الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحيل راوية شاتيلا أم ناظم الغائبة اليوم الدائمة الحضور

محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)

2012 / 1 / 12
الادب والفن



فجأة قفزت إلى مخيّلتي تلك الأيام والليالي التي قضيتها مستمعاً إلى أم ناظم تحكي لي تاريخ شاتيلا والمجزرة.

فجأة، تذكرت أمي الثانية، ووضعها الصحي السيئ الذي تركتها فيه.

فجأة، جاءني هاتف ليخبرني أن المرأة / الراوية / المناضلة أم ناظم باتت في ذمة الله.

عوّدتنا الحياة على الخسارات ولم تعوّدنا ولو مرة كيف يكون الربحُ، فالطريق ما زالت ممتدة والليل، ليل الغربة طويل، وللموت إيقاع يشدُّ المرء إليه ويعصف به. فإذا كان الزوال ضرورة لكل الكائنات الحيّة فما تركته أم ناظم هذه الأم إنما هو دفاع ضد التلاشي. وما يبقى في ذهن المناضل الفلسطيني هو الأم المجاهدة المقاتلة المضحية والضحية. تلك ذخيرة وفرادة نجتاز بها صحراء القيظ والزمن المحدود للأحياء ليبقى فعلاً فاعلاً.

ما أقسى أن يموت الإنسان بعيداً عن وطنه وغريباً عنه.. وهو شاهدٌ على عصره ومؤرخ لأحداثه وباعثُ الجذوة في صغاره، فعناد المقاتل لا تتسع له الحدود وليس للخوف أو التردد فيه شك ولا مجال.

إن الحديث عن شخصية من هذا النوع ليس بالسهل، إنها أشبه ما تكون بالحكواتي، فتاريخ فلسطين التي قطّعت أوصالها وشعبها الذي توزعت قبور أبنائه في أصقاع الأرض تجدها حكايا طرية على لسانها، فكم حدثتني عن فلسطين، حكايتها ظلت عالقة كالوشم في ذاكرتي.

سمية أحمد إسماعيل (أم ناظم) 1936 مواليد الكابري - قضاء عكا، لم تجلس على مقاعد الدراسة يوماً، ولا تجيد القراءة والكتابة، منحتها الطبيعة ميزة امتلاك موهبة فن الخطابة، نقدها حاد، لذلك كانت تخشاها معظم القيادات الفلسطينية. تحتفظ بذاكرتها الشابة الطرية باثنتي عشرة سنة الأولى من عمرها فقط.

سميّة أحمد إسماعيل (أم ناظم)، تلك التي ما بخلت يوماً على الثورة الفلسطينية فقدمت ثلاثة من أحبائها شهداء (محمد في تل الزعتر عام 1976، أحمد في حرب المخيمات عام 1985 في شاتيلا، وفيها كذلك خسرت زوجها صالح هاشم). انتظرت 29 عاماً كي تكتمل فرحة العمر برؤية ولدها ناظم العائد من سجون إحدى الدول العربية، لكنها رحلت دون أن تراه!.

كانت نموذجاً للمرأة الكادحة المناضلة، التي تفتخر بانتمائها للشعب الجبار العظيم صاحب التضحيات، شعب فلسطين. كرمها مركز الشباب الفلسطيني - مخيم شاتيلا عام 2007 مع المناضل حافظ على عثمان (أبو هشام) ابن مجدالكروم.

غادرت إلى مثواها الأخير يوم الأربعاء 9/1/2008 في مخيم شاتيلا بعد إصابتها بمرض عضال في الحنجرة، ودفنت في مقبرة الشهداء في شاتيلا وعيناها تنظران إلى الأفق صوب فلسطين، الوطن المسروق.

لم ترضَ لنفسها العلاج وهي المريضة التي تستحق ذلك، لأن كلفة العلاج لا يمكن أن تسدّ حاجةً ومطلباً ملحاً، فماتت وهي تعرف أن هذا الطريق لا بد أن تسلكه يوماً دون خوف ولا تردد. إن يكن أحد قد خسر في موتها شيئاً، فالشعب الفلسطيني وأهل شاتيلا وجدوا في موتها الخسارة التي من الصعب تعويضها في زمن التهافت هذا. لم تتخلف مرةً عن المشاركة في أحزان الفلسطينيين ومصائبهم، كانت هي القاسم الأعظم في ذلك. فمن بدء النكبة إلى الهجرة إلى حرب المخيمات كانت شاهد عصرها على ما يدور خلف كواليس السياسة وكيف تباع الضمائر وتشترى
لا الدمعُ بعدك يجديني ولا الالمُ
ما فاتَ فاتَ فماذا ينفعُ الندمُ

المجد والخلود لابنة الشعب الفلسطيني.. وداعاً أم ناظم، لن ننساكِ أبداً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في