الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذين يسكتونني اليوم سوف يسكتون الديمقراطية ويسقطونها غدا!

عصام مخول

2005 / 1 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


*موقع الجماهير العربية من الديمقراطية الاسرائيلية يحدد موقع الديمقراطية من المجتمع الاسرائيلي* المطروح على كفة الميزان اليوم ليس قضيتي الشخصية وانما مكانة الكنيست ووزن الحصانة الجوهرية وموقع الجماهير العربية في الديمقراطية الاسرائيلية*
القضايا المطروحة للحسم في هذا البحث، غير المسبوق في الكنيست هي قضايا جوهرية ومبدئية لها وزنها الكبير وتتعلق بمكانة الديمقراطية البرلمانية والليبرالية والحصانة الجوهرية لعضو الكنيست وقدرته على التعبير عن رأيه ومقارعة السلطة التنفيذية من خلال نقاش حاد من دون أن يكون عرضة للعقوبات التي تفرضها أكثرية أوتوماتيكية، واجماع مشبوه غير متوازن ولا متزن.
على المحك، تطرح المسألة الأكثر مبدئية، هل يحق لأي كان، بما في ذلك لجنة السلوك والاداب أن تسلب عضو الكنيست جوهر وظيفته ودوره وهو المتمثل في حقه أن يقول كلمته والتعبير عن رأيه؟ وهل تملك لجنة السلوكيات والاداب صلاحيات تفوق الحصانة الجوهرية لعضو الكنيست؟ وهل سيكون بمقدور لجنة الاداب برئاسة عضو الكنيست المتطرف آريه إلداد من خلال كم أفواه الخصوم السياسيين أن تقوي الديمقراطية وتزيد من وزن الكنيست الأخلاقي واحترامها؟!
هل تتمتع لجنة السلوكيات والاداب بالحق والصلاحية لاسكات صوت عشرات الوف الناخبين الذين قاموا من خلال الديمقراطية التمثيلية بايصال عضو الكنيست الى البرلمان لينوب عنهم ويعبر عن مواقفهم، ويرفع صوتهم ويعبر عن رؤياهم؟ وهل تملك لجنة كهذه أو تلك ان تفرض عقابا جماعيا على عضو الكنيست وعلى ناخبيه في حالتنا؟
حتى نفهم علام يدور النقاش مع لجنة السلوكيات والاداب يجدر أن يعرف الجميع ان في حوزة رئيس لجنة السلوكيات المتطرف الداد، ثلاث شكاوى بحقي، قام على تجنيدها بنفسه: شكوى قدمها هو وشكوى قدمها رفيقه في كتلته البرلمانية المتطرفة اوري اريئيل، وثالثة قدمها رفيقه في الموقف، "رجل الديدان" الذي امتنع أي من القائمين على الاخلاق والسلوكيات في برلماننا وأية لجنة سلوكيات أو أي مستشار/ة قضائي/ة بتقديم شكوى ضده أو العمل على اسكات تحريضه "الديداني" ولو بملاحظة سلوكية أو اخلاقية واحدة.
والسؤال الذي يفرض نفسه، هل تشكل هذه الشكاوى السياسية "بنية تحتية" تعتمدها لجنة الاداب برئاسة الداد لتنفيذ ترانسفير سياسي بحقي وبحق الناخبين الذين أرسلوني الى الكنيست، فقط لأن النائب الداد، رئيس اللجنة، يرى بالمواطنين العرب في اسرائيل مشكلة يصلح الترانسفير لحلها.
ان لجنة السلوكيات والاداب التي بحثت الشكوى ضدي مثل المشتكية الوزيرة ليمور لفنات، لم تنجحا لا في الشكوى ولا في القرار في تحديد ولو تجاوز صغير لادانتي في مجال السلوك غير الملائم. للمطالبة بانزال العقوبة القصوى وغير المتناسبة بأي قياس مع التهمة الموجهة الي..وبدلا من اعطاء الادلة حول سلوك غير مناسب- وهو مجال عمل لجنة السلوكيات- فان اللجنة هربت الى محاسبتي على مواقفي وباتت تستعرض الاتهامات القاسية التي وجهتها الى سياسة الحكومة في سياق نقاش بادرت اليه حول اضراب المنقذين على شاطئ البحر وهو موضوع اجتماعي صرف.
فماذا توقعتم في ظل النقاش الاجتماعي الحاد الذي تشهده الدولة. وفي اسبوع لاقى فيه ثمانية مواطنين حتفهم غرقا في البحر، بسبب التقليص الحكومي في ملاكات المنقذين، فقد اتهمت الحكومة بانها حولت البحر الى "بحر الموت" على اسم كتاب الروائي البرازيلي البارز جورج أمادو.. وبدا ان وزيرة الثقافة التي شاركت في الجلسة لم تسمع بجورج أمادو ولم تعرف "ببحر الموت" فتكشفت اعصابها وباتت تصرخ باتجاهي بشكل منفلت. وقلت ان الحكومة تتحمل المسؤولية عن هدر أرواح الغرقى في البحر، واعتبرتها حكومة دماء في المجال الاجتماعي أيضا.
وكل ذلك في حدود مفهومي وتحليلي السياسي- الاجتماعي المشروع والمناقض الى أقصى الحدود لمفاهيم هذه الحكومة ونهجها الذي حاولت من خلاله ان تلقي بالمسؤولية عن سقوط الضحايا غرقا في البحر على المنقذين المضربين.
وفي خطابي موضوع الشكوى، قمت باقتباس قول شمعون بيرس- كان صرح به في اليوم نفسه- حول "السياسة الخنازيرية" وقلت ان بيرس يزحف مع حزبه الى داخل الحكومة وسياستها الخنازيرية..ومرة أخرى هاجمتني الوزيرة وطلبت مني أن استعمل اصطلاح "سياسة خنازيرية" وليس "حكومة خنازيرية" وكلا الاصطلاحين في مجال مضمون الموقف وليس في مجال السلوك وهو ما يفترض أن يكون مجال اهتمام لجنة السلوكيات.
ان لجنة السلوكيات تجاهلت عمدا وعن سبق اصرار، بروتوكول الجلسة المعنية الذي كان متوفرا على طاولتها، تجاهلت اللجنة عن عمد وعن موقف مسبق تصرف الوزيرة التي اعتلت منصة الكنيست بعدي، وهاجمتني ليس في موضوع اضراب المنقذين، فهذا لا يعنيها، وانما نفثت سموم تحريضها المجنون قائلة: "ان عضو الكنيست مخول، يمثل هنا نظاما ارهابيا".. "نظاما دكتاتوريا".. "انه يمثل انظمة فاسدة"... يمثل اولئك الذين لا يعرفون الدمقراطية ما هي".. "يمثل حكما فاسدا يقهر شعبه ويعذبه".
من المثير ان لجنة السلوكيات والادآب لم تكن لديها ولو ملاحظة اخلاقية وسلوكية واحدة حول التحريض البذيء والسام الذي اطلقته وزيرة المعارف والثقافة، لكن لجنة السلوكيات شديدة اليقظة والنباهة، لم يفتها ان تتوقف في قرارها عند ردي على الوزيرة بانها هي "الفاسدة". في تجاهل تام الى انني لم اقم بزج مسألة الفساد في النقاش الا ردا على بذاءات الوزيرة.
لقد بات واضحا اننا نتحدث هنا عن الكيل بمكيالين في قضايا الاخلاق والسلوكيات والآداب. وان لجنة السلوكيات والاداب اعتمدت الانتقام السياسي والملاحقة بدلا من اعتماد الحقائق. ان كل عاقل ومنصف،يستخلص ان لجنة السلوكيات والاداب عاقبتني بقرارها بسبب مواقفي وليس بسبب سلوكي. ويكفيها أن يقوم أعضاء الكنيست العرب في جلسة مع رئاسة الكنيست ولجنة السلوكيات كان رئيس الكنيست بادر اليها، قبل يومين، بالتعبير عن احساسهم بان اللجنة برئاسة النائب المتطرف الداد قد تحولت الى اداة لحسم النقاش السياسي والفكري في الكنيست بوسائل ادارية وان كتلة الجبهة والعربية للتغيير قد نقلت منذ فترة طويلة احتجاجاتها الرسمية الى رئيس الكنيست ازاء ملاحقات رئيس اللجنة ونوابها بشكل حاقد ومجنون.
ان احدا لا يستطيع ان يهرب من حقيقة، اننا نحن المواطنين العرب في اسرائيل، نبقى المقياس الحقيقي للديمقراطية الاسرائيلية، كوننا الاقلية القومية فيها..وان موقع الجماهير العربية من الديمقراطية الاسرائيلية هو الامر المقرر في موقع الدمقراطية من المجتمع الاسرائيلي، ومكانتها الاخلاقية في سلم القيم المتبع في هذا المجتمع.
وعلى ذلك فان تعيين عضو كنيست يرى بالمواطنين العرب عدوا يجدر ترحيله وتهجيره رئيسا للجنة الاداب والاخلاق والسلوكيات في الكنيست يشكل استفزازا بعيدا عن الاخلاق والاداب. ان تنصيب شخص مغال في التطرف، يحمل موقفا عنصريا فظا تجاه الاقلية القومية العربية ويرفض التنديد بالفاشية والتنكر لها، مرجعية للقيم والاداب في الكنيست يحمل في طياته رسالة هدامة للجمهور وخطرا وجوديا على الاقلية القومية وعلى الديمقراطية سواء بسواء، ويشكل استهتارا بالمواطنين العرب واستفزازا لمشاعرهم.
لقد كنتم تفهمون هذا، لو ان البرلمان النمساوي مثلا، نصب شخصية لاسامية، ترى باليهود عدوا، وتدعو الى طردهم من النمسا مرجعية في الاخلاق ورئيسا للجنة الاداب، عندها كنتم ستقيمون الدنيا ولا تقعدونها، مع فارق واحد، انني كنت سأرفع صرختي معكم ضد اسفاف من هذا النوع- فماذا انتم فاعلون هنا؟!
ان المطروح على كفة الميزان اليوم- ليس قضيتي الشخصية، وانما مكانة الكنيست، ووزن الحصانة الجوهرية وموقع الجماهير العربية في الديمقراطية الاسرائيلية.
ان امثال مناحيم بيغن وبنيامين بيغن ودان مريدور لو كانوا هنا اليوم، كانت لديهم الشجاعة لدحض قرارات لجنة السلوكيات البائسة ومسح هذا العار عن جبين الكنيست، فهل هناك في الحزب الحاكم اليوم بقية من موقف ليبرالي؟ هل هناك بقية من قيمة لجوهر الديمقراطية البرلمانية والقيم المؤسسة لها والحصانة الجوهرية كشرط ضروري لوجودها؟
ان كتم صوتي لن يكون امرا سهلا وسوف اعرف كيف انتزع حقي في التعبير عن مواقفي، لكن عليكم ان تعلموا ان اولئك الذين يسكتونني اليوم سوف يعملون على اسقاط الديمقراطية واسكاتها غدا وعندما تستيقظون قد يكون الاوان قد فاتكم!

*النص الكامل لخطاب النائب عصام مخول في الاستئناف في الكنيست على قرار لجنة السلوك والاداب منعه عن حق الكلام لعشرة أيام في الكنيست.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن