الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احزان رحيل مبدع جنة البستان

كامل الركابي
(Kamel Alrikaby)

2012 / 1 / 8
الادب والفن




خبر رحيل الصديق الشاعر مهدي محمد علي ابو اطياف نزل علينا كالصاعقة ولم تستطع هيفاء سوى اخفاء الدموع والبكاء صمتا وقد شجعتها على النحيب كى تريح اعصابها وتسترد انفاسها ام انا فقد عشّب في روحي الذهول وفرعت شجرة الاحزان الخفية في اعماقي وانثالت في ذاكرتي خرائط الاماكن التي كنا نرتادها معا فقد كنا كعائلتين نسكن في بيت واحد في مساكن برزة الدمشقية بعد عودته من ليبيا ساخرا وناقدا ببصيرة نافذة شكل ومضمون الحياة هناك احد المرات قال ضاحكا من يقل نحن ضيوف موقتون لديكم لحين استئجار دار قلت له انتم اهل الدار قال مبتسما هذه حقيقة ليبية : الدار لساكنيها! ذواق ومرهف ومتمتع بالاشياط البسيطة واليومية عندما نحتسي كاسا معا يشهق الله مااطيب هذا الخمر و عند ما يتذوق المزات يصرخ متعجبا تسلم الايادي التي صنعت هذه السلاطات وعندما تحتوي المزات على رمان ينطلق بصوت شجي مرددا اغنيته الشهيرة جلجل علي الرمان النومي فزعلي !
عملنا معا وسكنا ومعا واهتدينا الى اماكن غاصة وخاصة بالمعذبين والنواحين والمغنين والمشردين والشعراء الصعاليك والممسوسين بخيوط الوهم والمنتفخين في الفراغ والمؤدلجين الناعقين في الضجيج والمعتلين ناصية الدجل والمتشبثين بكراسي مهترئه واوهام صدئة والماسحين اكتاف عجفاء سمجة والمغرمين بالنقد والشعر والمقالات الساذجة !
قلت لي ونحن نعيش كل هذا الكم المتناقض من طبائع الخلق العجيب: علينا نحن فقط ان نكون اسوياء نتسم بالصدق والتواضع والوضوح و هي كلها سمات تنبجس من تكوينك المنفرد مثلما ينبجس الرحيق من الورد في عز ربيع اخضر يامهدي يانبي الصداقات النبيلة نصيحتك هذه رغم انك لاتسدي نصائح ستظل ترافقني طوال حياتي وهي قمري في ليل بيداء رحيلي ايها المرتحل سرا انت وصديقك الاحب عبر صحراء بادية السماوة على ظهر ناقة !
الناقدون والشعراء والقراء يعترفون بانك احد اهم شعراء الحداثة وقصيدة النثر وجنون الذاكرة في جنة البستان شاهد دامغ على الروح التي اكتوت بحب الناس والاماكن وتحولات طفولةومدينة مغمورة بشوايخ النخيل وشط ترهقه الاحزان وتضيئه مواسم الافراح والنوروز ومصائربيوت لم تزل مهجورة او انتزع شناشيلها الزمن !
ظلت جذوع النخل القتيلة
مطروحة على ارض البستان اياما
وظل السيد حبيب
شيخ الثمانين
يأتي كل مساء
يجلس قبالتها
وينشج !
لم يستطع احد ان يثنيه
وهو لايفتأ يبكي ويردد:
انها مثل أولادي
انها مثل اولادي !
حقا لم يكن السيد حبيب وحده من ينحب انه انت بحنوك وحنينك فالنخيل كان رمزا مقدسا في نثرك وشعرك وفي دواخل روحك المشتعلة بفراق ذلك الاخضرار وتلك السماوات
ياصديقنا الحبيب انك لم تغادر او تهاجر بعيدا عن الدار فوجودك الساحر الجميل طري العود في روحي وفي قلب محبيك !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة