الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من زحام الطريق الى زحام الكراسي والصراعات !

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2012 / 1 / 7
حقوق الانسان


ها نحن نعود مرة ثانية وثالثة وعاشرة الى موضوع الزحام الذي ابتلينا به ، ليُضيع من كل يوم في حياتنا بضع ساعات ، لو جمعناها لهالنا مايستهلك من أعمارنا في اللاشيء ، ومن غير أن يكون للزمن المستهلك في الطريق أي فائدة ، لأنه يذهب سدى .
إن الزحام يسبب الإرهاق ـ مضافاً اليه الإرهاقات التراكمية ـ مما يؤثر سلباً على أعصابنا ومن ثم يقلل من مقدرتنا على المقاومة وتقديم العطاء على وجه أفضل .
إذ إن الموظف على سبيل المثال تقل طاقته منذ بداية النهار من جراء الضغط النفسي للزحام ومخاوف أن يحدث انفجار يصادر حقه في الحياة ـ وفي الزحام تزداد ضحايا الانفجارات ـ وتحت هذا الضغط يضعف تركيزه ويُشَل بعض طاقاته .
وهو قبل كل شيء إنسان يحق له التمتع بالراحة ، وهو مسؤول عن عائلة يعود اليها بعد انتهاء الدوام الوظيفي منهكاً منزعجاً بسبب زحام العودة ، فيعكس ماتعرض اليه من ضغط على عائلته ويقصر في أداء واجباته الأسرية .
كذلك ينسحب القول على أصحاب الأعمال الحرة الذين يعملون في غير مناطق سكناهم ، او الذين يقطعون المسافات لمتابعة معاملاتهم الرسمية في الدوائر ، وسواهم .
وإذا كان موسم الشتاء فيه شيء من الرحمة لهم ، فإن موسم الحر الطويل الذي ترافقه انقطاعات الكهرباء الطويلة يضاعف من متاعبهم في الطريق والبيت والدوائر .
لنتوقف ، أيضاً ، عند متاعب المرأة الموظفة لاسيما الأم ، تنهض منذ الفجر لتنجز بعض المهام المنزلية وتهيئ أطفالها للذهاب الى المدرسة ، ومن ثم عليها الوصول الى عملها باكراً.
وقد يكون برفقتها طفل في سن الحضانة يتحمل معها متاعب الطريق والانتظار وقد سحبته من فراشه رغماً عنه ، وهو بذلك مبتلى بالتمرن المبكر على مواجهة ضغوط الحياة ، إذ يواجه الزحامات ومشاق الحياة اليومية منذ نعومة أظفاره ، لاسيما أنه يضطر أحياناً الى تكملة الطريق سيراً على قدميه مع أمه في الشوارع المتعرجة والمتخسفة وصولاً الى دائرة العمل . وربما يكون من المناسب أن نطلق عليه تسمية : عراقي متعوب موجوع تحت التمرين !
وقد تجد أمه الموظفة أنها مسجلة في قائمة المتأخرين عن الوصول للدائرة ، كأن القائمين على محاسبة الموظف المتأخر قادمون من كوكب آخر ولاعلم لديهم بما يحصل في بلدنا . وقد يطلبون منها أن تخرج من بيتها في وقت أبكر حتى لاتتأخر ، وهنا هم لايفكرون أن الوقت الأبكر الذي قد يقيها عذابات الزحام يكون ضوء النهار فيه لم يظهر بعد .
ووسط زحام المتاعب مطلوب من هذه الموظفة ـ المتعوبة ـ أن تكون شديدة التركيز على عملها لتبدع ، وأن تتحمل ضغوط مدير العمل الذي ينتظر منها أداءً مثالياً في زمن غير مثالي ، وضغوط المراجعين إذا كان عملها في تماس معهم .
وعليها أن تبتسم وتخفي غيظها في قلبها ، ومن ثم عليها تحمل زحام الظهيرة والعودة الى بيتها بلا أوجاع ! لكي تؤدي مهامها هناك ساهرة حتى أواخر الليل تقوم بهذا العمل وتؤدي ذاك ، ومن ثم تلقي بجسدها المنهك لاحقاً على فراشها علّها تتمتع بساعات قلائل جداً من الراحة المنقوصة ، لأن ثمة يوماً لاحقاً بانتظار جهدها الاستثنائي في رحلة متجددة من المتاعب !
وبين ضغوط البيت والعمل والطريق ، هل يتبقى لديها فسحة لتشعر بأنها إنسانة ، وهي التي تركض وتركض كي ترضي المطالبين بواجباتها في واقع ينتهك حقوقها الإنسانية ويجعلها مسكونة بالمخاوف ؟!
وهذا السؤال ينطبق على الجميع ممن يعانون سعار الزحام اليومي ـ زحام الطريق وزحام الواجبات وزحام التردي في الخدمات ـ الذي حولنا الى مخلوقات أكثر انفعالية ، لأن المسؤولين لم ينظروا الى أسباب الزحام ليعالجوها ، الأمر الذي دفع المواطن لليأس في بلد اللاحلول .
فهل لدى الحكومة علم بكل هذا العناء ، وإن كانت مشغولة بزحام الكراسي والصراعات عليها ؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهل الحكومة تهتم بالعراقي اصلا
شهاب احمد محمود ( 2012 / 1 / 7 - 09:10 )
السلام عليكم
لااعتقد ان الحكومة العراقية اصلا تهتم بما كتب في هذا الموضوع الرائع اصلا لان همها اولا واخيرا الكرسي وبس وحتى لو كان على جماجنا


2 - سلمت الانامل
د. فضيلة عرفات محمد ( 2012 / 1 / 7 - 17:58 )
إلى الصديقة الغالية صاحبة القلم الجميل وصاحبة القلم المدافع عن هموم الوطن والمواطن
أحييك وأقول لك ِسلمت يداك أنا معك في كل ذلك
أختي العزيزة حياة الإنسان كانت مستقرة سابقة بسبب قلة المثيرات أما الوضع الجديد نتيجة الضغوط الكثيرة على المواطن المسكين تركت آثار على صحة الفرد سلباً كثير من الأمراض مثل تصلب الشرايين والصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم واضطرابات النوم والأكل والاكتئاب والتهابات المعدة وحب الشباب و اضطرابات الجهاز الهضمي والعقم وغيرها سببها الضغوط النفسية التي يتعرض لها المواطن العراقي في البيت والعمل والشارع .........
نطالب الحكومة ان تهتم قليلا بالفرد العراقي لأنه يستحق الاهتمام مطلوب أيضا منا الصبر والاستعانة بالله والتوكل عليه وحسن الظن به لان سبحانه وتعالى هو المعين في كل شي
وصدق الشاعر القائل:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرجت وكنت أظنها لا تفرج
مع سلامي وتحياتي إلى جميع قراء وكتاب والإدارة في موقع الحوار المتمدن
أختكم د. فضيلة عرفات محمد السبعاوي



3 - لقد نطقتِ الحق
احمد الامين ( 2012 / 1 / 7 - 19:08 )

سيدتي لقد نطقت الحق بما تقولين فزحمة الطريق تنعكس على اداء الانسان ان كان مجال عمله الحكومي ام الاهلي فالاثنان معا يكدان ويكدحان من اجل توفير لقمة عيش كريمة للعائلة عدا القلق النفسي من زحمة الطريق وماتخبئ من كوارث ومفاجآت وترى قد تكون هذه الزحامات مقصودة من اجل ان يرى المسؤول بان هذا من اجل المواطن والمسوؤل عن الزحام غير مكترث بحرق الاعصاب وتجده بيده الموبايل او اي شئ اخر وبعض السيطرات ندعوا لهم بالسلامة والامان لهم لما يسعوا اليه وتراهم كخلية نحل مثابرة من اجل راحة سير المواطن واخيرا نقول ليحفظ الله عراقنا ورجاله المخلصين وان تعاد العافيه له بأذن من الله العزيز الكريم.


4 - سئمت الانتظار
عديله شاهين ( 2012 / 1 / 9 - 18:26 )
طريق محفوف بالمخاطر هذا ما نتوقعه يوميا في ظل الزحام المقيت لطالما لاحظت قصص لاناس حاولوا التخلص من الانتظاربسرد هموم اصبحت جزءا من حياة المواطن العراقي لم اجد فيها كلمة رفاهيه واحده احدهم تساءل ؛ماذا بعد الانتظار؟ اجابه الاخر اصبحنا لا نتوقع الا السوء !!!فورا حضرتني قصيده للشاعر نزار قباني بعنوان (سئمت الانتظار) ***و لعبتي مع النار ***لم تبقى سوى دقائق خمس ....بعدها حاولت ايقاف ذاكرتي عن ما بعد الدقائق الخمس ،و لم اجد سوى الامل اقارع به شبح الانتظار...سلمت يداكي ست اسماء على مقالاتك النادره و الشيقه.


5 - ملاحظة عن الروابط الالكترونية
أسما محمد مصطفى ( 2012 / 3 / 18 - 07:56 )
لاحظت هنا وفي بعض مقالاتي الاخرى ان تعليقات البعض تتمثل بروابط الكترونية لاتشتغل اصلا، ولااعرف أهي اعلانات ام ماذا ؟ لذا اقوم بحذفها لانها غير واضحة وغير مفهومة ولاعلاقة لها بمضمون المقال . كما في التعليق رقم 5 هنا والذي كان مجرد رابط عاطل فحذفته .


6 - ملاحظة عن الروابط الالكترونية في خانة التعليق
اسماء محمد مصطفى ( 2012 / 3 / 18 - 07:58 )
لاحظت هنا وفي بعض مقالاتي الاخرى ان تعليقات البعض تتمثل بروابط الكترونية لاتشتغل اصلا، ولااعرف أهي اعلانات ام ماذا ؟ لذا اقوم بحذفها لانها غير واضحة وغير مفهومة ولاعلاقة لها بمضمون المقال . كما في التعليق رقم 5 هنا والذي كان مجرد رابط عاطل فحذفته .


7 - تحياتي ست اسماء
سارة محمدالصواف ( 2012 / 9 / 22 - 20:41 )
الله يا ست اسماء الغالية سلمت يداك اثر في الموضوع لدرجة اني بكيت فيما يخص المراة العاملة والتي تصحب اطفالها.

اخر الافلام

.. مدينة الفاشر تحت وطأة الحصار.. ومعاناة السودانيين تتضاعف بين


.. تحقيق أممي يتهم إسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب.. ماذا بعد؟




.. تغطية خاصة | شبح المجاعة يجتاح الأحياء والبيوت في شمال غزة |


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال فلسطينيا في مدينة دورا جنوب غرب ال




.. بالحبر الجديد | مصدر في المقاومة: -إسرائيل- تتمسك بوضع الفيت