الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عربون دار بنكيران من تشكيلتها

زكرياء الفاضل

2012 / 1 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بعد انتظار طويل، حافل بالتخمينات والتكهنات حول تشكيلتها، عين القصر أخيرا الحكومة الإسلامية رسميا. وتميز هذا المولود الجديد بعدة ظواهر منها ما أكّد صحة بعض التخمينات، ومنها ما لم يأت بجديد أي أظهر أنها حكومة مخزنية كسابقاتها، وهي كالتالي:
أ - عدد حقائبها فاق الثلاثين حقيبة، وقد وعد رئيسها السيد بنكيران بتقليص عدد الوزراء إلى 15 وزير. وهو نقض صريح لوعده، سيما وأن هناك حقائب أوجدت خصيصا لإرضاء رغبات وطموحات بعض الأصدقاء كعبد الله بها، الذي عيّن وزيرا بدون حقيبة بعد فشل في خلق له منصب نائب رئيس الحكومة.
ب – تقليص عدد الحقائب الوزارية المسندة للنساء إلى واحدة وحصرها في شؤون الأسرة وجعلها في الصفوف الخلفية للصورة الجماعية التذكارية لحكومته، وقد وعد بنكيران بدعم دور المرأة في الحياة السياسية. هذا الحدث يمكن قراءته كرسالة مشفرة للنساء وأنصارهم من التقدميين والعلمانيين بأن دور المرأة، في سياسة الإسلاميين، سينحصر في تربيتها للأولاد وتدبير شؤون البيت، أما السياسة والاقتصاد فمن شأن الرجال القوّامون على النساء حسب الشريعة.
ت – إسناد وزارة الشؤون الداخلية لامحند العنصر المعروف بضعف شخصيته حتى داخل حزب "الحركة الشعبية" الذي يترأسه، وبخروقاته للقانون ووضع أفراد أسرته فوقه. ففي سنة 2005، عندما كان وزيرا للفلاحة، تدخل للإفراج عن ابنه المعتقل لدى السلطات بسبب مداهمته بسيارته، في حالة سكر، أحد عمال نظافة المدينة بأحد شوارع العاصمة الرباط وأرداه قتيلا، ثم فرّ من مسرح الجريمة. ولم يقض ابنه سوى أياما معدودة بالحجز المؤقت، ثم أفرج عنه تحت ضغوطات والده الوزير.
لم تقف مشاكل أبناء العنصر مع القانون عند هذا الحد، فقد ارتكب ابنه الثاني نفس الحادثة، وفي نفس حالة السكر. هذه المرة سيقضي ابنه الثاني بضعة شهور بالسجن لكون القتيلتان اللتان داسهما بسيارته كانتا قريبتا شخصية نافذة، لكن في آخر المطاف، وتحت ضغوطات الوالد الذي كان يشغل منصبا حكوميا، أطلق سراحه.
إذا كانت شخصية وزير الداخلية الجديد بهذه الأوصاف، فكيف سيكون شأن هذه الوزارة في عهده؟
د – إضافة وزارة الفلاحة والصيد البحري إلى قائمة وزارات السيادة، وبذلك تكون قد رفعت الحكومة الملتحية عدد هذه الوزارات إلى ست حقائب في عهد بنكيران؛ في الوقت الذي صرح رئيسها في أكثر من مناسبة بأنه لن تكون سوى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في هذا الإطار (وزارات السيادة هي تلك التي يتحكم فها القصر مباشرة ويختار لها وزيرا من رجاله التابعين له مباشرة). فقد تم إسناد هذه الوزارة إلى عزيز أخنوش، الذي قفز، في سابقة هي الأولى، من حزبه (التجمع الوطني للأحرار، وهو حزب مخزني أسسه القصر أيام الملك الراحل)، الذي اختار المعارضة بعد هزيمته في الانتخابات، ليحافظ على حقيبته الوزارية بنفس المؤسسة.
ذ – تطويق وزارتي الشؤون الداخلية والخارجية بوزيرين منتدبين كي لا يفلتا من سيادة القصر وهما حسب التسلسل:
• الشرقي الضريس وزير منتدب بالداخلية وهو رجل أمن بامتياز، حيث تقلب في عدة مناصب بوزارة الداخلية قبل منصبه الأخير هذا. فقد كان عاملا بمدينة العيون، ثم عيّن خلفا للجنرال حميدو لعنيكري على رأس المديرية العامة للأمن الوطني، وعموما بدأ مساره بدار القمع المغربي منذ سنة 1977. وهذا يشير إلى أن الوزير الحقيقي لهذه المؤسسة القمعية سيكون وراء الكواليس.
• يوسف لعمراني وزير منتدب بالخارجية، وقد شغل منصب كاتب عام بها في الحكومة السابقة. وهذا يعني أن الوزير الحالي لن يكون على راحته في اتخاذ القرارات بوزارته.
إن المثير في كل ما ذكر هي الخروقات التي قامت بها الحكومة الجديدة قبل استلام مهامها، إذ الدستور المغربي الجديد ليس به مادة واحدة تنص على ما يسمى بوزارات السيادة ولا ما يعرف بوزير بدون حقيبة ونحوه؛ فهذه كلها أعراف القصر غير منصوص عليها قانونيا. فعن أي تفعيل للدستور الجديد يسير الحديث من طرف السيد بنكيران؟ يظهر أن الحكم العرفي أقرب لعقلية رئيس الحكومة الجديد من القوانين والتشريعات المدنية.
بالإضافة إلى كل هذه الخروقات لوعود قطعها السيد بنكيران على نفسه بمحض إرادته ولم يجبره أحد عليها، فقد نقضا عهد آخرا يتعلق بالشفافية، حيث أسدل ستارا ثقيلا على مفاوضاته حول تشكيل حكومته وهو الذي وعد بأنه لن يخفي شيئا عن الشعب. ولا داعي للحديث عن تدخل القصر في تشكيل حكومته وهو خرق صارخ للدستور الجديد، وتفاوضه مع مستشاري الملك عوض رأس الدولة كما ادّعى في البداية.
كل هذه الأمور تجعلنا نقف وجها لوجه مع حكومة بالشكل المخزني المعتاد أريد لها حلة جديدة من ثوب قديم.
ولن نفرط في نقد حكومة بنكيران، وسنترك للأيام المقبلة الكشف عن حقائق هذه التشكيلة العجيبة لمسيّري الشأن العام بالدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتل طالبة وانتحر.. شاهد لحظات إطلاق نار مميت في كافتيريا مدر


.. الأجهزة الأمنية الفلسطينية تعتقل الزميل محمد الأطرش من منزله




.. نتنياهو يقول إن اتفاق غزة ينص على أن إسرائيل ستتحكم بمعبر ر


.. انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في بلدة كفر شوبا جنوبي




.. أسعد الشيباني: رؤية الإدارة الجديدة تقوم على إشراك كل السوري