوطنية ، المتمثلة بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ." وأكد القرار على إدانة سياسة الحصار وإقامة جدار الفصل وإقامة الحواجز وتدمير البنى التحتية .." إلى غير ذلك من ممارسات قمعية تعسفية وطالب البيان المجتمع الدولي وعلى رأسه المنظمات الشعبية والنقابية الدولية والإقليمية " لبذل المزيد من الجهود لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني ورفع الحصار عنه ." كذلك طالب القرار نفسه ضرورة تقديم الدعم لشعب العراق من أجل .." التخلص من الاحتلال الامريكي – البريطاني ، وتجسيد حقه بتقرير مصيره بنفسه بالطرق الديمقراطية وفق إرادته الحرة ." وتم التأكيد أيضا على دعم سوريا من أجل استرجاع أراضيها المحتلة في الجولان ، ودعم لبنان من أجل استرجاع أراضيه في مزارع شبعا التي تحتلها اسرائيل .وعلى ضرورة وقوف الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي في وجه الضغوط الامريكية و" عدم الرضوخ للإرادة الأمريكية في معالجة الملفات الدولية ، وإنتهاج سياسة الحوار والدبلوماسية والتعاون البناء لحل الأزمات الدولية." وعبر البيان عن دعمه للشعب السوداني والمغربي والصومالي ودعا الى سحب القوات الامريكية والاجنبية المتواجدة في الوطن العربي .

في القرار الخامس الذي تناول موضوع "التضامن النقابي الدولي " أكد المؤتمر دعم العمال العرب وحركتهم النقابية ، لنضال الشعوب ، من أجل رفض الهيمنة وسياسة الحرب ومن أجل قيام عالم أفضل تسود فيه الحرية والعدالة الإجتماعية والديمقراطية والسلام ، وفي سعيها لبناء نظام عالمي جديد على أساس الإختيار الحر والمساواة ..." ودعا المؤتمر إلى " التأكيد على سعي الاتحاد لقيام جبهة نقابية دولية ، في مواجهة سلبيات العولمة الرأسمالية والليبرالية المتوحشة ، على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل وعدم التدخل وإحترام الخصوصيات والمصالح الوطنية ، لتعزيز مكانة الحركة النقابية العالمية في الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية ، ولتحقيق العدالة الإجتماعية ." وقام المؤتمر بعقد جلسات خاصة تتناول القضايا الهامة مثل قضية المرأة العاملة وعقد جلسة خاصة لتكريم عدد من القادة النقابيين لدورهم في الدفاع عن الحركة النقابية العربية ، ولتفانيهم في خدمة قضايا العمال.

انتخاب حسن جمّام أميناٌ عامٌا وإمتعاض سيد راشد

صحيفة " السفير" اللبنانية لم تخف الصراع الذي كان دائراٌ في أروقة المؤتمر خلال فترة إنعقاده بخصوص منصب الأمين العام للاتحاد ، الجانب المصري بقيادة سيد راشد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بادر إلى طرح مرشح من قبل النقابات المصرية يدعى عبد المنعم محمد العزالي ... دون الاخذ بعين الاعتبار مواقف الاتحادات النقابية العربية الاخرى .. التي ترى بالنقابي الجزائري حسن جمّام قائداٌ نقابياٌ جيداٌ ، قاد الاتحاد في أحلك الظروف وتمكن مع زملاءه وفي مقدمتهم السوريين من ترسيخ وتقوية مكانة الاتحاد عربياٌ وعالمياٌ ، ورغم تهديدات سيد راشد العلنية والمبطّنه لعدد من النقابيين العرب المشاركين في المؤتمر ، من أجل ضمان تصويتهم لمرشحة العزالي ، إلا أن هؤلاء رفضوا تلك التهديدات ، والسبب أنهم يرون في المرشح الآخر ، حسن جمّام ، الافضل لقيادة الاتحاد للسنوات الخمس القادمة ... الغريب أن سيد راشد حاول الترويج بأن جمّام مرشح مدعوم من قبل جهات مشكوك في أمرها ؟؟!! يا للعجب هل إتحاد عمال سوريا أو الجزائر أو لبنان وغيرهم مشكوك بهم ..؟! لم يتورع سيد راشد عن إستعمال كلمات تحمل في طياتها تهم عنيفة بل ومغرضة ضد زملاء له ، في الاتحاد ، ذنبهم الوحيد انهم اختلفوا معه في الرأي حول ترشيح العزالي فقط لا غير فلماذا التلميح والتجريح ؟؟. صحيفة "السفير " نقلت بعض ما جاء في البيان الذي أصدره سيد راشد بعد فشل مرشحه ، ...." إتسم البيان بالعتب العنيف على رفاق من إتحادات عربية لم يسمّها ، ووصف المؤتمر بأنه ساحة كانت كواليسها وعلى المكشوف أداة ضغوط ومساومات وإغراءات ومناورات ومحاور ، وأنها كانت عرضة لمحاولات غير عربية !." كما جاء في صحيفة السفير يوم 27/12/2003 وقال راشد في البيان نفسه " كان تقديرنا أن هذا الترشيح المصري سيقابل من المعنيين بما يستحق من قبول وإيجاب ، خاصة لما تصوّرناه من مكانة للتنظيم الذي قام بترشيحه ، والبلد الذي ينتمي إليه ، ويبدو أننا بالغنا في هذا التصور". وجاء أيضا " رأينا بالعين المجردة أن ساحة المؤتمر وكواليسه تحوّلت على نحو مكشوف ومعيب الى ساحة للضغوط والمساومات والأغراءات والمناورات والمحاور ومحاولات الأقصاء والتدخلات غير العربية أيضا.!"وتضيف صحيفة " السفير " في الخبر نفسه أن سيد راشد أبدى إمتعاضه من التوجه والقرار بخصوص جمّام ، لكنه أكد حرصه على الاتحاد الدولي للنقابات العربية ومكانة هذا الاتحاد وضرورة المحافظة على وحدة الصف العمالي العربي ، لذلك قام بسحب مرشحه عبد المنعم العزالي مؤكداٌ مقولة .."... ورحم الله كل امرىء عرف قدر نفسه ".

لا نعرف لماذا إمتعض السيد سيد راشد ... خاصة وان ما جرى كان عملية انتخاب ديمقراطي في مؤتمر سادته الديمقراطية ومعايرها ، وذلك وفقاٌ لما تناقلته وسائل الاعلام .. وحتى الوفد اللبناني الذي سبق وأعلن في بيان صحفي نشرته " السفير" عشية إنعقاد المؤتمر بأنه سيصوت الى جانب المرشح حسن جمّام ، الا أنه خلال المؤتمر لم يكن بموقف واحد بل كان هناك من دعم مرشح سيد راشد ، العزالي .. حسب رأيي هذا قمة الديمقراطية ....لكن على ما يبدو أن النقابيين العرب في المؤتمر كانوا على دراية بالخطر الذي سيحدث جراء انتخاب مرشح السيد راشد النقابي العزالي ، لان السيد راشد كرئيس لاتحاد عمال مصر لم يظهر قيادة عمالية نقابية مستقلة عن سياسة الحكومة المصرية ، بل في معظم المواقف كان الظل الامين لسياستها على حساب عمال مصر وطبقتهم العاملة ، ربما كان هذا السبب الحقيقي لاسقاط مرشح السيد راشد ، لان المؤتمر أكد على ضرورة إستقلالية الحركة النقابية العربية وتطوير حريات العمل النقابي ، وإنتخاب المرشح العزالي الذي يدعمه سيد راشد، معناه التنازل عن هذه الاستقلالية ، وعن النضال من أجل حرية النشاط النقابي العربي، وتحويل الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، الى ظل للسياسة التي تنتهجها الحكومة المصرية اليوم . وهي سياسة قمع حقوق العمال ، وتنفيذ مشاريع الخصخصة ، على حساب حقوقهم واماكن عملهم ، وأخيرا التوقيع على اتفاقيات " مناطق صناعيه حرة " مع امريكا واسرائيل ستؤدي الى عملية إستغلال فظيع ، بل الى عبودية فظة للعمال المصريين الذين سيعملون في هذه المناطق ، لم نسمع موقف سيد راشد من ذلك ولا موقف إتحاد عمال مصر الذي يقوده ، بل لم نشاهد أنه قاد العمال في مظاهرة مناهضة لهذه السياسة التي فرضتها الاتفاقيه المذكورة ؟؟! على ما يبدو فأن إمتعاض سيد راشد كان سببه الفشل في تنفيذ سياسة الحكومة المصرية ، وهي السيطرة على قيادة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، الذي بدأ يسير على طريق الاستقلال خدمة للطبقة العاملة العربية التي تئن تحت وطأة الاستغلال والفقر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقابة الصحفيين تحتفي بمئوية فؤاد المهندس على هامش فعاليات مع


.. مظاهرات في نيويورك احتجاجا على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي




.. وزارة المالية تعلن مواعيد صرف رواتب العاملين بالدولة يوم 24


.. لأول مرة تسليم جوائز هيكل للصحافة في نقابة الصحفيين




.. محتجون يحملون لافتات كاريكاتورية لخامنئي خلال وقفة احتجاجية