الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرباعية الدولية غطاء مستمر للاستيطان

عليان عليان

2012 / 1 / 3
القضية الفلسطينية



عادت اللجنة الرباعية الدولية للانعقاد مجدداً وفي عمان هذه المرة بعد سلسلة زيارات مكوكية قام بها ممثلو هذه اللجنة، وممثل الإدارة الأميركية ديفيد هيل لكل من رام الله، والكيان الصهيوني بغية إعادة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، إلى طاولة المفاوضات المباشرة حيث كان رد قيادة المنظمة في حينه هو: التمسك بشرط رئيسي لاستئناف المفاوضات ممثلاً بوقف الاستيطان وقبول( إسرائيل) بمرجعية العودة لحدود 1967.
وفي جعبة الرباعية الدولية في اجتماع عمان، الذي بدأ أمس الثلاثاء خطتها التي طرحتها في سبتمبر – أيلول الماضي، والتي تتحدث عن العودة للمفاوضات المباشرة، بدون شروط مسبقة بهدف التوصل إلى اتفاق في إطار زمني متفق عليه بين منظمة التحرير ( وإسرائيل)، لا يتجاوز نهاية عام 2012 على أن يتقدم الجانبان بمقترحات حول الحدود والأمن خلال مهلة ثلاثة شهور، وتنتهي في السادس والعشرين من كانون ثاني 2012.
وفي جعبتها أيضا المبادرة الأوروبية التي نقلت إلى رئيس السلطة الفلسطينية عبر أطراف إقليمية، والتي لا تعدو كونها مجرد تظهير لخطة الرباعية الدولية، مع مطلب موجه للجانب الفلسطيني بعدم التمترس عند شرط وقف الاستيطان، كون هذا الموضوع- حسب زعمها- سيحل في إطار مفاوضات الحدود والأمن في إطار خطة الرباعية الدولية .
والقاسم المشترك في خطة أيلول للرباعية الدولية والخطة الأوروبية هو تلبية مطلب (إسرائيل) والإدارة الأميركية، بعدم اشتراط وقف الاستيطان للعودة إلى المفاوضات ، ومن ثم الهروب للأمام عبر الزعم بإنضاج الحلول لقضايا الحل النهائي المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود والمياه والأسرى..ألخ قبل نهاية العام 2012.
وإذا كان الهدف السياسي من طرح مبادرة الرباعية الدولية في سبتمبر- أيلول الماضي، هو ثني الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن الاستمرار في مسعاه لنيل العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة فإن الهدف السياسي الراهن والماكر، الذي يقف وراء تحرك اللجنة الرباعية الراهن هو تعطيل المصالحة الفلسطينية، والحيلولة دون إنجاز إستراتيجية فلسطينية مشتركة لكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني".
وآلية تحقيق هذا الهدف الخبيث، تكمن في إدخال منظمة التحرير مجدداً في دوامة الوعود والعهود الأميركية الكاذبة، ودوامة الوعود والتواريخ، التي يجاهر الإسرائيليون دائما بأنها غير مقدسة، وفي سحب المنظمة مجدداً إلى دائرة المفاوضات المباشرة لخلق "دربكة" في الساحة الفلسطينية، تؤثر بالسلب على مسار المصالحة وعلى مقتضيات ترتيب البيت الوطني الفلسطيني.
ويجب أن لا تغيب عن ذاكرتنا- أثناء رصدنا لهذا الهدف- الحملة الشعواء التي شنتها الإدارة الأميركية، وحكومة العدو الصهيوني على المصالحة الفلسطينية، حين نطق الطرفان الأميركي والإسرائيلي بلسان واحد: "على أبو مازن أن يختار: إما السلام مع (إسرائيل) أو المصالحة مع حماس".
فالإدارتان الاميركية والاوروبية اللتان عملتا ولا تزالا تعملان على احتواء مفاعيل الثورات العربية، وحصرها في حدود معينة بحيث لا تؤثر على مصالحهما في المنطقة العربية، وعلى أمن الكيان الصهيوني تعملان بشكل منسق، من خلال اللجنة الرباعية على تعطيل ملامح الربيع الفلسطيني، القائم إرساء أسس المصالحة وعلى إجراء مراجعة نقدية وجريئة، لمسيرة المفاوضات البائسة على مدى ستة عشر عاماً، بهدف طرح البديل الوطني السياسي المقاوم في المرحلة القادمة.
واللجنة الرباعية الدولية المشكلة نظرياً من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا والإتحاد الأوروبي منذ عام 2002، هي في الممارسة العملية تلتزم بالسياسة الأميركية، حيال القضية الفلسطينية وهي في التحليل النهائي أداة أميركية بامتياز، ويسهر على انحيازها خدمةً للبرنامج الصهيو- أميركي، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير الذي سبق أن أعلنت قيادات عديدة في السلطة الفلسطينية تبرمها وسخطها من انحيازه الكامل، والمكشوف للكيان الصهيوني.
ولا نحتاج لسرد الأمثلة لتبيان حقيقة الدور الذي تمارسه اللجنة في التغطية على إجراءات العدو الاستيطانية في القدس وعموم الضفة الغربية المحتلة، فقط نذكر أن خطتها منذ تأسيسها " خارطة الطريق" رتبت على جانب السلطة الفلسطينية وقف العنف" المقاومة المسلحة" ورتبت على الجانب الإسرائيلي وقف الاستيطان.
ففي حين التزمت السلطة الفلسطينية – ويا للأسف بما هو مطلوب منها بوقف المقاومة، عبر إطلاق يد أجهزة دايتون بهذا الخصوص لتجريد فصائل المقاومة من سلاحها، وعبر أيضا حل كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح ودمج أعضاءها في المنظومة الشرطية الفلسطينية، لم تلتزم (إسرائيل) نهائياً بما هو مطلوب منها بشأن وقف الاستيطان، بل قامت بمضاعفة الاستيطان، حيث لم نسمع ولم نقرأ منذ تأسيس هذه اللجنة وخارطتها، أية إدانة من قبلها لعمليات الاستيطان والتهويد ، ولم نقرأ أو نسمع بأي إجراء عقابي أو سياسي من قبلها بحق (إسرائيل) على صلفها وغطرستها الاستيطانية.. ولم نسمع ولم نقرأ أي تثمين لدور السلطة جراء التزامها الصارم بوقف العنف بل كنا نسمع المطالبات المتكررة لها بالاستمرار في هذا النهج.
واللافت للنظر تجاوز اللجنة الرباعية، في خطتها الأخيرة لشرط وقف الاستيطان، وحثها قيادة المنظمة عدم الوقوف عند هذا الشرط متجاهلةً حقيقة أن هذا الشرط ليس شرطاً فلسطينياً فحسب، بل شرطاً والتزاماً مرتباً على ( إسرائيل) في خطة خارطة الطريق!!
قد يفسر البعض مشاركة وفد منظمة التحرير في لقاء عمان بأنه استجابة لمطالب وضغوط إقليمية ودولية، وأنها تأتي في سياق تكتيكي وليس أكثر، لكن أطرافاً فلسطينية عديدة، باتت تخشى من عودة المفاوض الفلسطيني للمفاوضات المباشرة تحت عنوان "لقاءات ثنائية" مع المفاوض الإسرائيلي إسحق مولخو، كما بررها الدكتور صائب عريقات.
صحيح أن الجانب الأردني- الذي يستضيف اللقاء- يتبنى ذات الموقف الفلسطيني ويدعمه، لكن يجب الإشارة إلى أن (إسرائيل) هي المستفيدة الرئيسية من هذا اللقاء الموسع، من زوايا عديدة أبرزها:
أولاً: أن اللقاء في إطار الرباعية الدولية يشكل خطوة فلسطينية إلى الوراء بعد أن خطت في سبتمبر- أيلول الماضي، خطوة مهمة إلى الأمام عنوانها الضمني: نقل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة وعدم تركها في ملعب الإدارة الأميركية، وملعب الرباعية الدولية.
ثانياً: أن اللقاء يستهدف عملياً تمييع الموقف الفلسطيني الذي كان يشترط استئناف المفاوضات بوقف الاستيطان وقبول الكيان الصهيوني بمرجعية حدود 1967 ، بما يؤدي إلى ضرب الوفاق الفلسطيني الراهن، المنبثق عن اتفاق القاهرة في مايو- أيار 2011.
ثالثاً: أن اجتماع عمان قفز حتى عن بند رئيسي في المبادرة الأخيرة للرباعية الدولية، ينص على "أن يتقدم كل من الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي بمقترحات للجنة الرباعية، تتعلق بالأراضي والأمن خلال ثلاثة شهور" ففي حين قدم الجانب الفلسطيني تصوره بشأن الأراضي والحدود والأمن، رفض الجانب الإسرائيلي تقديم أي اقتراح أو تصور تحت زعم "أن مكان تقديم الاقتراحات الوحيد هو طاولة المفاوضات المباشرة فقط".
رابعاً: أن اللقاء يساهم في فك العزلة السياسية الدولية عن (إسرائيل) بعد أن غدت منبوذة في الأمم المتحدة، أثناء الحراك الفلسطيني الأخير في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
لا بد من التحذير مجدداً من مغبة الرهان على هذه اللجنة المنحازة للكيان الصهيوني، و من أية إمكانية للرهان على الإدارة الأميركية.
فاللجنة منذ إنشائها كراعية للمفاوضات المباشرة شكلت من خلال مواقفها غطاءً سياسياً للاستيطان، ولا تزال تلعب مثل هذا الدور حيث أنها عشية اجتماع عمان، لم تحرك ساكناً في مواجهة الهجمة الاستيطانية الجديدة في محيط القدس" حي سلوان" "وجيلو" قرب بيت لحم وفي مواجهة الإعلان عن الخطط لهدم مئات المنازل في الضفة الغربية في المنطقة المسماة"ج"، وآلاف المنازل في القدس الشرقية وفي مواجهة المخطط الإسرائيلي المعلن، بشأن بناء جدار على طول نهر الأردن.
وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي سبق وأن لحست مواقفها بشأن وقف الاستيطان، بعد أن نضجت بالكامل في " طنجرة الضغط الإسرائيلية"، تتماهى منذ فترة بشكل كامل مع السياسة الإسرائيلية وأحياناً تزاود عليها، في المسائل التي تتعلق برفض وقف الاستيطان كشرط لاستمرار المفاوضات، والتي تتعلق بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
إن المسؤولية الوطنية تقتضي من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تضع حداً لمسلسل الرهانات، على الإدارة الأميركية وأداتها الرباعية الدولية، وعليها أن تجعل من تاريخ 26 يناير- كانون ثاني الجاري نقطة فاصلة بين مرحلتين، بحيث يكون الشعب الفلسطيني أمام إستراتيجية وطنية جديدة وجامعة ترتكز من جهة على المقاومة ومن جهة أخرى، على الحراك السياسي والدبلوماسي ومجاله هذه المرة الأمم المتحدة، وليس المفاوضات البائسة مع العدو الصهيوني في إطار خارطة الطريق.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني