الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوب ابو خزّامة .. وقرط الشاعر

رحمن خضير عباس

2012 / 1 / 11
الادب والفن



حين قرأت قصيدة سعدي يوسف الجديدة ( القرط وانا ) , انتابني ذهول عن تردي حالة الشاعر وتصابيه , وهو يقترب من عقده الثامن . اوهمت نفسي بأنه لم يثقب اذنه , ولم ينتظر اسابيع ليرتدي عقده الذهبي الجميل. وان ذالك يدخل ضمن مساحة الرمز التي دأب عليها الشعراء . ولكن صورته والقرط يعانق شحمة اذنه اليسرى , جعلتني اترحم على ماضيه الناصع , والعن الأيام التي غزت خافقي الشاعر ولاسيما عقله. واعترف ان القرط حقيقة ماثلة . تجلى من خلال صورته التي توجت قصيدته . معلنا اعتناقه للأقراط واصحابها , متطوعا ان يصبح من الولدان المخلدين والمقرطين .
لقد قارن بين نفسه وبين طوب ابو خزامة . كونهما متماثلين بدلالة القرط الذي زيّن انف الطوب , وسيزين اذن الشاعر , وربما انفه في الخطوة القادمة . ومثلما حيكت الأساطير عن الطوب وخزامته , حيث كان يلتهم الأحجار فيحوّلها الى حمم وقنابل ليدافع عن بغداد . فلربما سيصبح الشاعر -بفضل قرطه- سوبرمانا يدافع عن بغداد من المحتلين !
واذا كان قرط سعدي سيدافع عن الطفولة العراقية المعذبة , عن احزان الأرامل . عن الفاقة التي يكتوي بها الجميع . عن رعب الموت اليومي , فاننا سنبارك له قرطه , وربما سنفكر ان نلبس اقراطا احتفالا باول وآخر شاعر قرطي !
لقد اتهم سعدي يوسف العراقيين بأنهم خذلوه كما خذلوا السياب والرصافي من قبله ,وانهم - اي العراقيين - تناسوا لهؤلاء تضحياتهم . وان في هذا الطرح تجني , يصل الى ادنى درجات الأسفاف , لاسيما حينما يرى ان العراقيين ليسوا ذوي ذاكرة ثقافية ,وانهم لو استلهموا شعر سعدي لما وقعوا بين انياب الأحتلال . ولاادري هل أن ديوانه ايروتيكا يدخل ضمن شعر المقاومة ؟ لذالك فأن هذا القرط ما هو الآ احتجاج على النسيان الذي صدر من العراقيين بحق مبدعيهم . وكأن العراقيين الآن في بحبوحة من العيش الرغيد , وان مشكلهم الحياتية قد حلت وعليهم ان يتذكروا الشعراء الذين يعانون - الأمرّين - في حانات لندن .
لقد شاخ شاعرنا سعدي ,ونضبت شاعريته , كما تنامت لديه خصال عدوانية . فهو يرسل شتائمه ذات اليمين وذات الشمال , ولم ينج منها حتى الشهداء . لقد اصبح عالة على نفسه , وخطرا على تأريخه الشعري السابق , ومواقفه السياسية السابقة , ومواقفه الأنسانية .. لقد مزّق بيديه هذا الصرح الرائع الذي بناه , واصبح متوحدا متوحشا نرجسيا . وحتى قصيدته الأخيرة . فكانت بائسة , مرتبكة , تشبه قطعة نثرية غير منقّحة .
نتمنى على سعدي يوسف ان يتدارك نفسه . وان يُطل من خلال نافذة الماضي , اطلالة متأملة , لكي يدرك فداحة ما اوقع نفسه فيه , وليعيد لنفسه عنفوانها التي افتقدته , وسيجد في الذاكرة العراقية افقا للتفاعل والتفاهم والأندماج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم!
سنان أحمد حقّي ( 2012 / 1 / 10 - 22:43 )
مع الأسف


2 - ولم التمني؟
ايار العراقي ( 2012 / 1 / 10 - 23:23 )
السيد الكاتب تحية طيبة وبعد
ولم التمني تختتم مقالك به؟
لم لاتتمنى لمن تعالى على ابناء شعبه وسب مناضليه وسخر من شهداؤه البررة مزيدا من الخسران والهوان؟
ماذا يستحق سعدي منا نحن الحريصين على وطننا غير المذلة والمهانة؟
شخصيا اتمنى منه في المرة القادمة ان يخرج علينا ممتطيا شيئا ما او واضعا في فمه شئ معين كي يرى الناس حفيفة من سخر وقلل من شان شهداء العراق
بعيدا ياسعدي بعيدا هناك لفظتك ذاكرة العراق فابقى في عالمك القرطي الجميل ولاتنسى ان بعض الروايات قد ذكرت ان الولدان المخلدان انما هم من الغلمان لاثارة شهوة من لم يك راغبا بحور العين ابق بعيدا عن عراقنا وكن قريبا ممن تحب في سوهو او اي مكان اخر ايها الشاعر المقرط او المخلد او العصي على التعريف
دمت بمحبة هخي الماتب


3 - ما الفرق
ماجد ( 2012 / 1 / 11 - 13:26 )
ما العراق سوى الانسان , انا مثلا جاوزت الخمسين لا زلت اتلمس ارنبتا اذني كأنما ثقبتمها امي للتوِ كلما شعرتُ بالخطر , فخيرٌ لي ان اضع قرطا, لا ان اضع عمامه توافق ما تهدف اليه ايها الكاتب لننسجم مع ما أُحيل اليه العراق لقد تبعثرت الخطى , فسرْ وحدك ياسعدي ودعِ اللاحقين


4 - ليس هو القرط وحده
سنان أحمد حقّي ( 2012 / 1 / 11 - 13:38 )
إنه الشعر الذي آل إليه ما يكتبه ذلك الشاعر الذي عرفناه ، إقرأوا قصيدة القرط ثمّ خبّرونا


5 - عن قرط الشاعر
رحمن خضير عباس ( 2012 / 1 / 11 - 16:03 )
الأخوة الأعزاء آيار العراقي وماجد وسنان
اشكر لكم تعليقاتكم . فقد لمست فيها غيرة على العراق وعلى قيم الشعر . ولمست انكم تشعرون بالآسى على شاعر انتهى نهاية لم ولن نتمناها . كنا نفتخر به كما نفتخر بالجواهري والسياب . ولكننا الآن نخجل منه , ونتمنى ان لايكتب ....اصبحت الكتابة لديه عبئا


6 - سعدي طائفي بامتياز
ابو نور ( 2012 / 1 / 12 - 15:21 )
نعم هو كالسياب وكالرصافي طائفيون السياب وقف ضد اشرف حاكم عرفته الكره الارضيه في التاريخ المعاصر لانه اعتقد بان عبد الكريم لايحق له ان يقود العراق لانه لايفكر طائفيا

اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??