الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطغيان والشرق العربي

تيسير خروب
كاتب وباحث

(Taiseer Khroob)

2004 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ليس للطغيان صوره واضحه000فمتى استغلت
السلطه بارهاق الشعب وافقاره تحولت الى
طغيان ايا كانت صورته00!
جون لوك
اننا نحن الملوك نجلس على عرش الله
على الارض0!
جيمس الاول ملك انجلترا
ايها الناس: انما انا سلطان الله في ارضه
ابو جعفر المنصور/ الخليفه العباسي2
000قبل الحديث عن الطغيان واشكاله والخوض في ماهية الطغيان والطغاه في الشرق العربي تاريخيا اود ان اذكر ان بحثي هذا هو عباره عن دراسه تقريبيه وابراز بعض الحوادث التاريخيه وطرحها للدراسه والمناقشه اكثر ما هي اصدار احكام بحق الطغاه 000
000كان اول من استخدم كلمة طاغيه tyrannos هو الشاعر اليوناني ارخيلوخوس قبل الميلاد عندما وصف بها ملك ليديا اليونانيه جيجز الذي استولى على العرش بالقوة واطاح بملكها السابق حيث يقول الشاعر بوصفه الحاله : انا لا اهتم بثروة جيجز gyges وانا لا احسده . كما انني لا اغار من اعمال الالهه ولا ارغب ان اكون طاغية ….
على اعتبار ان ملك ليديا هذا اغتصب العرش بغير وجه حق . وهناك رأيا اخر يرد الكلمة الى القبائل التركيه القديمه التي كانت تسكن تركستان الحاليه وكان الفرس واليونانيين يطلقون كلمة توران على هذه المنطقة ومعناها طاغية اوعات فصارت كلمة تركي مرادفه لكلمة بربري . ويقول البستاني : طغى فلان أي اسرف في المعاصي والظلم والطاغية هو الجبار والمتكبر . وهذا يعني انه من تولى حكما فاستبد وطغى وتجاوز حدود الاستقامه والعدل .
اما من حيث الشكل الدستوري لهذا الحكم فلم يكن للطغيان دستورا ولا للطاغية قانون محدد فيكفي انه حاكم تتمركز جميع السلطات في يده فلا قانون الا ما يأمر به حتى ولو خالف امره هذا امرا سابقا يخص الحادثه نفسها00ولهذا فلا غرابة اذا ما وجدنا التناقض شائعا في حكم الطغاه ومرات كثيره تكون القرارات التي اصدرها مبنيه على الانفعال الوقتي 00ومن الامثله على ذلك ما رواه السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء من ان المهدي(715_785م) ثالث خلفاء بني العباس حكم على الشاعر صالح بن عبد القدوس البصري بالاعدام لتعرضه للعباسيين شعرا فيأتي اليه يستسمحه ويمدحه شعرا فيعفو عنه 00لكن قبل ان يخرج من المجلس يتذكر المهدي شعرا آخر له يغضبه فيستوقفه ليقول له الست القائل كذا وكذا00؟ فيعيد فيه حكم الاعدام مرة ثانيه00! فأي ارتجال هذا الذي يحكم به خليفه بالاعدام ثم يعفو ثم يعود لعقوبة الاعدام في ساعة واحده وقد يكون حدث هذا كله في خلال دقائق معدوده0
000وما دام الطاغيه لا يعترف بقانون او دستور في البلاد فأن ارادته هو تصبح هي القانون الذي يحكم00يسخر كل موارد البلاد لاشباع رغباته وارضاء طموحاته الى توسيع ملكه والاغاره على جيرانه لتدعيم سلطنة وزيادة ثروته0 وينفرد مثل هذا الحاكم بخاصيه اساسيه في جميع العصور وهي انه لا يخضع للمسائله او المحاسبه ولا للرقابه00وهكذا يقترب الطاغيه من التأله ! حيث ورد في كتب التاريخ الاسلامي ان الخليفه الاموي الوليد بن عبد الملك (705_715م) سأل ذات مره جلساءه ( ايمكن للخليفه ان يحاسب00؟!) فشهد له الحاضرين : ما على الخليفه حساب ولا عذاب
00وكما ذكرت في بداية بحثي عن الحياديه وعدم اطلاق الاحكام فأني اود ان اقول ان الصوره المثاليه الرائعه للدوله الاسلاميه كما صورها لنا القران الكريم وبينها وفسرها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم غير دولة التطبيق العملي الذي مارسه الحكام المسلمين على مدى قرون طويله00نعم كانت هناك فتوحات وانجازات حضاريه عظيمه واهتمام بالعلم والعلماء في مختلف العلوم00لكن بالمقابل كان هناك ظلم واستبداد ومصادره للحريات وقتل بالشبهه وتشريد وملاحقه وقد نجد من الحكام مثل الخليفه العباسي السفاح يقتل خصومه بالمئات من بني اميه لمجرد انهم من بني اميه00! وهناك امثله كثيره في تاريخنا الاسلامي تبرز مظاهر الحكم الطاغي وليس في ذلك انتقاص لنظام الحكم الاسلامي فهذه كلها ممارسات اتخذت زيا اسلاميا في ظاهرها لكنها لم تكن كذلك في الحقيقه والواقع0
00فأذا كان هناك واقع ومثال في الدوله الاسلاميه فأن ما يهمنا في هذا البحث هو الواقع وما حصل فعلا لان الحاضر موصول بالماضي ولا زلنا متأثرين الى هذا الوقت بما حصل في تاريخنا القديم00لان تلك الرواسب والسلبيات والاخطاء لا زال اثرها موجودا في حاضرنا فأذا لم ندرس ونفهم ما ضينا على حقيقته فأننا لن ننجح في صنع وبناء مستقبلنا0
00ومن العجب ان نجد واحدا من الباحثين والمؤلفين المسلمين القدامى في المسائل المتعلقه بنظام الحكم وهو ابو الحسن الماوردي المتوفي سنة 540 هجريه صاحب كتاب ( الاحكام السلطانيه ) يوصي بعدم نشر الكتاب الا بعد وفاته ! وذلك خوفا من بطش الخلفاء العباسيين وطغيانهم لانه تحدث في كتابه عن هذا الطغيان وذمهم وبين لهم سبل الحق وان عليهم اتباعها0
00والاستفتاء اليوم على الحاكم وفوزه ب 99.99% هو نفسه نظام البيعه في التاريخ الاسلامي وهو اجبار الرعيه على البيعه للحاكم والتسليم بأمره مهما كانت صفاته وتصرفاته وسلوكياته ما دام مسلما ولا يتهم بالكفر او الزندقه00! وكثيرا ما نقلت لنا كتب التاريخ الاسلامي عن تولية العهد لاطفال00وليس اكثر استخفافا بالرعيه وعقولها من ان يبايعو على ما هو مكتوب في قرطاس مختوم ولا يعرفون ما فيه00!!وبنفس الوقت لا يجوز شرعا حسب تشريع فقهاء الحاكم الخروج عليه او اقصاءه بالقوه او حتى الجهر بأستبداله00! فعندما افتى الامام مالك بن انس رحمه الله للناس :ليس عليهم طاعه لخليفه ما داموا اجبروا على بيعته بالقوه0 فما كان من الخليفه العباسي ابو جعفر المنصور الا ان امر بجلده وهو عاري الجسد غير مستور العوره تشهيرا به! فلا اهميه لرضى الناس وكراهيتهم للحاكم حتى لو كان تسعه من عشرة مواطنين ساخطين على الحاكم ما دام العشار منهم مسلحا00! صحيح ان هناك امما كثيره غيرنا حكمها طغاه منذ اقدم العصور في اليونان حيث يؤرخون عام 650ق م بأنه عصر الطغاه وفي بلاد الرومان كانوا يقيمون المبارزات للعبيد مع الحيوانات المفترسه للتسلية والمتعه وفي بلاد فارس كانت الرعيه تسجد في حضرة الملك كسجود المسلم للصلاه 00وهناك امثله كثيره غير ان المدقق في تاريخ الشرق العربي يجد ان نظام الحكم المطلق اكثر شمولا واشد ظلما وقسوه من نظيره عند الامم الاخرى0
00فقد انشأت الدوله العباسيه دائره للبحث عن الزنادقه والمتهمين في دينهم ذريعة لتعقبهم ومعاقبتهم بالتعذيب والحبس والقتل وذلك لتخلصهم من خصومهم السياسيين او الناصحين لهم في تحسين سيرتهم كما فعلوا في الاديب عبد الله بن المقفع صاحب الحظ العظيم في الادب العربي والثقافه اليونانيه وترجمته الكثير من العلوم الاجنبيه وخاصة اليونانيه الى اللغه العربيه هذا الاديب تجراء وكتب رسالة الصحابه وارسلها الى الخليفه ابو جعفر المنصور يشير فيها عليه بالاهتمام بالرعيه وضمان ارزاقهم واقامة العدل فيهم وان يضع القوانين التي تحميهم من جور وظلم الولاه فما كان من الخليفه المنصور الا ان ارسل الى والي البصره سفيان بن حبيب يأمره بقتله فدعاه هذا الى مقصوره بها تنور تشتعل بها النار فأخذ يقطع من جسمه اجزاء ويضع كل قطعه في النار وهو يراها تحترق حتى مات00!!! وقيل للناس انه زنديق خارج عن الدين0
00وهكذا يظهر الاستبداد الشرقي على انه الصوره الاشد قسوه ووحشيه للسلطه المطلقه000 ففي مصر القديمه كان الفرعون اله يحمل الالقاب الالهيه وبنيت له الاهرامات الضخمه لتحفظ جسده بعد موته وكأنه اراد ان يخلد ويعبد حتى بعد زواله وزوال حكمه وسيطرته00وكذلك الحال في العراق القديم00حتى عندما غزا الاسكندر المقدوني بلاد الشرق وفتح مصر استقبله الكهنه ورجال الدين فيها استقبال اله ومخلص وعندما كان يجلس في قصره كان المصريون على مختلف مراكزهم يسجدون له كما كانوا في سابق عهدهم مع الفراعنه000فحازت هذه الصوره على اعجاب الاسكندر فطلب من اليونانيين ان يسجدوا له كسجود المصريين في حضرته 00فما كان من احد قواده الا ان انفجر ضاحكا من طلب الاسكندر ومستغربا ذلك في الوقت نفسه لان عبادة الحاكم لم تكن معروفه في بلاد اليونان رغم وجود الطغاة عندهم00فتراجع الاسكندر عن طلبه وابقاها حصرا على المصريين ما داموا يريدون ذلك0
00فصدام حسين في العراق هو رئيس الجمهوريه ورئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحه ورئيس مجلس قيادة الثوره والامين العام للقياده القطريه00وفي الليله التي مات فيها جمال عبد الناصر في 28 ايلول 1970م ذهل العالم لما شاهدوه من العرب على امتداد اقطارهم وبوجه خاص في مصر وما فعلوه من بكاء وعويل على نحو هستيري حيث سار في جنازته الملايين يصرخون 000وقد بدا ذلك للغرب شيئا غير مفهوما على الاطلاق
وغير مقنع لدى العقل الاوروبي ولم يستطيعوا ان يفهموا تلك الحاله من الاكتئاب الجماعي التي بدت لهم كوباء انتشر خلال ساعات معدوده فأستسلم الناس له حيث فقدوا القدره على تمييز ما يفعلون فغاب عنهم عقلهم الواعي وتركوا انفسهم لمجموعه من الانفعالات النفسيه الحاده0
00وهنا يعتقد ارسطو ان هناك اناسا مهيئين بطبيعتهم لان يكونوا عبيدا خلقوا لخدمة غيرهم وهناك الاعلى والادنى في الطبيعه ومن الافضل ان يحكم الاعلى وعلى الادنى ان يطيع 0 ومن هنا نجد ان بعض الناس هم بطبيعتهم ساده وبعضهم الاخر عبيد0 وقد جعل من الاغريق الساده الاحرار وهم لا يجوز استرقاقهم لانهم ورثوا الروح العاليه والشجاعه اما الشرقيون العرب فهم في طبيعتهم عبيد0 وعلاقة السيد بالعبد هي علاقة الطاغيه0 وهو يعتقد ان الازواج في الشرق يعاملون زوجاتهم على انهن جواري وتوابع للرجل وما اولاده في حياته سوى خدم له في المنزل وعمال في الحقل00! وان الشرقيين يستسلمون لطغيان الحاكم على انه امر طبيعي لا يجدون فيه غضاضه فهم لا يحتجون ولا يتذمرون0
00وفي النصف الثاني من القرن ال18م ذهب مونتسكيو (1689_1755م) الى ان الاستبداد نظام طبيعي بالنسبة للشرق وان الحكومه المستدبه هي اصلح ما يكون للعالم الاسلامي العربي 000 وهنا نعارض مونتسكيو في حكمه الثاني لانه يكون قد درس التاريخ الاسلامي واطلع على مجريات الاحداث المروعه فيه000 لكنه لم يطلع على حقيقة الدين الاسلامي وما يدعو اليه القرآن وفسرته السنه النبويه0
نحن نعترف ان الشعوب التي اعتادت حكم الطاغيه لسنوات طويله قد نجد لديها استعدادا للتسليم بحكمه والخضوع لارادته
فهل الشعب العربي من ضمن هذه الشعوب000؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت


.. تأجيل محاكمة ترامب في قضية الوثائق السرية | #أميركا_اليوم




.. دبابة إسرائيلية تفجّر محطة غاز في منطقة الشوكة شرق رفح


.. بايدن: لن تحصل إسرائيل على دعمنا إذا دخلت المناطق السكانية ف




.. وصول عدد من جثامين القصف الإسرائيلي على حي التفاح إلى المستش