الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام دين ودنيا وليس دين ودولة

محمد مختار قنديل

2012 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


" لم يكن محمد " ص " يهدف لإنشاء دولة " ..
عندما نمسك اقلامنا لنخط كتابا عن نشأة الاسلام السياسي فإننا بالضرورة سنعود بالتاريخ الي الوراء الي المقومات الاجتماعية والاخلاقية للامة الاسلامية في بدايات نشأتها والتي جعلت منها حضارة متقدمة وواسعة الانتشار .
فلا نعتقد ان الاسلام كحضارة جاءت بحد السيف أو بالعنف ولكن جاءت عن طريق تطبيق القيم الدينية المثلي التي جاءت في كتاب الله العزيز وهذا لم يكن فقط في الدين الاسلامي فقد جاءت اليهودية والمسيحية واضعة مثل هذه القيم في داخلها قيم تسعي للارتقاء بالبشرية ككل إلي ان جاء محمد " ص " وعمل علي تطبيق هذه القيم ونشرها في العالم كافة عن طريق الدعوة للحرية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة بين البشرية .
تمثل دعوة محمد " ص" أو يمثل الاسلام اشياء شبيه مما ندعو لها الان _ وان لم تك هي ذاتها _ وهي الديمقراطية والاشتراكية وكانت احدي هذه الوسائل التي تخدم علي الهدف الاسمي وهو الارتقاء بالبشرية هي البيعة التي تستدعي الاجماع بين عامة المسلمين علي تنصيب الامام ويرجع ذلك الي قول رسول الله " ص " " من مات وليس في عنقه بيعه فقد مات ميته الجاهلية " ، وقوله أيضا " " من بايع أماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ونازعه فاضربوا عنق الآخر " ، وقول أبو بكر " رضي " " الا أن محمد قد مات ، ولابد لهذا الدين ممن يقوم به " ، وأن كانت الآراء اختلفت حول الخلافة وهل هي من الاسلام فهناك الكثير ممن اقروها كنظام حكم في الإسلام والبعض قال لا ومن هؤلاء ابن حزم الظاهري وعلي عبدالرازق ولعل تلك النقطة قد حلها ابن خلدون في كتاباته بمحاولة البعد عن القول بكون الخلافة جزء من الاسلام ام لا ولكن ما يعنينا هنا هو كون الخلافة اصبحت نظام حكم في الإسلام .
ومن ناحية الواقع أن الناظر الي اجتهادات المسلمين في علم السياسية فقد يجد أنها اقل العلوم برع المسلمين فيها ويرجع هذا الي كون الدولة في الاسلام مزيج بين الشريعة الاسلامية واساليب حكم الامبراطوريات التي عاصرت الدولة الاسلامية في نشأتها في البداية ، فقد جمعت الدولة الاسلامية بين نقيضان وهما المركزية ومعها الشوري
ولكن النفس البشرية اعتادت الا تعتاد علي شيء فعملت علي الانحراف عن البيعة واستغلالها واستغلال الدين للوصول الي الاستبداد تحت ستاره مع الأخذ في الاعتبار تذكرهم لقيم الاسلام المثلي والعادلة ولكن برعوا في التلاعب بها والحديث عنها بطريقة تجعلنا نتقبلهم ونوافق علي ما يفعلونه دون الرجوع الي تفسير افعالهم واصبحت هذه البيعة وسيلة لوصولهم الي الحكم وتولي الخلافة .
ولكن يظل السؤال القائم من اين اتت النظرية السياسية في الاسلام ؟
اشرنا من قبل ان رسول الله ص لم يكن يهدف لإنشاء دولة اسلامية ولكن من اين اتت الدولة ومن اين جاء الاعتقاد بان الاسلام دين دولة ؟ هذا السؤال يفرض نفسه علينا ولكن نظن ان الكثير يرفضنا عندما نتساءل هل الاسلام دين ودولة ؟
بداية الامر قام محمد ص بالعديد من الحروب لا يمكن لنا ان نقول عليها سوي حروب دفاعيه صد قريش واليهود وان كان في بعض الاحيان قد اتجه الي البدأ بالحرب والهجوم ولكن هذا كان من واقع الدفاع فكما تعلمنا ان الهجوم هو خير وسيلة للدفاع فكل من قرأ في الدين الاسلامي وسماحته لا يستطيع ان يقول انه دين محرض علي العنف والقوة ولعل ما يمكن ان نحتج به علي ذلك هو قوله الله تعالي " لا اكراه في الدين " وقوله ايضا " وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين " وتحمل الحرب في طياتها تنظيم وادارة وقيادة فلا بد من منظم ومدير وقائد وهذا بكل ما يحمله من مسئوليات قد حملها الرسول ص علي نفسه كما حمل علي نفسه مسئولية الدعوة ونشر دين الله ملتزما بما قاله الله تعالي وامر به من قواعد وسبل للمعاملات وسلوك التسامح مع الاخرين بل كان محمد ص يبحث عن روح العصر وعن مساعدة الاخر واكبر دليل علي ذلك ما فعله مع المهاجرين بإعطائهم ارض من بني النضير .
الامر الذي جعله يحكم فصيل كبير او امة دون قواعد ولا قانون وضعي دون اسس سابقة يحكم بروح ما قاله الله وما تحدث عنه الله سبحانه وتعالي من عدل ومساواة وحرية ومن هنا لعب الرسول ص دور المنظم وحاكم الامة وهذا ما فرض عليه ضرورة ترك نظام يحكم الجماعة في حالة رحيله الي الرفيق الأعلى ونظرا لما كان يقوم به من ادارة في الحروب وتنظيمها وتنظيم الحياة اعتقد البعض بكون الاسلام دين ودولة .
ومن هنا نجد رسول الله محمد في موضعين موضع الرسول المرسل لكافة البشرية وموضع القائد والزعيم السياسي ولعل هناك العديد من الادلة علي ذلك تتمثل في الشوري الاسلامية لرسول الله في امور الحكم والحروب مع اصحابه بعكس الامور الدينية التي كانت وحي منزل لا جدال فيه .
ولعلنا نذكر من هذه الامور التي تثبت صحة كلامنا _ الي حد ما _ ما حدث في بدر عندما كان الرسول ص مع اصحابه وكانوا بحاجة الي الماء فقال له " الحباب بن المنذر وكان عليما بالمكان " يا رسول الله أرأيت هذا المنزل ،أمنزلا انزلكه الله فليس لنا ان نتقدمه او نتأخر عنه ، ام هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال محمد : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، فقال يا رسول الله ان هذا ليس بمنزل فانهض بالقوم حتي نأتي ادني ماء من القوم فننزل ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملاءه ماء ، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون ولم يلبث محمد حين رأي صواب ما اشار به صاحبه أنم قام ومن معه فاتبع رأيه ، معلنا الي القوم انه بشر مثلهم وان الرأي شوري بينهم وهو لمن حسنت شورته . "
حقا لا يمكن لا احد ان ينكر علي الاسلام وسماحته وعظمته كونه دين ولكن نستطيع ان ننكر عليه كونه دولة فالإسلام ان صح التعبير دين ودنيا فلو كان الاسلام دين ودول واتاح الله الشروي فلما كانت هذه الشوري في نظام ارتضاه الله ويريده لنا في الحكم فلو كان الاسلام يحتوي في طياته علي دولة فلما كانت المشوري في كل امور الحكم فلما لم ينزل الله قواعد وخطط سياسية تفدينا كما انزل قواعد وخطط دعوية ملزمة تفرض علينا اذا امنا بالقرآن تقبلها ؟!
فالمشورة في الاسلام في الامور الدنيوية بلغت كامل ذروتها فلم تكن هناك اسس حاكمة ، بل عمل رسول الله ص ان يضع تلك الاسس التي جاءت لإدارة الحياة آنذاك عن طريق مشاورة اصحابه والعمل في كثير من الاحيان بما جاءوا به من اراء فلو كان فرض او سنة مؤكده النظام الذي سار عليه الرسول ص وانه يندرج تحت قوله وما بنطق عن الهوي " فلما لم يأتي كحديث يتقبله الصحابي دون رأي ودون عمل بما قالوه ووضعوه من اراء ؟
وهل تغير في بعض الاوقات سياسة الرسول تجاه امر سياسي ما ؟
لا يستطيع احد ان يجزم بانه لم يحدث فكان لكل شيء وقته ولكل حرب اسلوبها وطريقتها ،فالسياسة بطبعها شيء متغير يتغير طبقا للظروف .
فقد كان محمد رسول الله يهدف بالأساس الي نشر الدعوة التي بلغها الله له في البشرية كافة وللعالمين كافة ولو كان يهدف الي انشاء دولة لوضع شكل لنظام واسس الحكم ولا يجوز لاحد ان يحيد عنها شعره ولا يجوز ان نغير من اسلوب اتيان الصحابة لو كانت هناك اسس ثابته فالخلافة وان كانت قائمة علي اساس دعوي بالأساس فإن الخليفة كان بالأساس له وظيفتين وظيفة دينية تتمثل في حماية العقيدة ونشرها ووظيفة زمنية تتمثل في ادارة الحياة السياسة ولعل هذا ظهر بوضوح في اختلاف الادارات بين الصحابة وان كانت جميعها تقع تحت مظلة الخلافة

وللحديث باقية في الجزء الثاني
محمد مختار قنديل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكذبة الكبرى
هانى شاكر ( 2012 / 1 / 9 - 00:44 )


فى الغرفة رائحة فجة و كريهه ... رواد الغرفة منتظمين , مواظبين , ملتزمين ... الخادمة تدخل الغرفه فجرا و تكنس الغرفة و تمسحها بماء ساخن و صابون ... ربة المنزل تفرش السجاد و أغطية الكنب .. المقرئ يبارك الغرفة بما تيسر من الآيات و البخور ... الزوار يتقاطرون .. العمدة و شيخ البلد و المأمور و الشاهبندر و الطبيب .. تمتد موائد العشاء بما لذ و طاب ... كل القضايا تطرح .. أخبار العاصمة .. حركة التنقلات .. العراق و امريكا ..المرأة والجنس.. الثورة والدستور .. عذرية البنات ..الحلف بالله جل وعلا ... ينسحب ضيوف الدرجة الثانية و يبقى فقط المقربين جدا ... يبدأ الرقص و الغناء .. الويسكى و الغازية و حشيش الجوزة .. البوكر و الصفقات .. ينزع غطاء الجردل قليلاً و يبدأ الكبار فى المغادرة واحداً بعد الآخر ... آخر ضيف يضع الغطاء على الجردل و يسحب الباب خلفه ...

لا يجرؤ مخلوق واحد فى القرية على زحزحة الجردل !


2 - ماذا عنك اخ هاني
محمد مختار قنديل ( 2012 / 1 / 9 - 05:25 )
لست اعلم ما علاقة التعليق بما كتب


3 - ما علاقة التعليق بما كتب ؟
هانى شاكر ( 2012 / 1 / 10 - 05:33 )
عفوا صديقى .. آخر خلفاء المسلمين .. الأخ العقيد .. ملك ملوك أفريقيا حكمنا 42 عاماً .. و الخليفة صدام حسين حكمنا 24 عاماً .. و قبلهم و بعدهم خلفاء بلا عدد .. لم نزق خلال حكم الخلفاء إلا كل هوان و فواجع .. لكن مفكرينا يرهقون أنفسهم و إيانا بالتنظير العبثى و ألأسئلة العدمية .. كمن يدورون حول الجردل ولا يجرأوا بفحص مافيه من عفن هو مصدر مرض ألأمة المزمن

ثلاث مجتمعات تحررت من ربقة الجردل و اذلت شعوب و حكام من تمسكوا بالخلافة و أغلالها ..

المحلل و ألمنظر الأمين لابد ان يُقنِع نفسه أولا ثم جمهوره ثانيا بنظريات مؤيدة بناجح النتائج و الشواهد و التاريخ

ماعدا ذللك يبقى الطرح و التنظير حلقة صدئة اخرى فى مسلسل التضليل


4 - اذا فلنبحث عن طريق غير طريق التفكير
محمد مختار قنديل ( 2012 / 1 / 12 - 13:55 )
عذرا صديقي هاني اذا كان الامر كذلك واذا كان التفكير والتنظير لاشياء مازلت تشكل خطر لم يشعر به الكثير الان ليس لها اهمية في اعتقادك
فعذرا لهذا التفكير


5 - أشكرك لصبرك
هانى شاكر ( 2012 / 1 / 12 - 17:45 )

أشكرك لصبرك ... و إعطائ الفرصة لتقديم وجهة نظرى

تسأل سيدى .. -واذا كان التفكير والتنظير لاشياء مازلت تشكل خطر لم يشعر به الكثير الان ليس لها اهمية في اعتقادك فعذرا لهذا التفكير؟-

وأرد من جهتى :-ألاشياء التى مازلت تشكل خطر - تحتاج إزالة وتطهير !

تقبل إحترامى و مودتى

اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون