الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشكالية العقل الكوردي (ضعف جاذبية الأرض)

ئارام باله ته ي

2012 / 1 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اشكالية العقل الكوردي
(ضعف جاذبية الأرض)

لابد أن أشير في البداية الى أن هذه المقالة قد تكون محفوفة بالمخاطر والمزالق من الناحية العلمية ، لأننا لم نعتمد على دراسة أركيولوجية معمقة للوصول الى حقائق غير مشكوكة في علميتها . لكن بعض المشاهدات اليومية أو بعض النتائج المترتبة على تصرفات بعض الجهات أو الأشخاص ، دفعتنا الى هذا الأستنتاج . دون أن ندعي أن الفكرة غير قابلة للدحض .
أثناء دراسة التاريخ الكوردي يعتقد المرء أن العلاقة بين أرض كوردستان وانسانها ، لاتتمتع بجاذبية قوية ، دون أن يكون لذلك علاقة بقوانين الفيزياء !! .
يذكر (باسيل نيكيتين) في كتابه (الكرد – دراسة سوسيولوجية وتاريخية) ، أن أعمق دراسة قدمت عن طبائع الكورد ، هي الدراسة التي قدمها الدكتور (هيملوت كريستوف) والتي يقسم فيها الكورد الى أربعة أقسام وفق اعتبارات سياسية وأجتماعية . أذ هناك نوعان ، هم رعاة المواشي ، نوع المقاتلين الرحل ، ونوع من أنصاف الرحل . بل أن المؤرخ الأمريكي (ديفيد مكدول) يذهب الى أن عبارة (الكردي) في زمن الفتوحات الأسلامية كانت تعني (البداوة) . وربما يجد (نيكيتين) عذرا لهذه الظاهرة بقوله ( ان الظروف المناخية وطبيعة التربة وتكوينها هي التي جعلت من الكردي منذ قرون خلت مربيا للمواشي ويرتحل من مكان لأخر لا فلاحا مستقرا في مكانه ) . أذن ليس هناك أستقرار دائم على الأرض ، وهذا بطبيعة الحال يولد ما أسميناه (ضعف جاذبية الأرض) لدى الأنسان الكوردي . ان (البدوي) لايقدر قيمة الأرض ولايستغل بقعة معينة بصفة دائمية ، مادام أرض الله واسعا أمامه . اننا هنا امام اشكالية الأنتماء الحقيقي ، ومدى تعلق الأنسان بأرضه .
ان العقل الجمعي الكوردي لم يتخلص بعد من (عقلية البدو) ، ولازالت تصرفات الفرد الكوردي في جوانب عدة (بدوية) ، بكل ماتحمل كلمة (البدوي) من معاني في العلوم الأجتماعية ، من ضعف جاذبية الأرض ، وغير ذلك من التصرفات غير المتمدنة . وليس كما فهمه البعض ذات مرة عندما وصفت عقلية المجتمع بأنها عقلية بدوية ، باني أعني بذلك عشيرة بعينها !! ، بل نحن نتحدث عن حالة اجتماعية تراكمت بفضل عوامل تاريخية ، لابد أن نعتق المجتمع الكوردستاني والفرد فيه من شوائبها . ان هذه العقلية تحول دون وجود (ذاكرة جمعية كوردية) مركزية واحدة منجذبة لترابها ومن يشارك في هذا التراب ، بالدرجة الأساس .
بعد الجريمة الشنعاء التي أرتكبها الجيش التركي والتي راح ضحيتها قرابة أربعين كوردي في كوردستان الشمالية ، بقي غالبية الأسلاميين عندنا مترددين في ادانة (تركيا – العدالة والتنمية) بطريقة صريحة لا لبس فيها ولا شعور بالأحراج جراء ذلك . بل كان تنديدا على أستحياء ، في حين ألقى البعض باللائمة على الجيش لتبرئة الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) الأخوانية . ربما نسي هؤلاء أو تناسوا ، أن القائد العام للقوات المسلحة التركية هو من العدالة والتنمية !! . هذا لايعني أن الكثيرين من (العلمانيين) الكوردستانيين ، لايفضلون الأخرين على شركائهم الأسلاميين في كوردستان ! . أننا هنا أمام ادانة صريحة لهذه الثقافة المغروسة لدى الطرفين والتي تقف حجرة عثرة في خلق ذاكرة جمعية موحدة للكورد ، وما لهذه العقلية من اثار وتداعيات سلبية . أن القائد المفكر (عبدالله أوجلان) يحذر من أن (المجتمعات المفتقدة لذاكرتها لن تنجوا من التعرض بكل سهولة للأستعمار والأستغلال والغزو والأنصهار ) . هل بوسعنا أن ننكر أن تاريخنا كله يدور في هذا المضمار منذ سقوط (ميديا) ؟ . هل يمكن أن نكون أقرب للترك أو العرب او الفرس أو غيرهم ، من الكورد أنفسهم ؟ . مهما اختلفت رؤانا وقناعاتنا الأيديولوجية ومصالحنا الحزبية ، يجب أن تكون مصلحة كوردستان فوق كل الأعتبارات الأخرى . لست هنا بصدد الترويج لنظرية عنصرية قومجية ، بل ادعوا الى المساواة بين الكوردستانيين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم ، وفي الوقت نفسه لابد أن نسعى الى مساواة الكورد ببقية جيرانهم .
ان المرحلة المقبلة التي ستشهدها المنطقة ، قد تكون بالغة الخطورة والحساسية ، مع وجود ثورة في سوريا يمثل الكورد جزءا مهما منها ، وتأزم العلاقة بين ايران والغرب على خلفية عدة ملفات قد تصل نتائجها الى اندلاع حرب طاحنة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لابد ان نأخذ الوضع العراقي المتشظي بنظر الأعتبار في ظل العملية السياسية الشبه المنهارة . أي أن المنطقة بصورة عامة مفتوحة على كل الأحتمالات ، ويتوجب على الساسة الكورد أن يستعدوا لأسوء السيناريوهات ، من خلال اعلاء مبدأ (كلنا كوردستانيون ، كوردستان لكلنا ، ذاكرتنا الجمعية واحدة ) . لعل هذا من شأنه زيادة الجاذبية المفقودة بيننا وبين أرض كوردستان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشكلة المشاكل ... و الحقيقة المرة ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 1 / 5 - 01:53 )
بداية تحياتي لك يا عزيزي ئارام وتعليقي ؟
1 : إن مشكلة المشاكل عند الكرد ليس فقط إنعدام الجاذبية ألأرضية لديهم بل أيضا إزدواجية الشخصية في ألإنسان الكري بسبب ألإستعمار ألإسلامي ؟

2 : هذا ألإستعمار الذي الذي لم تتفتح قريحة العقلية العربية إلا عليه ، والذي كان حصان طروادة للتغلل في المنطقة والنجاة بها من من قساوة الصحراء ، فخلق هذا ألإستعمار إشكال ألإنتماء ليس فقط للإنسان الكري بل لكل ألأقليات المتأسلمة ، والذين بالحقيقة لم يكونو في الحقيقة فيه إلا خدم منبوذين ومرتزقة مأجورين ؟

3 : ويبقى السؤال المنطقي ، إذا كان العرب محقين في الدفاع عن إستعمارهم هذا لأنه بسقوط ألإسلام تسقط قلعة العروبة بسهولة والتي هى أصلا مغروسة في رمال متحركة والتي يشوبها العيب والغيب ، فهل سيستفق ألكرد قريبا لينتهو من إزدواجية ألإنتماء هذا أم سيبقو أسرى الخوف والتخلف وقناعات ألأخرين إلى أمد بعيد ؟

4 : لاخلاص للكرد إلا بالتحرر من هذا ألإستعمار الذي لم يجعل منهم إلا خدم ومترتزقة منبوذين ليومنا هذا ومطية للأخرين وحتى يتخلو منه ومن مثلث الموت المحيط بهم لنا تعليق أخر إن شاء الرب وعشنا ، سلام ؟


2 - ملاحظات 1
آكو كركوكي ( 2012 / 1 / 5 - 10:28 )
ملاحظات
عزيزي كاك ئارام تحية وأهلاً بعودتك
مقالة جميلة بأسلوبها اللغوي، وموضوعها الإجتماعي السياسي العلمي، وبمنهجها النقدي، أما حول بعض الجزئيات فلدي الملاحظات التالية:
أولاً: ليس بعض الأسلاميين فقط، ولكن حزبي السلطة أيضاً لم يدينوا الجريمة المذكورة ،وكان موقفهم هزيل.
ثانياً: لو رجعنا الى التأريخ فإن الترحل والهجرة كانتا خصلتان تكاد تتشارك فيها الكثير من المجاميع البشرية، ولا يختص بالكرد وحدهم. أما عن الحضارات التي نشأت في عصر الأمبراطوريات، فقد ذكرت أنت دولة ماد التي نشأت في منطقة كوردستان. وأصلاً أكتشاف الزراعة التي علمت الأنسانية الأستقرار والأنجذاب الى الأرض قد حدث في كوردستان.
ثالثاً: مفهوم البداوة كما طرحها الوردي وأبن خلدون مثلاً، كان يُعنى به العصبية القائمة على الدم والقرابة بين أفراد الجماعة وهذه العصبية نفسها تحتم انساق من القيم والمعايير الثقافية البدوية. وهذا كله ناتج عن الظروف القاسية للصحراء، من جفاف وقلة الماء والحرارة والبرودة القاسيين. والترحل عامل مساعد على العصبية ولكن ليس العامل المقرر.


3 - ملاحظات 2
آكو كركوكي ( 2012 / 1 / 5 - 10:30 )
رابعاً:بناءاً على ثالثاً يمكننا أيضاً أن نسقط مفهوم الثقافة البدوية على المجتمعات الأخرى، كالكورد مثلاً، ليس عن طريق البحث في تأريخها فيما لوشهدوا عمليات ترحل وهجرة أم لا. ولكن في البحث عن نظام العلاقات بين الأفراد، فيما لو كانت علاقات تقليدية قائمة على القرابة والدم أم علاقات حديثة قائمة على القانون، والمصلحة المتبادلة، وتوزيع الأدوار، والمكانة، وتقسيم العمل، والمدنية. عموماً إن التصنيف الى مجتمعات تقليدية وحديثة هي الأدق والأكثر ملائمةً برئي.
خامساً: وجود الدولة بمؤسساتها كالتربية والتعليم والجيش والقضاء والأعلام وغيرها. تلعب دور كبير في نقل المجتمعات من التقليدية الى الحداثة وحتى في بناء ما أسميتموه بالذاكرة الجمعية وحب الوطن. أنظر الي الدولتين التركية والأيرانية كيف بنتا أمتين منجذبتان الى أوطانها وأمتها بل إنها أستطاعت من التغلب على التبعية الى الثقافة العربية والأسلامية بتحوير الأسلام بما ويتناسب أمتيهما.


4 - ملاحظات 3
آكو كركوكي ( 2012 / 1 / 5 - 10:30 )
سيدي العزيز كما تعرف فأن أم مشاكل الكوردستانيين هو فقدانهم للدولة...فتراهم ضائعيين مشرذمين فاقدي الهوية... قريبين للبصرة وبغداد وللأسلام في مكة وأنقرة وكربلاء وقم وطهران أكثر من قربهم الى أخوتهم في الثقافة واللغة والمصلحة الواحدة والتاريخ والجغرافية الواحدة واللذين لا يبعدون عنهم سوى أمتارٍ معدودات. وكما ضيعوا سابقاُ سنين من عمرهم وعقولهم وجهودهم في الركض وراء الأيدولوجية في نصرة برولتاريا المجتمعات الصناعية في أنكلترا وألمانيا في القرون السابقة ومجتمعاتهم لم تعرف الصناعة والرأسمالية والعمالة الحقيقية يوماً. أنظر ماذا كان مطالبات شيخ محمود الحفيد وعبد اللة النهري وشيخ سعيد بيران وسمكو -المطالبة بالدولة- قبل وصول الشيوعية واليسارية الى الكورد وماذا كان مطالبات المرحوم البرزاني والطالباني ولاحقيهم - مجرد حكم ذاتي- بعد وصول الشيوعية في الثلاثينيات!

اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال