الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقلوبة النظام السياسي

ساطع راجي

2012 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


استخدم الساسة والكتاب والمحللون ووسائل الاعلام عدة مصطلحات لتوصيف اداء المؤسسة السياسية في العراق وكان اشهر المصطلحات هو العملية السياسية باعتباره توصيف لحالة حركية تؤدي الى انتاج عدة اهداف وهناك ايضا مصطلح اللعبة السياسية او اللعبة الديمقراطية ربما لأن كلمة (play) اللعب تستخدم ايضا للتعبير عن فعل التمثيل وهو هنا فعل مشترك بين فن التمثيل والتمثيل البرلماني والعراقي منذ ذلك الوقت حائر بين من يمثل عليه او يمثله، ولكن لمصطلح اللعبة معاني اوسع منها الاشارة الى وجود شروط للعبة تحكمها وهي في السياسة، الدستور والانتخابات والقضاء وغيرها، وفي اللعبة كرياضة هناك الروح الرياضية التي تتقبل النتيجة أيا كانت ولعل هذا كان جزءا من حالة التفاؤل بقناعة ساستنا بما يقسمه لهم صندوق الاقتراع.
كما تم استخدام مصطلح "المطبخ السياسي" في اشارة الى عدد محدود من الزعماء الذين "يطبخون" القرارات والمواقف على مهل وفق مقياس شهية معينة تنسجم مع حال وظروف "الطباخين" أنفسهم، ويبدو مصطلح "المطبخ" فخما لما قد يحتويه من اجهزة واثاث وادوات فضلا عن النظافة والنظام والظروف الصحية الاخرى، وبعد هذه السنوات من الاداء المتدهور للمؤسسة السياسية في العراق نحتاج الى مصطلح آخر أكثر توصيفا للحال غير العملية واللعبة والمطبخ، مصطلح ينسجم مع ما وصلنا اليه، مصطلح يتجاوز الذوق الرفيع والاناقة المطلوبة في الحديث عن الشأن السياسي، مصطلح بعيد عن كل معهودات الصحافة وكلاسيكيات علوم الاجتماع والسياسة والادب، مصطلح له طعم ولون ورائحة، ويبدو توصيف الطبخة هو الاقرب الى واقع الحال وتبدو طبخة المقلوبة هي الاشد قربا للوضع فهي خليط باهض الثمن نسبيا وبحاجة الى حس دقيق بدرجات الحرارة اللازمة لانضاج الطبخة وهي بتنوع مكوناتها شبيهة بالخلطة السياسية للسلطة في العراق وما يحتاجه ذلك من توازنات دقيقة لادامتها رغم إن النتيجة النهائية غير مؤكدة سواء بوجود الطباخ الامريكي الذي فقد صبره ومهاراته مع الخلطة العراقية او بغياب هذا الطباخ.
الصفة الاكثر اثارة في النظام السياسي في العراق هو حاله المقلوب فبينما يفترض به كنظام ديمقراطي أن يكون هدفه الاول هو ارضاء المواطنين بعامة والمصوتين بخاصة الا ان الحال يقول عكس ذلك فالخلافات المحتدمة والصراعات الناشبة غير معنية بمصالح المواطنين ولا بتوفير الامن والخدمات وفرص العمل والرفاه الاجتماعي كما هو حال اي نظام ديمقراطي، بل ان الموضوع الوحيد الدائم هو مصلحة الزعماء الافراد وهو حال أقرب الى النظم غير الديمقراطية، حيث الشعب مجرد وقود لطبخة الزعيم الذي يريد ادامة عمره الى أبد الآبدين ومن هنا جاء تشبيه النظام السياسي بالمقلوبة.
مقلوبة العراق بقيت على النار أكثر مما يجب وذهب طعمها ولونها ورائحتها للتحول عما هو مطلوب ومشتهى واي طباخ حكيم كان سيتجه بسرعة الى خفض الحرارة ان لم يكن اطفاء النار تماما من تحت هذا القدر الذي يغلي مهددا لكن ما يحدث اليوم هو صراع على التهام وليمة غير مؤكدة المصير، واي طباخ حكيم كان سيتجه الى انهاء الحال "الاعوج" واعادة الوليمة الى اهلها "المواطنين" بقلبها مرة اخرى لأن استمرار الزعامات في التهام كل ما تطاله ايديهم والمطالبة بالصراخ للحصول على المزيد سيؤدي بهم الى الاختناق واذا كان الموت من الجوع حالة مأساوية تثير التعاطف فإن الموت بالتخمة أو نتيجة غصة بالطعام بسبب النهم هو حالة كارثية تبعث على الشماتة وتجلب المسبة والاستهزاء.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ