الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين أن تكون مش داري أو تكون أحمد داري

أحمد زكارنه

2012 / 1 / 10
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


القاعدة الأولى لتعريف الخبر الصحفي تقول: «إذا عض كلبٌ رجلاً فهذا ليس خبراً، وأمّا إذا عضّ رجلٌ كلباً، فهذا هو الخبر»! ونحن إذ نسمع أو نشاهد أو نقرأ في بلادنا أن حكماً قضائياً اتُّخذ ضد فاسد، فهذا من المفترض – حينما يحدث - ألا يكون خبراً ذا أهميةٍ بالغة، ولكن أن نسمع ونقرأ أن حكماً قمعياً اتخذ بقطع راتب فنان مبدع، فهذا يجب أن يكون الخبر ذا الأهمية التي تستوجب التوقف والتأمل ليس فقط في دلالة الحدث، أو مفردات القرار، ولكن في الصمت أيضا.
وكي لا تكون مقدمة هذا المقال ممنوعةً من الصرف أو لربما من النشر، تعالوا لندخل إلى الموضوع مباشرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحدث هنا لا يشكل حدثا فردياً، ذا أبعاد شخصية بين شخص المسؤول والموظف المذبوح، قدر ما يشكل فاصلة حقيقية لما وصل إليه الحال في بعض مؤسساتنا، من فساد وقمع، بل وشرعنة لمثل هذا النوع من الفساد الإداري، فالماء مثلاً، ليس مكونا من الميم والألف والهمزة، ولكنه من اتحاد ذرات من الهيدروجين والأوكسجين، والفرق بين الماء والذرات هو ذاته الفرق بين واجبات الموظف وحقوقه من جهة، وبين ممارسات المسؤول وقراراته من جهات أخرى، والماء والذرة هنا مجرد مثال ينطبق على ما عداه.
القضية التي نحن بصددها اليوم، هي قضية الفنان أحمد داري الذي صال وجال بهمّه الوطني هنا وهناك، لا لينال درجةً وظيفية يستحقها، ولكن ليكافَأ بقرار نقله - الذي لم ينفذه - إلى «غينيا كوناكري» ليضع رسالة وطنه وقضيته على كل طاولة وكرسي وحائط في الأدغال إن وجدوا، وهو الموظف المقيم أصلاً في فرنسا بوصفه ملحقًا ثقافيًا في سفارتنا بباريس، ويشتغل ليل نهار على رسالة قضيته الوطنية باللغات الحية والميتة في الشرق والغرب دون الحاجة للتجول بين أدغال غينيا كوناكري، عبر تلحينه أغنيةً هنا، والتغريد بأخرى هناك وهكذا دواليك طرباً وتلحيناً ورسماً وحراكاً فاعلاً، حتى يبدو أنه وصل حدّ الازعاج لبعض المسؤولين، الذين لم يروا في حراكه الفاعل، إلا خطفاً للأضواء بعيداً عن تشدّق البعض منهم بالأقوال لا الأفعال.
والسؤال هنا.. هل يُعدّ وقف الراتب للمبدعين جائزةً على ما اقترفوا من إبداع؟! وهل كان قرار نقل أحمد داري إلى (غينيا كوناكري) على سبيل الترف أم هو شكل من أشكال العقاب على النجاح؟! هل يأتي هذا القرار في سياق مخطط الحكومة إحالة أكثر من 26 ألف موظف إلى التقاعد المبكر كما نشر مؤخراً؟! كيف يمكن لنا تفسير الصمت على مثل هكذا قرار؟! وأخيراً بالله عليكم أمِن المسؤولين من يجيبنا لم لا تختارون منا إلا المبدعين؟!
ختام القول: هذه الحادثة ذكرتني بجملة جدّ هامة سمعتها في جلسةٍ خاصة جمعتني وأحد القادة، حين استهجن انتقادي ممارسةَ بعض القادة المسؤولين لاختياراتهم أقل الكفاءات لوضعهم في مواقع مسؤولية حساسة بالقول: القائد يريد حماراً يركبه، لا غزالاً يطارد وراءه.. علماً بأن هذا المعنى له دلالات خطيرة أبعد كثيراً حتى من اختيارات القادة لمساعديهم. جدير بي إنهاء هذا المقال بالقول: إن هذا المعنى تحديداً هو ذاته الفرق بين أن تكون مش داري أو تكون أحمد داري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا