الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طابوقة

فليحة حسن

2012 / 1 / 8
الادب والفن


طابوقة
امتدتْ كفاه الى جسدي الغافي بانتظار لمسة لأحدهم، فأوعزتُ امتداده الى قدر أُريد لي فكان، وقبل أن يلامسه أصابتني قشعريرة اجهل كنهها، فكم حملتني الأكف بعد خروجي من هناك، غير إن مثل تلك القشعريرة ،وذلك الخدر اللذيذ، لم يصادف أن صافح جسدي مطلقاً، فأغلقت مساماتي الوطفاء بأحلام كبرى،وتناومت،
امتدت الكفان فصارتا اقرب الى جسدي مني ،بعد أن رحلتُ في طيات حلم التكون وفي سري صراخ من أنا الآن ؟
إذ كيف لي أن أجدني وأنا بعيدة كل ذلك البعد من تشكلي الوجودي الأول ، رفعني إليه فتماسكتُ قليلاً أو حاولتُ ذلك، على افتراض إن البحر الهائج غير قادر على إذابة قطعة طين لم تفخر جيداً،
كان اللهيب بمصادره المختلفة حارقاً وكنت مجردة إلا من مساماتي أمامه، ولم استيقظ إلا على صوت احدهم وهو يصرخ :
– اتركها ، لص
آه........
صرخت، وأنا أحس بعدة الآم منها، ألم سقوطي عليهن بعد أن رمتني الكفان وهرب صاحبهما ليعود الى طريق الغياب ؛
مرت أيام على ذلك الحادث وأنا احلم بتسلل لص آخر، واندهاش لمسات تعيد تشكيلي، وأصرّ على أن أكون غير ما أنا عليه من يباس، كلفني بقائي في مكاني هذا صمتاً لم اختره، واستماعاً لثرثرة مثيلاتي لم افقه كنهها ،وتهشماً كان للأخر اليد الطولى في صناعته، مأهولة باللاتوقع كنت، ومحتشدة بغيري ،واسأل لولم أكن أنا أنا، فماذا أريد أن أكون؟؟
وأتحاشى صوراً وأحلاماً تائهة مثلاً............. امرأة،
ربما؛
زفرة انطلقت مني لتؤطّر أمنية لم تكن،
نبحتْ الكلاب وتكاثر نباحها فتيقنت من دخول احدهم إلينا بزيه الصوصي،
وإلا لماذا النباح ؟
أسعدني ذلك ،وصرت احلّق في غيمات دخوله المهيب المتمنى ،
أسرفتُ في شعاب التحليق الحلمي, غير إن سؤال التوغل في دروبه , لم يربط برأسي بسلاسل واقعية فهرب منه ليقف في وسط ذاكرتي كشرطي مرور قد ُعينَ للتو يخشى أن يترك مكانه فيقع حادث ما ؛
- من قال سيختاركِ أيضاً؟
- هل أنتِ الأقرب مثلاً ؟
- هل أنتِ مغايرة لمن حولك ؟
تقرفصتُ كجنين، وصار حبل أفكاري يضغط عليّ فلم أجد سوى التوسل بهلام شفاف يسمونه القدر ،
- أرجوكَ ليسحبني إليه؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ولو أبصرني غيري في تلك الساعة لم يجد غير شيء اسمه التوسل وقد صار أنا ،
أو أنا وقد استحلتُ الى شيء ما يسمونه رجاء ؛
ليتَ لي دموعاً حتى اغرق قدري ببحرها، فلا يقدر عنها انفكاكاً،اسمع أنّات الكثيرات ممن تحتي وفوقي ، وأتغافل عن أناتهن، وأتشاغل بتوصيل توسلاتي التي لم يمضِ الوقت حتى استحالت الى أنات لم تنقطع إلا باقتراب نباح الكلاب ووقع أقدام الرجل /الولد / اللص / منقذي
تقدم من كومتنا بسرعة هائلة، واخذ كسرة من جسد غيري ورمى بها الكلاب التي لم تهرب بل صارت تطارده بأسرع مما كانت، الأمر الذي افزع الحارس / حامينا وأيقظه من حلم كم رجونا الله أن لا ينتهي ،قطع نباح الكلاب حرارة أنفاس نتقاسمها عنوة معاً صارخاً:
- اللعنة عليكم ألا تشبعون؟؛
واقفل عائدا، بعد أن تأكد من توقف نباح الكلاب وهروب الآخر،عادت الكلاب بأسرع مما أتت لاهثة منتشية بنصر كان لها بينما الحارس / النعسان التقط من مكان الطبخ بعض العظام ورماها لهن وهو يمضغ كلمته المعتادة :
- عفيه
مرات عديدة كنت اشعر بكراهيتي لهذا الرجل ،ولم افقه سبب ذلك الكره إلا اليوم ،
نعم هو إذن السبب الأول في بقائي هنا ،
عاد الحارس وقرفص قدميه تحت دفء غطاء عباءة صوف،ولم يستطع أن يستسلم للذة النوم ثانية ، فاللصوص أبداً ما يقطعون موسيقى شخيره بوقع أقدامهم الخائفة مصحوبة بأصوات كلاب مدافعة ،فيلعن الفقر الذي اضطره الى العمل كحارس ليلي بينما الآخرون منشغلون بتأثيث أحلامهم فوق أسرة ابسط ما تشي به الدفء.
افترق عن مقعده بتثاقل كبير، واتجه صوب مكان صنع الطعام ليخرج بعد بضع دقائق وهو يحمل كوب شاي تعلو منه سحابة بخار متمناة لكل من يقاسمنا مكان البرد هذا ،
احتسى شايه بتأن وهو ينظر صوب عقارب ساعته اليدوية التي لم تطع أمنياته بالإسراع وكأنها وحدها القادرة على الإشارة الى سواد الليل بان ارحل لتدب طاقة العودة الى بيته بأوصاله،
اختفى المكان وكومتنا من رأسي تماماً لتحل مكانهما أصوات رجال تلقفونا بسرعة هائلة وأضافوا إلينا ما تيسر لهم من ماء و(جص) لنصبح (سيطرة ) ؛
- توقف ؟
صاح الرجل الذي يعتمر خوذة حمراء وأشار الى( سيارة) تحمل الكثير من أسرار العابرين،أطاعت العجلات الأمر ووقفن مشدودات لأوامر الأفواه التي صرخت،
ترجل كلّ من كان في (السيارة) وبدأت الأسئلة بالهطول
- من انتم ؟ ، وممن أتيتم ؟ ، والى أين تتجهون ؟
أجيب على كلّ الأسئلة بجدية حتمها الموقف ،تعددت الوقفات بصرامة الوجوه السائلة والمجيبة ولم تنتهِ تلك الصرامة إلا حين دخلتْ عجلة بها مجموعة من الرجال ذوي ملابس تشي باختلافات مدنهم أجابوا على أول سؤال
- بـ.......(نحن المخلّصون)؛
وضحك الجميع،
وتزايد الضحك حين أجابوا على السؤال الثاني:
- نتجه إليه كي نحرركم ،
و اشتد الضحك وهم يصرخون
- لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ،
ترك لهم الآخرون أماكنهم مطأطئين رؤوسهم، بينما راحوا يبحثون عن راية تثبت انتصارهم فلم يعثروا على راية توازي مابه يحلمون،وكثر اللغط في هذا الأمر مما جعل احدهم يقرر- كسراً لطوق الصياح-
- أن انزعوا ( فانيلاتكم) ولنخيطها الى بعضها البعض ونصنع منها علمنا ،
فعلاً تم لهم الأمر ورُفعتْ فوقنا راية جديدة لم يشهد لها تاريخ الأعلام مثيلاً ،
بينما جاء النداء في جهاز اللاسلكي المحمول لدى احدهم
- انتباه الى جميع الوحدات ...... ، لم نجده بعد..... وقد فتشنا ومازلنا عنه ولم نعثر إلا على جحر جرذ سنفتشه بعد قليل انتهى ......
اصطخبوا جميعاً بين مصدق ومكذب ، وراحت الراية ترفرف فوقنا ،
إلا إن النطق بكلمة جرذ استدعت ظهور قط جائع كان قد شم رائحة الكلمة, فلبعض الكلمات رائحة السحر،واخذ يتلمظ باحثا عن الجرذ المنشود ولما لم يجد ضالته ماء مواءً حزيناً فاستدعى صوت المواء ظهور كلب بدأ بالجري وراء ذلك القط حين لمحه مما جعل القط يهرب راكضاً والكلاب تنبح وراءه ،
وصار أن رفعتني كفَّ احدهم ورمتْ بي وراء الصوت لأصحو فأجد نفسي بعيدة عن مثيلاتي ؛
من ترى رمى بي الى هنا؟؟
وأي كفًّ خلصتني من تلكم الكومة ؟
صرتُ أتلفتُ علَّ يداً أخرى تبصرني فترفعني ، وسؤالي أين يمكن أن تأخذني إذا ما عرفتْ طريقاً إليّ ؟؟
لن تتصورون شدة فرحتي وهو يضعني الى جنب صواحبي ويصب علينا (جصاً) رطباً سرعان ما سرتْ برودته إليّ ، وبكثير من السرعة والإصرار على الخنق ارتفعنا جداراً،
أسهمتْ الشمس المحرقة ورياح السموم في جفافه، لم أعِ أول الأمر سبب وجودنا الجداري هذا ،ولكن الصمت المطبق الذي فرضه ظلام الليل وهمهمات من جاؤوا بهم مكبلين أنارت بعض حقيقة الدمار ،
وقفنا الى جانب بعضنا نشيجاً متراصاً اختطوه بسرعة لاستقبال زفرات منتقاة بلهاث البنادق ووحي رؤوس تتمطى العفونة فيها كنؤوم ضحى واكتفوا بنا واقفين بلا مظلة تقي رؤوس الضائعين في متاهتنا فيمتزجون بتراب لا يفقه معن للرحيل ورياح سموم تمطرهم هماً وُتنضج جلودهم حتى إذا ما حلّ الشتاء لا تجد الأجساد حتى جلدها لتلوذ به ترساً وأزميل المطر يكمل ما صنعته أظافر البرد من حفر فتكتمل لوحة الفانين.
(مشهد من رواية نمش ماي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو