الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن وسوزان

سمير عبد الرحيم أغا

2012 / 1 / 5
الادب والفن



تجلس متربعة وحيدة على سرير النخيل، تمشط شعرها، تلعب من حولها القطط، تطالع الزمن في جلد غريب.. تفوح في الجو أنفاس الماعز ... يغمى عليها من الرائحة، تستفيق من أحلامها القديمة.. تتساءل في جزع :
ماذا جرى لي ؟ أين أنا ؟
البيت الذي ولجته.. لا يعدو سوى خرائب، أهو البيت الذي حلمت به، هو غير القصر الذي عشت به في المدينة.. لا ذهب لا غناء، جفاف في جفاف بيت تتعثر فيه حتى الكلمات، نعم أعرف أنه موجود في كياني منذ اللحظة الأولى في الكلية، وحين أنتشر خبر حبنا، تصاعد هذا الوجود حتى تأكدت منه.. وكأني أراه بنور القلب، الكلام بيني وبينه مثل عاشق وعاشقة.. حسن وسوزان ، تتلوى الألسنة هامسة .. حب بين حسن وسوزان يتوجه الزواج ، أمي رفضت بشدة ندبت حظها توسلت بها حتى وافقت .
حسن يريدني أن أكون إنسانة.. جميلة ينتقيها لينطقها بوجهي ، والعمة تؤكد أن حسن يحبني وخمت أنها تراقبني .. لتتأكد من حبي لحسن .. تراقب زينتي .. شعري. فساتيني التي عشقتها، في كل خطوة أحطها في البيت.. رسائل خفية تطاردني، وأن خرجت وحدي في القرية. قالت :
أنت في القرية .. لا يجوز هذا
في كل خطوة لا يجوز .. لا يجوز، قلت لنفسي: القرية كلها تردد ذكري، والغريب في القرية يسترعي النظر، كل هذا الضوء لي، حتى ظهرت علي أعراض غريبة.. الغضب.. التحدي .. الأسئلة تبنت في رأسي جروح تخاطبني كل لحظة.
يقول لها
المادة ليس كل شيء
وهي تقول
المادة كل شيء
وتقول له
لماذا لا تعمل في التجارة مع أبي ؟
يقول لها
أنا لا أترك أرضي
تقول له
لماذا لا تعمل في السياسة معه
يقول لها
السياسة كلها مؤامرات ودسائس
تقول له
أعمل مساعدا لأبي
يقول لها
كلا ..........
أشتد الصراع بين السؤال والجواب ، بين حسن وسوزان ، لم تستطع أن تحصل على رد يرضيها، ودت لو تمتد الأسئلة .. حتى تقول : ابتعد عني ، تصاعد غضبها ، احتدم غليانه ، تود ان تغير الواقع .. أن ترجع الزمن إلى أمس ، ولكن كيف ؟ كونت صورتها وجدتها .. قطعة أثرية ، زاد الاحتدام و الحزن في قلبها حين اكتشفت أنها شجرة لا تورق و لاتثمر ... جرح جديد.. شيء يثبت أنني ميتة ، تباطأت الأيام وهي تلاعب بأعصابها بقلق بالغ ، وليس في الشجرة ثمر .. تبكي.. تهمل نفسها وتعاملها بقسوة جنونية ، تسمع العمة الخبر وتقول :
الشجرة التي لا تثمر في عرف أهل الريف تقطع .
قالتها ببرود قاتل كأنما توغل بنصل المدية في عمق الجرح ، علا لغط آخر .. سوزان لا تثمر ، فاتقدت جمرة الغضب ، لعل قلبها لم يفكر جيدا ، أين أذهب ..؟ أمها تقول : أنت اخترت هذا الزواج ، و أبوها ينظر إليها بامتعاض وهو يرى ابنته تتجاهل الهدف الذي من أجله بني الزواج , وحين سمعت صوت طفل في بيت قريب لحظة ولادته وصراخه يملأ المكان نهضت كمن لسعتها عقرب وصرخت بجنون
لا أتحمل أكثر من هذا
تفكر في حالها فيترامى لها سيناريو الرعب ، تمرض وتلازم الفراش ، تقترح الطلاق من ناحيتها ، يرفضه حسن بإباء ، ويخبرها أحد أقرباء الحقد بأن ما أصابها أنما نتيجة لدعاء بعض أهل القرية ، أتقدت رغبة خفية في الانتقام ، امتدت يدها إلى أبيها الثري وهمت بالخروج .. والهرب، ارتمت في أحضانه تبكي ترتجف كما لم ترتجف من قبل
..... :أنه يشتمك ويشتم أهلك..
أنفجر الأب ... وموجة من الحقد ضاقت بأعماقه، كان قد شرب ألوان الخمر كعادته، العقل المخمور يدعو للانتقام.. للقتل، لم تكن هناك لحظات للتفكير، أنكشف الوجه الحقيقي له ولها... هتف وهو يتعثر ..
سأقتله ......
وتكثر التساؤلات .. عن سوزان وسرها ، هل وجدت سوزان فرصة للتخلص من حسن ؟ هل أبوها يعي ما يفكر ؟ ركب سيارته الفارهة ( الشوفرليت ) ينطلق ومعه سوزان ، حاملا القرار في نفسه ، رأت إلام زوجها يخرج كالمذعور بل كالمجنون ، وهي التي لا حول ولا قوة لها ، واليوم حان الوقت .. يجب أن تحمي عائلتها من الجريمة التي تعصف بها ،
يندفع بسيارته وسوزان بجانبه .. والخدم مذعورون لا يدرون ما الذي سيفعله هذا الرجل ؟ ولم يعرف مدى ما تنطوي عليه ابنته من صدق، ودب الذعر في خلايا القصر، إلام تعلم أن حسن من عشيرة وله رجال وإخوة وسوف لن يسكت، وتعرف أن زوجها ثمل لا يعرف ماذا يفعل ؟ يعتصر ذاكرته التي شوشها الخمر ، يستعيد لحظات ما حصل وسيحصل ،
أأقتل زوج أبنتي ... ؟ هل كان في صحته ، أم كان كابوسا ؟ كم مرة رأى الكوابيس في هذه الليالي كأنه يرى بعض ضحاياه في الحلم .. لماذا لا يترك كل هؤلاء وينام ، لماذا يرى قصوره تحترق وهو يهرب مذعورا ؟ ماذا يقول الناس وقد قتل صهره ؟ وفي سرعته لم يكن ينظر من الشباك عبر الزجاج النظيف،
تثور إلام وترتبك وهي وحيدة لا تعرف ماذا تفعل ؟ ، فأمرت خادمها أن يلحقهم بسرعة بسيارتها ويمنع هذا الفعل ، أنطلق الخادم خائفا على سيده ، أجتاز الطريق ثابتا قويا ، لعله يعيد الابتسامة للوجوه الحزينة ، صار متأكدا انه يراهم ، عيناه مشدودتان إلى الشارع لعله يجدهم بقي ينظر لما سيحدث .. وما أن وصل التقاطع الرئيسي حتى وجدهم.. سيارة ( الشوفرليت ) وهي منحرفة على الطريق والأب والبنت في حالة كحبال الغسيل أو كانوا كالأشياء المتقطعة
سألهم
ماذا حصل ؟ ...
رد الأب وهو يلعن حظه
لقد كان كابوسا
خرج الأب وابنته من السيارة كالأشباح دون هدف، تتساءل إلام بريق جاف بعد أن كانت تتخايل لعينيها شبح القتل
الم يصب أحد بأذى
كلا ...
كيف وهذه اللعينة سوزان تريد قتله ،أنها تقول وتفعل... وكيف وهي جاءت تبكي وتشكي الكذب ؟ تتساقط التهديدات، يلتزم الأب الحياد التام، ولا يبقى في الميدان أحد،
تقول إلام :
لقد حلت بنا نقمة
تصمت إلام وتعرب ملامحها عن حزن ظاهر , تنتقد سوزان وترمقها بنظرة حادة وتقول لها : لقد جننت ، رجعت سوزان إلى البيت تبكي وهي تضمد جرحا غائرا في نفسها لعله يندمل.. ثم مدت إلام يدها بحركة ذات مغزى ووضعت في يد الخادم قطعة ذهبية وقالت له
لا تذكر ما حصل لأحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في