الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن مفهوم الأكثرية . . و التوافق

مهند البراك

2012 / 1 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ سقوط دكتاتورية صدام، ظهرت العديد من المفاهيم و المسميات للعملية السياسية و آلياتها، و يزداد تبادل تلك المصطلحات في وصف مايجري بكونه (ديمقراطياً) رغم الظروف الشائكة التي تمر بها البلاد و تناحر قواها المتنفذة، في وقت تنتظر فيه اوسع الجماهير اجراءات عملية تخفف من معاناتها الأمنية على الأقل . . و ليس اجراءات لغوية انشائية يحار في معانيها و المقصود منها، آخرها مصطلحات "حكم المشاركة" الى "حكومة الشراكة" ثم "حكومة اكثرية" . .
و من المعلوم ان مبدأ "الأكثرية و الأقلية"، هو مبدأ (1) ظهر و عُمل به منذ عهود تأريخية قديمة قبل ظهور الأديان، و تواصل العمل به منذاك بمسميات ناسبت و تناسب ثقافة و مُثُل تلك المراحل في اطار السعي لتحقيق عدالة اجتماعية . . خاصة بعد ان تحققت به انتصارات كبرى اثبتت جدواه و فائدته سواء للشعوب المحكومة او لدول الحضارات الصاعدة التي عزّزت العمل به من جهة، و وضعت له اسساً و قواعداً تصونه من الإستغلال و من التلاعب به وفق اهواء . .
فاخذ المبدأ يُطرح على اساس البرامج المدعو لها، سواء كانت برامج مرحلية او برامج لوضع حلول لقضايا مصيرية و لقضايا ملتهبة كبرى لصالح الشعب . . بتحكيم تشريعات حكم او كتاب مقدس تأريخياً، او بتحكيم نظريات حكم، ثم تحكيم دستور يصاغ من قانونيين و سياسيين و رجال دين و عيون مجتمع، من المشهود لهم بالكفاءة و الحكمة و نظافة اليد و الإخلاص لقضايا الشعب و قضية الضعيف . . دستور يحصل على موافقة الشعب . لتظهر مفاهيم جديدة في سياق تطبيقه اثبتت و تثبت ان مبدأ "الأكثرية و الأقلية" هو مبدأ نسبي مرتبط بأداة تحكيم متفق عليها ـ اظهرت ايضاً مفهوم " الأقلية الصائبة" المستندة الى تلك الأداة ـ . . الدستور.
الدستور الذي صيغ من أطراف العملية السياسية و اقرّوا الإحتكام اليه بإتفاقهم و ما اجمعوا عليه و قاموا به، والاّ فإن الخروج عنه بلا اجماع و لا مسوّغات قانونية معتمدة هو خروج عن الإجماع على الدستور، و نتائجه صراع مع الأطراف الأخرى . . و على ذلك يرى متخصصون بأن اطلاقية العودة لمبدأ " الأغلبية و الأقلية " آنف الذكر و تحديداً تعبير (حكومة الأكثرية) لاتكون صحيحة ان لم تستند الى ما يحكّم ذلك في الدستور، و الاّ فان اطلاقه قد لايعني الاّ تظاهرة سياسية لتمرير قضية ما . . او لما يحذّر آخرون من ان ذلك يؤدي الى انفراد بالحكم و عودة الى حكم الدكتاتورية بمسمى جديد، خاصة و ان الأسس الإجتماعية و الفكرية للدكتاتورية و تشويهاتها لاتزال قائمة و قوية . .
و مايزيد من مخاطر ذلك الصراع هو قيام العملية السياسية على اساس المكوّنات الديموغرافية (الهويات العرقية و المذهبية و الدينية)(2) و ليس على اساس الفكر و البرامج السياسية الإقتصادية الإجتماعية . . علماً بان الدكتاتورية لم تسقط على يد مكوّن بعينه ليكون له حق اعلى من غيره، رغم النضال الشاق لكل المكونات في اطار احزاب معارضة الدكتاتورية و تقديمها اغلى التضحيات من اجل حقوق جميع المكونات العراقية في الحياة و الحرية، الذي ادىّ الى تكاتفها في بداية العملية السياسية، و سبّب التعدد الحزبي و المصلحي في كل مكوّن بعدئذ (سواء كفكر و وجهة سياسية او مصالح بما فيها الضيّقة . .) .
الأمر الذي يجعل المكوّن الديموغرافي ـ العرقي، الإثني، الديني، المذهبي . . ـ ستاراً لمرور العديد من الصفقات بلا رقيب حقيقي و بلا اجهزة تدقيق دستورية فاعلة تحاسب على درجة التزام كلّ مكوّن من مكونات العملية السياسية و ماحققه من وعود لناخبيه . . و على ذلك فان المطالبة بالاكثرية على اساس القوى المكوناتية الديموغرافية التي اقامتها المحاصصة و شوّهت بها المواطنة المتساوية و عطّلت انواع الكفاءات الوطنية، هي ليست اكثر من ميل لدكتاتورية مكوناتية ديموغرافية من نوع جديد، رغم نضال جميع المكوّنات الشاق ضد دكتاتورية صدام . . و محاولة للإستقواء بغطاء المكوّن الأكبر بمحاولة جرّه لتأييدها . . و كأنما هو عودة الى زمان قبائل الجاهلية الأولى . .


6 / 1 / 2012 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. كمبدأ اجتماعي سياسي قانوني .
2. يرى استراتيجيون عسكريون، اثنيون، اجتماعيون و علماء نفس ان نظام المحاصصة الطائفية الذي اقامه الحاكم الأميركي بريمر في العراق اثر سقوط دكتاتورية صدام، كنظام (تعايش مذهبي) في حساب الصراعات و التوازنات الاقليمية . . اريد منه عملياً ابعاد العراق عن الصراعات الإقليمية باستنزاف طاقاته الفنية و العلمية و الثقافية و البشرية و العسكرية داخله، في صراعاته الطائفية الداخلية، و هو محاولة لجرّ القضية القومية الكوردية العادلة الى الصراع الطائفي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل