الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جديد حركة 20 فبراير.. سنة جديدة بمحتضن جديد اسمه -السلفية الجهادية-

وديع السرغيني

2012 / 1 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



بدون سابق إعلان، وبدون تنسيق أو تفاهم حتى.. نزل التيار السلفي لساحة الاحتجاج بكل ثقله، معوضا الفراغات التي أحدثها غريمه وحليفه "العدل والإحسان" بعد انسحابه المفاجئ خلال الأسبوع الفارط، من الميدان.
تياران رجعيان وظلاميان لا يخفيان عداءهما لليسار بكل ما يحمله هذا اليسار من قيم حداثية وديمقراطية واشتراكية يعني كل القيم المعادية والمناهضة للاستبداد والاستعباد والاستغلال واللامساوات والعنصرية..الخ
فما هي المبررات يا ترى، التي دفعت قوى اليسار والحداثة والديمقراطية لمد الأيدي لهذا التيار المغرق في الرجعية والمعادي لفكر الأنوار وحقوق المرأة إلا حق الاستغلال، وحق قطع يد من سرق خبزة، وحق القصاص من المرتد عن دين أبائه وأجداده..الخ؟
وباعتبار الموقع الحساس والمتميز الذي أصبح لمدينة طنجة، سواء من حيث حركيتها ونضالاتها العمالية والشعبية التي بوٌأتها طليعة النضال الاحتجاجي الطبقي في المغرب ككل.. لتتعدد الرهانات عليها من كل حدب وصوب، أو من حيث موقعها الإستراتيجي والاقتصادي والثقافي الذي يجتدبها بقوة نحو أوربا الرأسمالية التي لم تكل يوما بمعية الحكام المحليين، في سعيها لتحويل المدينة كمدخل وعبٌارة نحو الجنة الإفريقية.
إلى جانب هذا الرهان الحاضر بقوة لمدة فاقت القرن من الزمن، قبل عصر تدويل المدينة حتى، نجد رهانات ردود الأفعال المجتمعية المناهضة لهذا الوضع باسم الحفاظ على الهوية وباسم مناهضة التغريب..الخ
الرهان الآخر الذي يهمنا كيساريين تقدميين في المنطقة وفي المغرب ككل هو الرهان الذي أفرزته الظروف الموضوعية المعاشية أي واقع المواطنين المكدسين في أحياء شعبية لا تليق بالبشر، حيث انعدام البنيات وتفاقم جرائم الاعتداء بالأسلحة البيضاء والسرقة والدعارة وترويج المخدرات.. ونجد أن غالبية الساكنة هم عمال وعاملات مصانع الأسلاك الكهربائية/الكابلاج وورشات الخياطة وعمال "الموقف" المياومين وخادمات البيوت والباعة المتجولين والفرٌاشون والعاطلون عن العمل..الخ
في ظل الرهان الأقوى الذي ذكرناه، والذي حوٌل بقدرة قادر مدينة طنجة إلى ثاني مدينة عمالية في المغرب متقدمة عن مدن الفوسفاط خريبكة واليوسفية وبن كرير وآسفي وعن المدن الصناعية القديمة كالمحمدية والقنيطرة وفاس..الخ في ظل هكذا معطيات لا يمكن لهذه المدينة إلاٌ أن تفرز يسارا تقدميا واشتراكيا من أحشاءها، يسارا يعبٌر بصدق عن طموحات الفئات والطبقات الشعبية المحرومة والمهمشة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة منتجة الخيرات وبانية العمران والطرق والسدود وكافة المنشآت..الخ
من هذا المنطلق، ووفق هاته المعطيات الموضوعية كان طبيعيا أن تنمو الخلايا والمجموعات اليسارية هنا وهناك على طول المدة الزمنية الطويلة التي فاقت الأربعين سنة والتي أنتجت قادة سياسيين يساريين من العيار الثقيل، قادة من أخلص المناضلين لقضايا شعبهم، قادة خبروا السجون والمعتقلات دون أن يكترثوا بثقل الأحكام وقساوة السجون، قادة لم يتخلفوا عن الميدان بل نجد غالبيتهم مستمرا بحضوره الدائم في الميدان، مشاكسا ومنافسا للطلائع الشبابية الميدانية الآن.
وبغض النظر عن طبيعة هذا اليسار وعن حجمه وعن أدواره في الصراعات والحراك الاجتماعي الدائرة رحاه في بلادنا، نعتبر أن هذا اليسار يسارا تقدميا مدافعا عن الديمقراطية بمفهومها البرجوازي اللبرالي الواسع، وبالتالي مناهضا للاستبداد بجميع أشكاله، ومدافعا شرسا عن جميع المطالب الاجتماعية الخاصة ببسطاء المواطنين من سائر الكادحين والمهمشين والمقصيين..الخ وخلال صراعنا كقوى التقدم ضد قوى الرجعية والمحافظة على الأوضاع القائمة، لا بد من بوصلة عمل تقود نضالنا وتضع تضحياتنا في الموقع الذي تستحقه، فكل أشكال النضال التي نخوضها من أجل تقدم بلدنا وشعبنا والبشرية جمعاء، ما هي إلاٌ وسائل وليست أهدافا في حدٌ ذاتها، فلا ندعو للإضراب من أجل الإضراب، والاحتجاج من أجل الاحتجاج، والاعتصام من أجل الاعتصام..الخ هذه أساليب وإلى جانبها أساليب أخرى توضح للمعنيين بأمر التغيير مغزى نضالاتنا ومبررات تضحياتنا، يعني كيف ننظر للتحسينات في واقع مجتمعنا الآن، أي الإصلاحات التي نطالب بها الآن تغييرا لأوضاعنا الحياتية والاجتماعية بارتباط بالمجتمع الذي نناضل من أجل إقامته كمجتمع خال من جميع المظاهر التي نناهضها، مظاهر الاستبداد والاستغلال والنهب والتهميش والعنصرية واللامساوات الجنسية والطبقية..الخ وحين نتكلم عن التقدميين عامة، لا بد من الاعتراف بالخلافات التي تعتري صفوفهم، بين الثوري والإصلاحي، الماركسي والشعبوي، العنصري القومجي والشوفيني الأمازيغي..الخ
إلاٌ أنه لا يمكننا إنكار أن الجميع يدافع عن حق المعطلين الشباب في شغل يناسب شهاداتهم، وعن حق الطلبة في تعليم يناسب تطلعاتهم وفي فضاء جامعي يمارسون داخله حرياتهم في التعبير والانتماء والاتحاد..الخ وعن حق العمال والموظفين الصغار في أجور تناسب حالة الغلاء المستشرية وتحسن من قدراتهم الشرائية، وعن حق المواطنين البسطاء عامة، المواطنون ذوو الدخل المحدود، في سكن لائق وفي خدمات مجانية، وبالأخص في مجال التعليم والصحة..الخ
بعد هذا التعريف المركز والبسيط، نعيد السؤال مرة أخرى لرفاقنا اليساريين، هل من مبررات موضوعية ومقنعة خلال هذه المرحلة وخلال جميع المراحل، للاستنجاد بقوى السلفية الظلامية من أجل اجتذاب الحشود مرة أخرى، حتى نسوٌق ضخامة حركتنا الاحتجاجية للإعلام المحلي والخارجي، وبأن قواعدها والمشاركين في أشكالها تتعدى الآلاف ومئات الآلاف؟
بهذه البراغماتية المقيتة وعبرها، قبلت جميع القوى اليسارية المكونة لحركة العشرين من فبراير، الإصلاحية منها والثورية كذلك، دعوة أحد أقطاب "النهج الديمقراطي" بالمدينة، الجحافل السلفية للالتحاق بالحركة، وبالشكل النضالي الذي أنجزته يوم الفاتح من يناير ومن السنة الجديدة، التي نتمناها سنة للتغيير والمكتسبات الجديدة، والحريات الديمقراطية الموسعة، والانتشار الواسع لقوى اليسار ولحلفائهم داخل الحركة الديمقراطية والتقدمية عامة.
ورفعا لأي ذرائعية، ولكي لا يتهمنا أحد بالتجني والافتراء، نقدم المعطيات التالية التي لا يمكن لأحد إخفاءها، وهي كون "التيار السلفي" بالرغم من نياته المبطنة من أجل الهيمنة والانتشار في الشارع ككل وليس داخل الحركة وحسب، فشعاراته منذ بداية الحراك كانت محدودة ومرتبطة أشد الارتباط بمعتقليهم في السجون، أي أن الإدعاء بأن هناك ارتباط بين حضور التيار وبين مطالب الشعب المغربي، فهو هراء ونفاق لا أقل ولا أكثر.
المعطى الثاني هو غياب التيار عن مجالس الحركة وعن مجالس دعمها، وبالتالي فحضوره لا يعدو سوى استفادة وركوب على الأشكال الاحتجاجية وعلى البرامج النضالية التي تنفذها الحركة.. خلاف "العدل والإحسان" الذي سجل حضوره والتزامه بعد اتفاق و"مفاهمة".
المعطى الثالث الخاص بمدينة طنجة وربما بمدن أخرى، هو الطريقة التي سجل التيار المعني حضوره بها، حيث أنه قدم بشكل مستقل، واتخذ الساحة فضاءا للتعبير عن احتجاجه بالطريقة المخطط لها، والتي تناسب تصوراته وأهدافه دون أن يحاول فرض نفسه على حركة العشرين..
فقادة الحركة هم من بادروا بالمغازلة وبالدعوة وفرض المصالحة والالتحاق بالحركة، على "السلفيين".. بأن استعملت شتى الوسائل الانتهازية والنفاقية، في شكل كلمات خطابية من طرف زعماء "النهج الديمقراطي" بأن الحركة مفتوحة للجميع "الإسلاميين والعلمانيين" وبأن الحركة ملتزمة باحترام الآذان ومواقيت الصلاة.. حيث بادر المنظمون والمسيرون لتوقيف الشعارات والكلمات في هذه اللحظات، بل أن المزايدات، إن لم نقل المناقصات من أجل ربح معركة من يتنازل أكثر، ومن ينافق، ومن ينبطح أكثر.. دفعت البعض لمشاركتهم الصلاة، والبعض الآخر للصعود لمنبرهم/سيارة الهوندا لتقاسم الشعارات..الخ وعوض تحقيق الوحدة تحقق الاندماج والانبطاح، والتخلف مرة أخرى وراء طليعة سياسية جديدة اسمها التيار السلفي الظلامي ! وهي حالة وضع اليسار نفسه فيها اختياريا وليس مرغما، دون تبرير أو سابق إعلام، حالة يرثى لها تضر به وبجميع اليساريين، سواء بسواء.
ملحوظة أخرى نوضح من خلالها مشاركة الجميع في هذه الخطوة ومباركتها ليس "النهج" وحده هناك حلفاءه من "الطليعة" و"الاشتراكي الموحد" ومعارضوه من تيارات "البرنامج المرحلي" والتروتسكيون والأمازيغ..الخ

وديع السرغيني
5 يناير 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا