الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق والخليج القادم

ساطع راجي

2012 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


دعا العاهل السعودي خلال القمة الخليجية التي عقد في الرياض بين 20-21 /كانون الاول لبناء اتحاد خليجي يتجاوز حالة مجلس التعاون القائم منذ عام 1981، هذه الدعوة مرت على العراق وكأنها لم تكن رغم ان العراق يكاد أن يكون أكثر الدول التي قد يؤثر عليها هذا الكيان الجديد اذا لم يتم التعامل معه بحرص وتفهم، بل إن الساسة عندنا توغلوا بعيدا في وحول ومستنقعات خلافاتهم الشخصية في تجاهل واضح لمصالح الدولة العراقية وتأثير المتغيرات التي تعصف بالمنطقة على العراق في مرحلة مفصلية مهمة من تاريخه.
لا يمر يوم دون ان تتحدث احدى وسائل الاعلام العراقية بالاصالة عن نفسها او عبر تصريح لسياسي او حزب عن دور خليجي في مشاكل العراق وربما وصل الامر الى حد التخطيط للانقلابات وتنظيم المعارك السياسية بين الفرقاء العراقيين، ولو افترضنا إن كل ما يقال من سيناريوهات واخبار صحيح أفلا يكون من الواجب التساؤل عن سر الجمود والاحتقانات في العلاقات العراقية الخليجية وكذلك التساؤل عن سر ضآلة الجهود بل انعدامها في مسار ترميم العلاقات العراقية الخليجية، ومثلما تطرح هذه الاسئلة على الخليجيين فإنها يجب أن تطرح على العراقيين أيضا وربما بشكل أكثر إلحاحا، فوفقا للسيناريوهات والتصورات المطروحة فإن دول الخليج الست أو بعضها له نفوذ واسع في الساحة السياسية العراقية، ولذا كان من الاجدى بالساسة العراقيين تجاوز العواطف والميول الشخصية والذهاب بشكل صريح لترميم العلاقة مع هذه الدول الجارة.
من الخطأ إعتماد الخارطة الطائفية في قراءة الواقع السياسي، لأنها خارطة تبسيطية تؤدي الى الضياع حتى داخل البيت الواحد فما بالك بالعلاقات بين الدول، فرغم كل ما يقال وما يحدث من احتقان في العلاقات الخليجية الايرانية، فإن العلاقة بين الطرفين ما زالت جيدة ومرت بحالات من الصفاء الواضح خاصة عندما حضر الرئيس الايراني احمدي نجاد القمة الخليجية في العاصمة القطرية الدوحة في 2007 وفي ذلك الوقت لم تكن العلاقات العراقية الخليجية على خير ما يرام بل على العكس كانت هناك صفحة التجييش في العلاقات وتسلل الارهابيين الى العراق، وحتى مع تصاعد الازمة اليوم بين ايران ودول الخليج فإن العلاقة بين الطرفين دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا هي افضل بكثير من العلاقات العراقية الخليجية رغم ان الملفات والمشاكل القائمة بين طهران والعواصم الخليجية من التعقيد بحيث لا تقارن بالمشاكل العراقية الخليجية واذا ما استثنينا الملفات العالقة مع الكويت منذ عهد صدام، فإن العلاقات العراقية الخليجية لا تواجه الا مشكلة الغموض وانعدام الارادة لتحسينها.
الاطراف السياسية العراقية وخاصة الموجودة في قمة السلطة ترى ان دول الخليج قادرة على اثارة المشاكل في العراق وانها تفعل ذلك عمليا، وهذه الاطراف العراقية تعترف في نفس الوقت بإن العراق لا يمكنه الرد على الدور الخليجي بالمثل لكنها لا تفسر ابدا كسلها وجمودها فيما يتعلق بالمبادرة الى تحسين العلاقات بالدول الخليجية والبحث عن وسطاء لاذابة جليد العلاقات وعبور جدار الوساوس، وتحديدا مع الرياض التي ستكون بوابة واسعة لتحسين العلاقات مع بقية العواصم الخليجية.
تطوير المنظومة الخليجية يجب الا ينظر اليه على انه موجه ضد العراق ولكنه يخص العراق مثلما يخصه اي تطور مهم يحدث في اي من الدول المجاورة وهذه كانت ذريعة بعض ساستنا لمبادرة الوساطة في الازمة السورية وكان الاجدر بهم البحث عن منفذ الى علاقات عراقية خليجية جيدة.
بعض القوى السياسية العراقية التي تتمتع بعلاقات طيبة مع العواصم الخليجية ترى انه ليس من مصلحتها ان تكون العلاقات العراقية الخليجية الرسمية جيدة فهذه القوى ترى في العواصم الخليجية خزانات للمال والاعلام والقوة التي يمكن استخدامها في السجالات الداخلية وتخطئ الدول الخليجية عندما تسمح باستخدام مصالحها مع العراق في الالعاب الحزبية، كما تخطئ دول الخليج في تفضيل عراق هش وضعيف خشية من عودة المغامرات الصدامية لأن العراق الهش هو عراق الاحتقان والاحتراب الطائفي وهذا الوضع ينعكس سلبا على دول الخليج نفسها بدرجة تهدد وحدتها وهو تهديد يفوق تهديد المغامرات السابقة التي أصبحت مستحيلة.
يخطئ الساسة العراقيون وخاصة الموجودون في السلطة عندما يستخدمون الازمة مع دول الخليج في تحشيد الشارع في العراق لاغراض حزبية فقد أثبت الزمن انه حتى أصغر الدول الخليجية مساحة وأقلها سكانا قادرة على ان تكون خطرا حقيقيا على نظام سياسي لدولة ما حتى لوكانت مساحتها عشرات الاف الكيلو مترات وعدد سكانها عشرات الملايين، ولا ننسى ان اسقاط صدام احتاج على الاقل الى إذن خليجي.
تحسين العلاقات مع دول الخليج هو حاجة ضرورية ومصيرية بالنسبة للعراق حتى لو كلف ذلك بعض التنازلات حيث يمكن الرضى بأهون الضررين لدفع المشاكل الامنية والقلاقل السياسية وتجنيب العراق الاحتقانات القائمة في المنطقة وهذا لا يعني الا عدم التفريط بالمصالح العليا من أجل ميول حزبية وشخصية، وتتوفر للعراق مفاتيح كثيرة للتصالح مع الخليجيين بما فيها العلاقات الشخصية والاقتصادية لبعض المقربين من الاحزاب الموجودة في السلطة.
الشرق الاوسط يمر بمرحلة استقطاب شديد واذا كان العراق لا يريد أن يكون طرفا في أي محور فعليه الاحتفاظ بعلاقات ايجابية مع جميع الاطراف وتجنب الانغماس في اي خلاف وخاصة مع الدول الخليجية وكلما كان انفتاح العراق على هذه الدول سريعا كلما كانت الخسائر أقل.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني