الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراقبون محجوبون على أمرهم

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2012 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


دعوات كثيرة تقضي بعدم الحكم المبكر على بعثة المراقبة العربية إلى سوريا وعدم التدخل في شؤونها وانتظار تقريرها, وهي دعوات يفهم منها إتاحة متسع من العمل والمجال أمام المراقبين, وعدم وضع العصي في عجلات البعثة, وعدم تكبيلها, وعدم التأثير في تفاصيل عملها الميداني ونتائج ذلكم العمل الميداني في المدن والبلدات السورية الثائرة.

تقابل تلكم الدعوات رؤى ووجهات نظر ودعوات أخرى مخالفة ومعاكسة لا تراهن على البعثة, ولا تلقي بيضها في سلة المراقبين العرب والجامعة, وهي تنطلق من بداهات تم تجريبها لعقود من عمر الجامعة العربية, تتلخص في أن الجامعة عاقر, وأن ليس بإمكانها توليد حلول, وأن العمل العربي المشترك عنوان غير دالٍ.

شخصياً أميل إلى تبني وجهات نظر التيار الثاني, لاعتقادي أن الجامعة لا يُعوَّلُ عليها, ولم يثبت بالتجربة يوماً أنها قادرة على فك شيفرة مشكلة عربية أو فك أحجيتها أو إيجاد مخارج لها, ففي أحسن الأحوال كان يُنظر إليها بمثابتها جامعة الأنظمة العربية التي تجري في وادٍ بينما الشعوب في وادٍ آخر, هذا كمدخل ومبدأ وقناعة شخصية نبرهن عليها في القادم من الكلام, بعيداً عن التطورات في ملف المراقبين والتي وصلت إلى حد إطلاق دعوات بسحبهم من سوريا وأن وجودهم على الأرض السورية وعدمهم سيان, وهي الدعوات التي بدأها بشكل واضح رئيس البرلمان العربي ولم تنته بنداء الكولونيل المنشق رياض الأسعد.

أول التحفظات العديدة على البعثة أن رئيسها جنرال سوداني متورط في انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور والجنوب السوداني والشمال السوداني, ومجرد الإطلاع على سيرته الذاتية كفيلة بخلق مساحات من التشاؤم, هل يعقل مثلاً أن يكون جنرال مؤسس لميليشيا الجنجويد ( شبيحة السودان ) ضامناً للحريات في بلد انتهاكي كبلده, ومفرملاً لمحنة إنسانية في سوريا عمرها 10 أشهر أو يزيد وهو أهان الشعور الجمعي للسوريين حين اعتبر الوضع في حمص مطمئناً وباعثاً على الارتياح, فيما كان الأمن والجيش السوري يمارسان قريباً منه في حي بابا عمرو وفي مدينة حماه إبان جولته في حمص هوايتهما الأثيرة في قتل المدنيين العزل بدم بارد, ماذا بإمكان أسوأ مراقب لحقوق الإنسان في العالم ( في توصيف المجلة الأمريكية فورين بوليسي ) أن يقدم إذن.

يُعيقُ عمل البعثة أيضاً أنها أشبه بإبرة في ( كومة قش ), إذ ماذا سيفعل حفنة مراقبين لا يتجاوز عددهم المائة في جغرافية التظاهر السورية التي تربو نقاطها على الأربعمائة تظاهرة في أيام الجمع فقط, ناهيك عن أيام الأسبوع الأخرى, كما أن البروتوكول الموقع بين النظام السوري والجامعة العربية لا يتيح صلاحيات واسعة لأعضاء بعثة المراقبة التي يبدو عملها جديداً كلياً على العمل العربي المشترك المتشدق عنه طويلاً منذ أيام دراستنا الابتدائية.

فقدت البعثة مصداقيتها ظل عدم وجود خارطة طريق عربية لتسوية سياسية في الأزمة السورية, والمراقبون العرب في أحسن الأحوال يخضعون لرقابة صارمة من الأجهزة الأمنية السورية, والدليل الأبرز على لا جدوى عملها المكبل من السلطات السورية مشهدها في ساحة سعد الله الجابري بحلب, إذ حشدت السلطات المحلية في حلب لهم موظفين بعثيين كشهود عيان على أن حلب كائنة في كوكب آخر وغير معنية بمخلوق غريبٍ اسمه الثورة. وأفقد البعثة مصداقيتها أيضاً أن البند المتعلق بدخول الصحافة المستقلة ومرافقتها لها قد أُسْقِطَ من البروتوكول بين النظام السوري والجامعة العربية.

صحيح أنه من المبكر الحكم على عمل البعثة منذ دخولها إلى سوريا, بانتظار تقريرها النهائي أو ما قبله من تقارير, سيما وأن هنالك خطاً ساخناً بين الفريق على الأرض وغرفة العمليات في مقر الجامعة بالقاهرة, إلا أن العياني كفيل بإراحة السوريين من عذاب الانتظار, فالانتهاكات مستمرة وعشرات القتلى حصيلة اليوم السوري الواحد منذ مجيء بعثة المراقبة إلى سوريا, ولم يقم أي فريق من البعثة بزيارة السجون السرية والمعتقلات والأقبية الأمنية ( العالم السفلي في سوريا ), لهذا فإن أدوات النظام هم الفاعلون الأساسيون على الأرض, وأعضاء بعثة المراقبة مجرد متفرجين لا حول لهم ولا قوة ككائنات محجوبة على أمرها في فيلم رسوم متحركة لـ ( والت ديزني ).

صحيح أنه لا يمكن لبعثة رمادية التعامل مع مشهد من لحم ودم, لكن لم تخلو البعثة أيضاً من مراقبين تفاعليين رفضوا أن يكونوا شركاء في الصمت, وقرروا نيل براءة الذمة من السوريين الذين يُنحرون في مهب الحرية, والجزائري أنور مالك أحدهم إذ يدوِّن على صفحته في الفيسبوك : " إن الدماء في سوريا لم تتوقف، فيوميًا نقف على جثث في حال لا تخطر على عقل بشر ". ويقول أيضاً : " العالم كله ينتظر البعثة العربية، وهي عاجزة ببروتوكول ميت، لا يتماشى مع الواقع، ومراقبين تحكمهم قيود حكوماتهم وأشياء أخرى ".

أنور مالك المراقب في عداد بعثة المراقبة العربية إلى سوريا شاهد عيان على فشل الجامعة العربية وبعثتها, وتصريحاته كفيلة بإنهاء البعثة / الأكذوبة ومنح الجامعة العربية وأمينها العام نبيل العربي إجازة مفتوحة إلى ما يعلم الله, والبحث تالياً في الخيارات الأخرى الممكنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ياريت
محمد ( 2012 / 1 / 7 - 18:39 )
في البداية يجب ان تعترف بفشلكم في المجلس االحزبي الكردي ومن ثم انتقد غيرك علاقات مجلسكم مع السلطة البعث و الفروع الامنية في سوريا الاسد سيكون نتائج هكذا لذلك الافضل ان ترجع الى رشدك و تكون في الصف الثوار بعيدا عن التحزب و الحزبية انت كنت معتقلا في السجون الامن السوري ومن ثم خرجت و سافرت الى كردستان طبعا عن طريق الامني و موافقتهم و رجعت الى سوري دون اي تحقيق او اي كلام اخر بالعكس تم الاجتماع معهم و اعطاء التقرير بشكل مفصل مع مناقشة وضع الاقليم وكل ما تعلق بزيارتكم هناك ولكن اقول وللاسف كان موقف القيادة الكردية في اقليم كردستان غير واضح لكم وللجميع عن الثورة السورية ضد النظام الاسدي الفاشي واتمنى ان تراجع كتاباتك و تقرئها جيدا و تكون كما عرفناك من قبل و ليس كما الان اصبحت من التابعين وراء اعداء و دخلاء ضد شعبهم و قضيته العادلة


2 - شكراً
مصطفى اسماعيل ( 2012 / 1 / 7 - 19:49 )
اسم مستعار يبحث عن متنفس
قر عيناً عزيزي فقد منحك موقع ( الحوار المتمدن ) فسحة للتنفيس عن غريزة الشتم
ومن أجل أن يقارن قراء الحوار المتمدن بيني وبينك ويبحثوا عن أدلة على شتائمك
فإني أزودهم برابط صفحتي على الفيسبوك ليدركوا مدى صدقيتك !!!!!.
صفحتي على الفيسبوك :
http://www.facebook.com/mustafa.ismail73

.

اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة