الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تحوّل ساكنا إلى متحرك؟ ..والحلقة السياسية إلى كيان فاعل و مناضل؟

لجنة التضامن الفلاحى - مصر

2012 / 1 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تمهيد:
أقدم هذه الورقة - بناء على نصيحة صديق قديم - لكل الأصدقاء الراديكاليين فى الحركة اليسارية المصرية وأكثرهم فرادى غير منتمين إلى تنظيمات أو أحزاب ، وكنت قد كتبتها فى مناقشة على الورق مع أحد الأصدقاء منذ أكتوبر 2011 عندما بادر بسؤالى فى سياق حوارنا .. كيف تحول شيئا ساكنا إلى متحرك؟
ونظرا لأن ذلك الحوار كانت له خلفيات معينة ؛ فقد قمت بتعديل الورقة وتجريدها من خلفياتها لتكون مناسبة للنشر على دائرة أوسع من المكافحين ؛ وأضفت ملاحظة فى نهايتها بتاريخ أول يناير 2012 لتعديل فكرة - التقطها بعض من قرأوا الورقة - بشأن نظرية النمو الذاتى " أى تحول الحلقة إلى حزب بعيدا عن.. أو فى مواجهة.. كثير من الحلقات الراديكالية الأخرى الموجودة على الساحة السياسية المصرية ".
أود أن أكون قد وفقت أولا فى مضمون الورقة وثانيا فى تخليصها من خلفياتها ، كما أود أكثر أن تلقى اهتمامكم بمضمونها أيا كان تقديركم لها.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

لأن إبداء الملاحظات النظرية على فكرة أو تصورما.. يختلف بالقطع عن إبداء الرأى فى سلوك أوممارسة عملية ؛ فمن المنطقى أن تكون الملاحظات المنهجية على مقال.. مختلفة عن إبدائها على شخص كاتبه أو على الهيئة السياسية التى ينتمى إليها.
" ولأننا جميعا فى الهم شرق " أؤكد أن رغبة الفرد فى أن يكون متحركا هى أولا وقبل أى شئ رغبة ذاتية ؛ يؤيدها أو ينفيها سلوكه العملى فى صلته بمواهبه الفطرية والمكتسبة، ويختلف الأمر من زوايا عديدة عن رغبة هيئة سياسية فى الانتقال من طور الحلقة إلى مستوى كيان فاعل مناضل؛ لأن لكل منهما ( الفرد والهيئة ) قوانينه وآلياته وبالتالى مآله.
ولأن أهم وأخطر ما يميز الحلقة الراغبة فى الانتقال إلى كيان مناضل هو وحدة الأفكار الموجهة ووحدة الإرادة الفاعلة .. فأول شئ يواجهها عند انتقاء لبناتها الأولى .. سواء كانت - الحلقة- شرعية أو غير شرعية.. علنية أو غير علنية.. هو قضية المعاييرالمفترض توفرها فى تلك اللبنات ؛ وهذه المعايير لا تقتصر بالقطع على العضوية بل تشمل الانضباط والأمان والكفاحية والمستوى الفكرى والحصيلة السياسية وغيرها .
وعموما فباب ذلك الكيان ( حزبا كان أو حلقة ) لا يمكن فتحه لكل طارق كما حدث ويحدث فى التجمعات الجماهيرية وفى المؤتمرات السياسية " لكيانات يسارية أخرى" بحيث يجمع الحابل بالنابل، والمنضبط بالمخترِق؛ وأعضاء الصالونات بمتحدثى الفضائيات؛ ومرتادى المقاهى بالأكاديميين ؛ والمناضلين بمحترفى التنقل بين الكيانات ؛ لأنه مفتوح موضوعيا أمام العناصر المتبنية لمبادئ فكرية محددة وتوجهات سياسية بعينها واضحة المعالم لا لبس فيها ويمثل تاريخ كل عنصر من هؤلاء وسلوكه مؤشرا حاسما فى تبنيه لتلك المبادئ والتوجهات بعيدا عما يدعيه عن نفسه
.. باختصار هناك فارق بين تنظيم يسعى لأن يلعب دورا حقيقيا فى المعمعة الضارية الراهنة وبين مركز بحثى أو حقوقى من المراكز الرائجة هذه الأيام والتى يسير معظمها فى الزفة التى لا يُعرَف أين تسير وإلى أين تصل..؟
ولأن عبارة " التنظيمات اليسارية " تطرح نفسها علينا بإلحاح لتدفعنا لمراجعة النفس حول حقيقة يسارية بعض التنظيمات .. بل وحول يسارية كثير من أعضائها لسببين:
* أن اليسارية عبارة فضفاضة .. تضم فى إطارها كثيرا من التلاوين والمقومات و المواصفات التى توجب علينا مراجعة هذه التسمية..
* ولأن المعايير تخضع للاجتهادات الشخصية وربما للأهواء .. إن لم يكن قد تم تحديدها مسبقا بشكل واضح وتوبع تطبيقها بدقة وتمحيص .
لذلك فإن هذا التحدد فى الإطار الفكرى السياسى سوف يلزم طارحيه بإطار تنظيمى مستجيب له ومن ثم لمعايير عضوية بانية وداعمة للتنظيم بل وقادرة على شن نضاله الجماهيرى وتطويره.
* حتى ماليته ستلتزم فى مصادرها بمعايير محددة بعيدة عن مواطن الشبهات فلا تقبل أى دعم مشروط أو دون ضوابط ؛ وستتقيد فى استخداماتها بأولويات العمل الحزبى وليس بشكلياته أو بشروط دافعيها.
* كذلك فإن الجزء المستثمَر من وقت وجهد أعضائه لن يحدده رغباتُهم بمفردها أو ميولُهم السابقة قدر ما تحدده احتياجات البناء ودق الأوتاد وتوسيع النشاط وتفعيله مرتبطا بمراعاة شروطهم المعيشية والحياتية.
ولنضرب مثالا آخر موجزا :
لأن وقت التنظيم ككل هو مجموع المرصود من وقت أعضائه للعمل التنظيمى ؛ فمن الطبيعى أن يكون الجانب الأعظم موجها للنشاط العملى- الجماهيرى والتنظيمى- وهو شئ آخر غير توظيف وقت القيادة فى العكوف على تحديد الوجهة السياسية وإنجاز البرامج ومتابعة التقارير الجماهيرية والتنظيمية وإدارة المعارك.. إلخ ، وهذا برمته يتعارض مع تبديد وقت الأعضاء كل على هواه فى الفضائيات والكتابة الصحفية والاحتفالات والرحلات الخارجية التى لا طائل من ورائها .. وغيرها دون ضابط ؛ كما يتعارض بالقطع مع الانزواء فى الغرف المغلقة لتدبيج البيانات واللهاث وراء أى حدث مهما كانت تفاهته ؛ كما يتعارض مع وجه العملة الآخر .. المتمثل فى الاستغراق فى الشوارع بشكل دائم دون عقل أومهمة حقيقية أو دور مرسوم أو فكرة أو تخطيط وهو نموذج التواجد الجسدى فاقد البصيرة.
أقصد أن رغبة الحلقة فى أن تتحول لتنظيم ثم إلى حزب فاعل لا تحكمها النوايا فقط بل تضبطها أيضا وتديرها معايير محددة تبدأ من إطارها الفكرى السياسى وتمتد عبر خطها التنظيمى وتتحقق فى نضالها الجماهيرى من أعضاء عاملين فاعلين لا منتسبين .. محترفين لا هواة.. يُسخّرون عقولهم وجهدهم ووقتهم فى قيادته بعيون مفتوحة وآذان مرهفة وأياد قابضة على عجلة القيادة تعرف الوجهة وتستكشف الطريق وتراعى فى خطوها جملة شروط السير فى هذا المضمار بل ومفاجآته واحتمالاته المتنوعة والمباغتة.

وعليه سأجتهد فيما يلى لتحديد ما أتصوره مناسبا لتمكين هيئة سياسية يسارية من نقل نفسها من حلقة شبه ساكنة إلى كيان متحرك وتنظيم مناضل:
أولا: تحديد أولى لقيادة فكرية وسياسية وليست صحفية وإعلامية لتولى المهام السياسية والفكرية والدعائية الخاصة بقراءة وتحليل الأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة والبرامج والنقاط البرنامجية المختلفة استنادا إلى حصيلتها من ناحية وإلى ما يتم التوصل إليه فى التغيرات الحادثة فى المجتمع من خلال النشاط الكفاحى الجماهيرى وعكوفهم على متابعة التقارير السياسية المحلية والإقليمية والعالمية وتقارير النشاط العملى اليومى الواردة من المواقع وكتابة التوجيهات السياسية فى هذا الشأن.

ثانيا :تقويم الهرم التنظيمى المقلوب.. بتوجه بقية الأعضاء ( الأغلبية الساحقة ) إلى الارتباط بالفقراء وهم على وجه التحديد (العمال والفلاحين الفقراء والصغار والعمال الزراعيين والمهمشين والعاطلين وصغار الموظفين وأرباب المعاشات والمجندين فى الجيش والأمن المركزى ؛ إضافة إلى الطلاب من الجنسين) ؛ ونعنى بذلك.. التواجد العضوى الحى فى صفوفهم وأحيائهم وقراهم بغرض التعرف على قضاياهم ومشاكلهم الحية والواقعية وتحديد أولوياتها وحلقاتها الرئيسية، وإعداد الدراسات والتقارير التى تلعب دورا كاشفا فى هذا السياق.. وإصدار مطبوعات محلية تنقل الأخبار الكفاحية والخبرة المستقاة.

ثالثا : الشروع العملى فى ممارسة النشاط فى صفوفهم من قبل أكثر الأعضاء قدرة وملكة فى الجوانب العملية وتحديد أهم القضايا والمشكلات التى يمكن تجميعهم حولها وتنظيمهم بهدف النضال بشأنها؛ مع مراعاة أن الفعالية والقدرة فى النشاط مرتبطان بالإمساك الحقيقى بتلك القضايا وبتفاصيلها فضلا عن الحنكة فى وصلها بالسياسة العامة الرسمية وبالسياسة النوعية ( عمالية -فلاحية - طلابية إلخ ) فى المجال الاجتماعى المحدد.

رابعا : ابتداع آلية إعلامية لنقل هذا النشاط بعناصره المتعددة ( رصد، دعاية، أساليب وطرق مستخدمة، نتائج متحصل عليها ) لخلق ثقافة شعبية ذات طابع سياسي ومهني ونشرها على النطاق القومى لتوسيع رقعة النشاط ورفع معدل الفعالية وتعميق التوعية بها.

خامسا : السعى الدءوب لالتقاط الشباب النابه من الجنسين وإشراكه فى الأنشطة العملية المختلفة وتدريبه وتوعيته والتفنن فى خلق الدوافع والحوافز والوسائل لإطلاق مبادراته والاضطلاع بمسئوليات- تتصاعد فى ارتقائها – لبث الثقة فيه وصقل وعيه وأدواته ورفع لياقته السياسية والكفاحية ؛ ودعمه فى خلق صلات عملية بمختلف المكافحين الموثوقين من الفصائل الأخرى.

سادسا : خلق جهاز اتصال مستقل عن وسائل الاختراق الحكومية وغيرها فى الاتجاهين ( أعلى ، أسفل ) لنقل أهم الأنشطة العملية والأحداث والتوجيهات ؛ علاوة على إصدار سلسلتين من الكراسات فكرية وسياسية ( كل عدة شهور ) .. وكفاحية عملية مبسطة ( شهرية ) ؛ بخلاف موقع إلكترونى متنوع الأنشطة والمجالات.

سابعا : إخضاع مجمل الأنشطة الحزبية لمقتضيات النضال الحزبى ؛ وإطلاق المبادرات الملبية لهذا النهج وذلك:
* بالالتزام بتقسيم عمل واضح ( فكرى ؛ سياسى ؛ تنظيمى ؛ دعائى ؛ جماهيرى ).
* والتوقف عن - ووقف- كل الأعمال والإجراءات التى من شأنها التعارض مع هذا التصور مثل الرحلات الخارجية غير المطلوبة حزبيا ، والسعى المحموم خلف اللقاءات التليفزيونية والصحافية التى تبدد الوقت والجهد وتنشرالارتباك والفوضى وتعلى قيم الفردية والنجومية والمظهرية وتضعف روح الانضباط الموضوعى لا الشكلى وتطفئ الحماس،كذلك الكف عن النضالات الاحتفالية التى أرساها النظام العسكرى الحاكم منذ تصفية الحياة السياسية فى خمسينات القرن العشرين ونقلتها عنه وعممتها الفصائل التى كانت تعارضه .

ولا يمكن إزاء ما طرحناه من نقاط أن يتم الحديث عن استيفائها أو تنفيذها كعناصر متناثرة مشتتة ، أو التعلل بتنفيذ بعضها وأن النية تتجه قريبا لتحقيق بقيتها ، لأن النقاط السبع مجتمعة هى تطبيق للفكرة الأساسية للتنظيم وهى تحقيق وحدة الفكر والإرادة وما يرتبط بهما من معايير وروح مقاتلة يحرص الأعضاء على تنفيذها حرصهم على حدقات العيون .

أتمنى أن أكون قد أجبت عن السؤال المحدد :
كيف يمكن أن تحول ساكنا إلى متحرك فى مجال النشاط السياسى.

21 أكتوبر 2011 بشير صقر

ملاحظة هامة بتاريخ أول يناير 2012 :
ربما يتصور البعض أن حديثى عن تحول الحلقة لحزب هو إصرار وتمسّك بنظرية النمو الذاتى سيئة الذكر التى كانت سائدة فى الأوساط اليساؤية فى زمن مضى ، لكنى أقصد أن تتحول الحلقة محدودة الفعالية إلى كيان شديد التأثير ، وهو ما يجب أن يجرى فى كل الحلقات أو الأشكال الحزبية الأخرى بحيث تكون النتيجة المنطقية لهذه الحلقات محدودة الفعالية هو التحول إلى كيانات مؤثرة فى الواقع وذلك من خلال التشارك فى عمليات النضال الجماهيرى واحورات الجادة السياسية والفكرية وكذلك النضال النظرى وهكذا.. لذا لزم التنويه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان