الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمرأةٌ .. أمام مرآة !

وليد مهدي

2012 / 1 / 7
الادب والفن


(1)


حينما وقعت عيني عليها ، في المرة الاولى ..

كانت كإحدى الملكات في ارض بابل ..

تلك التي اذا تمشي تطير فوقها اسرابٌ من البجع ..

ويجري امامها سيلٌ من يافعات الايائل ..

( عذراً يا نزار ) ..

يوماً ، رايتها تقف قبالة مرآة ..

ابتسمت انا حين رايتها تبتسم ..

واجفلت حين رايتها مرة اخرى صامتة تحدق في مرآتها وهي تتسائل :

هل هناك في هذا العالم من يستحق حبي ..؟؟

هل هناك في هذا العالم من يستحق ان افكر به طوال يومي ..؟


(2)


لم تكن امرأة عادية بكل الاحوال ، كانت لا تثير هيامي في عناقها و تقبيلها فقط ، كانت تدفعني إلى التبخر ..

أن اتصور نفسي مثل سحابة بيضاء تطير فوقها ، تظلها اينما ذهبت وحلت ..

تتراقص اغصان الورود حين تراها تسير ، فمشيها لحنٌ ونغم ..

الحان الانوثة التي تعزفها هذه العيون ، وهجٌ ينبلج مثل " الفجر " عبر هذه الاشعة السوداء ..
هذا الشعر الذي يلف ايام عمري ، و بهذه الخصل السوداء المسافرة كالحلم عبر الزمن ..

يتدلى وهو يقطر بخمر اتوق لطعمها ، طالما شربتها في احلامي ..


(3)


كانت تحب التقاط الصور كثيراً ..
كثرة تلك الصور لم تكن تعبر عن غرورٍ لكنها تعبر عن حيرة ..!

نعم ، كانت عابثة المفاتن ..
تحتار في ماهو الذي يميز انوثتها ؟

هل هي العيون الساحرة التي يتدفق منها شلال الجمال بغزارة و حنان ..؟
ام هو الشعر الاسود الذي يلف محيط الكوكب باحثاً عن اجمل زهرة جاردينيا حتى تزينه ؟
ام هما الساقين الجميلتين كانهما لغزال الرنة الهارب نحو اعلى الجبال ..

ام الاشياء الاخرى التي تذوب قلب كل رجلٍ ولو كان من فولاذ ...؟؟


(4)


كانت تحتار في رؤية نفسها امام المرآة ، كثيراً ما تحدث نفسها عن السر الحقيقي الذي يجعلها امرأة :

ان يكون في هذا العالم من يمكنه التسلل إلى شعورها برقة ، ذاك الذي يمكنه ان يعرف كيف هي تفكر ، حتى دون ان يسالها ..

ذاك الذي يحسن قراءة الكلام في عينها كانه يقرأ في صحيفة ..
الذي يدركها حين تتالم ، دون ان يصدر منها ما يوحي بالوجع
الذي يعرفها حين تبتهج في اعماقها ، حتى قبل ان تبزغ منها ابتسامة ..
الذي يعرف كيف يجعلها تطير إليه حين تراه بفرح ...!

لكن ، هل يوماً سيأتيها هذا الرجل وهو يركب سحابة الاقدار ..؟


(5)


اقصى ما يمكن ان تعانيه امراة في هذا العالم ، هو اليوم الذي تدرك فيه أن لا شيء يستحق ان تعشقه بجنون ،
لا شيء يستاهل ان تنظر له طويلا في المرآة مثل وجهها وجسدها ..

لكن ، هناك الكثيرات .. ومنهن حلوتي .. تبقى على امل ان سياتي ذلك اليوم ..

لهذا تجدها تبحث في وجوه الناس عن الذي يفهمها دون ان تتكلم ..

من يعشقها إلى الحد الذي يذوب مع دمها فيلامس شغاف قلبها ويستحيل كشحنة كهرباء تتوقد في خلايا دماغها ..

ربما اعتقدت اكثر من مرة انها وجدته ..

وربما شعرت ايضاً اكثر من مرة إنها اسائت الاختيار ..

لكنها دائما تبقى في لهفة ان يكون هناك لقلبها ظل ..

لدفئ انوثتها رداء يحفظها ، فارسٌ من عصر الفرسان الذهبي يحميها ..


(6)


اراقب فيض انوثتها المتدفق , ينبض كانه قلب ..
كل هذا الجسد الذي يبدو صاخباً .. مدوياً حين ينكشف ..
اراقب حنانها الذي يطوق كل ما يمت للحياة بصلة ..
كيف تداعب طفلها , كيف تضع الماكياج امام مرآتها ..
كيف تسكب الماء للزهور .. وتطعم الكلب والقطة ..

كيف تبتسم في وجه من يحب عيونها .. وكيف تتحدث إلي بعيونٍ ناعسة وصوت يخبئ الكبرياء والغرور ..
هي لا تدرك انها تنتمي لعالم الآلهات الكبار ... اينانا وعشتروت .. وفينوس وافروديت ..

على الرغم من انها تعيش حياتها كملكة واميرة ..

لكنها مع زجاجة كبيرة من البيرة , تدرك فقط بانها احدى الآلهات القديمة

مع قدح النبيذ الاحمر .. تعيد النظر في تاج الملوكية ..

تلقيه جانباً , لتخلع ثياب الاميرات .. فتبقى حرة مجردة .. كما هي الآلهة في السماوات ..

(7)


لا شيء يقتلني في حبيبتي .. معبودتي .. سوى ان اراها تحمل كاس النبيذ الاحمر ..

هذا السائل السحري الذي لا استطيع ان اميزه عن لون شفتيها ..

لا شيء يحرقني سوى ان اراها وقد تلوت مثل افعى ملساء تستعد لكي تلسع ..

مثل قطة برية .. كشفت مخالبها الحمراء لتستخرج قلبي من بين اضلاعي ..

لا قوانين حينها تمنعها من فعل اي شيء ..

فهي الإلهة " عشتار " التي قررت يوما ان تهب الحب في قلوب الرجال والنساء

هي اليوم تقرر ان يكون قلبي قرباناً في مذبحها ..

ان يسيل دمي ممتزجاً مع النبيذ الاحمر على شفتيها ..


(8)


هي لا تحيا بدون " الشغف " ..

ترى ان الشغف اساس الحياة ، حين تحب .. فعليها ان تحب بجنون وشغف

حتى القبلات .. والجنس .. لا قيمة لهما ما لم تنطوي على لهفة ورغبة قوية جامحة تشتعل مثل الجمر في القلب ..

هي تحب " الشغف " اكثر من " الحب " نفسه ، واحياناً اشعر بانها تحب ان تكون في شغف اكثر من حبها لنفسها وهي هادئة خالية البال ..

لا تجد الحياة ذات قيمة مالم تكن ايامها " ثورة " ..

لا تجد في البحر الهادئ المتهادي الامواج اي مرح ، حتى تضطرب امواجه ..

حتى ترتفع مياهه متحديةً السماء ..

حبيبتي لا تجدني موائماً لما تعيشه من شغف حتى انفجر مثل البركان ..

حتى ازلزل الارض وافجر الدموع من عينيها ..

يا لها من انثى كم تعشق الشغف ..!


(9)

معبودتي تتخلى عن عرش ربوبيتها .. حين تراني احترق ..

ترمي بصولجان القوة حين تعرف بانني توهجت بما يكفي رواء ظمأها لكل هذا الشغف ..

حين تعرف بان قلبي بات كالنحاس المنصهر ، اتصببه عرقاً ..

تترك كاسها المقدس .. لترشفه ناراً من مساماتي

لكن ، لا شيء في هذا العالم يطفيء وقتها حريقي ابداً ..

حتى هي لن تطفئ لهيبي ..

يبقى الاهم ، انها حصلت على ما تريد من شغف .. ~








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Straight to the soul
muthana mahdi ( 2012 / 1 / 7 - 19:24 )
??اسكرتني كلماتك ..كم لدينا من العمر لننعم بما يطرب حد الثمالة..


2 - ليس في العمر بقية يا صديقي
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 05:51 )
ليس في العمر بقية

وكما قالت الآلهة لجلجامش

دلل المرأة التي حجرك , وكل الخبز والخمر ..!

الف تحية لك


3 - العزيز اباالليث
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 1 / 8 - 06:17 )
تحيه وامنيه ان يكون هذا العام احسن وتلمس ذلك في وجهها
جمعتها من الام الاولى الى الامه التي تحلم بها وتكرس جهدا لها
لها ولك المحبه


4 - رفيقي ابا الحيدرين
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 07:09 )
تحية لك عمي الغالي ...

هل سواك من يقدر على تفتيش خبايا احلامي ونزقي الاعمى نحو دربٍ اخترتها ولا احيد عنها ؟

لكل كل المحبة ايها الشامخ الاشم


5 - الى الباشط الثاقب
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 1 / 8 - 08:09 )
ردد معي
ما حدت يوما ولا يوم احيد
عن راي حر واثق سديد
تزيدني الايام منها العديد
وازيدها بما اجود وتستفيد
انا هكذا منسول نسلا حميد
انا هكذا مجبول من صلب حديد


6 - جميل جداً
سيمون خوري ( 2012 / 1 / 8 - 10:11 )
أخي وليد المحترم أنت اليوم غيمة بيضاء ..؟ ترى هل هناك أجمل من غيمة بيضاء تحمل الخبز والحب للناس. قصيدة جميلة وشئ رائع ان نقف أحيانأ لكي نستمتع بما تبقى من هذا العمر مع من نحب. تحية لك وتقدير كبير.


7 - ملاحظات حول امرأة ...امام المرآة
عبد الستار العاني ( 2012 / 1 / 8 - 10:52 )


الاستاذ وليد مهدي .....
تحية .....
قرأت امرأة .... امام المرآة ، فقد كنت تتمتع بخيال وروماتسية اضفيا على النص حلاوة وجمالية رائعتين، فقد عرفت كيف تنتقي مفرداتك ذلك ما اضفى على الموضوعة استفزازا للقارئ او المتلقي حين يبدأ بالمقطع الاول ومن ثم تمضئ المقاطع تفتر بين انامله حتى يصل الى المقطع التاسع لايجد بدا بعدها الا ان يشد على يديك مصافحا ومهنئا ...... لك مني كل الحب والاعتزاز


8 - البابلي العاشق
وليد يوسف عطو ( 2012 / 1 / 8 - 12:59 )
عزيزي استاذ وليد مهدي . كل عام وانت بالف خير متمنيا لك مزيدا من النجاحات وها انت تكتب قصيدة النثر وبشكل شفيف ايها الرائع متمنيا تحقيق احلامك ايها البابلي الكبير ونلتقي في ( ملكوت االه ) مع خالص مودتي


9 - الغالي .. الشاعر عبد الرضا جاسم
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 17:26 )
ارددها معك يا صديقي حتى احتباس الانفاس ...

ارددها معك وكلي امل بلقائك يوماً ايها القريب البعيد

سلمت يداك


10 - الغالي الزميل سيمون خوري مع فائق التقدير
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 18:17 )
يتحفني حقاً ما كتبته من تعليق

لو تعلم

انت اول من ينبهني إلى انني وصفتُ نفسي بالغمامة البيضاء ..!

لم اتعود على خلع اي لون على نفسي !

كيف ورد هذا الوصف دون ان اشعر ودون ان انتبه رغم مراجعتي للنص ؟؟

تحية من القلب لك ايها الكبير


11 - تحية للكاتب المبدع وليد مهدي
مريم نجمه ( 2012 / 1 / 8 - 18:52 )
الكاتب الذي يجيد الإبحار في عالم الروح والروحانيات , لا شك أنه يكتسب أو يتقن السباحة في مطولات ومحيطات الغزل الأنيق بلغة الحداثة والتعابير الجديدة الغير تقليدية .. إنه المبدع والفنان الصديق العزيز وليد مهدي أهنئك على قلمك الذي عربش على لغة الحب بأبهى ثوب وكشف لنا خزانة الورد والنبيذ المعتق الذي اتقن الشغف بجدارة ..أمتعتنا بحق -

تحية المساء صديقي وليد مع الودّ والإعتزاز


12 - الزميل المبدع عبد الستار العاني
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 19:33 )
اهلا بمروك ايها الكريم

قد لا تصدق ... وقد لا تصدق ايضاً

حتى هذا النمط من الادب , المؤسس على - ترابط - التصورات ، هو في الاساس مقتبس من الادب الملحمي القديم , الذي يعيد دمج الإنسان وفرديته مع الطبيعة وكليتها

وهو .. ادب .. ماركسي .. صميمي .. بامتياز , حسب قناعتي

يشرفني حقاً مرورك وتعليقك ايها الكريم
واهلا وسهلاً بك على صفحاتي


13 - الزميل الاستاذ وليد يوسف مع الاحترام
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 19:50 )
كل عام وانت بالف الف خير ايها الجميل الرائع

كتبت في البداية البحث عن ملكوت الله وكنت اظنه بضعة مقالات لاجلك

الآن تورطت !

يكاد يصير كتاب

المهم انني اجمع مسودات الجزء الجديد من السلسلة , وكلما اكتب فقرة جديدة تكون انت على البال

نلتقي قريبا

دمت بالف خير ايها الاخ الكريم


14 - الاستاذة مريم نجمة , مع خالص التقدير
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 8 - 20:24 )
امنا الغالية , من عطر وردك تجودين دوماً ،
ومن نفحاته الدمشقية تحفينا بالود والصدق والمحبة ،
حفظتك لنا الاقدار ذخراً ايتها المناضلة الاصيلة

دمت بالف الف خير ..


15 - you have a beautiful gift
alessandra betanzo ( 2012 / 1 / 8 - 21:55 )
I want to be there close to you, to make tangible your inspiration


16 - you have a gift
alessandra betanzo ( 2012 / 1 / 8 - 22:00 )
i wish to be there,close to you and make tangible your inspiration,all my love and respect for you walid


17 - دردشة وصداقة
عبد الستار العاني ( 2012 / 1 / 9 - 06:46 )
الاستاذ وليد مهدي .... تحية حب واعتزاز
لاادري لماذا حاصرتني رغبة ان ادردش معك ، ان ما طرحته من افكار هي عملية
تطابق في الفكر والوعي كم انا سعيد وفخور بك..
لقد بدأت بكتابة القصيدة العمودية وقد نشرت العديد منها ، الا انني انسخلت بعدها
نحو قصيدة التفعيلة وقد اصدرت مجموعتي الاولى ( دبابيس ) كم تمنيت ان تكون
بين يديك لكي تصافح قلبك ولا تخز اناملك.
واخيرا عدت الى قصيدة الومضة وهي مجموعة بصدد اعدادها امرأة مرآتك ذكرتني بواحدة منها :
حين داهمتني موجة زهو
هرعت الى المرآة
وحين تمليتها
كان كل شيئ قد انداح من امامي الا وجهي
فبصقت عليه......


18 - Comrade Sandra
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 10 - 09:20 )
welcome here on the pages of the Arab Marxist left
best tribute to the continent that gave birth to Guevara ..

as you say it by spaniol :

¡Larga vida a la Revolución guevarismo rojo


19 - الزميل المبدع عبد الستار العاني
وليد مهدي ( 2012 / 1 / 10 - 09:24 )
اهلا وسهلا بك في كل وقت
صفحتي على الفيسبوك
https://www.facebook.com/wmahdi1
وبريدي الالكتروني
[email protected]

يشرفني حضورك والحديث معك في اي وقت

دمت بالف خير ، وشكراً على هذه الومضة من قصيدك الذي اجد نفسي في شغفٍ لقرائته

اخر الافلام

.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب


.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي




.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت