الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استكشاف المفاوضات

جورج حزبون

2012 / 1 / 8
القضية الفلسطينية


دخل العامة الفسطاط بعد مقتل الحسين ، فقام رجل بفك خلخال ذهبي من رجل فاطمة بنت الحسين وهو يبكي ، فقالت له ما يبكيك يا عدو الله ، قال : ابكي لاني سلبت بنت رسول الله ، فقالت : لا تسلبني اذن ، فقال : اخاف ان يأتي غيري فيأخذه .
هذه الحالة تنطبق على الوضع الفلسطيني وحراكه السياسي الراهن ، فبعد ان اصبح هناك كيانان احدهما في قطاع غزة تديره حركة حماس الاسلامية ، واخر في الضفة تديره حركة فتح الليبرالية ، قررت الحركتين الاتفاق تحت عنوان المصالحة ، ذلك لانهما على صعيد الجمهور الفلسطيني قد ضعفت قيمهما وتراجعت خطواتهم ، والفرصة متاحة للبديل، والذي ربما تمثله قوى متحالفة مختلفة من قوى سياسية بعضها له حضور وبعضها قد يتشكل بحكم مجريات الظروف ، تماماً كما تشكلت مجموعة اطلقت على نفسها ( المستقلون ) واتخذت لها مقعداً بين المتزاحمين في مقاعد القيادة دون تفويض من احد او ان ينتخبها احد .
وهذا البديل قد يجيء ويأخذ السلطة والامارة من الطرفين ويوحد الكيانين ، وهذه حالة جعلت السلطة تقبل بالمفاوضات ، بغض النظر عن المسميات ، فالاردن لم يعد ممكنا ان يبقى في ساحة الانتظار السياسي في مرحلة تشهد المنطقة متغيرات ومستقبل غامض ، وليس طلبه او الطلب اليه دخول عضوية مجلس التعاون الخليجي ، الا تعبير عن انتقال القرار السياسي العربي الى الخليج خاصة بعد دخول مصر الى منطقة التيه ، وسوريا الى دائرة التمزق وقبلهما انتهاء دور العراق القومي ، فقد اصبح الخليج بثرواته صاحب القرار و المركز ، لكنه يواجه ازمة جدية مع ايران، تهتم اميركا بان تطول او تنفجر،حسب ظروفها ومصالحها التي ليس اقلها شراء السعودية 79 طائرة حربية حديثة ،والتي يتطلب تكديس تلك الاسلحة ارادة قتال وكفاءة قد لا تتوفر في المجتمعات الصغيرة والفتية مع سكانها المترفين ، والاردن والمغرب قد يسدان هذا الضعف ، بدل دعمها ماليا واقتصاديا لفك ازماتهم والمساعدة على تحسين ظروف معيشة لشعوبهم ووقف تذمراتهم.
اذن نحن نشهد حالة اصطفاف سياسي للمنطقة العربية ، لكن السؤال المهم ؟؟ على اية قاعدة ؟؟ وهل ستكون قومية ديمقراطية ، ام اعادة صياغة سياسية للانظمة العربية تتوافق مع مفهوم الشرق الاوسط الجديد، والاجابة لم تعد تحتاج الى عناء بحث كبير، فاذا كان القرار قد اصبح خليجيا ، وهي منطقة لم تجتاحها حركة التحرر والقومية العربية ولا اية حركة يسارية جدية ، بقدر ما بقيت انظمة بحكم واقعها مرتبطة المصالح مع المستهلكين او الناهبين لنفطها وجعلها سوق استهلاكية لمنتوجاتهم ، وبالتالي فهي مرتبطة مصلحيا واستراتجيا مع البدان الاستعمارية ،ويزيد الامر التحاما النزوع القومي الفارسي، بحيث يجعلها بحاجة الى حماية اميركا والاطلسي ، وسوقا للسلاح بكميات هي غير قادرة على التعامل معها عسكريا ضمن تلك المجتمعات المرتبطة ثقافيا بالفكر الانغلاقي الغيبي المعادي للتطور والحداثة ومهتمة فقط الحفاظ على تلك الانظمة بالايدلوجيا الدينيه والحكم الاستبدادي والترهيب من النظام الفارسي .
وبقدر ما تهتم الكتلة الخليجية في دعم ومساعدة اوروبا واميركا للخروج من الازمة المالية الخانقة ، بقدر ما تستفيد اسرائيل من تلك الازمة المالية لاضعاف تأثيرها في الضغط عليها ، وابتزازها من حيث هي قوة عسكرية هامة، حين تدافع عن مصالحها فانها تدافع عن النفوذ الاميركي والاوروبي في وجه تيارات اسلامية معادية في المنطقة، وبذلك فهي ملزمة بدعم اسرائيل والحفاظ عليها ذخراً استراتجيا ، وتفاعلات الازمة الايرانية والتنسيق العسكري الاميركي الاسرائيلي مثال واضح على ذلك .
من هان يستوجب النظر الى الوضع الفلسطيني سواء ما اطلق عليه مصالحة ، والحوار الفلسطيني الاسرائيلي في عمان والذي اطلق عليه استكشاف ، فهذه الوقائع تجري في اطار تلك المعطيات والمصالح السائدة والمقررة ، والتي لم يعد يملك الطرف الفلسطيني تجاهلها لما لتلك الحركة من اثر على مستقبل الصراع مع الاحتلال ، وبالتالي على مستقبل الشعب الفلسطيني ، الذي فقد الدور المصري والسوري كحليف ذا بعد قومي عروبي ليبيرالي!! وبالتالي فقد مراجع سياسة ذات تأثير واسناد له ، بعد ان اخرج الربيع العربي تلك البلدان من المعادلة ، واصبحا بحاجة الى سنوات للعودة لاخذ دورهما ،هذا اذا لم تكن قد تغيرت امور كثيرة وفرض وقائع على الارض لم يعد من الممكن تجاهلها ، تماما كما حصل مع ذلك الملاح الفضائي السوفياتي الذي سافر الى الفضاء تحت العلم الاحمر ليعود بعد اكثر من عام ليجد دولة وسياسية جديدة ، لم يكن امامه سوى قبولها ، فقد غادر بعد تحية علم ونشيد وعاد ليحي علم اخر .
ويظل الاردن الرئة والجسر والمعبر الوحيد ليستند اليه الفلسطينيون سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وهي الدولة الاقرب والعلاقة الاوثق بالتاريخ والاجتماع ، لهذه الدولة ايضاً حسابتها ومصالحها وارتباطاتها وايضا امكانيتها ، بحيث لا تملك قدرة المواجهة والاسناد وحيدة في بحر عربي هائج وشعب يحتاج الى تحسين مستوى المعيشة وتامين احتياجته ، وهي وضعية يدركها الجانب الفلسطيني ويحرص على ان تظل في حساباته سواء امام الاحتلال الساعي لضرب تلك العلاقة حينا بالخيار الاردني وحينا اخر بتأجيج الاثنية الفلسطينية الاردنية التي اصحبت ظاهرة في الادرن ، الذي تعيش فيه اغلبية فلسطنينة تعتبره وطنها ويعتبرها الاخرون شريكاً واحياناً منافساً ، خاصة منذ احداث السبيعنات من القرن الماضي ، مع ضرورة مراعاة ان قرارت الامم المتحدة ( 242 + 338 ) اعتبرت الضفة الغربية اراضي اردنية جرى احتلالها عام 1967 .
في هذه الساحة الملغمة تسير القيادة الفلسطينية وتاخذ بالاعتبار ذلك كافة تعبيراتها السياسية ، مما يجعها حساسة وحذرة تجاه تجاه اي شكل من التعاطي مع القيادة الاردنية ، ولعل هذه الحسابات كانت وراء ذلك القرار بالتوجه الاستكشافي اوالتفاوضي ، دون اقلال او اهمال الدور الحركات الاسلامية الفلسطنينة او الاردنية او غيرها المرتبطة بالقرار الخليجي وليس فقط السعودي ، والتي تطرح كبديل او خيار في نهاية الامر تحت ذرائع ربيع فلسطيني كما دعى له ( الاخضر الابراهيمي ) وهو وسواه يدركون ان الفلسطينون يعيشون حالة نضال منذ مطلع القرن العشرين وان حركات التجرر العربي انهضها الربيع الفلسطيني تاريخياً /،وخذلته حين لم تعد فلسطين قضية ومحور التحرر العربي .
ومع مطالعة هذا الواقع يصبح الخيار الفلسطيني محكوما بعدد من الصعوبات ، ومطالب باخذه بالاعتبار ، اضافة الى ان شكل واسلوب الكفاح الفلسطيني دخل منعطفات جديدة لم يعد امامها الكثير من المساحة ، مما دفع الى المناداة بشعار النضال الشعبي ، والذي هو ايضاً محكوم بعوامل عديدة ، ليس اقلها انفضال غزة ، وتهويد القدس ، وصعوبات التنقل والحواجز والجدار والبطالة والفقر، وهي جميعاً عوامل لا يمكن تجاهلها عند مطالبة الناس بتولي شؤون النضال الوطني ، فقد ساهم في انجاح الانتفاضة الاولى وجود مؤسسات شعبية وقواعد ارتكاز اجتماعية ضاعت في ظل نوع نحو حيازة مراكز والقاب في السلطة حتى بات الكثيرون ولو من باب النكاية غير جاهزين لانفاذ قرارات صدرت ممن غبوا عن ساحتهم النضالية لاعتبارات ذاتية او مراتبية او بعضهم اسهم في افساد المؤسسات الاجتماعية وحد من توسعها وتسلط عليها ، اضافة الى ان البعض يرفع لو بخجل شعار امكانية حل السلطة ، بمعنى ترك مسؤولية الشعب للمقادير !! في هذا المناخ لا يجوز ولومن باب الادب العودة الى مقولات اخطاء اوسلو او الفساد او سواه لانها ليست نتاج ما سلف ويتوجب تقويمها وبسرعة ، لفتح الطريق امام مرحلة كفاحية ،وكيف يمكن الفصل بين الدبلوماسية والسلطة والشعب ،وهل اتباع اسلوب الاستغفال يحقق ويعزز الثقة مع شعب مطالب بالعودة الى ساحة النضال الشعبي ، لماذا لم يصاح الناس باننا عائدون للمفاوضات لاعتبارات معينة ، ثم ماذا عن المصالحة مع حماس وكيف تسير والجولات السياسية للطرفين في العلم ؟ وماذا يدعو كل طرف ؟واذا كان تغير الحال من المحال فلنذهب للانتخابات حيث ما توفرت امكانية ولو على صعيد كل منطقة لاحداث اختراق والخروج من الاصطفاف في طابور القرارات الخليجية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-