الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وحي اللا معقول

سالم وريوش الحميد

2012 / 1 / 12
الادب والفن


من وحي اللامعقول

منذ كنت صغيرا.. وأنا أرى الدم يطاردني كشبح يؤرقني يصيرني مجنونا لا يملك لنفسه قرارا، يحطم كل رغبة لي في البقاء، يميت كل أمل عندي، يسكن في داخلي خوفا مهينا، أفزع من كل سكين أراها تقترب مني..
أهو رهاب جديد تزامن وصيرورتي..؟

وكأنه يعيرني بخوفي وانهزاميتي ، فأحني رأسي كاسفا من تلك اليافعات وهنّ يعبرن أمامي، يتمايلن في غنج ودلال، لاهمّ لهن غير الأكل, يأكلن حتى ينعم الغير بهن فيتلذذون بلحم تفوح منه رائحة الرغبة المقرونة بالبقاء ، فهم ينهشون تلك الأجساد الغضة بلا أدنى رحمة.
أشم رائحة أنوثتهن تعبق بأنفي تشدّني إليهن، رغبة أكيدة أن أكون أبا لولد قد لا أراه!

- قتلنا عادة,هكذا قالت لي أمي.

ذبح أبي وعلقت أمي من قدميها، وقطعوها إربا.. أربا,دمر الحاملون لألوية الظلام ربوعنا ، وأمتلأت الأرض بالجرذان أكلت خضرة الأرض وأحالتها إلى يباب،غزتنا أسراب الخفافيش تخرج من كهوفها وأنا شاهد على مأساة عصر يخجل من نفسه ، لم أبكِ حينها ولم أشكُ حالي، لكن لمن أشكو وغيري مثلي لا يملك حق الاعتراض أو البكاء. كم تمنيت أن يأكلني أحد تلك الذئاب الجائعة ، فيضمّني لحد واحدا لا أن أُوزّع على عشرات اللحود لكنها أماني ليس إلا ...! ، دراكولا يعتمر عمامة ليبعث قطعان الضباع الجائعة تلعق بقايا الدماءالمسفوحة .. ! كل ما تمر من أمامنا نذر الموت يضطرب خافقي، تعتريني رعشة:
- هل أنا من ستكتب نهايته بهذه السهولة ..؟ هل أنا من ستهرس عظامه، و ستقطع أوداجه ...؟ لا أعرف متى تمر علي سكين أو ربما منشارا أو صفيحة صد ئة ، فبقائي رهين بها.. لازلت أبحث عن طوق النجاة محمولا على أجنحة الحمامات البيض ، ماعادت أسنة الرماح تحمل إلا الرؤوس
في ذلك اليوم جاءت رسل الموت الملثمة ، نعيق الغربان ألغى أي بارقة أمل عندي ، نعم تحققت نبوءتي .! فهاهم يأخذونني مع عدد من رفاقي بعد أن أمعنوا النظر بهوياتنا وتأكدوا من مطابقتها للشروط المنصوص عليها بمعاهدة الذبح من خلاف، ودّعَنا الجميعُ بالنظرات، وأي نظرات تلك، لا نعرف أهي نظرات تشفٍّ..؟ أم إشفاق ..؟ أم فرحة بالنجاة ..؟

ربطوني أعطوني جرعة مرّة من ماء وقليل من أكل بلا مقبلات تعينني على تجرع غصة الموت، وجاءوا بالسكين قدري المحتوم، فشحذوها أمامي، الله أكبر ، كبر المؤذن ، وقرأت لائحة الذبح على الطريقة الأسلامية ..
هاهو صديقي الذي لم أفارقه يساق إلى الموت قبلي بعد أن ودّعني بنظراته، رأيت في عينيه حزنا
قال قبل أن يفارقني:
- أوصيك بأمي، ضحكت حينها حتى أغرورقت عيني بالدموع ، وعرفت كم كان مغفلا صاحبي ، ألم يعلم إنني سألحق به بعد لحظات بعد أن أعلن الذباح أن أدفئوا هؤلاء ..! كم كنا نلعب سوية ..؟

( يا إلهي أعنِّي على تجرع هذا البلاء)، قلت هذا وأنا أتذكّر تلك المراعي وتلك المروج نتقافز بفرح سوية، كل يبوح لصاحبه عن دفين أسراره، وعن طموحه الموءود.. وفي دوامة التفكير هذه جاء شبح الموت يسير بخطى واثقة ثابت الجنان، بلا رحمة طرحني أرضا، وضع يده على منحري. وتحسس رقبتي, نظرت إلى المارة لا أحد يعيرني اهتمامه، لاأحد ينقذني من تلك اليد القاسية، وقبل أن يضع السكين على عنقي سمعت دويا و قرقعة وقصفا . وهبطت علينا من السماء حجارة من نار لا أعرف مصدر تلك النيران، زج قاتلي بنفسه في لجة هذا المعترك فسقط مضرجا بدمائه، و في غفلة من الجميع هربت، أطلقت ساقيّ للريح،يممت وجهي نحو المجهول ، حتى وصلت هذه الصحراء.

- أكثر من سنة وأنا أختبئ منك خائفا، مضطربا، مذعورا.

وأنت تحوم حول المكان، إلى أن ظفرت بي. وها أنا بين يديك وتحت رحمتك، فافعل ماتشاء...
هذه قصتي يا سيدي الذئب !


رأيت الغضب يسكن في حمرة عينيه, ثم بكى بكاءً مرّا ترق له القلوب ..
قال :

- أيها المسكين ستكون أنت بحمايتي وسأنتقم لك من قاتل
أمك وأبيك وأختك وأخيك.

تركني وذهب مطرق الرأس كاسفا.. يتمتم بكلام لم أفهمه قد يكون مثل كلامي همهمة من وحي اللامعقول.......!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع